تشير التقديرات إلى أن الاندفاع العالمي نحو تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سوف يتطلب بحلول نهاية هذا العقد ما يقرب من نفس القدر من الطاقة التي تستخدمها اليابان اليوم، ولكن من المرجح أن يتم تلبية حوالي نصف الطلب فقط من مصادر متجددة، وهو ما يطرح تأثير القطاع على التغير المناخي والبيئة.

وبحسب تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية فإن معالجة البيانات، وخاصة للذكاء الاصطناعي، ستستهلك كهرباء بالولايات المتحدة وحدها بحلول عام 2030 أكثر مقارنة بتصنيع الصلب والأسمنت والمواد الكيميائية وجميع السلع الأخرى كثيفة الطاقة مجتمعة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4ترامب يعزز تعدين الفحم "الجميل والنظيف" وسط انتقادات بيئيةlist 2 of 4تغير المناخ يرهق إمدادات الدم العالميةlist 3 of 4الصورة الكبرى لتغير المناخ والذكاء الاصطناعيlist 4 of 4الذكاء الاصطناعي قادر على حل أزمة التغير المناخيend of list

ووفقًا للتقرير، سيتضاعف الطلب العالمي على الكهرباء من مراكز البيانات بأكثر من الضعف بحلول عام 2030. وسيكون الذكاء الاصطناعي المحرك الرئيسي لهذه الزيادة، حيث من المتوقع أن يتضاعف الطلب من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المخصصة وحدها بأكثر من 4 أضعاف.

ويستهلك مركز بيانات واحد -اليوم- ما يعادل ما يحتاجه 100 ألف أسرة من الكهرباء بالولايات المتحدة، بينما ستتطلب بعض المراكز التي لا تزال قيد الإنشاء 20 ضعفا أكثر من ذلك.

وتكمن المخاوف من أن يُقوّض التبني السريع للذكاء الاصطناعي آمال معالجة أزمة المناخ، حيث قدر الباحثون فيها أن مراكز البيانات تؤدي إلى انبعاث بأكثر من 102 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.

كما تشير التقديرات إلى أن قطاع تكنولوجيا المعلومات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، قد يستهلك ما يتراوح بين 7 و10% من الكهرباء العالمية بحلول عام 2030 إذا استمر النمو الحالي. وإذا كان مصدر تلك الطاقة من الفحم الحجري فإن التأثيرات البيئية ستكون هائلة.

وكشف تحقيق أجرته صحيفة غارديان أن الذكاء الاصطناعي، إذا تم تنفيذه بشكل سيئ، قد يمتص المياه من بعض المناطق الأكثر جفافا في العالم، حيث تستخدم العديد من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من المياه العذبة لتبريد أجهزة الحاسوب الخاصة بها.

إعلان

ومع التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي بمختلف القطاعات مثل النقل والصناعة والترفيه، يزداد الطلب على الطاقة، مما قد يؤدي إلى زيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري إذا لم يتم التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.

وقال كلود تورميس، عضو البرلمان الأوروبي السابق عن حزب الخضر ووزير الطاقة في لوكسمبورغ، إن عيوب الذكاء الاصطناعي من المرجح أن تتحقق أكثر من التوقعات المتفائلة لوكالة الطاقة الدولية، وإن الحكومات تحتاج إلى مزيد من المساعدة لتجنب المزالق.

ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يعكس جميع المكاسب التي تحققت في السنوات الأخيرة بالاقتصادات المتقدمة لتقليل استهلاكها للطاقة، إذ ستسعى الشركات للحصول على طاقة أسرع توفرا يمكن أن تأتي من محطات الغاز، والتي كانت في طريقها للإغلاق في العديد من الدول المتقدمة.

وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، يمكن تلبية الطلب حتى من خلال إعادة إحياء محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، بدعم من حماسة الرئيس دونالد ترامب للوقود الأحفوري.

ومن جهة أخرى، تشير الدراسات إلى أن تسخير الذكاء الاصطناعي لزيادة كفاءة استخدام الطاقة والأنشطة الأخرى قد يُحقق وفورات تُقلّل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل عام.

