أكساي تشين: رقعة شطرنج في لعبة الأمم الكبرىتحالف بكين-إسلام أباد: هل هو توازن ردع أم حلف صدام؟الحدود الثلاثية: من يملك الشرارة الأولى للحرب؟

في ظل التوترات المتصاعدة بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير، تبرز الصين كلاعب ثالث يزداد نفوذه في المنطقة، ليس فقط من خلال التحالفات السياسية والاقتصادية، بل أيضًا عبر السيطرة الفعلية على جزء من الأراضي المتنازع عليها.

 تهيمن الصين، على منطقة “أكساي تشين” شمال كشمير، باتت في قلب المعادلة الجيوسياسية التي قد تشهد تطورًا دراماتيكيًا في حال تصاعد النزاع بين القوتين النوويتين، الهند وباكستان.

أكساي تشين.. بوابة صينية إلى كشمير
 

تقع منطقة أكساي تشين الاستراتيجية على مفترق طرق بين إقليم شينجيانغ ومنطقة التبت، وتبلغ مساحتها قرابة 38 ألف كيلومتر مربع. منذ خمسينيات القرن الماضي، تسيطر الصين على هذه المنطقة بعد أن بنت طريقًا يربط شينجيانغ بالتبت عبر أراضي كشمير، مما أثار استياء الهند واعتبرته انتهاكًا لسيادتها. 

هذه الخطوة أدت إلى اندلاع الحرب الصينية-الهندية عام 1962، التي انتهت بتكريس النفوذ الصيني في أكساي تشين.

بريطانيا: مستعدون للتدخل لخفض التصعيد بين الهند وباكستانالهند تلغي أكثر من 200 رحلة جوية وإغلاق 18 مطاراجتماع عاجل للجنة الأمن القومي الباكستانية يدعو لمحاسبة دولية للهندسلطنة عمان تدعو الهند وباكستان إلى فتح المجال للجهود الدبلوماسية

و لا تزال الهند تعتبر المنطقة جزءًا من إقليم لاداخ، فيما تصر بكين على أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها، مستندة إلى خرائط حدودية بريطانية تعود للقرن التاسع عشر. 

هذه الخلافات الحدودية لم تُحل حتى اليوم، ما يبقي المنطقة على صفيح ساخن.

الصين.. حليف باكستان ومصدر قلق للهند
 

وبعيدًا عن السيطرة الجغرافية، تدعم الصين باكستان اقتصاديًا وعسكريًا، وتُعد شريكها الأقرب في مشروع "الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني" (CPEC)، الذي يمر عبر كشمير الخاضعة لسيطرة باكستان. 

المشروع الباكستاني الصيني الذي ترفضه الهند، يضع الصين في مواجهة غير مباشرة مع نيودلهي، التي ترى فيه تحديًا لسيادتها.

الحدودية العنيفة

وقد زادت هذه العلاقات المتشابكة من تعقيد النزاع، خاصة أن باكستان تراهن على دعم الصين في حال نشوب مواجهة كبرى مع الهند. 

باكستان تعلن حصيلة ضحايا الضربات الهندية على أراضيهاباكستان.. الحكومة تفوض الجيش بالرد على الضربة الهنديةالهند تزعم ضربها لـ معسكرات إرهابية في باكستانماذا تعني الهند باستخدام اسم «سيندور» لعمليتها العسكرية ضد باكستان؟

وفي المقابل، تنظر الهند بعين القلق إلى التحركات الصينية، خصوصًا بعد الاشتباكات الحدودية العنيفة بين الجيشين الصيني والهندي في وادي غالوان عام 2020، التي أعادت للأذهان شبح الحرب الباردة الآسيوية.

احتمالية التدخل العسكري الصيني
 

ورغم أن بكين تفضل الحلول الدبلوماسية، إلا أن اشتداد التوترات قد يدفعها إلى التدخل العسكري لحماية مصالحها الحيوية في أكساي تشين، أو لضمان استقرار ممراتها التجارية واللوجستية. 

وألمحت تقارير أمنية هندية إلى تعزيز الصين لبنيتها التحتية العسكرية في المناطق الحدودية، مما يرفع من احتمال التصعيد.

كشمير بؤرة صراع مُعقّدة
 

وتبقى كشمير بؤرة صراع مُعقّدة، تتجاوز حدود الهند وباكستان لتشمل قوة عظمى مثل الصين. 

وفي ظل غياب أي تسوية سياسية حقيقية، فإن اندلاع نزاع ثلاثي الأطراف ليس أمرًا مستبعدًا. 

الهيمنة الصينية على كشمير

الهيمنة الصينية على أجزاء من كشمير ليست فقط مسألة سيادة، بل هي مؤشر على تحول عميق في موازين القوى في جنوب آسيا، قد تترتب عليه تداعيات إقليمية ودولية واسعة.

