قالت صحيفة الإيكونوميست إن الرئيس التنفيذي لشركة "شاومي" الصينية لي جون، أثبت نفسه منذ تأسيس الشركة عام 2010 كواحد من أنجح المسوّقين في العالم، بعد أن حطّم الرقم القياسي العالمي ببيع 2.1 مليون هاتف ذكي عبر الإنترنت خلال 24 ساعة فقط. لكن اليوم، لم يعد الرجل يبيع هواتف فقط، بل سيارات كهربائية تُحدث صدى واسعا.

ففي الشهر الماضي، وخلال 3 دقائق فقط من إطلاقها، باعت شاومي أكثر من 200 ألف وحدة من طراز "يو7″، وهو ثاني طراز كهربائي تنتجه الشركة بعد سيارة "سو7" الرياضية التي أُطلقت في مارس/آذار من العام الماضي. وبذلك، تُسجّل شاومي اختراقا في قطاع السيارات، كان محور إخفاق لآبل، التي أنهت مشروعها بعد خسائر بمليارات الدولارات امتدت لعقد كامل.

300 ألف سيارة كهربائية وطوابير انتظار لعام

وأشارت الصحيفة إلى أن شاومي، التي أعلنت دخولها سوق السيارات الكهربائية في 2021، وضعت حتى الآن أكثر من 300 ألف سيارة كهربائية على الطرقات الصينية خلال 15 شهرا فقط، مع وجود قوائم انتظار تمتد لأكثر من عام.

إطلاق سيارة يو7 شهد بيع أكثر من 200 ألف وحدة خلال 3 دقائق فقط من طرحها في السوق (رويترز)

ورغم أن قطاع السيارات في الشركة لا يزال يسجّل خسائر، فإن "لي جون" صرّح بأن الربحية ستبدأ في وقت لاحق من هذا العام، وهي نتيجة تُعد استثنائية في سوق السيارات الصينية المعروفة بضراوة المنافسة.

ويرى محللو الإيكونوميست أن نجاح شاومي يعود جزئيا إلى توفّر الخبرات الصينية الضخمة في تصنيع السيارات، وسهولة إنشاء المصانع في وقت قياسي مقارنة بالدول الغربية، فضلا عن انخفاض أسعار المكونات والمعدّات نتيجة فائض الإنتاج المحلي.

لكن جزءا كبيرا من النجاح يعود، بحسب الصحيفة، إلى القيادة الشخصية للي جون، الذي تولّى بنفسه إدارة المشروع، بخلاف ما فعله تيم كوك في آبل.

من دون مصانع إلى الإنتاج الكامل

وقبل دخول قطاع السيارات، كانت شاومي تعتمد على التصنيع الخارجي، كما تفعل آبل. لكن عند دخولها سوق السيارات، أنشأت مصنعا مملوكا بالكامل لها في بكين، وتعمل حاليا على توسيعه.

وقد تبنّت هذا النموذج لاحقا في قطاعات أخرى، حيث بدأت الشركة في تصنيع هواتفها بنفسها العام الماضي داخل منشأة جديدة في بكين، وتبني حاليا مصنعا في ووهان لإنتاج الأجهزة المتصلة، بدءا بمكيفات الهواء.

إعلان

وتشير الإيكونوميست إلى أن هذه الخطوة تمثل تحولا هيكليا عميقا في نموذج أعمال شاومي، يهدف إلى تعزيز الرقابة وتوفير الكفاءة، كما يسهم في تقليل الاعتماد على الموردين الخارجيين ورفع حواجز المنافسة.

قاعدة جماهيرية هائلة

وبفضل شعبية لي جون شبه الأسطورية في الصين، نجحت شاومي في خلق ولاء جماهيري فريد، شبيه بما تمتع به ستيف جوبز سابقا. يُعرف معجبو شاومي بـ"مي فانس"، ويقتنون تذكارات الشركة ويتسابقون لشراء كل منتج جديد.

وقد حافظت الشركة على زخم منتجاتها حتى بعد حادث مأساوي في مارس/آذار، عندما قُتل 3 طلاب جامعيين في حادث سيارة "سو7" أثناء تفعيل نظام القيادة الذاتية.

منتجات شاومي تتنوع بين الهواتف الذكية والأجهزة المنزلية والسيارات الكهربائية والروبوتات والشرائح الإلكترونية المتقدمة (الفرنسية)

ورغم الانتقادات التي طالت معايير السلامة، وهبوط مؤقت في سعر السهم، فإن الطلب على سيارة "يو7" لم يتأثر عند إطلاقها بعد 3 أشهر فقط. ووفقا لتقرير الإيكونوميست، فإن هذه القدرة على تجاوز الأزمات تعكس قوة العلامة وثقة السوق في نموذج شاومي.

