صوفيا- تصدرت بلغاريا دول الاتحاد الأوروبي في نسبة ارتفاع أسعار العقارات خلال عام 2024 مسجلة قفزة بلغت 16.5%، وفق بيانات أداة المسح الإحصائي الرسمية للاتحاد (يوروبا روميتر).

ومن المتوقع أن تحافظ البلاد على موقعها المتصدر خلال العام الجاري، مع ظهور أحياء سكنية جديدة في العاصمة صوفيا والمدن الكبرى، في ظل استمرار الأزمة السياسية الداخلية منذ 5 سنوات.

عوامل الطفرة العقارية

أوضح الخبير المالي تِيخومير توشيف -في حديث للجزيرة نت- أن التوجّه نحو الانضمام إلى منطقة اليورو، وانخفاض أسعار الفائدة على القروض العقارية، إلى جانب زيادة الدخل والمدخرات، ومحاولات البلغار حماية أموالهم من التضخم خلال السنوات الأخيرة "كلها عوامل أسهمت في ارتفاع الطلب على العقارات وازدياد أسعارها".

وأضاف توشيف أن "العام الحالي يُتوقع أن يكون قياسيًا من حيث حجم الصفقات العقارية" مشيرا إلى أن متوسط نمو الصفقات منذ بداية العام يتراوح على المستوى الوطني بين 8 و10% مقارنة بالعام الماضي، ويُتوقع أن تتراوح زيادة الأسعار لعام 2025 بين 16و18% رغم مؤشرات أولية على بدء استقرار السوق.

ويلعب عامل الخوف من استمرار ارتفاع الأسعار، بعد الانضمام إلى منطقة اليورو أول يناير/كانون الثاني 2026، دورًا مهمًا في تحفيز السوق ودفع المشترين نحو الإسراع بإتمام الصفقات.

وفي هذا السياق، قال توشيف "العام المقبل، سنحتاج أولاً إلى التكيف مع العملة الجديدة، وفهم آلية التحويل بين الليف (عملة بلغاريا) واليورو، ومتابعة أسعار السلع والخدمات. وأتوقع أن يشهد سوق العقارات تباطؤًا في وتيرة النشاط، مع انخفاض في عدد الصفقات، لكن مع بقاء الأسعار مستقرة على المستويات الحالية".

وأكد الخبير المالي أن البلغار أنفسهم يشكلون المحرك الأساسي لسوق العقارات في البلاد، موضحًا أن "الصفقات التي يبرمها الأجانب لا تتجاوز 1% من إجمالي الصفقات، ولا تُعدّ مؤثرة في اتجاهات السوق العامة".

عمارات وبنية تحتية قيد البناء في صوفيا (الجزيرة)الفائدة المنخفضة

عام 2022، بدأ كل من مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي والمركزي الأوروبي رفع الفائدة إلى أن بلغت نحو 5.5% في الولايات المتحدة و4% بمنطقة اليورو، في محاولة للحد من التضخم الذي أعقب جائحة كورونا وأزمة الطاقة.

إعلان

وخلال عام 2024، شرعت البنوك المركزية في خفض تدريجي لهذه الفائدة، غير أن بلغاريا كانت الدولة الوحيدة داخل الاتحاد الأوروبي التي لم تضطر إلى المرور بهذه الدورة من الزيادات والتخفيضات، وظل القطاع المصرفي يتمتع بسيولة فائضة ومستويات مرتفعة من المدخرات.

وقد سمح هذا الوضع بالحفاظ على أسعار الفائدة على القروض العقارية عند متوسط بلغ نحو 2.5%. ووفق بيانات المركزي البلغاري، بلغت المدخرات الأسرية في سبتمبر/أيلول الماضي أكثر من 48 مليار يورو (55.8 مليار دولار) أي ما يعادل 43% من الناتج المحلي الإجمالي.

ارتفاع قياسي في القروض

من جانبه خصّ الخبير المالي إيفان ستويكوف من منصة "مويت باري دوت أورغ" (MoitePari.bg) الجزيرة نت بتحليل يُظهر أن حجم القروض السكنية بالنظام المصرفي البلغاري تضاعف أكثر من 4 مرات خلال السنوات الـ17 الماضية، أي منذ الأزمة المالية العالمية وحتى اليوم.

وبالأرقام، بلغ إجمالي القروض السكنية عام 2008 نحو 3.8 مليارات يورو (4.4 مليارات دولار) وقد وصل اليوم 16.5 مليار يورو (19.18 مليار دولار). وتتابع منصة "مويت باري دوت أورغ" السوق المالية في بلغاريا منذ 20 عامًا، وتحلل البيانات المتعلقة بالعروض المصرفية والائتمانية.

