قدّم ترامب، مساء الأحد، تهانيه بوصفه فوز حزب ميلي بأنه "انتصار ساحق"، مضيفًا: "ثقتنا به أثبتها شعب الأرجنتين".

فاز حزب الرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف، خافيير ميلي، في الانتخابات التشريعية النصفية التي جرت يوم الأحد، وذلك بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حزمة إنقاذ للبلاد بقيمة 40 مليار دولار في حال فوز نظيره مجددًا.

وحصل حزب ميلي، "لا ليبرتاد أفانزا"، على 40.84% من الأصوات، ليفوز بـ13 مقعدًا من أصل 24 في مجلس الشيوخ، و64 مقعدًا من أصل 127 في مجلس النواب. في المقابل، حصلت المعارضة المتمثلة بحزب "فويرزا باتريا" على 31.67% من الأصوات.

أدنى مستوى اقتراع في تاريخ البلاد

على الرغم من إلزامية التصويت، كان الإقبال على الانتخابات في أدنى مستوياته منذ عام 1983، حيث بلغت نسبة المشاركة 67.85%، متجاوزةً بذلك أدنى رقم قياسي سابق كان قد سُجّل في عام 2021 بنسبة 71%.

مع ذلك، فقد حصل هذا "العرس الوطني"على اهتمام بالغ، لأنه كانت ستحدد مصير ميلي المدعوم من ترامب، ويمكنه من مواصلة وتعزيز سياساته القائمة على خفض الإنفاق الحكومي وإلغاء القيود التنظيمية على الاقتصاد.

حزمة ترامب

قدم الزعيم الجمهوري تهانيه مساء الأحد، واصفًا فوز حزب ميلي بـ"الانتصار الساحق"، ومضيفًا: "ثقتنا به تم تبريرها من قبل شعب الأرجنتين".

وكان ترامب قد أوضح قبل الانتخابات أن حزمة الإنقاذ الأمريكية البالغة 40 مليار دولار للأرجنتين ستكون مشروطة ببقاء ميلي في منصبه، قائلًا: "إذا خسر ميلي، لن نكون كريمين مع الأرجنتين. إذا فاز، سنبقى معه. وإذا لم يفز، سنرحل".

ترامب يبارك لنظيره الأرجنتيني الفوز في الانتخابات التشريعية

وقد رحب أنصار السياسي اليميني بهذه الخطوة، بينما اتهمه منتقدوه ترامب بالتدخل في الشؤون الداخلية للانتخابات الوطنية. فبعد زيارة ميلي للبيت الأبيض هذا الشهر، انتشر على الإنترنت وسم #PatriaOColonia الذي يعني "الوطن أم المستعمرة".

وكان ترامب قد أشاد بسياسات "الإصلاح" التي ينتهجها ميلي، والتي شملت خفض الإنفاق الحكومي وفصل عشرات الآلاف من موظفي القطاع العام، قائلًا في وقت سابق من هذا الشهر: "إنه على وشك تحقيق نجاح اقتصادي هائل، وأعلم أن سكوت بيسنت يساعده".

وأضاف مخاطبًا ميلي: "أسمع أن أرقامك في الاستطلاعات جيدة، لكن أعتقد أنها ستكون أفضل بعد هذه الانتخابات".

وصرّح الرئيس الأمريكي بأنه يعتقد أن ميلي سيتغلب على "ثقافة اليسار المرضية المتطرفة". كما أوضح أن خط الإنقاذ المالي للأرجنتين لا يحقق فائدة حقيقية للولايات المتحدة، قائلاً: "لسنا مضطرين للقيام بذلك. لن يحدث فرقًا كبيرًا لبلدنا، لكنه سيكون مهمًا لأمريكا الجنوبية. إذا نجحت الأرجنتين، سيتبعها الآخرون، وهناك الكثير ممن يتبعون".

