أطلق وزير السياحة والآثار شريف فتحي، اليوم الثلاثاء، ملتقي "القاهرة التاريخية- رؤية متكاملة لمستقبل مستدام"، بالتعاون مع المكتب الإقليمي لليونسكو بالقاهرة، بهدف مناقشة كافة الرؤي والمقترحات لأبرز مشروعات منتدى الجامعات التراثي لتطوير وإعادة تأهيل القاهرة التاريخية، والذي اختتمت فعالياته في يونيو الماضي.

واستهل وزير السياحة والآثار كلمته -خلال الملتقى- بالترحيب بالحضور، مؤكداً على أن تنظيم هذا الملتقى يأتي في إطار الحرص على الاستماع إلى المشروعات المطروحة لتطوير القاهرة التاريخية وإعادة تأهيلها، وتحديد الأدوار الفاعلة التي يمكن أن تضطلع بها الوزارة والجهات المعنية، إلى جانب استعراض الإمكانيات المتاحة لتنفيذ هذه المشروعات وتحويلها إلى واقع ملموس.

وأشار الوزير إلى أهمية فتح باب النقاش وتبادل الرؤى والمقترحات باعتبارها خطوة أساسية نحو التنفيذ الفعلي لهذه المشروعات، وبما يسهم في تحقيق نقلة نوعية تتناسب مع القيمة التاريخية والعمرانية الفريدة للقاهرة التاريخية.

وشدد على أهمية دعم الصناعات والحرف التقليدية والتراثية في مصر، مشيراً إلى خطة الوزارة لتخصيص أماكن داخل القاهرة التاريخية لتمكين أصحاب الحرف التراثية المَهَرة من عرض وبيع منتجاتهم دون تحمل أية أعباء مالية، دعمًا لهم وتشجيعًا لاستمرار واستدامة هذه الحرف الفنية الأصيلة، مع العمل على ربطها بالتسويق الالكتروني بما يساهم في تسويقها بشكل أوسع.

وأوضح أن الفترة القادمة ستشهد تعاون مثمر بين الوزارة ومحافظة القاهرة وصندوق التنمية الحضرية للتوافق فيما بينهم ووضع آليات للعمل للبدء في تنفيذ المشروعات طبقا للأولويات بما يضمن تنفيذها بالشكل الأمثل.

وأشار وزير السياحة والآثار إلى إمكانية عرض نبذة عن المشروعات التي تم طرحها ومناقشتها ضمن فعاليات الملتقى عبر منصة التدريب الالكترونية في مجالي السياحة والآثار والتي أطلقتها الوزارة الأسبوع الماضي، بما يُتيح للمشاركين تقديم عروض موجزة حول هذه المشروعات وأهدافها وآليات تنفيذها على أرض الواقع.

واختتم الوزير كلمته بالإعراب عن تطلعه إلى أن تسفر جلسات الملتقى عن نقاشات بنّاءة وتوصيات مثمرة تسهم في تحقيق الأهداف المرجوة من هذا الحدث الهام.

بدوره، أكد الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ضرورة التكامل بين مشروعات التطوير التي من المقترح تنفيذها داخل القاهرة التاريخية، والعمل عليها بشكل متوازي لضمان إخراجها بأفضل صورة ممكنة تليق بقيمة ومكانة هذه المناطق ذات النسيج العمراني المتفرد.

وأعربت الدكتورة نوريا سانز المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة، عن كامل تقديرها للجهود المبذولة من مجموعات العمل بالمشروعات المقترحة التي تم استعراضها اليوم ضمن خطة الحفاظ وإعادة تأهيل القاهرة التاريخية والتي تضاف إلى سجل إنجازات التعاون بين اليونسكو ووزارة السياحة والآثار، بما يضمن تنفيذ المشروعات بالشكل الأمثل، لافتة إلى أن هذه المشروعات هي نتاج عامين من العمل الجاد للانتهاء من خطة الحفاظ على القاهرة التاريخية بما يتناسب وأهمية المنطقة التاريخية والأثرية.

وأكدت استعداد اليونسكو لتقديم الدعم اللازم والمساهمة الفعالة في تنفيذ تلك المشروعات، مؤكدة على ثقتها في مجموعة العمل لاستكمال الخطوات الجادة نحو تنفيذ هذه المشروعات.

وخلال الملتقى، أشاد عدد من أعضاء غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة الذين حضروا الملتقي بما تم تناوله من مشروعات، معربين عن رغبتهم، في تحديد البرنامج النهائي لمسارات الزيارة المقترحة بالقاهرة التاريخية والتي تم مناقشتها خلال الملتقى، وقيام الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي بالتنسيق مع الغرفة لتنظيم جولات لأصحاب شركات السياحة والمرشدين السياحيين لهذه المسارات للتعرف عليها بشكل أعمق.

