حين يُنهك العقل من كثرة التفسير، حين تتراكم الأسئلة دون أجوبة، وحين لا يبقى للكلمات معنى…
يتنحّى العقل، ويُطفئ الضوء.
وحينها، يتقدّم الجسد.
الجسد لا يُجيد البلاغة، ولا يتقن البيان.
لكنه حين يتكلم… لا يكذب.
هو لا يراوغ، لا يُجامل، لا يساوم.
يرتجف حين نخاف، يضطرب حين نُقصي ذواتنا عن المشهد، ينكمش حين تُغلق الأبواب في وجه أرواحنا، وينطق — بطريقته — عندما يُمنع علينا البوح.
في بدايات شبابي، كنت أكتب على الصفحة الأولى من كل كتاب عبارة لا أعرف من أين جاءت، لكنها كانت تشبهني:
“عندما يغيب العقل يتحدث الجسم”
واليوم فقط فهمت ما كنت أكتبه.
ليس العقل هو القائد دائمًا، وليس المنطق هو الحَكم.
فكم مرة غصّ حلقي أمام جمعٍ من الناس دون أن أكون مريضًا؟
وكم مرة ارتعشت يدي وأنا أمدّها لسلام، كأنني أرتكب خطيئة؟
كنت أختبئ خلف ابتسامة وادعة، لكن جسدي كان يصرخ في الداخل:
“أرجوك، لا ترني لهذا الضوء، لا تسلّطني في هذا المشهد، لا تجعلني هدفًا للعيون…”
لم يكن رهابًا، بل كان جسدي يتكلم بدلاً من عقلي، لأن عقلي خذلني، وانشغل بإحصاء احتمالات الإحراج والفشل.
ثم قرأت نصًا، كأنّه كُتب عني… لكنه كان أوسع.
لم يكن عن كلية مزروعة، بل عن الرفض ذاته، حين يُزَرع في بيئة لا تعرف كيف تحتضن المختلف.
كتبت د. ظافرة عن الرفض حين يُنتزع من مكانه، ويُلقى في مجتمع لا يُشبهه.
كل من حوله يرفضه:
الأطفال لا يمدّون له أيديهم،
الكبار لا ينظرون إليه،
والمكان الجديد يضيق به، بلا ماء، بلا رحمة.
لم يكن الرفض مذنبًا…
لكنه كان غريبًا.
والغريب، في منطق بعض المجتمعات، لا يستحق إلا أن يُقصى، حتى وإن كان يحمل الخير.
أفكّر أحيانًا:
كم منّا خُلع من مكانه، وزُرع في بيئة لا تُشبهه؟
كم منّا رفضه المحيط لأنه لم يُشبههم؟
كم منّا صرخ من الداخل: “أنا لا أنتمي هنا”… لكن صوته لم يخرج من حنجرته، فاضطر أن يُخرجه من عضلة، من رعشة، من مرض؟
الجسد لا يكذب.
والألم الحقيقي… لا يختبئ إلى الأبد.
حين يغيب العقل، يتحدث الجسد.
فإمّا أن نُصغي باكرًا… أو ننتظر الصراخ المتأخر من مكانٍ لا يُسمع فيه شيء.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
حكيمي يتحدث لأول مرة عن مغادرة ريال مدريد
اعترف الدولي المغربي أشرف حكيمي، الظهير الأيمن لنادي باريس سان جيرمان الفرنسي لكرة القدم، وأحد أبرز نجوم الساحرة المستديرة في الوقت الحالي، أنه لم يختر الرحيل عن ريال مدريد، مشددا على الثقة التي حظي بها في الفريق الباريسي.
وقاد حكيمي باريس سان جيرمان، لمواصلة تحقيق حلمه نحو التتويج بلقبه الخامس في عامه الاستثنائي، بعدما صعد لنهائي بطولة كأس العالم للأندية 2025، بانتصار كاسح على ريال مدريد برباعية نظيفة في المربع الذهبي أمس الأربعاء.
وقال حكيمي في تصريحات لمنصة “DAZN” عقب اللقاء حول رحيله على ريال مدريد: “لم أكن أنا من قرر ذلك”.
وعن تألقه بقميص باريس سان جيرمان، أضاف حكيمي: “لقد تركوني أفعل ما أحب، ألعب وأستمتع. مع هذا المدرب الذي منحني ثقته وحرية اللعب في خط الوسط من حين لآخر، وكذلك الدفاع”.
وواصل: “في الحقيقة، أنا سعيد جدا وأستمتع بوقتي مع هذا الفريق”.
وتدرب حكيمي في ريال مدريد، ولعب لأول مرة مع الكاستيا (الفريق الرديف) خلال موسم 2016-2017 قبل أن ينضم إلى الفريق الأول.
في المجمل، لعب 17 مباراة فقط في جميع المسابقات كمحترف مع ريال مدريد قبل إعارته إلى بوروسيا دورتموند بين عامي 2018 و2020. ثم لعب مع إنتر ميلان (2020-2021) قبل التوقيع مع باريس سان جيرمان، حيث يواصل نثر سحره في موسم استثنائي.