700 مليون مستخدم وأسواق واعدة في الخارج

وقالت الصحيفة إن شاومي تستفيد من قاعدة مستخدمين عالمية ضخمة بلغت 700 مليون مستخدم شهري بنهاية 2024، بزيادة 10% عن العام السابق. ونصف أرباح الشركة تقريبا تأتي من الإعلانات والألعاب على متجر التطبيقات الخاص بها، كما يشتري العديد من المستخدمين منتجاتهم مباشرة من تطبيق شاومي، مما يُسهّل على الشركة الترويج والتسويق للمنتجات الأعلى ثمنا مثل السيارات.

وتضيف الإيكونوميست أن كثيرا من هؤلاء المستخدمين الصينيين كانوا في أوائل العشرينيات عندما اشتروا أول هاتف شاومي، وهم اليوم في منتصف الثلاثينيات، وهم الفئة العمرية المثالية لاستهدافها بالسيارات.

10 آلاف متجر جديد والتصدير في 2027

وتخطط الشركة لافتتاح 10 آلاف متجر جديد في الخارج خلال السنوات المقبلة، مقارنة بعدد لم يتجاوز بضع مئات فقط في العام الماضي. وتهدف من ذلك إلى رفع الوعي بعلامتها التجارية، خاصة في الأسواق التي لا تتمتع فيها بالولاء نفسه الموجود في الصين. وبحسب الإيكونوميست، فإن التوسع الخارجي سيبدأ فعليا بتصدير السيارات في عام 2027.

ورغم الشكوك حول ضعف معرفة المستهلك الأجنبي باسم شاومي أو شخصية لي جون، فإن الشركة تعوّل على إستراتيجية التجزئة المباشرة لبناء الثقة تدريجيا.

التحدي الأبرز الذي تواجهه شاومي هو المنافسة الشرسة في سوق السيارات والصعود المتجدد لمنافستها هواوي (الفرنسية)

وتشير الإيكونوميست إلى أن شاومي وسعت طموحاتها لتشمل الروبوتات والشرائح الإلكترونية المتقدمة، حيث كشفت في مايو/أيار عن شريحة بتقنية ثلاثية النانومتر من تصميمها، كما طورت روبوتا بشري الشكل باسم "سيبر ون".

وتمثل فرق البحث والتطوير نحو نصف عدد موظفي الشركة، مع إنفاق بلغ 3.4 مليارات دولار في عام 2024، بزيادة 26% عن العام السابق، وهو رقم يتجاوز صافي أرباح الشركة نفسها، مما يُبرز التزامها العميق بتطوير تقنياتها من الداخل.

التحدي الأكبر.. تعدد الجبهات

ورغم كل هذا الصعود، تؤكد صحيفة الإيكونوميست أن الخطر الأكبر الذي يواجه شاومي هو خوضها معارك كثيرة في وقت واحد.

إعلان

فالشركة لا تزال لاعبا صغيرا في سوق السيارات الكهربائية، إذ تبيع فقط 20 ألف سيارة شهريا مقارنة بـ200 ألف لدى "بي واي دي" الرائدة في السوق. أما في سوق الهواتف، فتواجه عودة قوية لمنافسها المحلي هواوي.

ومع ذلك، تختم الصحيفة بتحذير واضح: "لا ينبغي الاستهانة بقدرات لي جون في التسويق والهيمنة التدريجية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات سوق السیارات فی سوق

إقرأ أيضاً:

الإفراط في استخدام الهواتف الذكية يقوض العلاقة الزوجية

مع التطور الرقمي المستمر وتزايد اعتماد الأفراد على الهواتف الذكية، يبرز تساؤل اجتماعي مهم حول مدى تأثير الاستخدام المفرط للشاشات الإلكترونية على طبيعة العلاقات الأسرية، والعلاقة الزوجية بشكل خاص، خصوصا في السنوات الأولى من الزواج، التي يُفترض أن يكون فيها التواصل والحضور العاطفي أمرا مهما لبناء علاقة زوجية ناجحة ومستقرة، ففي هذا الحوار، تُسلّط الأخصائية الاجتماعية والمرشدة الأسرية عواطف بنت عبدالحسين اللواتية الضوء على واحدة من هذه الظواهر التي باتت تهدد الاستقرار العاطفي داخل البيت، وخصوصا العلاقة بين الزوجين.

حيث وصفت الهواتف الذكية على أنها «منافس صامت»، يتسلل إلى أدق تفاصيل الحياة الزوجية، ويُضعف الحضور النفسي والعاطفي، لصالح عوالم افتراضية تسرق الانتباه والمشاعر، باستنادها إلى دراسات ميدانية وتجارب واقعية من محيط عملها، لتكشف كيف تحوّلت الأجهزة الذكية من وسيلة للتواصل إلى جدار يفصل بين الزوجين؟ وكيف باتت تزرع فجوات غير مرئية تنمو بصمت وتنفجر على شكل خلافات مفاجئة، أو شعور دفين بالإهمال والبرود؟

وأوضحت اللواتية أنه بالرغم من إيجابيات الهواتف الذكية التي وصفتها بـالشاشات الصغيرة السارقة، في تسهيل التواصل مع الأرحام والأصدقاء، إلا أنها تحوّلت إلى منافس صامت في كثير من البيوت، يسرق من الإنسان الانتباه والمشاعر والوقت، مؤثرةً بذلك على الحياة الأسرية وإضعاف الحضور الحقيقي بين الزوجين.

وأشارت إلى أن الهواتف أصبحت تدخل في صلب العلاقة الزوجية كمنافس غير مرئي، يهزّ توازنها ويقوّض بنيانها، خاصة عندما يُستبدل الحوار العاطفي والتواصل البصري بين الزوجين بالتركيز على الشاشات، ولفتت إلى أن هذه المشكلة تظهر بوضوح أكبر في السنوات الأولى من الزواج، إذ يُفترض أن يكون الحضور بين الطرفين أقوى، لكن الهاتف ساهم في إيجاد فجوة صامتة لا يُدركها الطرفان إلا بعد فوات الأوان.

وبيّنت اللواتية أن من أخطر تجليات هذه الظاهرة هو شعور أحد الزوجين وغالبًا ما تكون المرأة بالإهمال العاطفي، خصوصا إذا لاحظت أن زوجها يُنصت لهاتفه أكثر مما يُنصت لها، أو يتفاعل مع منشورات الغرباء أكثر مما يتفاعل مع حديثها، مؤكدةً أن بعض الزوجات يُعبّرن بمرارة عن هذا الإهمال بعبارات مثل «ليتني كنت الهاتف، ليراني كما يراه»، وهو شعور صادق يُعبّر فيه المتأثر في العلاقة بهذه التكنولوجيا التي غزت الخصوصية والمشاعر.

وقالت: إن الهاتف لا يقتصر ضرره على الإهمال، بل يزرع أيضًا ثقافة المقارنة، حيث يقضي أحد الزوجين وقتًا طويلا في متابعة حياة الآخرين، مما يدفعه لا شعوريًا إلى مقارنة ما يشاهده ويتابعه بشريكه ليكون بتلك الصور المثالية والمصطنعة، مما يشكل فجوة جديدة مبنية على الإحباط وعدم الرضا.

وفي دراسة أجرتها اللواتية على شريحة من المتزوجين الجدد، أكّدت النتائج أن 70% من الأزواج يشعرون بالإهمال العاطفي نتيجة انشغال الطرف الآخر بالهاتف، رغم وجودهم في المكان نفسه، ورأت أن هذه النسبة مقلقة للغاية، خاصة أنها ظهرت في مرحلة يُفترض أن تكون أكثر حميمية وتقاربا وانسجاما في العلاقة الزوجية، مشددةً على أن العلاقة الزوجية لا تقوم على الحضور الجسدي، بل تحتاج إلى حضور نفسي وعاطفي وتواصل مستمر، معتبرة أن هذه الشاشات تسرق من الزوجين هذه المساحات شيئًا فشيئًا، ما يوجد حالة من التقارب الجسدي المصحوب بالتباعد العاطفي.

وترى اللواتية أن الهواتف الذكية تفقد الانتباه والتفاعل بين الزوجين، وتؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية بين الأزواج، كالاستماع الفعال، وتقديم الشكر والثناء، والمديح، وتبادل النظرات، وكلها تفاصيل صغيرة لكنها تصنع فارقًا كبيرًا في استقرار العلاقة.