والمشروعات السبعة التي تم طرحها خلال الملتقي هي مشروع "منطقة آثار القلعة - كفاءة استخدام الطاقة في المناطق العمرانية"، والذي يقدم رؤي متخصصة لتقليل استهلاك الطاقة ودمج مصادر الطاقة المتجددة بالمباني الموجودة بالقلعة، مع تعزيز الوعي التاريخي من خلال تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، من خلال استخدام نظام ثلاثي الأبعاد ووضع مجسات داخل الموقع الأثري بما يساعد بشكل كبير على تحسين المؤشرات البيئية داخل الموقع الأثري وتخفيض الانبعاثات عليه.

ومشروع "منطقة آثار الفسطاط" المساحات الخضراء الخاصة والعامة والمساحات العمرانية: الانتاج والتوزيع" الذي يهدف إلى إشراك المجتمع المحلي، ليصبح جزءًا حيويًا من الحياة اليومية للسكان، مع تعزيز الحفاظ على التراث الثقافي ودعم الاستدامة البيئية والمجتمعية والاقتصادية.

ومشروع "منطقة آثار الجمالية … الصناعات الإبداعية واقتصاد التراث الثقافي غير المادي"، والذي يهدف إلى دمج الصناعات الإبداعية مع التراث الثقافي غير المادي ضمن إطار التخطيط الحضري وتطوير القاهرة التاريخية، وذلك لمعالجة التحديات التي تواجه الحرف التقليدية، والحفاظ على البنية التحتية والتاريخية كما يهدف إلى إعادة تصور التجربة السياحية لزائري المنطقة لتقديم نموذج متكامل لموقع تراث ثقافي يجمع بين الحفاظ والتنمية الإقتصادية، والاعتماد على رؤية تنموية شاملة.

وأكد الوزير أهمية هذا المشروع ووجه بضرورة إعداد خريطة شاملة توضح المواقع الأثرية بمنطقة الجمالية، بما يسهم في تعزيز الحركة السياحية وتنظيمها، مشدداً على ضرورة إنشاء مركز متكامل للزوار يوفر خدمات متعددة تُدعم التجربة السياحية وتُبرز القيمة التراثية للمنطقة.

وحرص الوزير على التأكيد على أهمية تخصيص معرض دائم للحرف التراثية القائمة بالمنطقة لربطهم بشكل مباشر بالسوق السياحي، مع ضرورة دمج منظومة البيع الإلكتروني لتوسيع فرص التسويق والترويج لتلك المنتجات.

وجاء من بين المشروعات كذلك مشروع "منطقة آثار الدرب الأحمر… الاقتصاد العمراني، التخطيط، إعادة الاستخدام، والحفاظ والإحياء - آليات التمويل الإبداعي" ويهدف إلى استثمار القيمة التاريخية والمعمارية للمباني التراثية بالمنطقة، من خلال تطوير مراكز ثقافية واقتصادية واجتماعية متعددة الوظائف، إلى جانب تطبيق مفهوم إعادة الاستخدام التكيفي للمباني التاريخية بما يسهم في إحياء المنطقة ودعم المجتمعات المحلية.

ويرتكز المشروع على تعزيز تجربة الزائرين من خلال تسهيل حركة المشاة في المحاور الحيوية وتوفير وسائل نقل صديقة للبيئة، في خطوة تعكس التزامًا واضحًا بمبادئ الاستدامة البيئية ورفع الوعي الثقافي، فضلًا عن توظيف المباني التراثية لدعم الأنشطة الاقتصادية والثقافية.

وفي هذا السياق، أكد وزير السياحة والآثار دعم الوزارة الكامل للفكرة الأساسية للمشروع، مشددًا على أهمية التنسيق المستمر والتكامل بين الوزارة والمحافظة والجهات المعنية، بما يضمن تطوير المناطق المحيطة بالمواقع الأثرية على نحو يليق بقيمتها التاريخية ويعزز من جاذبيتها السياحية.

ويُركز مشروع "منطقة آثار شرق القاهرة.. توثيق التراث العمراني وتقييم حالة الحفاظ على القيم الأثرية والمعمارية والهندسية للنسيج العمراني” على وضع خطة شاملة لإعداد مسار للزيارة السياحية يبدأ من مجموعة الأمير بن برقوق، مرورًا بـ مقابر شهداء القوات المسلحة وعدد من المباني غير المُسجلة كآثار لكنها تحمل دلالات تاريخية مهمة، من بينها مدفن الأميرة شويكار، وينتهي المسار مجددًا عند مجموعة بن برقوق، مما يُبرز تنوع النسيج التاريخي والمعماري للمنطقة.

