بين ابتزازٍ واستجداءٍ للرياض.. وقف حرب غزة يُعيد الحوثي إلى نقطة الصفر
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
عاودت ميليشيا الحوثي الإرهابية إطلاق تهديداتها بمهاجمة المصالح الحيوية داخل المملكة العربية السعودية، بعد أقل من أسبوع على التوصل إلى اتفاقٍ لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وخلال اليومين الماضيين، أطلقت عددًا من القيادات في الميليشيا المدعومة من إيران تهديداتٍ باستهداف مصالح حيوية داخل السعودية، عقب دعوةٍ وجهها رئيس المجلس السياسي للميليشيا، مهدي المشاط، إلى الرياض.
المشاط، وفي كلمةٍ بثها إعلام الميليشيا بمناسبة ذكرى ثورة 14 أكتوبر، دعا الرياض إلى "الانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى إنهاء العدوان والحصار والاحتلال، وتنفيذ الاستحقاقات الواضحة للسلام"، دون تحديد طبيعة هذه الاستحقاقات.
دعوةُ المشاط، التي خلت من أي تهديداتٍ وبدت كرسالة استجداء، برّرها بالقول إنها "لقطع المجال أمام من يستثمر في الحروب بين أبناء أمتنا خدمةً لإسرائيل".
وفي حين استخدم المشاط لغةً ناعمة لمخاطبة الرياض، سارعت قياداتٌ في الميليشيا إلى إطلاق تهديداتٍ بمهاجمة أهم المصالح الحيوية داخل السعودية، وعلى رأسها شركة "أرامكو" النفطية، كما هدد بذلك عضو المجلس السياسي للميليشيا الحوثية، حزام الأسد، في منشورٍ له على منصة "إكس".
وزعم الأسد أن الرياض تحاول، بعد عشر سنواتٍ من الحرب، "التملّص من حقوق شعبنا والمماطلة في تنفيذ التزاماتها"، متوعدًا السعودية، إذا أصرت "على العناد والمراوغة" – حسب قوله – باستهداف "أرامكو" ومدينة "نيوم"، المشروع الاستراتيجي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
في حين ضمّ زميله في المكتب السياسي للميليشيا، محمد الفرح، الإمارات إلى جانب السعودية في تهديداته، متهمًا الرياض وأبوظبي بالعمل على تأجيج السخط الشعبي ضد سلطة الميليشيا، "في محاولةٍ لصرف الأنظار عن مسؤوليتهما في استمرار الحصار والعدوان"، حسب زعمه.
وتوعّد القيادي الحوثي الفرح بـ"انتزاع واستعادة الحقوق من القوى التي دمّرت البلاد خدمةً لأجنداتٍ أمريكيةٍ وصهيونيةٍ"، وترافقت هذه التهديدات مع أخرى مماثلة صدرت عن وسائل إعلامٍ ونشطاء تابعين للميليشيا على مواقع التواصل الاجتماعي ضد السعودية ودول التحالف.
هذا التباين بين لغة الاستجداء من قبل رأس الميليشيا، ولغة التهديد والوعيد من قياداتٍ أقلّ درجة، يراه مراقبون انعكاسًا للمأزق الذي تعيشه حاليًا ميليشيا الحوثي بعد وقف الحرب في غزة، التي مثّلت لها خلال العامين الماضيين لافتةً للهروب من استحقاقات الداخل نحو التصعيد في البحر والمنطقة.
وتتمثل استحقاقات الداخل في ملف السلام ومساره، الذي عطّلته الميليشيا عبر التصعيد في البحر الأحمر، ما أدى إلى التضحية بالمكاسب التي كانت قد تحصّلت عليها ضمن ما تُسمّى بـ"خارطة الطريق"، التي أُعلن عنها من قبل المبعوث الأممي أواخر عام 2023م.
ورغم التصعيد الذي فجّرته الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران وتهديداتها للملاحة الدولية، فإن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، أكد في تصريحٍ منتصف العام الماضي أن خريطة الطريق اليمنية جاهزة، معبّرًا عن أمله في أن يتم "التوقيع عليها عاجلًا"، مشددًا حينها على الحاجة إلى "الانتقال إلى حالةٍ أفضل، لأن الأوضاع في اليمن لا تزال صعبة، لا سيما على الصعيد الاقتصادي"، حسب قوله.
