حياة النبي صلى الله عليه وسلم في روضه الشريف
تاريخ النشر: 3rd, September 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن الأمة مُجمِعَةٌ على أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيٌّ في روضه الشريف؛ قال الحافظ شمس الدين السخاوي في كتابه "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع صلى الله عليه وآله وسلم" (ص: 172، ط. مؤسسة الريان): [ونحن نؤمن ونصدق بأنه صلى الله عليه وآله وسلم حيٌّ يُرزَق في قبره، وأن جسده الشريف لا تأكله الأرض، والإجماع على هذا] اهـ.
وقال الحافظ السيوطي في "إنباء الأذكياء بحياة الأنبياء" -ضمن كتابه "الحاوي للفتاوي" (2/ 178، ط. دار الفكر)-: [حياة النبي صلي الله عليه وآله وسلم في قبره هو وسائر الأنبياء معلومة عندنا علمًا قطعيًّا؛ لما قام عندنا من الأدلّة في ذلك، وتواترت به الأخبار، وقد ألَّف البيهقي جزءًا في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام في قبورهم] اهـ.
وتستوي منفعته لأمته صلى الله عليه وآله وسلم في حياته الدنيوية وحياته البرزخية والأخروية؛ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باستغفاره لأمته في برزخه الشريف؛ فقال: «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُم؛ تُحدِثُونَ وَيُحدَثُ لَكُم، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُم؛ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُم، فَمَا رَأَيْتُ مِنَ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللهَ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللهَ لَكُمْ» أخرجه إسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم"، والحارث بن أبي أسامة والبزار في "مسنديهما"، والديلمي في "مسند الفردوس"، وصححه جمع غفير من الحفاظ؛ كالإمام النووي، وابن التين، والقرطبي، والقاضي عياض، والحافظ ابن حجر، والسيوطي في "الخصائص الكبرى"، والعلامة المناوي في "فيض القدير"، والملا القاري والعلامة الخفاجي في "شرح الشفا"، والعلامة الزرقاني في "شرح المواهب"، وقال الحافظ العراقي في "طرح التثريب": "إسناده جيد"، وقال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد": "ورجاله رجال الصحيح"، وألف السيد الحافظ عبد الله الغماري في تصحيحه رسالته "نهاية الآمال في شرح وتصحيح حديث عرض الأعمال".
النبي محمد صلى الله عليه وسلم
يقول الإمام ابن الحاج المالكي في كتابه "المدخل" (1/ 259، ط. دار التراث): [لا فرق بين موته وحياته صلى الله عليه وآله وسلم؛ أعني: في مشاهدته لأمته، ومعرفته بأحوالهم، ونياتهم وعزائمهم وخواطرهم، وذلك عنده جليّ لا خفاء فيه.. فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محلّ حط أحمال الأوزار، وأثقال الذنوب والخطايا؛ لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب؛ إذ إنها أعظم من الجميع] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النبي حال النبي محمد حياة النبي محمد النبی صلى الله علیه وآله وسلم وسلم فی
إقرأ أيضاً:
كيفية بر الزوجة بعد وفاتها.. دار الإفتاء تكشف الطريقة ونماذج منها
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (هل يشرع للزوج التصدق عن زوجته أو بِرُّها بعد وفاتها بأيِّ عملٍ من أعمال الخير؟
وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إنه يُشرع للزوج بِرُّ زوجته بعد وفاتها بأنواع البر المختلفة، والتي منها أن يبرَّها بالثناء والذكر الحسن، وبالدعاء والاستغفار لها، وبالتصدق عنها، أو بأيِّ عمل آخر من أعمال الخير التي يصل ثوابها للمتوفى.
بر الزوجة بعد وفاتهاوتابعت دار الإفتاء: جعل اللهُ الرباطَ الأوثقَ بين الزوجين هو المودة والرحمة، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].
وقد حرص الإسلام على استدامة هذه المودة، حتى لو طرأ على الحياة الزوجية أسوأ ما يمكن أن تتعرض له، وهو انتهاؤها؛ وهو ظاهر قول الله تعالى بعد بيان الحقوق عند الطلاق قبل الدخول: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: 237].
وأوضحت أن والفضل والمودة بين الزوجين اللذين عاشا معًا -أوثق وأعمق ممَن تفرقَا قبل الدخول، وأنه أشد عمقًا بين من فرقهما موتُ أحدهما؛ إذ لا يوجد في الغالب ما يُضْعِفُ هذه المودة أو يؤثر على سلامتها، كما في الطلاق، فيكون خطاب الشارع الطالب لاستدامة المودة متوجهًا بالقياس الأولوي للزوجين عند انتهاء الزوجية بموت أحدهما.
وليس في الشرع الشريف ما يمنع من إحسان الزوج لزوجته وبرِّها بعد موتها، بل إن نصوص السُّنَّة النبوية المطهرة، ووقائعها أصَّلَت للبر بالزوجة المتوفاة بصور متعددة، تجعل الناظرَ في هذه النصوص مُدركًا بإيقانٍ معالم الإنسانية في أسمى معانيها.
صور بر الزوجة بعد وفاتهاومن صور بِرِّ الزوج بزوجته بعد وفاتها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يُكثر من ذكر زوجته أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها بعد موتها، وكان يُكْرِمُ أقرباءها؛ إكرامًا لها وبرًّا بها، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: «مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِيَّاهَا»، قَالَتْ: «وَتَزَوَّجَنِي بَعْدَهَا بثَلَاثِ سِنِينَ، وَأَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ» رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.
وعنها رضي الله عنها أيضًا أنها قالت: "اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «اللهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ» فَغِرْتُ" متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم، فدلَّ على امتداد المودة والوفاء بحقِّ الزوجة بعد موتها.
ومن هذه الصور: أنه عليه الصلاة والسلام كان يُكرم أصدقاءها، ويتعهدهم بالهبات والعطايا، فعن أنسٍ رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أُتِيَ بالشيء يقول: «اذْهَبُوا بِهِ إِلَى فُلَانَةَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ صَدِيقَةَ خَدِيجَةَ. اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَيْتِ فُلَانَةَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تُحِبُّ خَدِيجَةَ» رواه البخاري في "الأدب المفرد"، والحاكم في "المستدرك".
وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: «بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ، كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟» قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ»" رواه الحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وغيرهم.
ومن هذه الصور: دعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم لأم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها، واستغفاره لها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ لَمْ يَكُنْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا وَالِاسْتِغْفَارِ لَهَا" رواه الطبراني في "المعجم الكبير".
التصدق عن الزوجة بعد وفاتهاأما عن التصدق عنها بخصوصه، فمع كونه مشروعًا باعتباره أحد أنواع البر الذي يسن فعله -كما قررنا-، إلا أنه من جملة الأعمال التي لا يقطعها عن الإنسان قاطع حتى الموت، بل تكون متصلة به من حيث انتفاعُه بها بعد موته.
كما روي أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه مسلم، ووجه الدلالة من الحديث ظاهرة بأن الصدقة على الميت جائزة من أيِّ أحد من جهة، ويصل ثوابها إليه وينتفع بها من جهة أخرى، وقد نُقل الإجماع على ذلك.