الحشد بلا دمج.. خارطة جديدة للتوازن السياسي والامني في العراق
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
23 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: يدفع مشروع قانون “هيئة الحشد الشعبي” الجديد بالساحة السياسية العراقية نحو إعادة تموضع حادة، بعدما أغلق أبواب الدمج الأمني نهائيًا، وثبّت فالح الفياض في قمة الهرم التنظيمي، مستفيدًا من شبكة تحالفات دقيقة، وغموض متعمّد في صياغات القانون.
وتتزايد حدة الاعتراضات على القانون داخل البرلمان، ليس من السنة والكرد فحسب، بل من كتل شيعية ترى في المشروع “مغامرة غير محسوبة” قد تُحرج الحلفاء أمام واشنطن، وقد تؤجج الخلافات الشيعية-الشيعية.
وتُقرأ البنود الـ18 للمسودة الجديدة بوصفها إعادة إنتاج للقانون القديم، مع تحصينات إضافية تحول دون تقاعد الفياض، وتمنحه درجة وزير، ما يمنحه بقاءً غير محدود في منصبه، وعضوية دائمة في لجنة الأمن القومي، وصلاحيات موازية لوزير الدفاع، وكل ذلك وسط صمت حكومي لم يُخفِ دعمًا ضمنيًّا لتحالف الفياض-السوداني في أفق الانتخابات المقبلة.
وتغدو عبارة “لا يُدمَج ولا يُعزل” مفتاحًا لقراءة فلسفة القانون الذي أغفل عمدًا تحديد أعداد منتسبي الحشد ورواتبهم، ووصفهم بالمجاهدين، مانعًا انتماءهم السياسي، لكنه منحهم دورًا في تقديم المشورة الأمنية، في تداخل غير محسوم بين العمل العسكري والتنفيذي.
وتبدو الضغوط الخارجية حاضرة، كما كشف انسحاب رئيس البرلمان محمود المشهداني من الجلسة، الذي تحدّث عن “جهات غير عراقية” تضغط لتمرير القانون. فيما وصفت واشنطن المشروع بأنه يمنح شرعية لقوى هاجمت الأميركيين، وهو توصيف يعكس عمق التوتر الأميركي-الإيراني على الساحة العراقية، حيث يُنظر للحشد كذراع استراتيجية في حسابات طهران الإقليمية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
منصة البرلمان أم ساحة تصفية؟ العشائر تُحرج المؤسسة التشريعية باسم الكرامة
24 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: وسط مناخ سياسي محتقن، تبرز حادثة السد العظيم كمؤشر دال على هشاشة العلاقة بين القوى النيابية من جهة، والمجتمع المحلي من جهة أخرى. فقد فجّرت تصريحات نائبة عن كتلة المبادرة، نورس العيسى، موجة استياء عارمة داخل قضاء السد العظيم، بعد وصفها مدير الناحية بعبارات وُصفت بـ”غير الأخلاقية وغير المبررة”، ما أدى إلى رد فعل جماعي من العشائر التي اعتبرت الكلام تجاوزًا لا يمكن التساهل معه.
وظهرت العشائر بوصفها فاعلًا سياسيًا واجتماعيًا يعيد تذكير النخبة السياسية بأن الشرعية لا تُمنح فقط عبر صناديق الاقتراع، بل أيضًا عبر احترام التوازنات المحلية، والرموز الإدارية التي تتمتع بثقة البيئة المجتمعية. فحين تتجاوز نائبة هذه الاعتبارات، فهي لا تهاجم شخصًا، بل تلامس بحديثها الكرامة الجمعية لمجتمعٍ لا يزال يحتفظ بأطره التقليدية في التقدير والهيبة.
وانطلقت لغة البيان العشائري من معجم يُزاوج بين الغضب والتصعيد السياسي، مطالبة البرلمان والجهات المعنية باتخاذ موقف لا يحتمل التأجيل، في رسالة مزدوجة: إن الصمت سيكون مشاركة غير مباشرة في الإهانة، وإن العشائر باتت تنظر إلى السلوك السياسي من زاوية الكرامة لا الإنجاز فقط.
وتكشف هذه الحادثة عن انكشاف الغطاء الأخلاقي لدى بعض ممثلي البرلمان، وافتقار عدد منهم إلى أدوات الاتصال الرشيد مع المكونات المجتمعية، ما يفتح الباب أمام اهتزاز الثقة، ليس في الأفراد فقط، بل في الهيئات ذاتها. ويدق ذلك ناقوس خطر إزاء اتساع الفجوة بين القاعدة الشعبية والمؤسسات التشريعية، خاصة حين تتخذ الألفاظ طابعًا تهكميًا يمس هوية الجماعة.
ولم تكن الحادثة معزولة، بل تأتي في سياق سلسلة من الإشارات التي تعكس نمطًا متكررًا من التوتر بين ممثلي الدولة المركزية والمجتمعات الطرفية، حيث تُوظّف اللغة كأداة قسر، لا كوسيلة تمثيل، وهو ما يعرّي الحاجة الماسة إلى مواثيق سلوكية داخل البرلمان، تضع حدًا لاستخدام المنصة التشريعية للإساءة بدل الرقابة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts