الأمن يتفوق على الخدمات: العراق يعيد صياغة أولوياته الوطنية
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
29 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: يتسارع النقاش في الأوساط السياسية العراقية حول ضرورة إعادة تقييم المؤسسات الأمنية وتعزيز جاهزيتها في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتفاقمة.
ويبرز هذا التوجه كأولوية وطنية، متجاوزاً قضايا الخدمات وتحسين الواقع المعيشي، ليصبح الأمن الركيزة الأساسية لحماية السيادة والاستقرار.
ويأتي هذا التحول في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متصاعدة وتهديدات متنوعة، من الحروب غير التقليدية إلى التهديدات السيبرانية.
وأكد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، في كلمة ألقاها بمناسبة شهر محرم الحرام، أهمية إجراء مراجعة شاملة للأجهزة الأمنية والعسكرية.
وشدد على أن هذه المراجعة تفوق في أولويتها إصلاح الخدمات، معتبراً أن قوة العراق العسكرية هي الضمانة الأساسية لاستقراره السياسي والاجتماعي وحماية سيادته من الأخطار الخارجية.
وأشار المالكي إلى أن العراق يواجه تهديدات محتملة من “حروب الكيان”، داعياً إلى امتلاك وسائل دفاع متقدمة تحمي الشعب والمقدسات، ليس بهدف شن الحروب، بل لضمان المصالح الوطنية العليا.
وأوضح عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية مهدي تقي امرلي أن الأساليب التقليدية في إدارة الملف الأمني لم تعد كافية. ودعا إلى إعادة هيكلة منظومة التدريب في وزارتي الدفاع والداخلية، مع تحديث المناهج لمواكبة الحروب الحديثة، مثل حروب الطائرات المسيرة والتهديدات السيبرانية. وأكد أن الحروب اليوم تعتمد على المعرفة والتقنية وسرعة اتخاذ القرار، وليس فقط على الأسلحة التقليدية.
ويعكس هذا التوجه تحولاً استراتيجياً في رؤية القوى السياسية العراقية، حيث باتت الأولوية لتعزيز القدرات الدفاعية في ظل بيئة إقليمية مضطربة.
وتشير مصادر من الأرشيف إلى أن العراق أنفق خلال السنوات الأخيرة مليارات الدولارات على تطوير ترسانته العسكرية، بما في ذلك صفقات لشراء طائرات مسيرة وأنظمة دفاع جوي متقدمة. وتؤكد تقارير حديثة من منصات إخبارية أن بغداد تسعى لتعزيز تعاونها العسكري مع دول مثل روسيا والصين لتطوير قدراتها السيبرانية والدفاعية.
ويبرز هذا التحول كجزء من استراتيجية وطنية لمواجهة التحديات المستقبلية، حيث يرى مراقبون أن العراق يسعى لتحقيق توازن بين قوته العسكرية واستقراره الداخلي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
بين مذكرة تفاهم ورسائل انسحاب مؤجل: سيادة العراق على محك الجغرافيا السياسية
16 غشت، 2025
بغداد/المسلة: تتسارع في بغداد خطوات إعادة التموضع الأميركي وسط مشهد إقليمي ملتهب، حيث تتقاطع رسائل الضغط الإيرانية مع حسابات واشنطن الأمنية.
ويبدو أن ما يجري ليس مجرد إجراءات لوجستية بل انعكاس لتقديرات عسكرية ترى في العراق ساحة تماس مفتوحة بين طهران وتل أبيب، وفي الوقت ذاته اختباراً لمدى صلابة الاتفاق الأمني الموقع بين بغداد وواشنطن.
وتبرز عمليات نقل المعدات العسكرية من قاعدة عين الأسد بوصفها إشارة إلى إعادة توزيع القوة وفق خرائط تهديد جديدة، في وقت تصر فيه حكومة محمد شياع السوداني على أن الجدول المتفق عليه للانسحاب لم يتغير.
غير أن تأكيدات المسؤولين الأميركيين بأن العمليات “فنية وليست واسعة النطاق” لا تُخفي أن البوصلة تتجه إلى تعزيز مرونة الوجود العسكري، وتكييفه مع احتمالات اندلاع مواجهة أوسع في الإقليم.
ويكشف ذلك عن جدلية مألوفة في المشهد العراقي: واشنطن لا تنوي المغادرة الكاملة، بل إعادة صياغة حضورها في صورة استشارية وعسكرية مرنة، بينما ترى طهران أن أي بقاء أميركي يعني تثبيت معادلة ردع موازية.
وبين هذين الضغطين يجد العراق الرسمي نفسه أمام اختبار قدرة الدولة على ممارسة سيادتها من دون أن يتحول إلى ساحة تصفية حسابات.
وتأتي زيارة علي لاريجاني لبغداد كمؤشر آخر على أن إيران لم تعد تجد الاستجابة التقليدية من الشريك الحكومي. فقد خرج الرجل من اللقاءات بلا “أجوبة مريحة”، بعد أن اقترح تعاوناً لضبط الحدود في حالة الحرب، ليُجابَه برد عراقي واضح بأن القدرات المحلية محدودة، وأن مهمة فشلت فيها طهران نفسها لا يمكن لبغداد أن تنجح بها.
ويثير توقيع مذكرة تفاهم بين لاريجاني وقاسم الأعرجي حفيظة واشنطن التي تراقب عن كثب، فيما يحاول العراق تسويق هذه الخطوة على أنها جزء من السيادة الوطنية. لكن الواضح أن بغداد تواجه معضلة مزدوجة: فهي لا تستطيع أن تخسر الدعم الأميركي في مرحلة دقيقة، ولا أن تُدير ظهرها تماماً لمطالب إيران الأمنية. وهذا التوازن الهش يعكس جوهر الإشكالية العراقية منذ عقدين، حيث الدولة قائمة بين قوتين تتنازعان تعريف الأمن وحدود النفوذ.
وفي لحظة تتشكل فيها خرائط جديدة للصراع الإقليمي، لا يبدو أن بغداد تملك رفاهية الحياد المطلق. بل هي مضطرة لإدارة لعبة التوازن الدقيقة، فيما تتحضر واشنطن لإعادة صياغة وجودها العسكري، وتتهيأ طهران لاختبار ولاء حلفائها على الأرض. إنها لحظة عراقية بامتياز، لحظة تتحدد فيها معالم “المسافة الصعبة” بين أن تكون الدولة ساحة أو أن تكون لاعباً.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts