هل ينجح اتفاق الدوحة بإنهاء عقود من الصراع الحدودي بين أفغانستان وباكستان؟
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
يتساءل خبراء ومحللون عما إذا كان الاتفاق الذي توصلت إليه أفغانستان وباكستان في الدوحة قادرا على معالجة الجذور التاريخية العميقة للنزاع بين البلدين، أم أنه مجرد هدنة مؤقتة ستتبعها جولات جديدة من التصعيد، في ظل وجود "فاعلين مسلحين" من غير الدول وخلافات حدودية وسياسية ممتدة منذ حقبة الاستعمار البريطاني.
جاء هذا الاتفاق التاريخي بعد مواجهات دامية استمرت أياما وخلفت عشرات القتلى والجرحى، ووصلت ارتداداتها إلى العاصمة الأفغانية كابل، حيث وقعت انفجارات عنيفة.
وشهدت الدوحة -اليوم الأحد- اختراقا لافتا في هذا الملف، بعد أن دخل البلدان في سلسلة مواجهات عسكرية حادة على الحدود المشتركة، ووصلا إلى هدنة مؤقتة الأربعاء الماضي، لكن الحاجة كانت ماسة لاتفاق أكثر ديمومة وشمولية.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية القطرية -في بيان رسمي- اتفاق الجانبين الباكستاني والأفغاني خلال المحادثات على وقف فوري لإطلاق النار وإنشاء آليات تعنى بترسيخ السلام والاستقرار الدائمين بين البلدين، معربة عن أملها في أن يشكل الاتفاق أساسا متينا لسلام مستدام.
ولضمان فعالية هذا الاتفاق، توافق الطرفان -حسب البيان- على عقد اجتماعات متابعة خلال الأيام القليلة المقبلة للتحقق من تنفيذه بطريقة موثوقة ومستدامة، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في البلدين.
ردود الفعل
وعلى صعيد ردود الفعل الرسمية، أكد وزير الدفاع الأفغاني الملا محمد يعقوب مجاهد -في تصريحات للجزيرة- التزام حكومته الكامل بالاتفاق مع باكستان، مشددا على أن كابل تريد حل كل المشاكل بالحوار، محذرا من أن عدم الالتزام بنصوص الاتفاق وقيام كل طرف بما يحلو له لن يؤدي إلى حل المشكلات، بل ستكبر وسيتسع نطاقها.
من الجانب الباكستاني، أشار وزير الدفاع خواجة محمد آصف إلى اتفاق الجانبين الأفغاني والباكستاني على ضرورة وقف الإرهاب وبذل جهود مشتركة للتخلص منه.
إعلانواعتبر الوزير الباكستاني -في مقابلة مع الجزيرة- أن وجود قطر وتركيا ونياتهما الحسنة في التوصل إلى الاتفاق يشكل ضمانة حقيقية لوقف الأعمال الإرهابية وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
أولا، يبدو الكاتب والمحلل السياسي محب الله الشريف مستغربا من سرعة التوصل للاتفاق خلال مفاوضات الدوحة، مؤكدا أن أفغانستان وباكستان ليستا جاهزتين لتحمل ضغوط كبيرة بسبب المشاكل التي تواجه كل بلد على حدة.
وفي الإطار نفسه، اعتبر الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية سميع رضا أن المساعي الحميدة لقطر وتركيا جاءت في مقدمة العناصر التي ساعدت على التقريب بين موقفي الدولتين، مشددا على أن كلتا الدولتين لم تريد التصعيد، لكن الأمور خرجت عن نطاق السيطرة.
المصالح الباكستانية
أما عن المصالح الباكستانية من الاتفاق، فيلفت رضا إلى أن إسلام آباد تريد حدودا غربية آمنة، "وهذا هو الهدف الأهم للحكومة والدولة الباكستانية".
غير أنه أشار إلى تعقيد مهم للصورة يتمثل في وجود "فاعلين من غير الدول" في منطقة الحدود لا يخضعون لسيطرة أي من الحكومتين، موضحا أن هؤلاء الفاعلين يشملون منظمات مسلحة تشن هجمات على أجهزة الأمن الباكستانية داخل باكستان وحتى على المدنيين، وهم غير مقبولين رسميا من حكومتي الطرفين.