بيسنت معلقًا على الحزمة

بدوره، وصف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت المساعدة – التي تشمل مبادلة عملات بقيمة 20 مليار دولار وخططًا لتمويل إضافي بقيمة 20 مليار دولار من القطاع الخاص – بأنها جزء من "عقيدة مونرو الاقتصادية" الجديدة في أمريكا اللاتينية.

وقال يوم الأحد لـ "NBC": "نعتقد أنه من الأفضل استخدام القوة الاقتصادية الأمريكية مباشرة لاستقرار حكومة صديقة وقيادة الطريق".

Related الأرجنتين تفرض سياسات هجرة أكثر صرامة: ترحيل المدانين وقيود على الجنسية ورسوم جديدةعمال القطاع الصحي في الأرجنتين يحتجون على تدني الأجور وسوء ظروف العملرشق رئيس الأرجنتين بالحجارة خلال تجمع انتخابي في بوينس آيرس ردود الفعل على النتائج "المفاجئة" والتحديات

رغم فوز ميلي في الانتخابات التشريعية النصفية، إلا أن المراقبين كانوا يستبعدون هذه النتيجة، مشيرين إلى أن شعورًا معاديًا لأمريكا يسود في المناطق اليسارية من الأرجنتين ومعظم أنحاء أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى شعور بعض الناخبين بالإرهاق من برنامج التقشف، وتأثرهم بسلسلة من فضائح الفساد التي هزّت حزبه. ففي سبتمبر الماضي، تعرض حزب ميلي لهزيمة كبيرة في انتخابات مقاطعة بوينس آيرس.

وقبل الانتخابات، كان لحزبه سبعة مقاعد فقط في مجلس الشيوخ و37 مقعدًا في مجلس النواب، مما كان يجعل برنامجه الخاص بخفض الإنفاق والإصلاحات يواجه عقبات سياسية متعددة.

خطاب ميلي وسياساته

في أعقاب الفوز، وأثناء صعوده المنصة أمام مئات من مؤيديه في فندق في بوينس آيرس، أشاد ميلي بحزمة الإنقاذ الأمريكية واصفًا إياها بأنها "أمر غير مسبوق، ليس فقط في تاريخ الأرجنتين بل في التاريخ العالمي، لأن الولايات المتحدة لم تقدم دعمًا بهذا الحجم من قبل".

وأضاف بالإسبانية، مرددًا شعار ترامب: "الآن نحن مركزون على تنفيذ الإصلاحات التي تحتاجها الأرجنتين لتعزيز النمو والانطلاق النهائي للبلاد – لجعل الأرجنتين عظيمة مرة أخرى".

من ردود الفعل على خطاب ميلي في أعقاب الفوز

وعلى مدى عاميه الأخيرين في الحكم، نجحت إجراءات التقشف في السيطرة على التضخم الجامح، لكنها لم تفلح كثيرًا في معالجة أزمة العملة في البلاد، التي لها تاريخ طويل من التخلف عن سداد الديون الحكومية.

وقد تمكن ميلي من خفض التضخم من أكثر من 200% في 2023 إلى نحو 30% في سبتمبر، محققًا أول فائض مالي للأرجنتين منذ 14 عامًا، ونما النشاط الاقتصادي بنسبة 0.3% في أغسطس 2025 بعد ثلاثة أشهر متتالية من الانكماش.

مع ذلك، فإن القدرة الشرائية تراجعت بشدة: فأغلب الأرجنتينيين يعانون لتغطية احتياجاتهم، وقد فُقد أكثر من 250 ألف وظيفة وأُغلقت نحو 18 ألف شركة.

كيف يرى الناخبون النتائج؟

بعد نتائج الأحد، احتشد مئات من أنصار ميلي أمام فندق في بوينس آيرس حيث كان يراقب النتائج، هاتفين بالانتصار. وقال أحد الناخبين الشباب، ديونيسيو: "ميلي لم يكن يملك 15% من الكونغرس لصالحه. الآن، ومع وجود مزيد من النواب وأعضاء الشيوخ، سيتمكن من تغيير البلاد خلال عام".

