محلل سياسي: الاتفاقيات الاقتصادية الأمريكية لا تؤثر على موقف واشنطن من الأزمة الليبية

ليبيا – استبعد المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ أن تؤثر الاتفاقيات الأمريكية مع الشركات الخاصة على القرار السياسي لواشنطن بشأن الأزمة الليبية، معتبراً أن الأفرقاء الليبيين يسعون من خلالها فقط إلى كسب نقاط سياسية.

الفصل بين الاقتصاد والسياسة
محفوظ أوضح في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط” أن دولاً عديدة منحت شركات أمريكية عقوداً اقتصادية ضخمة، لكن ذلك لم يغير موقف واشنطن تجاه الأنظمة الحاكمة فيها.

ولفت إلى أن الموقف السياسي الأمريكي يبقى منفصلاً عن الانخراط الاقتصادي، مستشهداً بمثال شركات مصرية تعمل في مشاريع إعادة الإعمار بطرابلس، وأخرى تركية تعمل في الشرق الليبي، رغم احتفاظ القاهرة وأنقرة بتحالفاتهما السياسية الرئيسية.

المبالغة في تفسير اللقاءات والاتفاقيات
وأشار محفوظ إلى أن بعض الأطراف يبالغ في تصوير لقاءات بين شخصيات سياسية أو عسكرية ليبية مع أعضاء من الكونغرس أو مسؤولين أمريكيين على أنها دعم سياسي مباشر، في حين يمكن أن تكون هذه اللقاءات مرتبة بمقابل مالي. وحذّر من تكرار السيناريو ذاته مع الترويج لعقد شراكات واتفاقيات تعاون، معتبراً أن ذلك لا يعكس بالضرورة تحولاً في الموقف السياسي الأمريكي.

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: سويسرا .. فصل جديد من العلاقات السودانية الأمريكية

في تطور لافت بالعلاقات السودانية الأمريكية، التقى رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بمستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، يوم الإثنين 11 أغسطس 2025 في زيورخ، بطلب مباشر من واشنطن، وفقًا لـ”العربية”. اللقاء يعكس تغيرًا في نهج الولايات المتحدة تجاه الملف السوداني، وتراجعًا عن الاعتماد التقليدي على الوسطاء الإقليميين، وعلى رأسهم الإمارات.

اللقاء، الذي لم يُعلن عنه رسميًا في الخرطوم حتي اللحظة ، يعكس مستوى متقدمًا من الثقة بين الطرفين، ويجسّد مرحلة جديدة من الحوار المباشر، بعيدًا عن القنوات التي كانت مؤثرة في توجيه مسار الأزمة السودانية.

الولايات المتحدة، وفق مصادر متعددة، وضعت على طاولة النقاش مقترحًا واضحًا لوقف شامل لإطلاق النار في السودان، كجزء من رؤية أشمل لإعادة ترتيب المشهد السياسي والأمني، وترسيخ دور السودان كشريك فاعل في مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن البحر الأحمر، وهو الملف الذي بات يحتل أولوية متقدمة في الأجندة الأمريكية، بالنظر إلى تعقيدات الوضع الإقليمي وارتباط السودان المحوري جغرافيًا بمنطقة بالغة الحساسية.

هذه التحركات تؤكد أن واشنطن لم تعد تنظر إلى السودان من زاوية الأزمات الإنسانية ، بل كفاعل استراتيجي يمكن الوثوق به في ملفات إقليمية كبرى، وهو ما يُعدّ تطورًا ملحوظًا في طبيعة العلاقة الثنائية، ويعزز من موقف السودان السياسي والدبلوماسي.

ما يلفت النظر في هذا اللقاء أيضًا أنه تم خارج علم بعض الأطراف الإقليمية المتنفذة ، ولم تكن الإمارات، على سبيل المثال، على دراية به إلا بعد حدوثه، مما يعكس نجاحًا دبلوماسيًا سودانيًا في انتزاع هامش حركة مستقل، وربما يمثل بداية لإعادة صياغة التحالفات الإقليمية والدولية وفقًا لأولويات سودانية وطنية .

البرهان بدوره لم يذهب إلى هذا اللقاء بدون ضمانات أو أوراق ضغط، فقد عبّر عن موقفه الرافض لوجود مليشيا الدعم السريع في السلطة أو في أي عملية سياسية قادمة. هذا الموقف يضيف بعدًا جديدًا لمسار التفاوض، ويعكس رغبته في تقليص نفوذ المليشيا ، بما يدل على إدراكه لأهمية إزالة العوائق التي تقف في طريق السلام والاستقرار، تمهيدًا لإنهاء الحرب والدخول في مرحلة انتقالية أكثر استقرارًا.

