جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-26@23:27:35 GMT

غزة تموت جوعا

تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT

غزة تموت جوعا

سعيد حميد الهطالي

على مرأى ومسمع العالم، غزة تستغيث، تموت جوعًا بعد أن حُوصرت برًّا وبحرًا وجوًا، وانقطعت عنها سبل الحياة، وتكالب عليها الجوع والخوف والخذلان، لم تعد مشاهد الهزال والدموع والدماء تحرك ضميرًا، ولا صرخات الأطفال توقظ إنسانية نائمة، ولا الوجوه الشاحبة تثير شفقة، ولا الأكف الممدودة تستدر رحمة، ولا الجثث المتناثرة تزعج نوم العالم المترف!

تباد غزة تحت سمع العالم وبصره، تقصف ليلًا ونهارًا، وتهدم بيوتها على ساكنيها، ويحاصر ما تبقى من أهلها بالجوع تارة، وبالخوف والخدلان تارات!

في غزة الموت يأتي من كل مكان، يتسلل من كل زاوية، من نقص الغذاء، وانقطاع الماء، وانعدام الدواء، من القنابل، والصمت.

. وكل ما في العالم من مؤسسات حقوقية، ومنظمات إنسانية يقف عاجزًا أو متواطئًا أو ساكتًا، وكأن غزة ليست على خريطة الإنسانية!

أين الضمير العالمي؟ أين صناع القرار الذين يدعون الدفاع عن القيم وحقوق الإنسان؟ كيف تستباح غزة على هذا النحو دون رادع؟ كيف تترك وحدها تواجه القصف والإبادة والجوع والتشريد، والعالم بأسره يكتفي بالمشاهدة أو الإدانة الخجولة؟

إن ما يحدث في غزة ليس مأساة عابرة، هي جريمة ممتدة ترتكب بحقد أسود، وتبارك بصمت، وإن السكوت على هذه الإبادة الإجرامية هو مشاركة في الجريمة والتغاضي عن هذا الحصار، ووقف العدوان، ومد العون لمن لم يبقَ لهم سوى الله، وبعض القلوب الحيّة.

غزة لا تريد من العالم دموعًا، إنما ضمائر حية تنهض، وصوتًا يرتفع، ويدًا تمتد، وحصارًا يكسر، وعدلًا ينتصر له.

يموت الناس في عزة وهم واقفون، يقصفون وهم ينتظرون الغذاء، ويتفاجؤون بالقنابل، الطفل في غزة لم يعد يحلم بحلوى أو لعبة، بل برغيف خبز، وبقليل من الحليب، وبوجبة تسد رمقه، ليس ترفًا، بل لتُبقيه على قيد الألم!

في غزة، المرأة الحامل تتوجس من ولادة جديدة، فكيف تتطعم فمًا آخر، وهي بالكاد تسكت جوع فمها؟ في غزة لا يطلب الناس سوى شربة ماء نظيفة، أو دواء لمرض أو موت بلا ألم!

الطوابير في غزة لم تعد فقط للحصول على مساعدات إنسانية، إنما طوابير للنجاة، فحين يتحول الخبز إلى عملة نادرة، والماء إلى سلعة مفقودة، والدواء إلى ترف فإننا نتحدث عن "أزمة إنسانية " كما يقولون في بياناتهم الباردة، بل عن كارثة إبادة ناعمة تفتك بالبشر على مهل لتبيد كل من على تلك البقعة من الأرض المباركة.

لقد تحول الجوع في غزة إلى قصة خرساء لا أحد يريد أن يسمعها، تحولت الأجساد الهزيلة إلى أرقام في تقارير الإغاثة، والآهات إلى ضجيج مزعج على طاولات المؤتمرات، كل شيء في غزة يصرخ "أين أنتم"؟ لكن لا أحد يجيب!