وقال ستويكوف للجزيرة نت إن عدد القروض الجديدة ارتفع خلال العام الماضي بأكثر من 20% "وهي نفس الاتجاهات التي شهدناها العام السابق. وحاليًا تُمنح شهريًا قروض تتراوح قيمتها بين 400 و600 مليون يورو".

ويأتي هذا النمو في القروض رغم الإجراءات التي اتخذها المركزي البلغاري في أكتوبر/تشرين الأول 2024 بهدف تهدئة وتيرة الإقراض. وقد علّق ستويكوف بقوله "البنوك مُلزمة حاليًا بتمويل ما لا يزيد على 85% من قيمة العقار، ولمدة لا تتجاوز 30 عامًا، مع تحديد الحد الأقصى للقسط الشهري بنسبة 50% من دخل العميل".

ورغم أن البنوك البلغارية لا تزال تتمتع بمستويات مرتفعة من الودائع، فإنه يُنتظر الحصول على مصدر جديد للسيولة مع اقتراب انضمام البلاد إلى منطقة اليورو. وأوضح توشيف أن "الانضمام لمنطقة اليورو سيُحرر نحو 8 مليارات يورو (9.3 مليارات دولار) إضافية، لأن البنوك لن تكون ملزمة بعد الآن بالاحتفاظ باحتياطي إلزامي بنسبة 12% بل 1% فقط، مما سيؤدي إلى ضخ هذه الأموال بالنظام المصرفي البلغاري".

تأثير الاقتصاد الموازي

يشكل الاقتصاد الموازي في بلغاريا نحو 25% من حجم الاقتصاد الوطني، وفق ما أعلنه مؤخرًا وزير العمل والسياسة الاجتماعية بوريسلاف غوتسانوف، وهو رقم لا يُعد مفاجئًا لكثيرين.

وتشير دراسات مختلفة إلى أن بلغاريا تتصدر دول الاتحاد الأوروبي من حيث حجم الاقتصاد غير الرسمي، ويُعتقد أن هذا العامل يُسهم كذلك في الازدهار الكبير الذي يشهده سوق العقارات في البلاد.

ويسعى كثير من البلغاريين إلى إضفاء الشرعية على أموالهم من خلال توجيهها نحو سوق العقارات، في ظل القواعد الصارمة داخل منطقة اليورو المتعلقة بمصدر الأموال وتحركاتها.

وفي هذا السياق، أكد ستويكوف أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال على الأغلب وُجّه خلال العامين الماضيين نحو سوق العقارات "وهو بمثابة فرصة لخروج هذه الأموال إلى النور، وكان لذلك أثر ملحوظ على السوق العقارية".

إعلان

وأضاف الخبير المالي أن هذا الواقع أدى إلى زيادة نشاط الشراء في سوق العقارات، مما ساعد على استقرار الأسعار عند مستوياتها الحالية، حتى في حال عدم تسجيل ارتفاعات إضافية.

صوفيا تستمر في التوسع (الجزيرة)

وقال توشيف إنه "على مدى السنوات الماضية تراكمت في بلغاريا مبالغ كبيرة من الأموال غير الرسمية. وتقدرها بعض التحليلات بنحو 10 مليارات يورو، وأخرى تصل بها إلى 15 مليارًا، وثمة من يعتقد أنها تفوق ذلك. إنها أموال غير رسمية لا يمكن لأحد تحديد حجمها بدقة".

وتتميّز بلغاريا عن باقي دول منطقة اليورو بكونها تعمل حتى الآن ضمن نظام مجلس النقد (Currency Board) وسيتم إلغاؤه مع دخولها الاتحاد النقدي الأوروبي. وفي الوقت نفسه، ترتفع معدلات التضخم بصورة سريعة، إذ بلغ في سبتمبر/أيلول الماضي 5.6% مقابل 2.2% بمنطقة اليورو.

وتوصف هذه الظاهرة بأنها غير معتادة، وغالبًا ما ترتفع معدلات التضخم لفترة محدودة بعد الانضمام لمنطقة اليورو، وليس قبله. وتُعد هذه المعطيات من العوامل التي تجعل الحالة البلغارية استثنائية نوعا ما، إذ يصعب التنبؤ بمستقبل أسعار العقارات سواء ستواصل ارتفاعها بالوتيرة ذاتها أم ستتجه نحو الاستقرار، غير أن معظم المحللين يتفقون على أمر واحد هو أن أسعار العقارات في بلغاريا لن تتراجع في المدى المنظور.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الخبیر المالی سوق العقارات منطقة الیورو فی بلغاریا

إقرأ أيضاً:

تقرير : 40٪ من المصريين يفضلون العقارات و18٪ يتجهون نحو الذهب كاستثمار آمن

كشف تقرير تحت عنوان «أفضل طرق الاستثمار في 2024» عن استمرار تصدّر العقارات لقائمة الخيارات الاستثمارية المفضلة لدى المصريين، حيث أظهر أن هذا القطاع ما زال يحظى بثقة كبيرة باعتباره الوسيلة الأكثر أمانًا للحفاظ على المدخرات في ظل التقلبات الاقتصادية وتذبذب أسعار العملات والذهب، وجاء الذهب في المرتبة الثانية، تليه الشهادات البنكية في المركز الثالث.

