داخل حسن جريو .. غياب شخصيّة علميّة فذّة
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
حين وصف المنتدى الثقافي الأسترالي العربي الدكتور الراحل داخل حسن جريو (1942-2025)، بـ(جبل المعرفة) لم يبالغ، فقد كان عالما فذّا، وشخصية علمية مرموقة لها حضورها في الأوساط العلمية، والأكاديمية الدولية، وقد لفت نظري في اللقاءات التي جمعتني به خلال إقامته في مسقط، وعمله مستشارا للتعليم التقني بوزارة القوى العاملة للفترة (2007 - 2014) قبل انتقاله إلى مدينة سيدني الأسترالية، تواضعه الجم، الذي يذكّرني دوما بالدكتور عبدالعزيز المقالح -لِمَ لا و(تواضع العلماء) يُضرب به المثل؟ وكان قليل الكلام، وحين يُسأل يردّ بإجابات موجزة، يخلّف انطباعا إيجابيا لدى كل من يلتقي به، بهدوئه، وصمته العميق، وبهذه الروح السمحة، الهادئة، استطاع أن يدير صروحا علمية كبيرة، كجامعة البصرة والمجمع العلمي العراقي والجامعة التكنولوجية وهيئة التعليم التقني عندما كان يترأسها.
وقد شغل موقعه في المؤسستين الأخيرتين كونه حاصلا على شهادة الدكتوراة في الهندسة الكهربائية، ولجهوده في هذا المجال العلمي، الهندسة الإلكترونية، نال عدة تكريمات، وقد عدّته مؤسسة الفكر العربي ببيروت عام 2005 رائد الفكر العربي في الهندسة الإلكترونية، بل إن معهد السيرة الدولية الذي يتخذ من مدينة كامبريدج البريطانية مقرا له اختاره كأحد أبرز علماء العالم لعام 2008، وله إسهامات كبيرة في مجال هندسة السيطرة والنظم. حصل على لقب الأستاذية في الجامعات العراقية كأول عضو هيئة تدريسية في هذا التخصص.
حمل درجة بكالوريوس شرف في الهندسة الكهربائية من جامعة لندن عام 1966، بالإضافة إلى دبلوم من إمبريال كولج، جامعة لندن وكذلك عدّه معهد السيرة البريطاني أحد أبرز ألفي مفكر في القرن الحادي والعشرين؛ وذلك لإنجازاته العلمية وبحوثه المتميزة، كذلك نال العديد من الجوائز العلمية المحلية والعالمية ومنها جائزة الدولة التقديرية ووسام العلم وشارة العلم وميدالية جامعة جدانسك البولندية، ويعد أحد رواد الفكر العلمي العربي في الهندسة الإلكترونية. وله إسهامات بحثية وفكرية واسعة ومتنوعة في العديد من المجالات العلمية والتقنية ومنها هندسة السيطرة والنظم والإلكترونيات والحاسوب والمعلوماتية، وله بحوث وإنجازات علمية، فنشر أكثر من 150 بحثا في دوريات علمية ونحو 300 مقالة علمية في الصحف والمجلات العلمية، ألّف وترجم أكثر من (60) كتابا علميا وثقافيا، منها 12 كتابا في هندسة الحاسوب والسّيطرة والنظم، وهذه الكتب تدرَّس حاليا في عدد من الجامعات العربية، منها: هندسة التّحكم الآلي وتطبيقاتها، وأساسيات الحاسبة الإلكترونية، والتّصميم المنطقي للحاسبة الإلكترونية، والحاسبات المايكروية للمهندسين والعلميين، وأسس التّصميم المنطقي، ومنظومات القياس والأجهزة الكهربائية، والمعالجات والتّصميم المنطقي.
يُحسب للراحل أنّه ساهم في مجال تعريب التّعليم الجامعي عامّة، والتّعليم الهندسي والتّكنولوجي خاصة، وله نشاط مميز في دائرة الّلغة العربية، ودائرة المصطلحات والنّشر والتّرجمة في المجمع العلمي العراقي، وقد بذل جهودًا حثيثة لحوسبة المصطلحات ونشرها عبر شبكة الإنترنت، اختير عام 2006 عضوًا عاملًا بأكاديمية الدول النامية للعلوم التي تتخذ من مدينة تريستا الإيطالية مقرًا لها وتضم كبار العلماء من الدول النامية والعلماء من الدول الأخرى ممن ينحدرون من الدول النامية.