غزة لا تموت جوعًا فقط، لكنها تموت قهرًا، تموت من خذلان الأقرباء قبل الأعداء، تموت من انكسار الضمير العربي، من تهرب المسؤولية، من عجز العالم الإسلامي، ومن موت النخوة العالمية.

هذه ليست دعوة للعطف، ولا بكاء على الأطلال، إنما نداء صارخ للعالم أن أنقذوا ما تبقى من غزة، أنقذوا الأطفال من موت لا يليق ببراءتهم، وأنقذوا النساء من أمهات يلدن في الجوع، وأنقذوا كبار السن من قبورهم التي تنتظرهم.

غزة اليوم ليس بحاجة إلى وعود، هي بحاجة إلى مبادرة، إلى فعل، إلى شجاعة، ليست بحاجة إلى مبادرات جوفاء وضعيفة، بحاجة إلى كسر الحصار، وفتح المعابر، إلى تقديم الغذاء والدواء قبل أن تتحول شوارعها إلى مقابر جماعية لضحايا الصمت المخزي!

 

 

 

 

 

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: بحاجة إلى فی غزة

إقرأ أيضاً:

دور القوات المسلحة الأردنية في حفظ السلام الإقليمي والدولي: رسالة إنسانية راسخة

صراحة نيوز- ا.د احمد منصور الخصاونة

تعد القوات المسلحة الأردنية واحدة من أبرز القوى العسكرية في المنطقة، إذ تمتلك تاريخاً حافلاً بالعطاء والتضحية من أجل قضايا الأمة العربية والإسلامية. وقد تجسّد دور الجيش الأردني في مختلف مراحل التاريخ، حيث كان دوماً الحامي للوطن والمدافع عن الأمن والاستقرار، ليس فقط داخل حدود المملكة بل أيضاً على الساحة الدولية من خلال مشاركاته الإنسانية المرموقة في مهام حفظ السلام.

منذ تأسيس الدولة الأردنية، لعب الجيش الأردني دوراً مهماً في تعزيز الاستقرار الداخلي وحماية حدود المملكة. وتعتبر المؤسسة العسكرية الأردنية من أرقى المؤسسات العسكرية في العالم العربي، حيث تمكنت من بناء قوتها وأدائها الرفيع على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها، مثل قلة الإمكانات المالية والمعدات العسكرية مقارنةً بالجيوش الأخرى. لكن من خلال الإيمان العميق بالواجب الوطني والقدرة العالية على التكيف مع الظروف المختلفة، استطاع الجيش الأردني أن يصبح رمزاً للإحتراف العسكري والقدرة على الحفاظ على الأمن والسلام.

وقد أثبت الجيش الأردني خلال مختلف المراحل التاريخية قدرته الاستثنائية في التصدي للتحديات، بدءاً من حرب 1948، مروراً بأحداث 1957، 1967، وصولاً إلى معركة الكرامة في 1970. هذه المواقف البطولية لم تكن إلا تجسيداً للرؤية الحكيمة للمؤسس الراحل الملك عبدالله الأول، الذي وضع أسس مؤسسة عسكرية قوية في الأردن، وهي مؤسسة تَحْتَلُ مكانة مرموقة في العالم العربي وتتمتع بسمعة طيبة في مختلف ميادين العمل العسكري والإنساني.

إن الجيش الأردني لم يقتصر دوره على الدفاع عن الحدود فقط، بل كان له دور رئيسي في بناء الدولة الأردنية الحديثة، حيث شارك في عمليات التحديث الشامل التي شهدتها المملكة. فقد كان للجيش دور بارز في بناء البنية التحتية من طرق وجسور ومدارس، فضلاً عن المساهمة الفاعلة في محو الأمية وتطوير قدرات الأفراد والمجتمعات المحلية. هذا الدور الاجتماعي والإنساني يجعل من الجيش الأردني مؤسسة لا تقتصر مهامها على التدريب العسكري، بل تشمل بناء الإنسان الأردني في كافة المجالات.

