لماذا تخشى بعض الشعوب شهر أغسطس؟
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
يحظى شهر أغسطس/آب بسمعة سيئة في بعض دول العالم؛ فهو الشهر الذي شهد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، وإلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي، والاعتراف رسميا بكارثة تشرنوبيل عام 1986، وهو الشهر ذاته الذي اختبر خلاله الاتحاد السوفياتي القنبلة الهيدروجينية عام 1953.
وغير ذلك عشرات الأحداث الفارقة والمؤثرة، سواء على المستوى العالمي، أو حتى على المستوى الفردي، حيث إنه الشهر الوحيد الذي لا تتخلله أي إجازات رسمية بخلاف تلك الأسبوعية في العديد من دول العالم.
فيما يلي، نسلّط الضوء على أبرز الأحداث التي شهدها شهر أغسطس/آب، وبعض المعتقدات الشعبية بشأنه:
شهر الهستيرياتقول صحيفة "إكسبرس" البريطانية، إن البعض يطلق على أغسطس/آب اسم "شهر الهستيريا العامة" و"خروج الأحداث عن السيطرة"؛ ففيه بدأت الحرب الأهلية الإنجليزية الأولى سنة 1642، وفيه أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا عام 1914، كما شملت "الهستيريا" حمى البحث عن الذهب في يوكون بكندا في العام 1969، ونجح جاك السفاح في قتل ضحيته الأولى في 1888، وهو قاتل متسلسل مجهول الهوية نشر الهلع آنذاك في لندن ونواحيها بجرائمه.
وترجع القصة إلى اعتقاد صيني يقول إن الأشباح تخرج من الجحيم بحثا عن المرح في الفترة من 16 أغسطس/آب إلى 14 سبتمبر/أيلول، وخلال تلك الفترة تنطلق الأشباح الجائعة لتنشر الحظ السيئ في كل مكان. ومن الصين إلى الفلبين وبعض الدول الآسيوية، يبدو الإيمان بأثر أغسطس/آب السلبي عميقا.
وفي هذا الشهر يتوقف بعض من يؤمنون بهذه المعتقدات عن إطلاق الأعمال التجارية الكبرى، وقرارات البيع والشراء، وحتى الزواج، تلافيا لما ما قد ينتج في هذا الوقت من قرارات تتزامن مع أبواب الجحيم المفتوحة، وأرواح الموتى الشريرة المتجولة في الأنحاء، وفق الاعتقاد السائد.
وذكر موقع "كوسمو" العديد من القرارات التي يتجنبها البعض في أغسطس/آب:
اتخاذ أي قرار يتعلق بتغيير في الحياة. السفر. بدء عمل جديد. الانتقال إلى منزل جديد. الزواج. التقاط العملات المعدنية أو الأشياء الغريبة في الخارج؛ لأنها قد تكون ملكا لمتوفى. التحدث مع النفس. الذهاب إلى المقابر بدون رفقة. البقاء في الخارج لوقت متأخر. الوجود بالقرب من المسطحات المائية. الحديث عن الأشباح أو الموت. ترك الطعام أو تعليق الملابس بعد غروب الشمس. ارتداء اللون الأسود. النقر على رأس الشخص أو كتفه. ماركيز و"أشباح أغسطس"وقد ألهم الشهر الثامن من السنة الميلادية غابرييل غارسيا ماركيز كتابة قصة قصيرة بعنوان "أشباح أغسطس"؛ تتضمن مقطعا يقول "كان يوم أحد من أول أسبوع في شهر أغسطس (آب)، حارا ومثيرا للأعصاب، يلجأ الناس لتلافي شروره عبر تقديم القرابين، وحرق البخور، وتوزيع الطعام، وأيضا حرق أموال وهمية في أول يوم من الشهر، فضلا عن زيارة قبور المتوفين، وتنظيفها والصلاة لأجلهم، وإقامة مراسم تأبين لهم".
تذهب القصة إلى أبعد من مجرد اعتقاد صيني، ينتشر في عدة دول آسيوية، ففي مجال المال والأعمال يوصي الخبراء بضرورة تجنب هذا الشهر بالذات، باعتباره أحد أسوأ شهور السنة، حيث يواجه أصحاب الأعمال التجارية صعوبة بالغة، في التواصل مع زبائنهم الذين يكونون على الأغلب في إجازاتهم الصيفية. وفق تقرير نشره موقع "ميديوم".