وقال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية "مع صعود الذكاء الاصطناعي، أصبح قطاع الطاقة في طليعة إحدى أهم الثورات التكنولوجية في عصرنا. الذكاء الاصطناعي أداة، وربما تكون أداة بالغة القوة، لكن الأمر متروك لنا -مجتمعاتنا وحكوماتنا وشركاتنا- في كيفية استخدامه".

فقد يُسهّل استخدام الذكاء الاصطناعي تصميم شبكات الكهرباء لاستيعاب المزيد من الطاقة المتجددة، وأن يُسهم في تطوير تقنيات جديدة، مثل المركبات ذاتية القيادة، أو رصد التهديدات التي تُهدد البنية التحتية الحيوية.

كما يُمكن استخدام هذه التقنية لتخطيط النقل العام بما يُحسّن رحلات الأفراد، أو لتصميم المدن أو أنظمة المرور، بما يقلص حجم الانبعاثات.

وقد تُعوّض هذه الاستخدامات بعضا من الأعباء الهائلة التي سيُلقيها الذكاء الاصطناعي على أنظمة الطاقة العالمية. لكن من المرجح أن يتطلب ذلك توجيها أكبر من الحكومات، وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية. وإذا تُرك هذا النمو السريع للذكاء الاصطناعي دون معالجة، فقد يُشكّل مشكلةً خطيرةً لأنظمة الطاقة والبيئة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات تلوث الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی الطاقة الدولیة التی ت

إقرأ أيضاً:

البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا

في ظاهرة تبدو كأنها خرجت من قصص الخيال العلمي، كشفت دراسة حديثة أن البشر بدؤوا بالفعل تبني أسلوب لغوي يشبه إلى حد كبير أسلوب الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل تشات جي بي تي.

هذا التحول الصامت، الذي رصده باحثون في معهد "ماكس بلانك لتنمية الإنسان" في برلين، لم يقتصر على المفردات فحسب، بل امتد إلى بنية الجمل والنبرة العامة للحديث، مما يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل اللغة والتنوع الثقافي في عصر هيمنة الآلة ومنطقها في التفكير.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"كل ما نريده هو السلام".. مجتمع مسالم وسط صراع أمهرة في إثيوبياlist 2 of 2سيرة أخرى لابن البيطار بين ضياع الأندلس وسقوط الخلافةend of list تسلل إلى حواراتنا اليومية

اعتمدت الدراسة، التي لم تنشر بعد في مجلة علمية وتتوفر حاليا كنسخة أولية على منصة (arXiv)، على تحليل دقيق لمجموعة ضخمة من البيانات اللغوية، شملت ما يقرب من 360 ألف مقطع فيديو من منصة يوتيوب الأكاديمية و771 ألف حلقة بودكاست. وقام الباحثون بمقارنة اللغة المستخدمة في الفترة التي سبقت إطلاق" تشات جي بي تي" في أواخر عام 2022 وما بعدها، وكانت النتائج لافتة.

لاحظ الفريق البحثي زيادة حادة في استخدام ما أطلقوا عليه "كلمات جي بي تي"، وهي مفردات يفضلها النموذج اللغوي، مثل "delve" (يتعمق)، "meticulous" (دقيق)، "realm" (عالم/مجال)، "boast" (يتباهى/يتميز)، و"comprehend" (يستوعب). هذه الكلمات، التي كانت نادرة نسبيا في الحوار اليومي العفوي، شهدت طفرة في الاستخدام. على سبيل المثال، ارتفع استخدام كلمة "delve" وحدها بنسبة 48% بعد ظهور تشات جي بي تي.

وللتأكد من هذه "البصمة اللغوية"، قام الباحثون باستخلاص المفردات التي يفضلها النموذج عبر جعله يعيد صياغة ملايين النصوص المتنوعة. ووجدوا أن استخدام هذه الكلمات في كلام البشر المنطوق ارتفع بنسبة قد تصل إلى أكثر من 50%، مما يؤكد أن التأثير لم يقتصر على النصوص المكتوبة، بل امتد إلى المحادثات اليومية.