من جانبه، ذهب كبير الباحثين في المجلس الأطلسي لشؤون أفغانستان وباكستان عمر صمد إلى تسليط الضوء على الجذور التاريخية للأزمة، موضحا أنها تعود إلى مرحلة الاستعمار البريطاني وتقسيم الهند وعقود من المشكلات التي لم يتم التعامل معها على نحو صحيح، مشددا على مسؤولية البلدين الجارين بتضافر جهودهما للتوصل إلى حل يرضيهما.
وطلب من كلا البلدين الجارين الاستناد إلى الوقائع والأدلة، بدلا من تبادل الاتهامات التي لا يمكن التحقق منها، محذرا من أن تبادل الاتهامات فقط لن يؤدي إلى حلول في نهاية المطاف.
كما دعا إلى وجود تدابير وإجراءات مقبولة لدى الطرفين سواء تمثل ذلك في المراقبة أو تقييم الوضع أو إجراءات بناء الثقة أو إحضار خبراء من بلدان -مثل قطر وتركيا- تلعب دورا مهما.
أما عن التحدي الأكبر المتمثل في التنفيذ الميداني، فقد رأى المحللون أن نجاح الاتفاق يعتمد على آليات التنفيذ على الأرض.
وفي هذا الصدد، أشار الشريف إلى أن أهم جزء سيكون المراحل التنفيذية للاتفاق التي تتطلب وفودا مهنية من الطرفين تدرس الموضوع وتبحث القضايا بصورة جذرية وبكل صراحة وإخلاص، مضيفا أن هذا الاتفاق يفتح المجال للحديث عن القضايا الجذرية بين الجانبين، سواء كان الأمر يتعلق بالأمور الأمنية والاستخباراتية والسياسية.
ومن الناحية الإجرائية والعملية، أوضح رضا أن الآليات التي يتم الحديث عنها تتعلق بإجراءات الرصد والمراقبة الأولية للحوادث التي تقع في منطقة الحدود الدولية بين البلدين، مع الحاجة لإجراءات بناء الثقة التي تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة بدلا من أن تعزز.
وعلى مستوى البيئة الإقليمية المحيطة، أشار رضا إلى أن البلدان الإقليمية -خاصة إيران وبلدان آسيا الوسطى- سيكون لها مصلحة في تحقيق السلام في هذه المنطقة، معتبرا أن أي تصعيد لن يكون لصالح أي من البلدان، في ظل الحروب التي تلوح في الأفق في كل المنطقة حتى الشرق الأوسط.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات أفغانستان وباکستان
إقرأ أيضاً:
مصادر: أفغانستان وباكستان تمددان وقف إطلاق النار 48 ساعة
قال 3 مسؤولين أمنيين باكستانيين ومصدر من حركة طالبان الأفغانية، إن البلدين اتفقا الجمعة على تمديد وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة، لحين اختتام محادثات مقررة في الدوحة.
وذكرت المصادر أن وفدا باكستانيا وصل بالفعل إلى الدوحة، بينما من المتوقع وصول وفد أفغاني إلى العاصمة القطرية، السبت.
وأدت هدنة مؤقتة بين الجارتين، الأربعاء، إلى توقف قتال عنيف استمر أياما وأسفر عن مقتل العشرات وإصابة المئات.
وبدأت المواجهات الأسبوع الماضي عقب انفجارات شهدتها العاصمة الأفغانية، حملت سلطات طالبان إسلام آباد المسؤولية عنها.
وردا على ذلك، شنت قوات طالبان الأفغانية هجوما قرب الحدود، مما دفع باكستان إلى التعهد برد قوي.
وأحصت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) مقتل 37 مدنيا وإصابة 425 على الجانب الأفغاني من الحدود، خلال الأيام القليلة الماضية، داعية الطرفين إلى إنهاء الأعمال العدائية "بشكل دائم".
ويندرج التصعيد العسكري بين باكستان وأفغانستان في إطار التوترات المتكرّرة على خلفية قضايا أمنية.
وتواجه إسلام آباد تجددا للهجمات ضد قواتها الأمنية، وتتهم جارتها أفغانستان بـ"إيواء جماعات إرهابية"، الأمر الذي تنفيه كابل.