ويطرح هذا الواقع سؤالًا مصيريًا: هل يسهم الوجود الصيني في تحقيق توازن يحد من اندلاع نزاع شامل، أم أن تورطها المحتمل سيُشعل فتيل حرب إقليمية كبرى؟

من ناحية، يرى البعض أن الصين قد تشكل عامل "ردع مزدوج"، فهي تملك تأثيرًا مباشرًا على إسلام أباد، وعلاقات اقتصادية وعسكرية مهمة مع نيودلهي.

ردع مزدوج

 هذا الموقع يسمح لها بلعب دور الوسيط أو الكابح، خصوصًا أن بكين تستثمر مليارات الدولارات في مشاريع مثل "الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني" الذي يتطلب بيئة آمنة نسبيًا. 

باكستان تعلن حصيلة ضحايا الضربات الهندية على أراضيهاباكستان.. الحكومة تفوض الجيش بالرد على الضربة الهنديةالهند تزعم ضربها لـ معسكرات إرهابية في باكستانماذا تعني الهند باستخدام اسم «سيندور» لعمليتها العسكرية ضد باكستان؟

وفي هذا السياق، قد يكون من مصلحة الصين تفادي التصعيد وحماية استقرار المنطقة بما يخدم أمنها الاقتصادي.

اندلاع مواجهة ثلاثية
 

لكن على الجانب الآخر، تثير التقديرات العسكرية الهندية مخاوف من أن الوجود العسكري الصيني في أكساي تشين، وتنامي النفوذ الصيني في باكستان، قد يُسرّع اندلاع مواجهة ثلاثية. 

اشتباكات حدودية سابقة، مثل تلك التي وقعت في وادي غالوان عام 2020، تُظهر هشاشة الوضع، وتُثبت أن أي شرارة قد تتحول إلى صراع شامل يهدد جنوب آسيا بأكملها.

في المحصلة، إن تورط الصين في نزاع كشمير ليس مجرد وجود عسكري أو تحالف سياسي، بل هو عنصر حاسم في معادلة أمنية معقدة. فإذا اختارت الصين أن تلعب دور "الضامن للاستقرار"، فقد تمنع الكارثة. أما إذا انجرت إلى المواجهة، فقد تكون مقدمة لحرب إقليمية لا يمكن التنبؤ بنتائجها.

طباعة شارك الهند وباكستان إقليم كشمير الصين أكساي تشين التحركات الصينية الحدودية العنيفة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهند وباكستان إقليم كشمير الصين التحركات الصينية الهند وباکستان الصینی فی

إقرأ أيضاً:

على حافة الهاوية: حرب الهند وباكستان.. نارٌ تحت رماد كشمير

يقف العالم باسره يشاهد الصراعات إقليميًا ودوليًا، تهديدات هنا وهناك، وحروب ودمار وأشلاء.. الموت من كل جانب، أصوات الجرحى والنائحات لا يكاد يصمت، ضجيج لا يقف لا يعطي فرصة للروح أن تاخذ هدأة، فلسطين الحرب الاوكارنية الروسية، الصراعات النووية قيد الانتظار والتفعيل في أيَّة لحظة. فقط لا ينقطع هذا الضجيج، سوى ببيان أو اعتراض أو شجب أممي، حيث تقف الدبلوماسيات عاجزة أمام مشهد تحكمه الرصاصة والبطل فيه مفقود، والضحية إنسان.

في الساعات الأولى من فجر اليوم الأربعاء بدا مشهد جديد، حيث دوّى خبر عاجل هزّ أرجاء العالم: الهند توجه ضربة عسكرية عميقة داخل الأراضي الباكستانية. وبينما بدأ الدخان يتصاعد فوق جبال كشمير المتنازع عليها، تسارعت المخاوف من أن تنزلق القوتان النوويتان في جنوب آسيا إلى مواجهة شاملة، قد تهزّ استقرار العالم بأسره.

لكن هذه الحرب، إن اندلعت، ليست وليدة اليوم. إنها نتيجة عقود طويلة من الدماء والدموع، والحدود المرسومة بالنار، والمصالح المتقاطعة، وجذورها تعود إلى لحظة الولادة العنيفة للهند وباكستان عام 1947.

كشمير.. شرارة لا تنطفئ

منذ رسم خط رادكليف الحدودي إثر تقسيم الهند البريطانية، ظلت كشمير الجرح المفتوح بين الجارتين. ثلاث حروب كبرى، وعدد لا يحصى من المناوشات، كلها نشبت بسبب هذه البقعة الجبلية الساحرة التي تطل من أعالي الهيمالايا كأنها تنظر للعالم بحزن.