وإضافة إلى ذلك، فقد كان للجيش الأردني دور كبير في التفاعل مع القضايا الإنسانية الدولية، وهو ما تجلى في مشاركته في مهام حفظ السلام حول العالم. فقد كانت القوات المسلحة الأردنية من أوائل المشاركين في عمليات حفظ السلام التي تقودها الأمم المتحدة، حيث قدّم الجيش الأردني تضحيات جليلة في العديد من بقاع العالم، دفاعاً عن الأبرياء والمشردين. من لبنان إلى البوسنة والهرسك، مروراً بالصومال وساحل العاج، أثبت الجيش الأردني تفوقه في تعزيز الاستقرار والسلام في المناطق المتأزمة.

إن السمعة الطيبة التي يحظى بها الجيش الأردني على الصعيدين العربي والدولي ما هي إلا نتاج موروث عسكري يمتد لعقود طويلة. هذه السمعة نابعة من انضباط الجنود وحرفيتهم، ومن قيم الشجاعة والكرامة التي نشأ عليها أفراد الجيش الأردني. لقد أصبح الجيش الأردني رمزاً للقوة المبدئية التي لا تتزعزع، وللإنسانية التي تعطي الأولوية للسلام والعدالة.

في هذا السياق، يأتي دور القيادة الهاشمية الحكيمة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يواصل دعم وتطوير المؤسسة العسكرية لتواكب المتغيرات الإقليمية والدولية. ويستمر الجيش الأردني في أداء مهامه بجدارة، حيث تُرسل وحداته للمشاركة في بعثات حفظ السلام الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة، مما يعكس التزام الأردن الثابت بتحقيق الأمن والاستقرار ليس فقط في محيطه الإقليمي بل على الصعيد العالمي.

وفي خضم الأزمات المتلاحقة التي يعيشها العالم العربي، يُعتبر الأردن وقيادته وجيشه من أبرز الداعمين لقضايا الأمة العربية والإسلامية. فلطالما كان الجيش الأردني حاضراً في قلب الأحداث الكبرى، مُقدماً أرواح أبنائه فداء للقضايا العادلة، ملتزماً بمبادئ الحق والعدل والسلام.

في الختام، إن القوات المسلحة الأردنية لا تمثل مجرد قوة عسكرية فحسب، بل هي تجسيد للأخلاق الإنسانية والتزام عميق بالقيم الإسلامية التي تدعو للسلام والمساواة. ومن خلال ما قدمته وتقدمه من تضحيات في مختلف ميادين العمل العسكري والإنساني، تظل المؤسسة العسكرية الأردنية واحدة من أبرز العلامات المضيئة في تاريخ الأردن والمنطقة، وتستمر في أن تكون رمزاً للفخر والاعتزاز للأردنيين جميعاً.

مقالات مشابهة

  • موت الصحفيين في غزة جوعاً.. انهيار قواعد القانون الدولي
  • غزة تموت جوعا.. اعتراف إسرائيلي بإتلاف 1000 شاحنة مساعدات
  • "وصمة عار في جبين العالم الحر".. مظاهرة ببرلين تطالب بوقف تجويع غزة
  • فيديو: شاحنات مساعدات إنسانية عاجلة تتجه من مصر إلى غزة
  • غزة تموت واقفة.. والإنسانية تنهزم
  • دور القوات المسلحة الأردنية في حفظ السلام الإقليمي والدولي: رسالة إنسانية راسخة
  • مصطفى: شعبنا في غزة بحاجة إلى أكثر من مجرد مساعدات إنسانية
  • جيسوس: كريستيانو رونالدو أعظم شخصية إنسانية في العالم
  • المنذر العلوي : منتخبنا الوطني بحاجة لمباريات تحضيرية قوية للصعود إلى كأس العالم
  • مفوضة أوروبية: غزة تعيش كارثة إنسانية والفلسطينيون بين الجوع والرصاص