يمانيون|

بصوت خافت تقطعه أنفاس متعبة ودموع مكبوتة، عبّر الحاج أحمد درابية (87 عامًا) عن واقعه القاسي كمريض سكري محاصر بالجوع والمرض في قطاع غزة، حيث يستمر بروز المجاعة مجددا للشهر الثالث على التوالي بفعل الحصار والإغلاق المستمر للمعابر، منذ بدء العدوان الإسرائيلي قبل أكثر من عام ونصف.

منذ عقد من الزمن، كان درابية يلتزم يوميًا بأخذ جرعات الأنسولين.

اليوم، أصبح هذا الروتين شِبه مستحيل بل ومهدد للحياة. فمع ندرة الغذاء، بات يواجه خيارًا مرًا: هل يتناول العلاج على معدة فارغة ويخاطر بانخفاض سكر الدم؟ أم يمتنع عنه ويواجه ارتفاعه القاتل؟ يقول: “الليل يوقظني بالجوع، لا دواء ولا طعام، أخشى الغيبوبة إذا تناولت الأنسولين، وأخشى الموت إن لم أتناوله”.

علامات الهزال تظهر على وجهه، ويداه المرتجفتان تعكسان تدهورًا صحيًا عميقًا. يعاني أيضًا من تقرحات القدم السكرية، ما يزيد ألمه ومخاوفه. “أشعر كمن يسير في طريق موحش نحو نهاية محتومة”، يضيف بصوت يرتجف.

ومعاناة درابية ليست سوى صورة من واقع آلاف المرضى في غزة. الحاجة عبير البيرم (75 عامًا) تحكي قصتها أيضًا مع هذا الواقع القاسي. تعيش على وجبات تُقدمها التكايا القريبة، لكن محتواها الغذائي ضعيف لا يكفي لحماية جسدها من نوبات هبوط السكر المتكررة.

“لم أعد أتناول دوائي لأن الطعام لا يناسبه، أفقد الوعي أحيانًا أكثر من مرة في اليوم”، تقول بمرارة.

خطر مزدوج وأزمة صحية خانقة

تحذر منظمات صحية، بينها منظمة الصحة العالمية، من تدهور خطير في أوضاع المرضى المزمنين، خصوصًا مرضى السكري الذين يقدر عددهم في غزة بأكثر من 60 ألف شخص.

وتشير إلى أن غياب التوازن بين الغذاء والعلاج يعرض حياتهم للخطر.

وفي هذا السياق، توضح خبيرة التغذية العلاجية د. سعاد عبيد أن “مريض السكري يعتمد على توازن دقيق بين الوجبات والأدوية. هذا التوازن لم يعد ممكنًا وسط الأزمة الغذائية الحالية”.

وتتابع: “الاختيار بين تناول الدواء بلا طعام أو العكس، كلاهما يؤدي إلى نتائج خطيرة كالغيبوبة أو حتى الموت”.

وتلفت عبيد إلى أن المساعدات الغذائية التي تصل غالبًا ما تقتصر على الأرز والخبز وبعض النشويات، وهي أطعمة ترفع نسبة السكر في الدم وتزيد من تدهور صحة المرضى، في حين تغيب بشكل شبه تام الفواكه والخضراوات والبروتينات الضرورية.

ووفقا للاختصاصي في داء السكري الدكتور محمد صيام، فإن “المريض الذي لديه داء السكري من النوع الأول قد يفقد حياته إذا أصيب بنوبة من الحماض الكيتوني السكري ولم تتوفر أسرّة في وحدات العناية المركزة”.

الجوع يفتك

تقرير دولي حديث يكشف أن 96% من سكان غزة يعانون من انعدام شديد في الأمن الغذائي، فيما يعيش أكثر من نصف مليون شخص في مستويات تُصنَّف على أنها “كارثية”.

ويحذر التقرير من أن المجاعة الشاملة قد تصبح واقعًا وشيكًا إذا استمرت القيود على إدخال المساعدات.

في غزة، لم يعد السكري مجرد مرض مزمن، بل تحول إلى معركة قاسية مع الحياة، حيث يتحول كل يوم إلى اختبار للبقاء. مع كل وجبة مفقودة، وكل دواء لا يُؤخذ في وقته، تتقلص فرص النجاة وتقترب النهاية أكثر.

 

المصدر ـ المركز الفلسطيني للإعلام

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

مرصد: حزام بغداد الأخضر مهدد بالفشل وسط أزمة مياه خانقة

مرصد: حزام بغداد الأخضر مهدد بالفشل وسط أزمة مياه خانقة

مقالات مشابهة

  • فيما يندفع العالم إلى الهاوية النووية... أين المعارضة؟
  • مرصد: حزام بغداد الأخضر مهدد بالفشل وسط أزمة مياه خانقة
  • لتخفيف عبء تناول الأدوية اليومية.. حقنة أسبوعية جديدة تبشّر بتحسين علاج مرض باركنسون
  • في ذكراه .. قصة رفض نور الشريف لمسلسل لن أعيش في جلباب أبي
  • موجة حر خانقة تضرب 8 دول عربية وتحذيرات من حرائق وانقطاع كهرباء
  • دراسة: تغيرات بالحمض النووي قد تساعد في تحديد مخاطر القلب لدى مرضى السكري
  • أخصائية: الدعم النفسي يحسّن جودة حياة مرضى السرطان ويعزز دافعيتهم للعلاج
  • استشهاد سليمان العبيد.. صرخة في وجه الظلم تحرك المياه الراكدة
  • استشهاد العبيد ... صرخة في وجه الظلم تحرك المياه الراكدة
  • ضمادة ذكية تسرع التئام جروح مرضى السكري