رغم أن الهند تسيطر على ثلثي ولاية جامو وكشمير، تطالب باكستان بإقليم كامل، مستندة إلى أغلبيته المسلمة. بينما ترى الهند أن كشمير جزء لا يتجزأ من سيادتها الوطنية.

في عام 2019، زاد التوتر حين ألغت حكومة ناريندرا مودي الوضع الخاص لكشمير، وأحكمت قبضتها العسكرية عليها، مما فجّر موجة احتجاجات عنيفة، وردود فعل غاضبة في إسلام آباد.

اليوم، بعد الهجوم الأخير، تعود كشمير إلى الواجهة، كميدان معركة وكسبب وجودي للخلاف.

ميزان القوة: من يتفوق؟

حسب تقارير "التوازن العسكري"، تتفوق الهند بوضوح في القوة التقليدية:

ميزانية الدفاع الهندية: تعادل تسعة أضعاف الميزانية الباكستانية.

الجيش الهندي: 1.5 مليون جندي مقابل 660 ألفًا في باكستان.

القوة البرية: الهند تمتلك 3750 دبابة وأكثر من 10 آلاف قطعة مدفعية، بينما لا تمتلك باكستان سوى ثلثي هذه القوة.

البحرية الهندية: تملك حاملتي طائرات و16 غواصة هجومية، في مقابل أسطول أصغر وأكثر تواضعًا لدى باكستان.

القوة الجوية: تتقدم الهند بطائرات رافال وسوخوي، بينما تعتمد باكستان على JF-17 وJ-10 وعدد محدود من إف-16.

لكن التفوق الهندي في الأسلحة التقليدية يقابله توازن نووي هش: الهند تملك 180 رأسًا نوويًا، وباكستان 170 رأسًا. كلا البلدين قادران على إحداث دمار شامل في حال اندلاع مواجهة نووية.

ويحذر المحللون: "أي تصعيد غير محسوب قد يحول جنوب آسيا إلى جحيم نووي لا ينجو منه أحد."

العلاقات المتوترة: محطات على طريق النار

العلاقة بين الهند وباكستان أشبه بـ "رقصة فوق الجمر":

1947: تقسيم الهند وحرب كشمير الأولى.

1965: حرب كشمير الثانية.

1971: حرب أدت لانفصال شرق باكستان (بنغلاديش).

1998: التجارب النووية لكلا البلدين.

1999: حرب كارجيل في قمم جبال الهيمالايا.

2001: كادت الحرب تندلع إثر هجوم البرلمان الهندي.

2008: هجمات مومباي تفجّر محادثات السلام.

2019: إلغاء الوضع الخاص لكشمير، وتجميد العلاقات.

ورغم محاولات متكررة لرأب الصدع، من قمة شيملا إلى قمة لاهور، ومن حافلة دلهي-لاهور إلى زيارة مودي المفاجئة إلى باكستان عام 2015، كانت كل بادرة سلام تتحطم على صخرة الشكوك، والإرهاب، وصراع الهويات.

مخاوف عالمية: هل تشتعل الشرارة الأخيرة؟

العالم يراقب الآن بقلق بالغ. فالهند وباكستان لا تمثلان قوتين إقليميتين فحسب، بل قوتين نوويتين في منطقة مأهولة تضم أكثر من مليار ونصف نسمة.

يرى الخبراء أن كشمير ستبقى حجر عثرة أمام السلام ما لم يُفتح حوار حقيقي يتجاوز الحسابات العسكرية والسياسية إلى معالجة جذور المظالم المحلية، وتحقيق تطلعات سكانها.

وفي ظل التصعيد الحالي، وإغلاق الأبواب الدبلوماسية، وقرع طبول الحرب، يبقى السؤال المخيف:

 إلى متى يمكن أن تبقى النار تحت الرماد.. دون أن تحرق الجميع؟ إلى أين ستتجه الحرب الهندية الباكستانية؟

مقالات مشابهة

  • البنيان المرصوص.. باكستان ترد بقوة والنار تشتعل على حدود النوويين
  • الهند وباكستان.. هل ينزلق صراع كشمير نحو الكارثة؟
  • التنين الصيني الذي يريد أن يبتلع أفريقيا
  • جذور الصراع في كشمير بين الهند وباكستان
  • كشمير.. 8 عقود من الدم والنار: لماذا لا تنطفئ الحرب بين الهند وباكستان؟
  • آبل والحرب التجارية – الوجه الجديد للصراع الأمريكي الصيني
  • اشتداد القصف المتبادل بين الهند وباكستان في كشمير
  • ستة أسئلة لفهم ما يحدث بين باكستان والهند في كشمير
  • على حافة الهاوية: حرب الهند وباكستان.. نارٌ تحت رماد كشمير