منذ انطلاقها عام 1901، مثّلت جائزة نوبل قمة الإنجاز العلمي، وعلى الرغم من العديد من الانتقادات التي طالت الجائزة طوال ما يزيد على قرن من الزمن، ظلت الأعمال التي حصلت عليها بالفعل نموذجا لاختراق علمي غير مسبوق.

ومن خلال دراسة الأعمال التي نالت جائزة نوبل على مدى أكثر من قرن، يُمكننا تمييز نمط مُتسق من الخصائص، أي مجموعة من السمات التي تميز الأعمال العلمية القادرة على الحصول على جائزة نوبل.

وقد نصت وصية نوبل الأصلية على أن تُمنح الجوائز لمن يحققون "أكبر منفعة للبشرية" ويظل هذا البُعد الإنساني محوريا، لكنه يتوسع ليشمل مجموعة إضافية من السمات، والتي إن وجدت في ابتكار ما، احتمل أن يحصل على نوبل في العلوم (الطب أو الكيمياء أو الفيزياء).

ألفريد نوبل (شترستوك)إعادة تعريف المشكلة

وتعد السمة الأبرز للأبحاث الحائزة على جوائز نوبل هي تأثيرها التأسيسي، إذ تُغيّر الهيكل المفاهيمي للتخصص. وتميل لجان نوبل إلى تفضيل الاكتشافات التي تُعيد تعريف الأسئلة بدلا من مجرد الإجابة عن الأسئلة القائمة.

وعلى سبيل المثال، لم تكافئ جائزة نوبل التي منحت لأينشتاين عام 1921 على التأثير الكهروضوئي فقط، بل على إحداث نقلة نوعية في فهم الضوء كحزم طاقة مُكمّمة.

وبالمثل في الكيمياء، حولت جائزة واتسون وكريك وويلكنز عام 1962-عن الحلزون المزدوج للحمض النووي- علم الأحياء من التاريخ الطبيعي الوصفي إلى العلوم الجزيئية.

ويعكس هذا النمط تركيز لجنة نوبل على "التحولات النموذجية" التي تفتح آفاقًا علمية جديدة. ويجب ألا يقتصر العمل على حل مشكلة، بل أن يُعيد تعريف ما يُعتبر مشكلة.

ألبرت أينشتاين (دويتشه فيلله)الأناقة التجريبية والعمق النظري

من السمات المميزة الأخرى التوازن بين الأدلة التجريبية والعمق النظري. فغالبا ما تربط الأبحاث الحائزة على جوائز نوبل البيانات التجريبية الدقيقة بالرؤى النظرية المجردة، مما ينتج ما يمكن تسميته الأناقة التجريبية.

إعلان

ففي الفيزياء، جمعت جائزة موجات الجاذبية لعام 2017 عقودا من المثابرة الهندسية مع نظرية أينشتاين التي تعود إلى قرن من الزمان. وفي الكيمياء، كرّمت جائزة عام 2019 بطاريات الليثيوم أيون، هذا الابتكار العملي الذي استند إلى فهم كهروكيميائي عميق.

وهكذا، يميل عمل نوبل إلى توحيد عالمين غالبا ما يُنظر إليهما على أنهما متعارضان: التجريبي والمفاهيمي.

بيتر هيغز (يسار) وفرانسوا إنغليرت حصلا على جائزة نوبل للفيزياء عام 2013 (غيتي)ابتكار طويل العمر

لطالما كانت لجان نوبل حذرة، حيث تُكافئ هذه الجوائز الأعمال التي صمدت أمام تدقيق الزمن، وهنا يظهر ما يُسمى "تأخير جائزة نوبل" وهو متوسط ​​20-30 عامًا بين الاكتشاف والاعتراف به.

ويضمن هذا النمط ألا يكون العمل الفائز مجرد اتجاه عابر، بل أن يكون إنجازا حقيقيا تم التثبت من أثره وظهر واضحا جليا في الاستشهادات التي حصل عليها هؤلاء العلماء، ونضجت آثاره العملية.

وعلى سبيل المثال، حصل بيتر هيغز وفرانسوا إنغليرت على جائزة نوبل لعام 2013 عن آلية هيغز التي طُرحت عام 1964، بعد نصف قرن تقريبًا، بعد تأكيد الجسيم تجريبيًا في سيرن.

مؤتمر إعلان جائزة نوبل (رويترز)العوامل التكنولوجية

على الرغم من أن جائزة نوبل تركز على "الاكتشافات" لا الاختراعات، فإن التكنولوجيا تلعب دورًا لا غنى عنه. فالعديد من الحائزين على الجائزة هم مهندسو أدوات جديدة تُوسّع نطاق ما يُمكن للعلم رصده.

