الجديد برس| خاص| عقدت قبيلة لقموش، الساعات الماضية، اجتماعًا طارئًا لمناقشة البلاغ الصادر عن سلطات محافظة شبوة الموالية للتحالف، والقاضي بالقبض على الشيخ صالح منصور القميشي، رئيس حراك الكرامة السلمي لأبناء مناطق الواحدي. وخلال الاجتماع، عبّر مشايخ وأعيان القبيلة عن استنكارهم الشديد لهذا “الإجراء التعسفي”، مؤكدين أن استهداف قيادات الحراك يمثل اعتداءً على حرية التعبير والاحتجاج السلمي.

ودعت القبيلة جميع أبنائها ومكوناتها إلى اجتماع عام يوم الثلاثاء المقبل في منطقة هدى بمديرية حبان، لمناقشة تداعيات البلاغ والخروج بموقف قبلي موحد يحفظ للقبيلة مكانتها وحقوقها. هذا وشهدت الأيام الماضية تحركات لفصائل التحالف السعودي الاماراتي لملاحقة قادة الحراك السلمي في المناطق الجنوبية الخاضعة لسيطرة حكومة عدن، على خلفية انتقادهم لتدهور الاوضاع المعيشية والخدمات وسط معاناة كبيرة للسكان في تلك المناطق.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: اعتقالات الانتقالي التحالف الحراك السلمي تدهور اقتصادي شبوة

إقرأ أيضاً:

مأسسة القبيلة.. ولهذه الأسباب

 

 

د. عبدالله باحجاج

أقول دائمًا إن ديمومة الاستقرار في بلادنا تتوقف على أدوار قطاعية ثلاثية؛ وهي: الحكومة، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص. وقد برزت الرهانات على هذه الثلاثية منذ انطلاقة مسيرتنا المُتجدِّدة في يناير 2020، على عكس ما قبل هذا التاريخ، حين كانت الحكومة هي الفاعل الوحيد في المجتمع، تحتكر الأدوار وحدها لضمانة بوصلة الولاء والانتماء رأسيًا، وبعض ذلك مُبرَّر؛ كونها جاءت ببرنامج إصلاحي شامل، لكنها تأخرت كثيرًا في احتكاراتها، فعطَّلت بذلك الأدوار الاجتماعية، ولم تؤهلها لمرحلة الشراكة مستقبلًا كما تستوجبه الآن، بعدما بدأت الحكومة في تنفيذ تحولات مالية واقتصادية قاسية لمواجهة أزمات مُستجدَّة لا تزال تداعياتها متنامية على كاهل المجتمع؛ لأن التحولات كانت فُجائية، ولا يوجد فاعلون آخرون غير الحكومة يمكن أن يسدوا الفراغ على الصعيد الاجتماعي سوى مبادرات محدودة وجزئية.

ذلكم تشخيصٌ مُبسَّطٌ لكل الإشكالات التي تحدث في وقتنا الراهن، وستحدُث على المديين المنظور والمتوسط، ومنها سيتشكل مستقبل بلادنا ما لم تُستدرَك بعض المسارات عاجلًا. وهنا نطرح هذا العُمق الذي ينبغي من خلاله توقُّع ما لا يُمكن توقعه، وهذا الاستشراف ينبغي أن يشغل كل من في موقع صناعة القرار ويتصدر أولوياته؛ فالتراجع عن سياسات واستراتيجيات صنعت الدولة والمجتمع خلال مرحلة التأسيس الممتدة من 1970 إلى 2019 -مثل خفض الدعم المُتدرِّج عن خدمات أساسية للمجتمع، ومجتمع بلا ضرائب- يجعل من توسيع نطاق حتمية الاستشراف أمرًا عاجلًا. لن ننفي الاستشراف من أساسه، لكنه ليس مؤسسيًا، بل جزئيًا، وينصب على بعض القضايا المُعقَّدة والمتراكمة كالباحثين عن عمل والمُسرَّحين من أعمالهم، والتي تصنفها بعض الدوائر الرسمية والحكومية بمسمياتها، لكنها غير مُعلنة.

وقد خرج مؤخرًا المحامي سعود بن صالح المعولي، نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بتصنيفٍ دقيقٍ أكثر واقعية يدق ناقوس الخطر، ويضعنا في خلفيات التصنيفات التي تُتداول في الدوائر المُغلقة، وذلك عندما شبَّه قضية الباحثين والمُسرَّحين بقضية الدين العام من حيث الأهمية والخطورة. ورغم المُعلن وغير المُعلن للتصنيفات، إلّا أن الحلول لا ترتقي إلى مواجهة إكراهاتها، وهذا يُعزِّز طرحنا سالف الذكر، ويضعنا أمام حالات الفراغ الناجمة عن تراجع دور الحكومة في المجتمع في ظل غياب أدوار الشركاء الآخرين، وهم مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص؛ فمن سيشغله؟!

قد نحتاج لسنوات؛ بل لعقود، حتى يُمارس الشريك الاجتماعي -بالذات- أدواره الاستراتيجية، وهنا تظهر القبيلة الآن كخيارٍ بديل وجاهز لمشروع شغل الفراغ، وتستدعيه بإلحاحٍ كل الظروف المادية التي أصبحت تدق ناقوس الخطر على التوازنات الاجتماعية بسبب بروز أكثر من عشر قضايا كبرى في البلاد -تحدَّث عنها مؤخرًا الادعاء العام- وفي مقدمتها المخدرات. وامتدادها للمجتمع يجعل من نخب كل مجتمع محلي ينظر للقبيلة الآن كدينامية -أي قوة- ينبغي أن تُفعَّل لحماية أبنائها.