وأضاف ناخب آخر، إزكييل: "محافظتنا تضررت على يد الحكومات السابقة. الآن، الحمد لله، انتصرت الحرية. نريد أن تكبر ابنتنا في هذا البلد الجميل. ما حدث في السنوات الماضية مؤسف".

في المقابل، أعربت جوليانا، التي تعمل مع الأطفال ذوي الإعاقة في مقاطعة توكومان، عن قلقها من أن مشروع القانون الذي كان يهدف إلى زيادة التمويل لذوي الإعاقة – والذي استخدم ميلي حق الفيتو ضده قبل أن يتم إلغاؤه – قد يكون "في خطر" بعد تقوية موقف الرئيس في الكونغرس. وأضافت: "رواتبنا منخفضة، ولا شيء يتغير، بينما ترتفع أمور أخرى. لا نرى أي تغيير حتى الآن".

وأوضحت فيرونيكا، ضابطة شرطة متقاعدة، أنها تأثرت بتقليصات المعاشات التي أجراها ميلي: "ترى الكثير من الفقر. الوضع صعب جدًا: للمتقاعدين، ولأصحاب الأطفال ذوي الإعاقة، وللشباب. هناك بطالة كبيرة. وأغلقت العديد من المصانع".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب دراسة الصحة بحث علمي البيئة إسرائيل دونالد ترامب دراسة الصحة بحث علمي البيئة الأرجنتين دونالد ترامب أزمة اقتصادية المساعدات الإنسانية ـ إغاثة انتخابات إسرائيل دونالد ترامب دراسة الصحة بحث علمي البيئة روسيا فرنسا مشروبات بحار الاستهلاك المنزلي حماية البيئة فی الانتخابات ملیار دولار بوینس آیرس حزب میلی میلی فی فی مجلس

إقرأ أيضاً:

من إيطاليا إلى الأرجنتين.. هل تقود الشعبوية إلى انهيار اقتصادي؟

تثير التجربة الاقتصادية للرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الذي يواجه تحديات اقتصادية خانقة، تساؤلات حول تأثير السياسات الشعبوية على استقرار الاقتصادات العالمية، في ظل مقارنات متزايدة مع تجربة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وزعماء شعبويين آخرين حول العالم.

السوداني يطلق مبادرة الاستثمار والتشغيل الوطني لتعزيز فرص العمل وتقوية الاقتصاد وزير الخارجية ونائب الرئيس الفلسطيني يعقدان مؤتمر للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة

وبحسب تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن الوعود الشعبوية غالبًا ما تبدو جذابة في بدايتها، غير أن الواقع الاقتصادي يفرض نتائج مغايرة، مشيرة إلى أن الأرجنتين وإيطاليا تمثلان نموذجين بارزين لذلك.

 

الأرجنتين.. بين الوعود والإخفاق

اعتمد الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، الذي قدم نفسه كإصلاحي جريء، حزمة من الإجراءات القاسية شملت الخصخصة الواسعة وتخفيض الإنفاق العام وتحديد سقف لقيمة العملة الوطنية (البيزو) لكبح التضخم.

 

ورغم إشادة صندوق النقد الدولي في البداية بهذه الخطوات، فإن النتائج جاءت عكسية، إذ يعاني الاقتصاد اليوم من ركود حاد واحتياطات عملات أجنبية شبه مستنفدة، فيما يتوقع الخبراء مزيداً من التدهور بعد الانتخابات المقبلة.

 

وتشير الصحيفة إلى أن هذه السياسات أدت إلى ما يشبه "العاصفة المحكمة"، فخفض العملة قد يفجر التضخم مجددًا، بينما أدت إجراءات التقشف إلى شلل اقتصادي داخلي. حتى القرض الأميركي البالغ 20 مليار دولار الذي تدخل به الرئيس دونالد ترامب، لم ينجح في معالجة جذور الأزمة، بل أجّلها مؤقتًا.