تمسكُ الرياض بمسار السلام قابله تعنتٌ حوثيٌّ عطّل هذا المسار عبر الاستمرار في التصعيد تحت لافتة "إسناد غزة"، ومع توقف الحرب في القطاع دون أن تحقق الميليشيا أي مكاسب عسكرية أو سياسية، وجدت نفسها اليوم أمام تحدٍّ حقيقي في التعامل مع المرحلة القادمة.
فالميليشيا تدرك أن الرياض وحدها القادرة على إلغاء الفيتو الأمريكي–الغربي المجمّد لمسار السلام في اليمن، وهو ما يفسّر لغة الاستجداء التي ظهر بها المشاط، مع محاولة التلويح بخيار الحرب كورقة ضغطٍ لا أكثر، نظرًا لفداحة الفاتورة في حال قررت الميليشيا اللجوء إلى هذا الخيار الصعب.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
تصاعد الحرب التجارية بين أمريكا والصين يهزّ وول ستريت ويشعل التوترات الاقتصادية العالمية
تصاعدت وتيرة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مؤخرًا، ما انعكس سلبًا على أداء وول ستريت ممثلة في بورصتي نيويورك وناسداك، وهما أكبر أسواق الأسهم العالمية من حيث القيمة السوقية، وذلك عقب فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة على السلع الصينية، وردّ بكين بإجراءات مماثلة.
وبحسب تقرير لقناة "سي إن إن عربي"، ارتفع مؤشر الخوف في وول ستريت إلى أعلى مستوياته في نحو خمسة أشهر قبل أن يتراجع قليلًا خلال تعاملات أمس الثلاثاء، في ظل تذبذب الأسهم الأمريكية نتيجة تجدد المخاوف من تصاعد التوترات التجارية بين الجانبين.
وسجّل مؤشر التقلبات "فيكس" (Cboe Volatility Index)، الذي يُعد مقياسًا لمدى قلق المستثمرين في الأسواق ويعكس الطلب على أدوات التحوّط من تقلبات الأسهم، ارتفاعًا بنحو 0.7 نقطة ليصل إلى 19.68 نقطة، بعد أن لامس خلال الجلسة مستوى 22.94 نقطة، وهو الأعلى منذ 23 مايو الماضي.
وأظهرت بيانات الجمارك الصينية ارتفاع صادرات الصين إلى مختلف دول العالم بنسبة 8.3% على أساس سنوي لتبلغ 328.5 مليار دولار، متجاوزة توقعات المحللين، فيما تسارع نمو الصادرات خلال سبتمبر مقارنة بأغسطس الذي سجل زيادة قدرها 4.4% فقط. وفي المقابل، تراجعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 27% خلال سبتمبر، لتواصل انخفاضها للشهر السادس على التوالي، بعد تراجع نسبته 33% في أغسطس.
كما خفّضت الصين بشكل حاد مشترياتها من فول الصويا الأمريكي، في خطوة وصفها ترامب سابقًا بأنها "تكتيك تفاوضي"، إذ تُعد الصين أكبر مستورد عالمي لفول الصويا، وقد اتجهت مؤخرًا إلى زيادة وارداتها من البرازيل والأرجنتين بدلاً من الولايات المتحدة، في ظل تصاعد الرسوم الجمركية والخلافات التجارية بين البلدين.
وأعلن ترامب عبر منصات التواصل الاجتماعي أن بلاده تدرس إنهاء بعض العلاقات التجارية مع الصين، بما في ذلك الواردات المتعلقة بزيت الطهي، معتبرًا أن امتناع بكين المتعمّد عن شراء فول الصويا الأمريكي يشكل "عملًا عدائيًا اقتصاديًا". وأضاف:
"نحن ندرس إنهاء الأعمال التجارية مع الصين في مجالات مثل زيت الطهي وعناصر أخرى، كإجراء انتقامي. يمكننا بسهولة إنتاج زيت الطهي بأنفسنا، ولسنا بحاجة إلى استيراده من الصين".
وأشار ترامب إلى أنه يأمل في مناقشة ملف فول الصويا مع نظيره الصيني شي جين بينغ خلال الفترة المقبلة، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن واشنطن قد توقف جزءًا كبيرًا من وارداتها من الصين إذا استمرت التوترات التجارية بين البلدين.