وبروز القبيلة الآن من البديهيات لسد الفراغ الذي تحدثنا عنه سابقًا، وستتصاعد أدوارها كلما تأخَّرت مؤسسات المجتمع المدني وفعَّاليتها. وفي الوقت نفسه، عندما يستشعر المجتمعُ القلقَ الوجودي على أبنائه بسببها، سنجد ما نراه حاليًا في محافظة ظفار، التي برزت فيها محاولتان لسد الفراغ وتعزيز جهود الدولة؛ إحداهما مبادرة مجتمعية لمكافحة الظواهر السلبية وعلى رأسها المخدرات، وهي قيد البحث عن شرعية رسمية، وقد قطعت أشواطًا كبيرة، آخرها تقاطعها مع انفتاح صاحب السمو السيد محافظ ظفار، ولقاؤها خلال الساعات الماضية مع المجلس البلدي للتحضير لندوة علمية تُشكِّل انطلاقتها ومرجعيتها من خلال التوصيات التي تخرج بها، لكنها تمضي ببطءٍ ولا تتماهى مع سرعة انتشار القات والمخدرات (وقد تناولناها في مقال سابق).

أما النموذج الآخر فيتمثل في مبادرات بعض القبائل الفاعلة التي تسارع الخطى لتوعية أبنائها بالمخاطر مثل المخدرات والقات، واللافت في كلتا المبادرتين قيادتهما من قِبل نخبٍ مُثقفةٍ وحكوميةٍ سابقة، وهو ما يدفعنا للرهان كثيرًا على نتائج هذين النموذجين.

هنا ينبغي أن نتساءل: هل يُمكن أن تتحول القبيلة إلى مؤسسة مدنية من مؤسسات المجتمع المدني تتماهى مع توجهات الدولة؟

التساؤلُ يعبِّر عن وعي بالتحولات والمآلات، كما يُوجِّه التفكير إلى تجديد دور القبيلة في مسيرنا المُتجدِّد. وهذا ينبغي أن يكون هاجسَ النخب الواعية لتحويل القبيلة إلى دينامية مُتجدِّدة ومُتدخِّلة في شؤون أفرادها بآليات التضامن والتكاتف المُستدامة، قادرة على مكافحة القضايا والظواهر السلبية داخل نطاقها الديموغرافي، علاوة على التضامن والتكاتف مع أفرادها في مختلف مناحي الحياة. وهناك مؤشرات تسير في هذا الاتجاه، لكنها غير مؤطَّرة، أي تلقائية؛ لذلك تحتاج إلى تأطير واعٍ. وأفضل نموذج يتمثل في نقلها من التقليدية والرغبات الوقتية والأمزجة المُتغيِّرة إلى كيانٍ لديه آليات عملٍ مؤسسية ومُستدامة، برؤى جامعة ومُتماهِية مع توجهات الدولة؛ بمعنى آخر: إدخال المنطق المؤسَّسي إلى حياة كل قبيلة.

وهذا هو طبيعةُ الخيار المُتاح للمجتمع الآن بحكم الواقع لا الخطط، وسيجد المجتمع نفسه مدفوعًا إليه تحت وطأة القضايا والظواهر السلبية الوجودية وتفكك الأسر الناجمة عنها في ظل تعقيدات أزماتها المالية الناتجة عن تحولات كبرى في دور الحكومة.

ولذلك نسأل: أيهما أفضل: مأسسة القبيلة أم مؤسسات المجتمع المدني؟

الحقيقة أن كليهما خياران يتماهيان مع طبيعة مرحلتنا الوطنية بعد التحولات في الدور الاجتماعي للحكومة، والرهانات الوطنية على شريكيها (المجتمع والقطاع الخاص). فهذه معادلة ثلاثية أصبح الاستقرار الاجتماعي مرهونًا بها، واستنهاض دور المجتمع -بثنائيته سالفة الذكر- أمرٌ حتمي وعاجل، ولا سيما في ظل ما كشفه الادعاء العام عن وجود شبكات إجرامية دولية تستهدف الشباب بشكل خاص، وتُحوِّلهم إلى مُدمنين، وتعمل على استغلالهم في أنشطة ترويج المخدرات وارتكاب الجرائم (مسألة سبق أن تناولناها سابقًا)، وكذلك في ضوء احتلال بلادنا المرتبة السابعة عالميًا في إدمان شبابها على التقنية (خطبة الجمعة للشيخ عبدالله الشحري).

وهناك بيئات في كل مجتمع محلي يُمكن أن تُنذر باختراق شبابنا من خلالها بسهولة، مثل: رفقاء السوء، والضغوط النفسية والاجتماعية كالقلق والاكتئاب واليأس، علاوة على التحولات المالية وقضايا الباحثين والمُسرَّحين... إلخ.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • سخط شعبي قبلي واسع بعد هدم سلطات التحالف مقر الحراك السلمي في شبوة
  • مأسسة القبيلة.. ولهذه الأسباب
  • ممثلة الأمم المتحدة تزور مراكز اقتراع في طرابلس وتدعو لاستكمال الانتخابات في كافة المناطق
  • الأمم المتحدة تشيد بنجاح الانتخابات البلدية وتدعو لاستكمالها في المناطق المعلقة
  • اجتماع برئاسة باجعالة لمناقشة الجوانب التنظيمية الداخلية بوزارة الشؤون الاجتماعية
  • مدبولي يعقد اجتماع مجلس المحافظين لمتابعة لجان حصر المناطق بقانون الإيجار القديم
  • اجتماع مغلق بين محافظ المركزي ولجنة المالية النيابية لمناقشة ميزانية 2025
  • فصائل فلسطينية: تجاوبنا مع كل مقترحات وقف العدوان وندعو لاجتماع وطني
  • الأسلاف والأعراف طوق نجاة القبيلة