ويشمل المشروع إنشاء مركز للزوار مجهز بقاعة متعددة الوسائط تتيح تنفيذ جولات افتراضية تحاكي المسار المقترح، إلى جانب برامج تهدف إلى نشر الوعي الأثري في أوساط المجتمع المحلي، بالإضافة إلى إحياء الحرف التراثية مثل الحفر على المعادن والزجاج، وصناعة الجلود وغيرها، بما يسهم في دعم الاقتصاد المحلي والحفاظ على الموروث الثقافي.

ومن بين المشروعات كذلك مشروع "منطقة آثار الإمام الشافعي" المخاطر المناخية والمناظر الحضرية التاريخية: خطط المدن الكبرى للتكييف و التخفيف - تقنيات التنبؤ و الرصد والمراقبة وصون معايير الرفاهية ":، والذي يشمل زيادة رقعة المساحة الخضراء بالموقع لمواجهة تغير المناخ، فضلا عن مشكلة المياه الجوفية التى تعاني منها المنطقة ومن ثم استغلالها في الزراعة، وعمل غطاء زراعي حول المحاور المرورية بالمنطقة بما يساعد في التخفيف من التلوث على المناطق العمرانية والأثرية المحيطة، مع إمكانية اقامة حديقة مجتمعية تكون مدخل لمنطقة الامام الشافعي والليثي والجبانة الجنوبية ككل.

ويهدف مشروع "منطقة آثار الأزهر والغوري - التراث الحي، دور المجتمعات المحلية في السياسات الاجتماعية والثقافية للإسكان والمشاركة الاجتماعية"، إلى إعادة فتح المباني الأثرية والتراثية وإعادة تووظيفها لتصبح مركزا إشعاعيا ثقافيا لأهالي المنطقة، واستخدامها بشكل متكيف للتدريب المهني للحرفيين والفنانين، وللأنشطة الثقافية الموجهة إلى المجتمع المحلي.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السياحة والآثار وزير السياحة وزیر السیاحة والآثار القاهرة التاریخیة هذه المشروعات بما یسهم فی منطقة آثار الحفاظ على من خلال التی تم

إقرأ أيضاً:

سكان وسط أثينا التاريخية منزعجون من السياحة المفرطة

أمام مشهد الأرصفة التي تعج بالمطاعم والموسيقى الصاخبة وحركة حقائب السفر ذهابا وإيابا بين حاويات القمامة الفائضة، لم يعد اليوناني يورغوس زافيريو يتعرف على حي بلاكا الذي يقطنه منذ أكثر من 30 عاما في وسط أثينا التاريخية، ويرى أنه "مهدد بالسياحة المفرطة".

ومخاوف زافيريو، الذي يرأس جمعية السكان، تشبه تلك التي تعبر عنها رئيسة جمعية "إيليت" للحفاظ على البيئة والتراث الثقافي، ليديا كاراس، إذ تذكر بأنه "أقدم حي في أوروبا وكان مأهولا باستمرار منذ العصور القديمة"، وتضيف: "لا يمكننا أن نراه يفقد روحه".

يقع حي بلاكا، الذي تُطلق عليه تسمية "حي الآلهة"، أسفل موقع الأكروبوليس الذي يضم البارثينون، وهو معبد يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد، بلغ عدد زواره نحو 4.5 ملايين سائح عام 2024.

يتجول الجميع في هذه المتاهة من الشوارع الخلابة المرصوفة بالحصى وذات الطابع القروي، وتصطف على جانبيها المقاهي والحانات ومحال بيع التذكارات والكنائس البيزنطية الصغيرة والآثار القديمة والعثمانية.

ويُتوقع أن يرتفع عدد زوار العاصمة اليونانية، التي تشهد إقبالا متزايدا، إلى 10 ملايين، أي أكثر بمليوني سائح عن العام الماضي. فمنذ انتهاء جائحة كوفيد-19، أصبحت أثينا وجهة سياحية في ذاتها، ولم تعد مجرد نقطة عبور بين المطار الدولي وميناء بيرايوس القريب الذي تنطلق منه رحلات السفن والقوارب إلى جزر بحر إيجه.

السياح يستمتعون بغروب الشمس أثناء جلوسهم على تلة أريوباغوس المطلة على الأكروبوليس القديم في أثينا (الفرنسية)انتعاش سياحي يقلق أثينا

ويعبر كونستانتينوس ماريناكيس في كشكه لبيع الهدايا التذكارية عن رضاه، ملاحظا "أن أوضاع اليونان تتحسن أخيرا بفضل قطاع السياحة المزدهر الذي ساهم في إنعاش الاقتصاد وتوفير فرص عمل".

