الدرقاش: الأبواق والقطعان الإعلامية تريد تسويق مصراتة على أنها مدينة المليشيات
تاريخ النشر: 8th, July 2025 GMT
زعم مروان الدرقاش، الناشط المقرب من دار إفتاء الغرياني، أن ما وصفها بالأبواق والقطعان الإعلامية تريد تسويق مصراتة على أنها مدينة المليشيات، بحسب تعبيره.
وقال الدرقاش في منشور عبر “فيسبوك”: “للقطعان الإعلامية التي استشهدت بحادثة الاعتداء التي تعرض لها أحد أفراد أمن ميناء مصراتة من قبل مدير مركز جمارك ميناء مصراتة، حيث تم استخدامها في الهجوم على مدينة مصراتة ووصفها بمدينة المليشيات، تلك الحادثة حدثت بعدها عدة تحركات لم تخرج في الأبواق الإعلامية لأنها لا تخدم أجندتها التي تريد تسويق صورة مدينة المليشيات إلى الرأي العام الليبي”، وفقا لحديثه.
وأضاف “هذه التحركات تمثلت في التالي: اعتصام موظفي ميناء مصراتة والمنطقة الحرة في مصراتة احتجاجاً على حادثة الاعتداء، وفد من عائلة المعتدي يزور عائلة المعتدى عليه ويقدم اعتذاراً رسمياً نيابةً عن المعتدي وعائلته، قرار من مدير مصلحة الجمارك بتنحية المعتدي عن منصبه رئيساً لمركز جمارك ميناء مصراتة وتكليف رئيس جديد له”، على حد قوله.
وتابع “تحرك قانوني عند المحامي العام بمحكمة استئناف مصراتة لتسجيل الواقعة، اليوم تم تسليم منصب مدير مركز جمارك مصراتة للعميد عبدالله الزواوي، واستئناف العمل في المركز بشكل طبيعي، وهذه الخطوات وهذه التحركات وهذه المعالجات لا يمكن أن تأتي من مدينة مليشيات وإنما من مدينة تطبق القانون على الجميع وتعطي كل ذي حقٍ حقه مهما بلغت مكانته”، بحسب وصفه.
واستطرد “ننتظر ماذا سيؤول إليه الحال في مطار معيتيقة وميناء الشعاب وقاعدة أبوستة البحرية”.
الوسومالدرقاش المليشيات ليبيا مصراتة
المصدر: صحيفة الساعة 24
كلمات دلالية: الدرقاش المليشيات ليبيا مصراتة مدینة الملیشیات میناء مصراتة
إقرأ أيضاً:
كيف يتأثر الخط التحريري في المؤسسات الإعلامية بالأجندات السياسية؟
قراءة نقدية في ضوء نظرية التأطير الإعلاميتتغير السياسات التحريرية في المؤسسات الإعلامية تبعا لتبدلات المصالح السياسية والاقتصادية للدول الداعمة أو المسيطرة عليها، لا سيّما في ظل الأزمات الإقليمية والصراعات الدولية المتتالية. فالإعلام لا يعمل بمعزلٍ عن السياسة، بل يُشكّل أحد أدواتها الفاعلة في التأثير والضغط، وهذا ما يُفسّر الانعطافات السريعة في مواقف المؤسسات الإعلامية في وقت قصير.
هذه التحولات قد تكون نتاج تحالفات جديدة، أو تغييرات في موازين القوى الإقليمية والدولية، كالتقارب الخليجي الأمريكي، أو الاتفاقيات التي تعيد ترتيب أولويات الدول الكبرى، وفي هذا السياق، تسعى المؤسسات الإعلامية لإعادة ضبط خطابها التحريري إما خشية فقدان الدعم المالي والسياسي، أو درءا لمخاطر العقوبات التي قد تصل إلى الإغلاق وسحب التراخيص أو حتى التوقيف.
المشكلة لا تنحصر فقط في تراجع المصداقية؛ بل في الطريقة التي يُعاد من خلالها تأطير الخبر وإنتاجه، فالإعلام الذي يعمل لخدمة أجندة سياسية معينة، قد يُضحي بجوهر رسالته التي تتمثل في نقل الحقيقة كاملة، لينحصر دوره في تأييد سياسات محددة أو تبريرها، أو تمرير سرديات جديدة
في المشهد الخليجي، يبدو التأثر أكثر وضوحا، حيث نشأت النُظم الإعلامية في كنف النُظم السياسية واصطُنعت على أعينها، لتكون امتدادا لسُلطتها لا رقيبا عليها، فالإعلام هنا كما تُظهر تقارير مؤسسة "فريدوم هاوس" و"مراسلون بلا حدود" لعام 2024، يتّسم غالبا بولاء مطلق، وتكاد تغيب عنه الاستقلالية التحريرية، سواء في القنوات أو الصحف.
وبرغم محاولات بعض القنوات الخليجية الرصينة الحفاظ على قدرٍ من المهنية والموضوعية، فإنها اليوم تواجه تحدّيات متزايدة، وهي تحاول التوازن بين مبادئ الشفافية والمصداقية التي تأسست عليها، وبين التغيرات السياسية المستجدة التي قد تُقوّض هذا الخط التحريري.
لكن المشكلة لا تنحصر فقط في تراجع المصداقية؛ بل في الطريقة التي يُعاد من خلالها تأطير الخبر وإنتاجه، فالإعلام الذي يعمل لخدمة أجندة سياسية معينة، قد يُضحي بجوهر رسالته التي تتمثل في نقل الحقيقة كاملة، لينحصر دوره في تأييد سياسات محددة أو تبريرها، أو تمرير سرديات جديدة، من خلال استخدام أدوات التأطير الخبري؛ مثل اختيار زاوية معينة، في مقابل تهميش أخرى، والتّلاعب بالمصطلحات والدلالات.