ومثلا عام 1986، فتح اختراع مجهر المسح النفقي آفاق عالم النانو. وعام 2008، أدى اكتشاف ياماناكا -لإعادة برمجة الخلايا البالغة إلى خلايا جذعية متعددة- القدرات إلى ظهور مجال جديد كليا في الطب التجديدي.

ويجسد هذا العمل ما يُطلق عليه الفيلسوف إيان هاكينغ "جعل الظواهر مرئية". ولا تقتصر هذه التقنيات على قياس الطبيعة فحسب، بل تكشف أيضا عن طبقات منها كانت عصية على الفهم سابقًا، موسعة بذلك نطاق الإدراك البشري.

الفضول والمخاطرة والتحدي

من السمات الأكثر دقةً بين الحائزين على جائزة نوبل: الشجاعة الفكرية، أي الاستعداد لتحدي الإجماع. ومن اكتشاف باربرا ماكلينتوك للعناصر الجينية القابلة للنقل (التي كانت تُعتبر في السابق "خردة") إلى إحياء تو يويو للطب العشبي القديم لعلاج الملاريا، وغالبا ما تبدأ أعمال نوبل في عزلة علمية.

ويعكس هذا درسًا فلسفيًا عميقا يقول إن الإبداع في العلم، كما في الفن، يزدهر على أطراف المألوف.

ولو تأملت قليلا، لوجدت أن الاكتشافات الحائزة على جوائز نوبل تظهر حيث تلتقي المخاطرة بالفهم العميق، أي عندما يطرح الباحثون أسئلة جوهرية لدرجة أن المجال نفسه يجب أن يتطور للإجابة عنها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات على جائزة نوبل من السمات التی ت

إقرأ أيضاً:

عائلات الرهائن الإسرائيليين تطالب بمنح ترامب جائزة نوبل للسلام

صراحة نيوز-دعا منتدى عائلات الرهائن والمفقودين الإسرائيليين، اليوم الاثنين، إلى منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب جائزة نوبل للسلام، تقديرًا لما وصفه بـ”عزمه على تحقيق السلام في الشرق الأوسط”.

وقال المنتدى، في رسالة بعث بها إلى اللجنة النرويجية لجائزة نوبل، إن ترامب “جعل ما كان يُقال إنه مستحيل، ممكنًا”، في إشارة إلى خطته الأخيرة لإنهاء حرب غزة.

وأضاف في بيان تضمن مضمون الرسالة:

“نحضّكم بشدة على منح الرئيس ترامب جائزة نوبل للسلام، لأنه تعهّد ألا يهدأ أو يتوقف حتى يعود كل رهينة إلى منزله”.

وأوضح المنتدى أن خطة ترامب الشاملة، التي تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن وإنهاء الحرب في غزة، “مطروحة حاليًا على الطاولة”، مشيرًا إلى أن “أي زعيم في العالم لم يدفع باتجاه السلام أكثر منه خلال الأشهر الماضية”.

وتأتي هذه الدعوة تزامنًا مع بدء مباحثات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في مصر، تستند إلى خطة من 20 بندًا أعلنها ترامب الأسبوع الماضي لوقف الحرب في القطاع.

وكان ترامب قد عبّر في تصريحات سابقة عن رغبته في نيل جائزة نوبل للسلام، معتبرًا أنه “الأحق بها”، رغم أن محللين يرون أن فرصه في الحصول عليها ضعيفة للغاية.

وأكد الرئيس الأميركي أنه نجح في إنهاء “ست أو سبع حروب” منذ عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، مشيرًا إلى أن خطته للسلام في غزة تمثل “الفرصة الأخيرة لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط”.

مقالات مشابهة

  • خبراء يستبعدون نيل ترامب نوبل السلام
  • بريطاني وفرنسي وأميركي يحصلون على جائزة نوبل للفيزياء
  • منح جائزة نوبل في الفيزياء لثلاثة علماء
  • إنجاز في الحوسبة الكمية.. 3 علماء يتقاسمون جائزة نوبل للفيزياء
  • ثلاثة علماء يفوزون بـ«نوبل الطب 2025»
  • عائلات الرهائن الإسرائيليين تطالب بمنح ترامب جائزة نوبل للسلام
  • 3 علماء يحصلون على جوائز نوبل في الطب
  • جائزة نوبل في الطب تذهب إلى 3 علماء
  • انطلاق أسبوع جوائز نوبل بإعلان جائزة الطب