بعد رفض خوض الانتخابات.. رئيس الموساد يغلق الباب أمام تأسيس حزب جديد
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
قال يوسي كوهين، الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي، إنه قرر عدم خوض الانتخابات العامة المقبلة، مؤكدًا أنه لن يترشح لا بشكل مستقل ولا ضمن أي حزب سياسي قائم.
جاء ذلك وفق ما ذكرته قناة "كان" الإخبارية العبرية، التي أوضحت أن كوهين أبلغ مقربين منه برغبته في الابتعاد مؤقتًا عن الحياة السياسية، والتركيز على نشاطاته في القطاعين الأمني والاقتصادي.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أفادت، في يونيو الماضي، بأن كوهين يفكر في تأسيس حزب سياسي جديد يخوض من خلاله الانتخابات القادمة للكنيست، في ظل تراجع الثقة بالأحزاب التقليدية، وسعي بعض الشخصيات الأمنية البارزة لتقديم نفسها كبديل قيادي جديد داخل الساحة السياسية الإسرائيلية.
وبحسب تقرير للقناة الثانية عشرة الإسرائيلية (القناة 12)، فإن كوهين تلقى خلال الأشهر الماضية عروضًا من أحزاب مختلفة للانضمام إلى صفوفها، إلا أنه فضل التريث ودراسة المشهد السياسي قبل اتخاذ أي خطوة، موضحة أنه كان يميل إلى فكرة إنشاء فصيل سياسي مستقل يعكس رؤيته حول الأمن القومي والعلاقات الخارجية لإسرائيل.
ويُعد يوسي كوهين من أبرز الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ تولى سابقًا منصب مستشار الأمن القومي في مكتب نتنياهو، قبل أن يُعينه الأخير رئيسًا لجهاز الموساد عام 2016، حيث أشرف على عمليات استخباراتية حساسة داخل وخارج إسرائيل، عززت مكانته في المؤسسة الأمنية والسياسية.
ويُشار إلى أن كوهين، الذي يُلقب في الأوساط الإسرائيلية بـ"رجل الظل"، كان يُنظر إليه على نطاق واسع كأحد الخلفاء المحتملين لنتنياهو في قيادة اليمين الإسرائيلي، إلى جانب السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن رون ديرمر.
ومع ذلك، يبدو أن قراره الأخير بالابتعاد عن الساحة الانتخابية يعكس حسابات دقيقة تتعلق بتوازن القوى داخل إسرائيل، وربما انتظارًا لتطورات سياسية قد تفتح أمامه فرصة أنسب في المستقبل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اسرائيل الموساد الانتخابات الإسرائيلية يوسي كوهين نتنياهو الليكود
إقرأ أيضاً:
الانتخابات الإسرائيلية المقبلة وفرص التسوية السلمية بعد الاتفاق
الانتخابات الإسرائيلية المقبلة محطة حاسمة في تحديد مستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ بعد اتفاق غزة الذي أنهى مرحلة من التصعيد العسكري وفتح الباب أمام احتمالات جديدة للتسوية السلمية، خاصة بعد الحديث الإعلامي حتى الساعة في إسرائيل عن تقريب وقت وموعد الانتخابات، وكل فريق منهم يريدها على قياسه في مجتمع انتخب قبل السابع من أكتوبر عدة مرات في سنوات قلائل؛ كانت تدلل على فجوة بين المقترعين على كل القضايا الجوهرية وفجوة على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وربما الكيانية، شكلا ومضمونا وهيكلة.
فالمشهد السياسي في إسرائيل يعكس انقساما عميقا بين التيارات التي ترى في التسوية خيارا ضروريا لضمان الأمن والاستقرار الاقتصادي، وبين قوى أخرى تعتبر أي تنازل سياسي تهديدا لهوية الدولة وأمنها القومي.
تأتي هذه الانتخابات في لحظة دقيقة يتراجع فيها نفوذ بعض الأحزاب التقليدية ويصعد التيار الديني القومي الذي يمثله بن غفير وسموتريتش، وهو تيار يرفض صراحة أي خطوات باتجاه دولة فلسطينية أو تقليص الوجود الاستيطاني. هذا التوجه يزيد من تعقيد المشهد أمام أي حكومة قادمة تسعى إلى استئناف مسار سياسي مع الفلسطينيين أو تطبيق بنود إعادة الإعمار وفق ترتيبات دولية.
هذه الانتخابات في لحظة دقيقة يتراجع فيها نفوذ بعض الأحزاب التقليدية ويصعد التيار الديني القومي الذي يمثله بن غفير وسموتريتش، وهو تيار يرفض صراحة أي خطوات باتجاه دولة فلسطينية أو تقليص الوجود الاستيطاني
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نحو 62 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون وقف الحرب، لكن فقط 28 في المئة يثقون بإمكانية تحقيق تسوية سلمية حقيقية في المدى القريب، ما يعكس حجم الفجوة بين الرغبة في الهدوء وفقدان الثقة في القيادة السياسية التي أضحت سمعتها كارثية في كل المحافل الدولية. وهذا أحد دوافع ترامب لفك العزلة عن إسرائيل عبر الاتفاق في هذه اللحظة، خاصة بعد العدوان على الدوحة.