ويظهر هذا جليا في أداء بعض القنوات البارزة في الشرق الأوسط، والتي رغم تمتعها بهامش من الحرية، لا تزال عرضة للضغوط السياسية والاقتصادية، فالاستقلالية الإعلامية تظل في كثير من الأحيان رهينة لمعادلات القوى والتحالفات، مهما ادّعت الحياد أو عدم الانحياز.
وما نلاحظه اليوم من تغيّر في لهجة بعض القنوات المعروفة بمواقفها "المبدئية"، والتي كانت محسوبة على تيار "الإعلام المقاوم"، أو "الإعلام الجماهيري"، و"الربيع العربي"، وتحوّلها إلى لغة أكثر حيادا وهدوءا، لا يمكن قراءته بعيدا عن السياق السياسي المُتغير في المنطقة، فالإعلام ببساطة يعيد ترتيب لغته وخطابه بما يتماشى مع الاصطفافات الجديدة.
ما يُقال عن كون الإعلام هو "السلطة الرابعة" التي تُراقب وتحاسب؛ لا يعدو أن يكون في أغلب الأحيان شعارات مثالية، فحتى في أكثر الدول ديمقراطية، يبقى الإعلام خاضعا لمراكز القوى والنفوذ ومرهونا بالتحولات الجيوسياسية.
وبالعودة إلى نظرية التأطير الإعلامي (Framing Theory) نكتشف أن الإعلام لا يكتفي بنقل الحدث، بل يختار زاوية تغطيته، ويُبرز جانبا دون آخر، ويستخدم مفردات توحي بمعانٍ موجهة، فتُصاغ الحقيقة في إطار يوجّه إدراك الجمهور.
لا يمكن فصل الخط التحريري في المؤسسات الإعلامية عن بيئتها السياسية والاقتصادية التي تعمل ضمنها، فالتغيرات في ميزان القوى والتحالفات تلعب دورا محوريا في رسم ملامح الخطاب الإعلامي، وفي ظل هذا الواقع يبقى الوعي الجماهيري ضرورة
وتُعد حرب غزة نموذجا مركزيا يُمكن من خلاله رصد آليات التأطير الإعلامي وتحوّلات الخطاب تبعا للتغيّرات السياسية، فبتطبيق هذه النظرية على تغطية قضايا مركزية كالقضية الفلسطينية تتّضح بجلاء الكيفية التي تتبدل بها زوايا التناول الإعلامي مع تبدّل المزاج السياسي العام، فالمقاومة التي كانت تُقدم في السابق بوصفها رمزا للصمود والبطولة، باتت تُتهم ضمنيا بأنها سبب في تدهور الوضع الإنساني في غزة.
وفي كثير من التغطيات الحديثة؛ يُلاحظ تغييب المُتسبب الحقيقي في الجرائم والانتهاكات، بل قد يُعاد تشكيل السردية الإعلامية في إطار "مساوية الضحية بالجلاد"، حيث تُعرض الاعتداءات والردود عليها كأنهما طرفا صراع متكافئ، دون مساءلة فعلية للعدو أو محاسبة أخلاقية له. كما يُلحظ اعتماد تغطيات مُضلّلة حيادية، تتجنب الإدانة المباشرة، تحت ذريعة "التهدئة" أو "تعزيز المساعي الدبلوماسية" أو "الحفاظ على الأمن الإقليمي" وعدم إثارة الجماهير، خاصة في ظل وجود علاقات تطبيع واتفاقيات سياسية أُبرمت بين الدول المجاورة والاحتلال، ما ينعكس على الخط التحريري لتلك المؤسسات الإعلامية.
هذا النوع من التأطير لا يُعد مجرد تغيير في الأسلوب، بل هو إعادة تشكيل للوعي الجمعي؛ فالمحتوى نفسه قد يبدو "موضوعيا"، لكنه مشحون بإطار يجعل المُتلقي يرى الحقيقة من زاوية بعينها، فيتبنّى دون وعي موقفا سياسيا موجها.
وفي تغطيات سابقة للعدوان على غزة؛ ركّزت القنوات على رسائل الصمود والثبات رغم الدمار، وعلى فضح انتهاكات الاحتلال، أما اليوم؛ وفي ظل تغيّرات سياسية إقليمية، باتت ذات التغطية تُركّز على التعب، وفقدان الأمل، والضجر وتُغيّب صور المقاومة والبطولة والثبات. فيظهر المشهد كما لو أن لا جدوى من الاستمرار، وكأن الرسالة الخفية تقول؛ انتهى الأمر أو المخاطرة لا تستحق الثمن المدفوع!
الإعلام وفقا لنظرية التأطير، لا يُغيّر الحدث في ذاته، بل يُعيد تشكيل زاوية تلقّيه وتفسيره لدى الجمهور، وهنا تكمن الخطورة؛ إذ يتحوّل الإعلام من أداة ناعمة لتوجيه الرأي العام، دون قمع مباشر أو رقابة ظاهرة.
وفي الختام، لا يمكن فصل الخط التحريري في المؤسسات الإعلامية عن بيئتها السياسية والاقتصادية التي تعمل ضمنها، فالتغيرات في ميزان القوى والتحالفات تلعب دورا محوريا في رسم ملامح الخطاب الإعلامي، وفي ظل هذا الواقع يبقى الوعي الجماهيري ضرورة؛ لا لمقاطعة الإعلام، بل لمراقبته، ونقده، والمطالبة باستقلاله، حتى يؤدي دوره الحقيقي كسلطة رقابة مسؤولة تخدم المجتمع وقضايا الناس والأمة لا السلطة.