ويُبدي رئيس بلدية أثينا، هاريس دوكاس، في حديث لوكالة فرانس برس، ارتياحه لكون العاصمة اليونانية باتت "من بين المدن العشر الأكثر استقطابا للزوار في العالم". إلا أن رئيس البلدية يقر بأن "ثمة مناطق مثل بلاكا أصبحت متخمة بالسياح".

إعلان

ويشير إلى أن مدينته "لم تصل بعد إلى درجة برشلونة" الإسبانية التي يحتج سكانها على مساوئ السياحة الجماعية، لكنه يشدد على ضرورة "التحرك قبل فوات الأوان".

ضوابط جديدة لحماية الحي

وأُنشئت في الآونة الأخيرة "وحدة تدخل" خاصة ببلاكا بهدف فرض احترام القواعد، بدعم من الشرطة البلدية، في هذا الحي المحمي بموجب مرسوم رئاسي. ويمكن لأي ساكن يلاحظ، مثلا، أن طاولات أحد المطاعم تحتل أماكن عامة، أو أن سيارات متوقفة على الرصيف، أن يتقدم بشكوى إلى هذه الوحدة البلدية.

وتذكر ليديا كاراس أن "نوادي ليلية و(حانات) البوزوكيا (التي تُعزَف فيها الموسيقى اليونانية التقليدية) اجتاحت بلاكا بين عامي 1960 و1980". وتشير إلى أن "كثيرا من السكان كانوا يومها قد غادروا المنطقة أصلا".

وفي عام 1993، صدر في نهاية المطاف مرسوم رئاسي يقضي بإغلاق هذه النوادي، وحماية المناطق السكنية، وتحديد استخدام كل مبنى في الحي.

سياح يتجولون أمام معبد البارثينون أثناء زيارتهم لموقع الأكروبوليس الأثري في أثينا (الفرنسية)تحايل سياحي

ويمكن إنشاء فنادق في بلاكا، ولكن فقط في شوارع محددة. غير أن المحامي المتخصص في التخطيط المدني، ديميتريس ميليساس، يلاحظ أن "التفافا يحصل على هذا التشريع"، إذ "تُحول منازل بأكملها إلى شقق عدة تُعرَض على منصات" للإيجار قصير الأجل.

وقد يصل عدد السياح في بلاكا صيفا إلى 4 أضعاف عدد المقيمين في الحي على مدار السنة والبالغ ألفي نسمة فحسب، وفق ما يشرح ميليساس، رغم عدم وجود إحصاءات رسمية، إذ يُجرى التعداد السكاني على مستوى المدينة كلها.

وقدم المحامي، بوكالته عن "إيليت"، مراجعة إلى مجلس شورى الدولة بشأن قانونية 16 مبنى مُحوَّل بالكامل إلى عقارات للإيجار الموسمي، موضحا أنها تخفي في الواقع منشآت فندقية لأنها تحتوي على قاعات استقبال أو تُقدم وجبات الإفطار على الشرفة.

وقد يُشكل القرار المتوقع صدوره بحلول سبتمبر/أيلول سابقة قضائية تُستند إليها أحكام مقبلة.

وبالنسبة لوسط أثينا بأكمله، حيث تجاوز عدد شقق الإيجار الموسمي 12 ألفا عام 2024، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في بدلات الإيجار، أقرّت الحكومة المحافظة حظر أي إدراج جديد لمدة سنة على الأقل على شقق في منصات الإيجار القصير الأجل.

لكن ديميتريس ميليساس يعلق على ذلك بالقول: "أشك في فاعلية هذا الإجراء عندما أقرأ إعلانات الصحف عن استثمارات في شقق قابلة للإدراج في منصة إير بي إن بي".

ويخلص المحامي إلى أن "المشكلة في اليونان ليست سن القوانين، بل تطبيقها".

مقالات مشابهة

  • وزير السياحة والآثار يطلق ملتقى القاهرة التاريخي
  • الآثار تدشن ملتقى القاهرة التاريخي.. ما تفاصيله؟
  • سكان وسط أثينا التاريخية منزعجون من السياحة المفرطة
  • السياحة والآثار تقبل 5 أجهزة لتنقية الهواء في هرم خوفو
  • التحاق 2610 متدربين في 111 دورة بمنصة تدريب وزارة السياحة والآثار
  • وزير السياحة والآثار يدلي بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ
  • مسئولية دستورية.. وزير السياحة يدلي بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ| صور
  • نائب وزير السياحة: ملتزمون بالاستفادة من رؤى الشباب في دعم استراتيجية القطاع
  • البرلمان يوصي الحكومة بحزمة إجراءات لدعم السياحة في الأردن