تنسيق اللقاء جاء أيضًا بعد جهود دولية وإقليمية معقدة ، شاركت فيها تركيا وقطر ومصر، وهو ما تجلى في تحركات وزراء الخارجية واجتماعاتهم المكثفة خلال الأسابيع الماضية، إضافة إلى دعم لوجستي قطري تمثل في هبوط طائرة ضخمة في مطار بورتسودان، قبل يومان من اللقاء، في إشارة إلى انخراط واضح في تهيئة الأجواء لهذا التحول السياسي.

غير أن المراهنة على نجاح هذا المسار تظل مشروطة بقدرة القيادة السودانية على توظيف هذا الزخم الإقليمي و الدولي وتفعيله داخليًا، في ظل تحديات أمنية واقتصادية خانقة، وانقسامات سياسية تحتاج معالجات .

الإشارات الصادرة عن واشنطن، مطلع الاسبوع الماضي بما في ذلك تقارير حول نية الإدارة الأمريكية تصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية، تعكس تحولًا في الموقف الأمريكي من المليشيا التي كانت تحظى بدعم إقليمي واضح، وتضع شركاءها في زاوية ضيقة، ما قد يؤدي إلى إعادة تموضع إقليمي إجباري يتماشى مع الاتجاهات الجديدة.

وفي المقابل، فإن استمرار اللقاءات بين البرهان والدوائر الأمريكية خارج إطار التنسيق الإقليمي المعتاد، يمنح القيادة السودانية أوراق ضغط جديدة على طاولة التفاوض، ويمنح الملف السوداني دفعة حقيقية نحو الحل.

الأمريكيون ، من جهتهم، يظهرون انفتاحًا غير مسبوق للتعاون مع الخرطوم، ليس فقط في الملف الأمني، بل أيضًا هناك مؤشرات في اهتمامهم بالمجالات الاقتصادية والاستثمارية، حيث تنظر واشنطن إلى السودان كفرصة لإعادة إعمار بلد غني بالموارد، مع أهمية استراتيجية كبيرة. وهذا يعزز فكرة أن اللقاء يمثل بداية مرحلة جديدة من التعاون، تقوم على مبدأ الشراكة المباشرة، بعيدًا عن وسطاء قد يعرقلون الحلول.

إن أهمية هذا اللقاء لا تكمن فقط في طبيعته السرية أو توقيته، بل في الرسائل التي يحملها حول مستقبل السودان في المعادلة الإقليمية، والفرص التي يمكن أن تنشأ إذا ما أُحسن استثمار هذا الانفتاح الأمريكي.

غير أن الشفافية في التعاطي مع الرأي العام السوداني بشأن فحوى هذه اللقاءات تظل أمرًا مهمًا ، ليس فقط لطمأنة الداخل، بل لتأكيد الجدية في إدارة المرحلة القادمة بعيدًا عن السرية و الغموض الذي طالما غذّى الشائعات وأضعف الثقة في مؤسسات الدولة.

من منظور #وجه_الحقيقة، تقف بلادنا اليوم أمام مفترق طرق . وإن تمكنت قيادتها من ترجمة الزخم الدبلوماسي إلى خطوات عملية، فقد تشكّل زيورخ بداية حقيقية لمسار استعادة الأمن والسلام . هذا اللقاء قد يؤسس لوقف شامل لإطلاق النار، ويفتح الباب لحوار جاد مع الأطراف المعنية، خاصة الإمارات، لوقف تغذية مليشيا الدعم السريع. غير أن النجاح يظل مرهونًا بقدرة القيادة على توظيف الدعم الإقليمي والدولي وتحويله إلى واقع يرسّخ أمن السودان واستقراره.

إبراهيم شقلاوي
دمتم بخير وعافية.
الأربعاء 13 أغسطس 2025م [email protected]

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تقرير: انتعاش النفط في ليبيا يخفي جمودًا سياسيًا يهدد استقرار البلاد
  • من المرج والهرج إلى الفرح السياسي
  • خبراء: الموقف المصري تجاه ليبيا واضح ومبني على أسس استراتيجية
  • ترامب يوجه الجيش الأمريكي بتحرير واشنطن
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: سويسرا .. فصل جديد من العلاقات السودانية الأمريكية
  • هل تقوّض الاتفاقيات الاقتصادية أمن الدول؟ قراءة في موازين السيادة
  • كيف تحولت المواجهة التجارية الأمريكية البرازيلية إلى سلاح سياسي؟
  • وزير الري يبحث الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية في سيناء والدلتا الجديدة وسيوة
  • طهران تدعو لتحرك دولي موحد ضد العقوبات الاقتصادية الأمريكية