وأكدت اللواتية أن من أكثر السلوكيات إزعاجا، هو إدخال الهاتف إلى السرير، معتبرةً ذلك أنه تجاوز لأقدس المساحات في العلاقة الزوجية، مؤكدةً أن لحظات ما قبل النوم يجب أن تُخصص للحديث بين الأزواج، والتقارب، والأنس، وليس وقتا لتصفح الرسائل الخاصة ومقاطع الفيديو، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومن الضروري أن يُبلّغ أحد الزوجين الطرف الآخر عن سبب استخدامه للهاتف، سواءً كان لقراءة كتاب أو حضور محاضرة، وغيرها... فالاستخدام العشوائي بغرض التسلية، غالبًا ما يجلب الشكوك ويزرع بذور الغيرة والبرود.

وأشارت إلى أن الأزواج لا يُدركون أن الهواتف تُحدث خلافات صامتة، تتراكم في نفس الشخص، حتى تنفجر فجأة على شكل صراخ أو لوم أو انسحاب، دون أن يعرف الطرفان أن أصل المشكلة كان هاتفًا سرق الوقت والاهتمام، ليُفقد بذلك الأمان العاطفي في العلاقة وهو ما تحتاجه للاستمرار.

وعن الفروقات بين تأثير الهواتف الذكية على الرجل والمرأة، رأت اللواتية أن المرأة بطبيعتها العاطفية تتأثر أكثر، وتشعر بالإقصاء إذا لم تجد اهتماما واضحا من زوجها، مشيرة إلى أن البرود العاطفي قد يبدأ من شعورها بأنها «غير مرئية»، أو أن الهاتف يحظى بأولوية أعلى منها، وغالبًا ما يستخدم الرجل الهاتف للهروب من التوتر أو التفكير الزائد، لكنه لا يدرك أن هذا الهروب يزيد من بعده العاطفي عن زوجته، ويجعلها أكثر جفافًا في مشاعرها.

وأكدت على أهمية وضع حدود واضحة لاستخدام الهاتف في البيت، خصوصًا بعد العودة من العمل، كأن يتم وضع الهواتف في مكان مخصص، أو الاتفاق على أوقات خالية من الشاشات، ولفتت إلى أن الهواتف الحديثة تُتيح تفعيل رنات خاصة للحالات الطارئة، مما يُمكّن الزوجين من البقاء على اتصال بالأهل عند الحاجة دون أن يُضحّوا بوقتهم الخاص، كما دعت إلى تبني إشارات داخلية بين الزوجين لتنبيه الآخر بلطف، مثل غمزة أو كلمة متفق عليها، توضح أن الوقت ليس مناسبًا للهاتف، وأن هناك من ينتظر الحديث والتواصل، وأكدت أن الاتفاق المسبق على هذه الإشارات يُسهم في تعزيز الاحترام والتقدير المتبادل.

وفي حال تعذر ضبط استخدام الهاتف، نصحت اللواتية باللجوء إلى استشارة أسرية مهنية، لتقييم مدى تأثير الهاتف على العلاقة الزوجية، ووضع خطة علاجية لاستعادة التوازن العاطفي، وبيّنت أن الاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى للحل، خاصة إذا بات الهاتف يأخذ مكان الشريك.

وأكدت اللواتية على أن الهواتف ليست عدوا، ولكن سوء استخدامها يجعلها كذلك، واعتبرت أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى رعاية مستمرة، تمامًا كما نعتني بأجهزتنا الذكية وتحديثاتها.

مقالات مشابهة

  • نمو ملحوظ في تسجيلات السيارات الكهربائية الجديدة على مستوى العالم خلال النصف الأول من 2025
  • المغرب يستهدف بلوغ المركبات الكهربائية 60% من صادرات صناعة السيارات
  • الإفراط في استخدام الهواتف الذكية يقوض العلاقة الزوجية
  • «الرقابة النووية» تفوز بالجائزة العالمية للتميز في التدقيق الداخلي
  • «إنفستوبيا العالمية» تطلق حوارات الاقتصاد الجديد في حيدر آباد وأندرا براديش
  • بطارية عملاقة وسعر اقتصادي.. مواصفات هاتف Redmi 15 5G من شاومي
  • إجبار 52 مراهقًا يهوديًا على مغادرة طائرة إسبانية وإسرائيل تتهم الشركة المشغّلة بمعاداة السامية
  • «الرقابة النووية» تفوز بالجائزة العالمية للتميُّز في التدقيق الداخلي
  • أخبار السيارات| قائمة انتظار لمدة 60 يومًا جعلت سيارة شاومي منجمًا ذهبيًا.. سيارات أوتوماتيك بـ 500 ألف جنيه
  • تعلن محكمة الضرائب بأمانة العاصمة أن على مدير الشركة الوطنية للنفط والغاز الحضور الى المحكمة