 

التجربة الإيطالية.. وعود كبيرة وواقع صعب

وفي المقابل، توضح تجربة جورجيا ميلوني في إيطاليا كيف يستغل الزعماء الشعبويون الاستياء الاقتصادي للوصول إلى الحكم، ثم يجدون أنفسهم أمام قيود الأسواق والديون الأوروبية.

 

فمنذ انتخابها عام 2022، وعدت ميلوني بإعادة هيكلة الاقتصاد ومواجهة الهجرة، لكنها سرعان ما تخلت عن بعض شعاراتها المتشددة، خصوصًا تلك التي تتعلق بالانسحاب من منطقة اليورو. ووفق «الغارديان»، فإن حكومتها تواجه اليوم عجزاً مالياً متصاعداً، بينما يؤدي تجاهل تهدئة أسواق السندات إلى زيادة الفوائد وتفاقم الركود.

 

بريطانيا ونموذج فاراج

وحذرت الصحيفة من بروز نماذج مشابهة في بريطانيا مع صعود زعيم حزب الإصلاح اليميني نايجل فاراج، الذي يقدّم نفسه "بطل الشعب"، رغم خلفيته المالية المحافظة. فبرنامجه يقوم على خفض الإنفاق العام مع وعود بإنعاش الصناعات الثقيلة، وهي تناقضات تقول الصحيفة إنها "تعيد إنتاج أخطاء الشعبويين الآخرين".

 

نتائج الدراسات

ووفق دراسة نشرتها المجلة الاقتصادية الأميركية، حلّلت أداء 51 زعيمًا شعبويًا منذ عام 1900 حتى 2020، تبين أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ينخفض بنحو 10% بعد 15 عاماً من توليهم الحكم، نتيجة لتآكل المؤسسات الاقتصادية، وتراجع الاستقرار الكلي، وتدهور الثقة بالأسواق.

 

الشعبوية.. وعود قصيرة الأجل وكلفة طويلة الأمد

وترى «الغارديان» أن الزعماء الشعبويين يعدون بسيطرة الشعب على الاقتصاد، لكنهم غالباً ما يفشلون في مواجهة الديون المتراكمة والتقلبات المالية والضغوط الاجتماعية، لافتة إلى أن حتى حلفاءهم، مثل ترامب وميلي، اعتمدوا تدخلات حكومية غير تقليدية قد تُخلّف آثاراً سلبية طويلة المدى، رغم الطفرات التقنية التي تشهدها اقتصاداتهم.

 

في النهاية، تحذر الصحيفة من أن الشعبوية الاقتصادية، يساراً كانت أو يميناً، قد تبدو حلاً سريعاً في أوقات الأزمات، لكنها غالباً ما تترك وراءها اقتصاداً مثقلاً بالديون وضعف الإنتاج وفقدان الثقة بالأسواق.

مقالات مشابهة

  • بيضة ديناصور تعود إلى 70 مليون سنة تُبهر العلماء في الأرجنتين
  • عضو بالحزب الجمهوري: المرشح الديمقراطي يحظى بدعم كبير من اليهود الأمريكان
  • الأرجنتين.. مقتل 9 أشخاص وإصابة 29 في حادث حافلة مروع
  • من إيطاليا إلى الأرجنتين.. هل تقود الشعبوية إلى انهيار اقتصادي؟
  • نتنياهو: إسرائيل حددت "القوات الدولية التي لا تقبلها" في غزة
  • اليسارية كاثرين كونولي تتصدر نتائج الانتخابات بفارق كبير.. من هي الرئيسة المحتملة لإيرلندا؟
  • قانون ترامب.. ليس كبيرًا.. وليس جميلًا!
  • ترامب يلغي قيود التلوث التي فرضتها إدارة بايدن على مصاهر النحاس
  • بعد عقوبات ترامب.. مبعوث روسي كبير يصل إلى واشنطن