وأضاف التقرير السنوي الصادر عن «عقارماب» أن نحو 40٪ من المشاركين في الدراسة يفضلون توجيه أموالهم نحو الاستثمار العقاري، سواء بهدف الادخار طويل الأجل أو لتحقيق عائد من الإيجار أو إعادة البيع، مشيرًا إلى أن العقارات تظل الملاذ الأكثر استقرارًا في فترات ارتفاع التضخم وانخفاض القوة الشرائية للجنيه.

وأشار التقرير إلى أن الاستثمار في الذهب شهد قفزة ملحوظة خلال عام 2024، حيث ارتفعت نسبة المهتمين به إلى نحو 18٪ من المشاركين، مقارنة بـ 8٪ فقط في عام 2022، مدفوعًا بالارتفاعات القياسية في الأسعار عالميًا ومحليًا. وعلى الرغم من استمرار صعود أسعار الذهب العالمية في أطول موجة ارتفاع متواصلة منذ ما يقرب من 17 عامًا، إلا أنه ما زال يحتفظ بجاذبيته داخل السوق المصرية، خاصة بين الفئات الباحثة عن استثمار آمن وطويل المدى.

وأرجع التقرير هذا الارتفاع إلى تنامي القلق في الأسواق العالمية وضعف بعض البنوك الإقليمية الأمريكية، إلى جانب تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فضلًا عن التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الاجتماعين المقبلين للاحتياطي الفيدرالي، مما يعزّز توجه المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن في ظل هذه الظروف.

كما رصد التقرير اختلافًا واضحًا في تفضيلات الاستثمار بين الفئات الاجتماعية المختلفة، موضحًا أن الطبقة مرتفعة الدخل تركز على الاستثمار في العقارات كخيار أول يليها العملات الأجنبية والشهادات البنكية، بينما تميل الطبقة المتوسطة إلى الاعتماد على العقارات والذهب باعتبارهما خيارين مستقرين وآمنين في مواجهة التضخم، في حين تعتمد الفئات الأقل دخلًا على أساليب الادخار التقليدية مثل الجمعيات الشهرية، في ظل غياب بدائل استثمارية سهلة وميسّرة تلبّي احتياجاتها.

وأشار التقرير أيضًا إلى تراجع محدود في الإقبال على العملة الأجنبية والأنشطة التجارية الصغيرة مقارنة بعام 2023، نتيجة حالة عدم اليقين في سوق الصرف وتوجه المستثمرين نحو قنوات أكثر استقرارًا وأقل مخاطرة.

واستند التقرير إلى تحليل بيانات أكثر من مليوني مستخدم وزائر شهريًا لمنصة «عقارماب»، بجانب استطلاعات رأي دورية تغطي مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية داخل مصر، وتحليل بيانات أكثر من 300 ألف عقار بالتعاون مع ما يزيد على 600 مطور عقاري وشركة تسويق، بهدف رصد سلوك المستخدمين وتوجهاتهم الاستثمارية بدقة.

طباعة شارك المصريين العقارات ستثمار امن الذهب تصدّر العقارات طرق الاستثمار البنوك

مقالات مشابهة

  • غدا.. خطة البرلمان تناقش دعم الاقتصاد بـ4 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي
  • تقرير بيوت: استقرار أداء سوق العقارات في دبي خلال الربع الثالث لعام 2025
  • تقرير : 40٪ من المصريين يفضلون العقارات و18٪ يتجهون نحو الذهب كاستثمار آمن
  • منظمة السلطات التنظيمية لائتلاف الأدوية الدولي (ICMRA) تعلن انضمام المملكة بعضوية كاملة
  • بيع لوحة أحادية اللون مقابل 18.4 مليون يورو في مزاد بباريس
  • حزب الله: لن نسلم سلاحنا.. والضغط الأوروبي الأمريكي لن يؤثر علينا
  • خبير: زيارة الرئيس السيسي لبلجيكا عكست تحولًا نوعيًا.. ومصر أصبحت شريكًا أساسيًا للاتحاد الأوروبي
  • مدير "القاهرة للدراسات": 4 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي تعكس ثقة في الاقتصاد المصري
  • استثمارات أوروبية بـ5 مليارات يورو ودعم لموقف مصر في قضايا الإقليم