الخليج الجديد:
2025-05-24@00:56:29 GMT

حراك السويداء... هذه المرّة مختلفة

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

حراك السويداء... هذه المرّة مختلفة

السويداء... هذه المرّة مختلفة

لا شك أن الأسد يدرك تماماً أن أي تحرّك ضد السويداء سيشكّل نهاية حتمية لحكمه.

واضح ارتباك النظام حيال حراك السويداء قراءة وسائل إعلامه تكشف حجم التخبّط تجاه الحراك، وعدم القدرة على صياغة سردية مقنعة ضدّه.

طبيعة الجبل الجغرافية عامل مؤثر في أي قرار عسكري قد يفكّر الأسد باتخاذه، فضلاً عن ارتباط جغرافي بين السويداء ودرعا، واحتمال تشكيلهما فضاء متمرّداً واحداً.

يتحدث الحراك عن مطالب كل السوريين ولا يقتصر على مطالب السويداء، ويطالب بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، وإخراج المعتقلين، وإخراج روسيا وإيران من سورية.

* * *

المؤشّرات عديدة عن اختلاف حراك السويداء الحالي عما سبقه على مدار السنوات الأخيرة، وهو ما دفع السوريين والخارج إلى الالتفات الجدّي إلى ما تشهده هذه المدينة الجنوبية، والتساؤل بشأن قدرة هذا الحراك في تحريك الجمود الحاصل في سورية.

لا بد من إدراك السياق الذي تجري فيه أحداث السويداء، بعد جمود مسار الانفتاح العربي على نظام الأسد، وتوتّر الأوضاع في شرق سورية، حيث تلوح نذُر تصادم بين القوات الأميركية والمليشيات الإيرانية والروسية، بالإضافة إلى ظهور مؤشّرات عن تململ بدأ يضرب حاضنة النظام في الساحل. وتأتي أهمية هذا السياق من إضعاف خيارات نظام الأسد في التعاطي مع حراك السويداء، مقابل منح الحراك زخماً أكبر وقدرة على التأثير.

اللافت في الحراك الحالي اتّساع نطاقه أفقياً وكثافته، إذ انضمّت قرى جبل العرب للحراك بقوّة، كما أعلنت عشائر البدو انضمامها له. وعمودياً، يبدو أن الحراك ضمّ رجال الدين، ونخب السويداء، وقطاعاتٍ مهمّة، مثل التجار، والعمال، والطلاب، والمزارعين، في المدينة والريف، بمعنى أن الحراك ضرب عميقاً في مجتمع السويداء، بحيث باتت ادّعاءات إعلام النظام بأن من يشارك هم فئات خارجة عن القانون أشبه بنكتة سمجة.

ولعل ما يميّز الحراك الحالي سماته الجديدة التي تربط الاقتصادي بالسياسي، إذ لا تقتصر مطالب الحراك على الجانب المعيشي، رغم مركزيّته في الحدث، بل تتعدّاها إلى المطالبة بالتغيير السياسي، ما يؤكّد إدراك أهل السويداء أن الخلاص من هذه الأوضاع الكارثية لن يتم إلا من خلال رحيل هذا النظام، وولادة ديناميكيات سياسية جديدة تضع سورية على طريق الخروج من أزمتها التي صنعها الأسد وحلفاؤه.

المميز أيضاً في هذا الحراك أنه يتحدّث عن مطالب السوريين جميعاً، ولا يقتصر على مطالب خاصة بالسويداء، فهو يطالب بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، وإخراج المعتقلين، وإخراج روسيا وإيران من سورية بوصفهما قوتين محتلّتين وناهبتين ثروات سورية، وهذا يدللّ على درجة وعي عالية نتيجة خبرة طويلة بالتعامل مع النظام، بقدر ما تؤشّر جذرية هذه المطالب إلى أننا أمام حراك، بالإضافة إلى عمقه وشموليّته، فهو أيضاً حراك قد يكون طويل الأمد.

كان واضحاً ارتباك النظام حيال حراك السويداء هذه المرّة، فقراءة وسائل إعلامه تكشف عن حجم التخبّط تجاه هذا الحراك، وعدم القدرة على صياغة سردية مقنعة ضدّه، كما تكشف قراءة صحافة حلفائه عن استشعارهم المخاطر التي ينطوي عليها حراك السويداء، ودقّهم ناقوس الخطر، عبر ربط الحراك بالتطوّرات الجارية على مستوى الإقليم، وخصوصاً الترتيبات التي تقوم بها القوات الأميركية في قاعدة التنف ومناطق شرق سورية.

وربما، لهذه الأسباب بدت استراتيجية النظام في إدارة الأزمة التي يواجهها في السويداء غير واضحة، فلا هو يتقدّم بتلبية المطالب الاقتصادية، ولا هو قادر على استخدام وسائل أخرى، كما اعتاد في مواجهة مثل هذه الأزمات، وما يزيد من إرباكه أنه يواجه، في الوقت نفسه، ما يشبه تمرّداً داخل بيئته الحاضنة في الساحل السوري، ويستخدم سياسة الاعتقالات لإسكات الأصوات التي نادت بإيجاد حلول للأوضاع الاقتصادية الصعبة، وحمّلت رأس النظام المسؤولية عمّا وصلت إليه أحوال البلاد.

عملياً، تبدو خيارات نظام الأسد ضعيفة جداً تجاه السويداء، بعد أن جرى تفكيك شبكات التأييد والقمع التي صنعها في جبل العرب، إذ أعلن شيوخ العقل الثلاثة وقوفهم مع الحراك ومطالبه، كما استطاعت القوى الفاعلة في السويداء، في الأشهر الأخيرة، تفكيك أكثر المليشيات الموالية للأسد والعاملة بإمرة أجهزته في السويداء، كما أن عناصر حزب البعث والمخبرين باتوا محاصرين من الأهالي.