 تغير في الأسلوب والنبرة

المفاجأة الكبرى في الدراسة لم تكن في المفردات فحسب، بل في النبرة الأسلوبية العامة. لاحظ الباحثون أن المتحدثين بدؤوا يتبنون أسلوبا أكثر رسمية وتنظيما، وجملا أطول، وتسلسلا منطقيا يشبه إلى حد كبير المخرجات المنظمة للذكاء الاصطناعي، بعيدا عن الانفعالات العفوية والخصوصية اللغوية. هذه الظاهرة تعني أننا نشهد مرحلة غير مسبوقة: البشر يقلدون الآلات بطريقة واضحة.

إعلان

يصف الباحثون ما يحدث بأنه "حلقة تغذية ثقافية مغلقة" (closed cultural feedback loop)؛ فاللغة التي نعلمها للآلة تتحول، بشكل غير واع، إلى اللغة التي نعيد نحن إنتاجها.

يقول ليفين برينكمان، أحد المشاركين في الدراسة: "من الطبيعي أن يقلد البشر بعضهم بعضا، لكننا الآن نقلد الآلات"، في مشهد يؤكد تحول الذكاء الاصطناعي إلى مرجعية ثقافية قادرة على التأثير في الواقع البشري.

تآكل التنوع اللغوي

رغم الطابع الطريف الذي قد تبدو عليه هذه الظاهرة، فإن الدراسة تحمل في طياتها تحذيرا جادا حول مستقبل التنوع الثقافي واللغوي. يلفت الباحثون الانتباه إلى أن اعتمادنا المفرط على أسلوب لغوي موحد، حتى لو بدا أنيقا ومنظما، قد يؤدي إلى تآكل الأصالة والتلقائية والخصوصية التي تميز التواصل الإنساني الحقيقي.

وفي هذا السياق، يحذر مور نعمان، الأستاذ في معهد "كورنيل تك"، من أن اللغة عندما تكتسب طابع الذكاء الاصطناعي قد تفقد الآخرين ثقتهم في تواصلنا، لأنهم قد يشعرون بأننا نسعى لتقليد الآلة أكثر من التعبير عن ذواتنا الحقيقية.

تشير الدراسة إلى أن ما بدأ كأداة للمساعدة في الكتابة والبحث قد تحول إلى ظاهرة ثقافية واجتماعية مرشحة للتوسع. فإذا كان الإنترنت قد أدخل على لغتنا اختصارات تقنية مثل "LOL"، فإن ما يحدث اليوم هو انعكاس مباشر لعلاقة أعمق وأكثر تعقيدا بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.

وتؤكد هذه النتائج أن اللغة ليست مجرد كلمات، بل هي مرآة للسلطة الثقافية ومنبع للهوية. ومع تحول الذكاء الاصطناعي إلى جزء من هذه السلطة، فإن تبنينا لأسلوبه قد يعني أننا، وبشكل غير محسوس، نفقد جزءا من شخصيتنا وهويتنا اللغوية الفريدة في ساحة معركة هادئة تكتب فيها فصول جديدة من تاريخ التواصل البشري.

مقالات مشابهة

  • الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
  • البشر يتبنون لغة الذكاء الاصطناعي دون أن يشعروا
  • قد يغضب واشنطن.. مقترح صيني لإنشاء منظمة عالمية للذكاء الاصطناعي
  • الصين تقترح منظمة دولية للذكاء الاصطناعي في خطوة نحو قيادة تنظيمه عالميًا
  • أهم ما يميز أداة الذكاء الاصطناعي نوت بوك إل إم من غوغل
  • أمازون تغلق مختبرها للذكاء الاصطناعي بالصين
  • إنجاز تاريخي.. ألواح شمسية يابانية جديدة تُنتج طاقة توازي 20 مفاعلاً نووياً
  • المغرب يخطط لرفع الطاقة الاستيعابية للمطارات إلى 80 مليون مسافر بحلول 2030
  • اليابان تستعد لثروة صامتة في الطاقة المتجددة بفضل خلايا شمسية مبتكرة
  • تقرير ألماني: سوق الألبان في ليبيا يتجه نحو مليار دولار بحلول 2034