من الناحية الداخلية، قد تشهد إسرائيل إعادة تشكيل للخارطة الحزبية، حيث يسعى معسكر الوسط بقيادة شخصيات مثل غانتس ولابيد إلى تقديم بديل متوازن يجمع بين الأمن والانفتاح السياسي. غير أن قدرة هذا المعسكر على الفوز تتوقف على حجم المشاركة الانتخابية في المدن الكبرى، وعلى موقف الناخبين المترددين الذين تأثروا اقتصاديا وأمنيا بالحرب الأخيرة. وإذا ما تمكن هذا التيار من تشكيل حكومة مستقرة، فقد يشكل ذلك فرصة فعلية لإعادة إحياء مسار التسوية برعاية أمريكية وعربية مشتركة، خاصة مع دعم دولي متزايد لإعادة إعمار غزة وربط ذلك بتدابير أمنية طويلة الأمد. وربما هذا ما تحتاجه أمريكا وكل الدول الأوروبية بعد الاعترافات الأخيرة عبر المبادرة السعودية الفرنسية، ولكن تبقى الخطورة في مجتمع إسرائيلي غارق في التطرف وأصبح عالقا ما بين الخيارات المتراوحة بين اليمين -اليمين المتشدد- ويمين متطرف، وهذه كارثة لكل الحالمين في تسوية قريبة.
أما الطامة لكل المراهنين على مسارات التسوية السلمية فتكمن إذا ما احتفظ اليمين المتشدد بقدرته على فرض شروطه داخل الائتلاف الحاكم، فإن آفاق التسوية السلمية ستظل محدودة للغاية. فاستمرار وجود شخصيات متشددة في مواقع القرار يعني توجها نحو تثبيت سياسة الأمر الواقع ورفض التفاوض على الملفات الجوهرية، كالأمن والحدود والقدس. وهذا السيناريو سيؤدي إلى تجميد أي مبادرة جديدة، ويزيد من عزلة إسرائيل الدولية في ظل التحولات المتسارعة في الرأي العام الغربي الذي بدأ يتجه إلى تحميل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مسؤولية استمرار الصراع.
على الصعيد الإقليمي، تتابع عدة دول عربية مسار الانتخابات الإسرائيلية بعين القلق، إذ تعتبر أن فوز "تيار الاعتدال" (واقولها بتحفظ حيث المعتدلين غدوا متطرفين) قد يعيد الزخم لمسار التطبيع المشروط بوقف الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية. أما في حال فوز التيار اليميني المتطرف، فسيؤدي ذلك إلى إضعاف فرص الانفتاح الإقليمي وتراجع الثقة بأي التزامات إسرائيلية مستقبلية. الإدارة الأمريكية، رغم دعمها التاريخي لإسرائيل، تجد نفسها مضطرة لإعادة تقييم سياستها في ضوء المتغيرات الداخلية الإسرائيلية والتوجهات الجديدة للرأي العام الأمريكي الذي أصبح أكثر حساسية تجاه القضايا الإنسانية في غزةكما أن الإدارة الأمريكية، رغم دعمها التاريخي لإسرائيل، تجد نفسها مضطرة لإعادة تقييم سياستها في ضوء المتغيرات الداخلية الإسرائيلية والتوجهات الجديدة للرأي العام الأمريكي الذي أصبح أكثر حساسية تجاه القضايا الإنسانية في غزة.
اقتصاديا، تُظهر المؤشرات الأخيرة أن كلفة الحرب وما تبعها من دمار في البنية التحتية والأعباء الأمنية دفعت الاقتصاد الإسرائيلي نحو التباطؤ، مما يعزز الحاجة إلى بيئة سياسية مستقرة تعيد الثقة بالاستثمار والسوق. وتشير تقارير المؤسسات المالية إلى أن تحقيق نمو مستدام يتطلب خفض التوترات وإطلاق مسار تفاوضي يقلل من احتمالات تجدد المواجهات، وهو ما يجعل خيار التسوية السلمية ليس مجرد مطلب سياسي بل ضرورة اقتصادية أيضا، والأرقام شواهد وما أكثرها.
في الخلاصة، تشكل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة اختبارا لمستقبل الاتجاه السياسي في إسرائيل بين منطق الأمن الدائم ومنطق التسوية المستدامة. فإذا نجح التيار الوسطي في كسب ثقة الناخبين وتشكيل حكومة قادرة على إعادة فتح قنوات الحوار مع الفلسطينيين، فقد يشهد الشرق الأوسط بداية مرحلة جديدة من التهدئة وإعادة الإعمار، أما إذا استمر نفوذ القوى المتطرفة، فإن اتفاق غزة سيبقى حدثا مؤقتا لا يغيّر جوهر الصراع، والطامة إذا ما ترافق مع تجار الهيكل العالمي الذين يريدون غزة ريفييرا جديدة، هنا ستظل التسوية السلمية هدفا بعيد المنال في ظل غياب الإرادة السياسية والتوازن المطلوب بين الأمن والعدالة وحماية الحقوق الإنسانية والتاريخية.