لا يستطيع الأسد استخدام القوّة الصلبة في مواجهة حراك السويداء، إذ عدا عن أنه في هذه المرحلة تحت المجهر الأميركي، فهو لا يستطيع التقدير إلى أي مدى سيكون لذلك تداعيات على مستوى المنطقة، في ظل استنفار أميركي، وتأهّب إسرائيلي، وانزعاج أردني، كما أن طبيعة الجبل الجغرافية عامل مؤثر في أي قرار عسكري قد يفكّر الأسد باتخاذه، فضلاً عن الارتباط الجغرافي بين السويداء ودرعا، واحتمالية تشكيلهما فضاء متمرّداً واحداً، لذا لا بد أن النظام يضع في حساباته أن أي تصرّف غير محسوب بدقة، وربما موزون بميزان من الذهب، ستكون نتيجته خروج السويداء والجنوب السوري بجملته عن حكم النظام.

تحدّث الأسد في لقائه أخيراً مع قناة سكاي نيوز عربية عن نماذج التعاطي الغربي مع صدّام حسين ومعمر القذافي، ربما كان يدور في خاطره أن الدول الغربية هبّت ضد صدّام عندما أصبح يشكّل تهديداً لمكوّنات بعينها، الشيعة والأكراد، فأقامت لحمايتهم مناطق آمنة، وأن الحرب التي شنّها حلف الناتو على القذّافي كانت بسبب تهديده بالقضاء على ثوار بنغازي، ولا شك أن الأسد يدرك تماماً أن أي تحرّك ضد السويداء سيشكّل نهاية حتمية لحكمه.

حراك السويداء هذه المرّة مختلف، لأن أهل السويداء باتوا أمام مخاطر وجودية لم يعد ممكناً المناورة إزاءها، فالمحافظة بدأت تعاني من تفريغ لشبابها الذين هاجروا بالآلاف إلى الخارج، حتى إن جيلاً بكامله خرج، أو يستعد للخروج من السويداء. بالإضافة إلى وجود عمليات شراء للأراضي تقوم بها جهاتٌ تتبع لإيران، بمعنى أن هناك مخطّطاً لتغيير هوية المحافظة يجري على قدمٍ وساق، ولعل هذا ما دفع مختلف القطاعات والفئات إلى المشاركة في الحراك.

*غازي دحمان كاتب وباحث سوري

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سورية السويداء درعا حراك بشار الأسد الثورة السورية حزب البعث حلف الناتو

إقرأ أيضاً:

العمل لساعات طويلة قد يغيّر في بنية دماغك..هذا ما كشفته دراسة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة أنّ العمل لساعات طويلة لا تقتصر تبعاته على الصحة فقط، بل قد تطال بنية الدماغ.

وجدت الدراسة التي نُشرت في مجلة "الطب المهني والبيئي" تغييرات كبيرة في أدمغة الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة، وهو مزيج من الإجهاد البدني والعاطفي المفرط، بالإضافة إلى نقص في الراحة.

أجرى البحث عالمان من جامعة تشونغ آنغ وجامعة يونسي في كوريا الجنوبية، حيث تتبّعا حالة 110 من العاملين في مجال الرعاية الصحية، تم توزيعهم على مجموعتين: "مجموعة العمل المفرط" و"مجموعة العمل غير المفرط".

في كوريا الجنوبية، حيث تُعد 52 ساعة عمل أسبوعيًا الحد القانوني الأعلى، أصبح الإفراط في العمل مصدر قلق للصحة العامة.

تكوّنت مجموعة العاملين لساعات مفرطة، الذين يعملون 52 ساعة وما فوق في الأسبوع، من 32 شخصًا كانوا، في المتوسط، أصغر سنًا، وأقل خبرة وظيفية، مقارنةً بمن يعملون عدد ساعات اعتيادية.

من خلال مقارنة بيانات من دراسة مختلفة وفحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، تمكن الباحثون من استخدام تقنية تصوير عصبي لتحليل حجم أدمغة هؤلاء العاملين.

أتاحت لهم هذه التقنية بتحديد الفروقات بمستويات المادة الرمادية في مناطق مختلفة من الدماغ ومقارنتها، في حين مكّنهم استخدام تحليل قائم على أطلس دماغي من التعرف إلى البنى المختلفة في صور الدماغ، وتصنيفها بدقة.

مقالات مشابهة

  • الحراك الجنوبي: الوحدة خيار لا رجعة عنه وموقف سيادي لا يُساوَم عليه
  • نحو مقاربة مختلفة لعلاقة المجتمع المدني بـمنظومة الاستعمار الداخلي
  • أردوغان سعيد برفع العقوبات عن سورية
  • كيف يتأثر الحراك لأجل غزة بهجوم المتحف اليهودي في واشنطن؟
  • بعيو لـ«الحراك»: لا تسمحوا للمنفي وشقيقه ودغيم أن يخدعوكم ويسرقون انتفاضتكم
  • مكون الحراك الجنوبي: الحفاظ على الوحدة ضرورة وطنية تحت أي ظرف ومهما كلف الثمن
  • العمل لساعات طويلة قد يغيّر في بنية دماغك..هذا ما كشفته دراسة
  • في إطار الجهود المبذولة لإزالة الألغام التي زرعها النظام البائد.. وزارة الدفاع ترسل كاسحات ألغام إلى دير الزور
  • حراك سوق الجمعة: لن يهدأ لنا بال إلا بإسقاط حكومة الفساد
  • مذيع بالتناصح: حراك سوق الجمعة يدافع عن المجرمين