شارك في هيئات تحرير كثير من المجلات العلمية والثقافية، ومع تقدّمه في العمر، لم يتوقّف عن الكتابة، والبحث، فقد بقي يواصل علمه ويشرف على مجلة الأكاديمي التي تصدرها جمعية الأكاديميين العراقيين بأستراليا ونيوزيلندا.
ورغم كلّ هذه الإنجازات، لم يأخذ الدكتور داخل حسن جريو حقّه من وسائل الإعلام، حتى إن اختياره كواحد من أبرز علماء العالم لعام 2008 مرّ مرور الكرام على وسائل الإعلام، كذلك لم تأخذ كتبه وبحوثه حقّها من القراءة والتحليل، ربما كونه تخصّص في مجال علمي (الهندسة الكهربائية وقد نال البكالوريوس من جامعة لندن عام 1966، أما درجة الدكتوراة فقد نالها في الهندسة الكهربائية والإلكترونية بجامعة برونيل في إنجلترا عام 1972) في مجتمعات تهتم بالعلوم الإنسانية، أكثر من العلمية، وهناك جانب يتعلّق بشخصيته الزاهدة بالحياة العامة، وانكفائه على كتبه وبحوثه العلمية رغم أنه نشر مقالات وكتبا في أمور ثقافية عامة من بينها: المثقف العربي والتّحديات المعاصرة، التّعليم الجامعي المعاصر.. اتجاهاته وتوجهاته، التنمية المعرفية المستدامة.
لقد كان الراحل علّامة في ميادين العلم، كما جاء في نعي المنتدى الثقافي الأسترالي العربي «كان معطاءً لا يبخل بالفكرة والتوجيهات، يكرّس وقته لتقدمة الاستشارات التي ساهمت في النهضة الثقافية والعلمية في سيدني، فكان المستشار الأول، ورئيس اللجنة العلمية في كل المؤتمرات الدولية التي أقامها المنتدى».
غاب الدكتور داخل حسن جريو وظلّت كتبه وأبحاثه، شاهدة على جهود عالم نذر عمره لخدمة العلم والمعرفة الإنسانية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الهندسة الکهربائیة فی الهندسة
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يفتتح مصنع «سيلتال» المصري لـ إنتاج الأدوات الكهربائية في السنغال
افتتح الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، مصنع شركة «سيلتال» المصرية لإنتاج الأدوات الكهربائية في العاصمة السنغالية داكار اليوم الجمعة 25 يوليو 2025، وذلك بحضور سيرين جاي ديوب، وزير التجارة والصناعة وعدد من المسئولين السنغاليين.
وخلال كلمة ألقاها الوزير عبد العاطي، أكد أن هذا المشروع الصناعي يعد خطوة هامة نحو تعزيز النشاط الاقتصادي المصري في القارة الإفريقية، وتفعيل لتوجه الدولة المصرية للتعاون مع دول القارة في مختلف المجالات، لاسيّما التصنيع ونقل التكنولوجيا.
وأضاف أن المشروع يُجسد الرؤية المصرية القائمة على تحقيق التنمية المشتركة مع الأشقاء في إفريقيا، مشيرًا إلى حرص الدولة المصرية على دعم الاستثمارات المصرية في الخارج، خاصة في الدول الإفريقية، منوهًا إلى أهمية المصنع في توفير منتجات كهربائية عالية الجودة بأسعار تنافسية للأسواق المحلية والإقليمية، فضلا عن نقل الخبرات الصناعية المصرية.
من جانبه، أشاد سيرين جاي ديوب، وزير التجارة والصناعة، بالدور المميز الذي تقوم به مصر لدعم المشروعات والاستثمارات في السنغال، والاسهام في نقل الخبرات ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، مؤكدًا على استعداده الكامل لتقديم كافة أشكال التسهيلات اللازمة لرجال الأعمال المصريين الراغبين في الاستثمار في السوق السنغالي.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية يؤكد اعتزاز مصر بالعلاقات التاريخية مع السنغال
وزير الخارجية يلتقي رئيس جمهورية مالي ويسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي
وزير الخارجية يلتقي الجالية المصرية في مالي