لذا يُنصح بالتعامل معه على أنه "هدنة" مؤقتة من أجل مباشرة العمل من جديد في الشهور اللاحقة، يدلل على ذلك الهبوط الملحوظ لمؤشرات البورصة خلال أغسطس/آب وفق موقع "إجيسون سيرتيش".
السمعة السيئة للشهر الثامن من السنة الميلادية راحت تتسع، ليس فقط بسبب الأساطير المرتبطة به، ولكن أيضا بسبب أجوائه المتقلبة، فهو في بريطانيا غير ملائم لقضاء العطلة، حيث تصبح الليالي أطول وأكثر برودة بحلول النصف الثاني من الشهر، ويصبح الطقس أقل قابلية للتنبؤ، حتى إن صحيفة "ذا غارديان" وصفت طقس هذا الشهر بالذات هناك بـ"الرهيب".
ولعل اللافت حقا بشأن أغسطس/آب، أن الخيالات بشأنه ليست محصورة في آسيا وحدها، ففي البرازيل، يبعث أغسطس/آب الفزع في نفوس الناس، حتى إنهم يلقبونه بـ"شهر الحزن"، حيث يبقى الجميع في منازلهم خشية ما قد يحدث لهم إن خرجوا في عطلة، أو انطلقوا في سفر ما، هكذا يتأثر روتين ريو دي جانيرو اليومي، خلال أغسطس/آب، وفق تقرير نشرته "نيويورك تايمز".
ففي هذا التوقيت يرفض بعض الكتّاب السماح بنشر كتبهم، ويمتنع بعض الموسيقيين المشهورين عن إقامة حفلاتهم، ربما لهذا تحول الشهر إلى موضوع العديد من الروايات البرازيلية من بينها "أغسطس" لروبيم فونسيكا، و"شهر الكلاب المسعورة" لموسير سكليار، حيث إن هناك إيمانا عميقا في الدولة العريقة أن أغسطس/آب هو "وقت اللعنة"، فيه انتحر أبو الفقراء الرئيس جيتوليو فارغاس، وفيه استقال الرئيس جانيو كواردروس فغرقت البلاد من بعده في دكتاتورية قاسية امتدت 20 عاما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شهر أغسطس أغسطس آب
إقرأ أيضاً:
القراءة.. نهضة العقول وتقدم الشعوب
سالم البادي (أبومعن)
من عظيم الشرف لأمتنا الإسلامية العظيمة أن استُهِلَّ نزول القرآن الكريم بقوله تعالى:
"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق: 1-5).
القراءة هي أكثر من مجرد هواية؛ إنها نافذة على عوالم لا حصر لها، وجسر يربطنا بأفكار وثقافات مختلفة، وأداة قوية لتوسيع آفاقنا.
عندما نفتح كتابًا، فإننا لا نقرأ فقط الكلمات ونقلب الصفحات؛ بل ننخرط في حوار مع المؤلف والكاتب، ونستكشف وجهات نظر جديدة، ونستشرف رؤى حديثة، ونتعرف على أفكار مختلفة، ونتعلم عن أنفسنا وعن العالم من حولنا.
تعمل القراءة على تنمية القدرات الذهنية والبدنية والمهنية واللغوية، وتحسّن لدينا مهارات الاطلاع والاستيعاب والفهم والكتابة والتعبير والتحليل. كما إنها تعزز لدينا التفكير النقدي والتحليلي، وتساعدنا على فهم القضايا المعقدة واتخاذ قرارات مستنيرة.
إضافة إلى ذلك، تعد القراءة وسيلة رائعة لتخفيف التوتر والاسترخاء، والهروب من ضغوط الحياة اليومية.
وفي عالمنا الرقمي، قد تبدو القراءة التقليدية وكأنها تتراجع، لكن أهميتها تظل ثابتة، سواء اخترنا قراءة الكتب الورقية أو الإلكترونية، فإن القراءة تظل استثمارًا قيمًا مهمًّا في حياتنا. إنها تمنحنا العلم والمعرفة، والإلهام، والمتعة، وتجعلنا أفرادًا أكثر ذكاءً وإدراكًا لمن حولنا.
وتؤدي القراءة دورًا حاسمًا في تشكيل عقول الأجيال الصاعدة، فهي ليست مجرد وسيلة للترفيه؛ بل هي أداة أساسية لتنمية القدرات المعرفية والشخصية لدى النشء، فمن خلال القراءة يتعلم الأطفال والشباب كيفية التفكير النقدي، وتحليل المعلومات، وتكوين وجهات نظرهم الخاصة، وتكوين شخصياتهم الذاتية، إنها تساعدهم على فهم العالم من حولهم، وتوسيع آفاقهم، واكتشاف ثقافات وحضارات مختلفة.
بات غرس حب القراءة في الأجيال الناشئة مطلبًا مُلحًّا خاصة في عصرنا الذي تتسارع فيه المتغيرات وتتطور فيه التقنيات الحديثة ومنها الذكاء الاصطناعي؛ فأصبح الأمر يتطلب جهودًا مشتركة من الأسرة والمسجد والمجتمع والمدرسة كمنظومة متكاملة مترابطة متصلة ببعضها البعض.
والأسرة تمارس دورًا كبيرًا ومهمًّا في غرس حب القراءة لدى النشء من خلال توفير بيئة منزلية مشجعة للقراءة، وقراءة القصص لأطفالهم، فضلًا عن إعداد برنامج لزيارة المكتبات والمعارض.
بينما دور المدارس يجب أن يتم من خلال دمج القراءة في المناهج الدراسية بطرق مبتكرة وممتعة ومحفزة، وتشجيع الطلاب على اختيار الكتب التي تثير اهتماماتهم، وتنمّي مهاراتهم ومداركهم العقلية والعلمية.
علاوة على ذلك، يجب على المجتمع أن يدعم القراءة من خلال توفير المكتبات العامة، وتنظيم الفعاليات والمسابقات الثقافية والتعليمية المتعلقة بالقراءة.
وللإعلام دور كبير في الترويج لأهمية القراءة في مختلف وسائل وقطاعات الإعلام والصحف والجرائد ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
من خلال هذه الجهود المتضافرة، يمكننا أن نضمن أن الأجيال القادمة ستتمتع بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في عالم متغير متسارع، وأن تظل القراءة جزءًا حيويًّا من حياتهم وعقيدتهم.
القراءة تزوّدنا بنماذج وأساليب متنوعة ومختلفة من الكتابة مثل الروايات، والأخبار السياسية والاقتصادية والدينية المختلفة، والمقالات، وكتب التاريخ والأدب والشعر والعلم والثقافة وغيرها.
القراءة توسّع آفاقنا عندما نقرأ عن ثقافات وتجارب، وأفكار مختلفة.
نفتح عقولنا على العالم الآخر، ونتعلم التفكير النقدي، ونرى الأمور من وجهات نظر مختلفة.
هذه المعرفة والخبرة تثري مداركنا، وتجعلها أكثر عمقًا ومعرفة وثقافة.
القراءة تحفزنا على الكتابة، فعندما نقرأ كتابًا جيدًا، نشعر بالإلهام لكتابة شيء آخر جديد نابع من أفكارنا، ونعبر عن مشاعرنا.
القراءة هي الوقود الذي يشعل شرارة الإبداع في داخلنا. والقراءة هي التي تزوّد العلماء بالمعرفة والبيانات، وتمكنهم من تحليل هذه المعلومات ومشاركتها، وتوسع آفاقهم، وتعزز قدرتهم على التفكير، وتساعدهم على فهم النظريات والمفاهيم المعقدة.
والقراءة تنمّي الإدراك والوعي لدى الإنسان، وتساعد في تنمية الفكر، وزيادة المعرفة، وتعزيز التواصل بين الآخرين.
القراءة تخلق مجتمعًا واعيًا مثقفًا متعلمًا مفكرًا ومبتكرًا، يعزز غريزة التفاهم والتسامح، ويساهم في دعم التنمية البشرية وازدهارها.
قال تعالى: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (المجادلة: 11).
ويكفي للأمة الإسلامية حظًا وشرفًا وفضلًا في قراءة القرآن الكريم، لما له من فضائل كثيرة لا تُعد ولا تُحصى؛ فالقرآن الكريم عند المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هداية ورحمة للناس جميعًا، وهو كتاب الله الخالد، وحجته البالغة، وهو باقٍ إلى أن تفنى الحياة على الأرض.
وفي قراءته فضل عظيم، بها يحصل المسلم الحسنات، وينال الأجر العظيم، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
ولحافظ القرآن أجر عظيم عند الله؛ فإن القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويعلي منزلته ودرجته في الجنة؛ فيكون مع الملائكة السفرة الكرام البررة.
ومن فضائل تعلم القرآن وتعليمه: أن جعل الله مَن تعلم القرآن وعلّمه غيره خير الناس وأفضلهم، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
"خيركم من تعلم القرآن وعلّمه".
قال عباس محمود العقاد في القراءة:
"لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عُمقًا".
رابط مختصر