جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-27@17:10:21 GMT

قصة الموسم الذهبي في ظفار

تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT

قصة الموسم الذهبي في ظفار

 

 

 

 

علي بن سهيل المعشني (أبو زايد)

asa228222@gmail.com

 

من رحم خريف ظفار.. ولد الربيع الذهبي، المسمى بـ "موسم الصرب "، تلك الفترة الاستثنائية التي ما إن ينقشع ضباب الخريف، حتى تبدأ قصة أخرى لا تقل سحرًا وجمالًا، هي قصة "موسم الربيع". هذا الموسم، الذي يطلق عليه محليًا اسم "الصرب"، يبدأ فلكيًا من 20 سبتمبر ويستمر حتى 20 ديسمبر من كل عام، ليتحول المشهد الطبيعي من لوحة من الخضرة اليافعة إلى صفاء الأجواء واصفرار العشب، ليشرق وجهًا جديدًا تتوشح فيه سهول وجبال ظفار اللون الذهبي.

في قلب هذا التحول الموسمي، تكمن حكاية تراثية أصيلة تجسد علاقة الإنسان بالأرض والطبيعة، وهي حكاية "خطلة الإبل" (أو خطيل الإبل). هذه الرحلة الملحمية، ليست مجرد عملية رعي، بل هي موروث اجتماعي وثقافي ضارب في الجذور، يمثل نقطة التقاء بين الإنسان والبيئة والتراث الشعبي.

الارتحال المتوارث: خطلة الإبل والموروث الحي، المشهد الأبرز الذي يُفتتح به موسم الصرب. فبعد أن تقضي قطعان الإبل ثلاثة أشهر في السهول الساحلية والمناطق الأقل تأثرًا بالرطوبة والأمطار الغزيرة خلال الخريف، تبدأ رحلتها الكبرى نحو المرتفعات الجبلية والأودية وكذلك نزولها من المناطق الشمالية "القطن" ونزولها الأودية وكذلك توجه الإبل من سهل سمحان "صلوت" إلى مناطق الخطلة في أودية جبل سمحان الغربية هذه الحركة الجماعية للإبل في ظفار على امتداد نطاق الخريف، التي يقودها الرعاة من الشيوخ والشباب، هي استجابة فطرية للحفاظ على صحة الإبل واستغلال المراعي الطبيعية الغنية التي جفّت تربتها من مياه الخريف، ونمت فيها الأعشاب والأشجار الرعوية مثل المشط العربي "الصغوت" وغيرها من مئات الأنواع من الأشجار والنباتات في سهوب وأودية ظفار.

مشهد الإبل وهي في طريقها إلى أعالي الجبال يُطلق عليه محليًّا في محافظة ظفار اسم "خطلة الإبل"، وهي موروث وثقافة اجتماعية يحرص عليها رعاة الإبل مع بدايات بشائر موسم 'الصرب'، وتمثل موسم الرعي الربيعي.

ما يميز هذه الرحلة هو ما يرافقها من موروثات شعبية عريقة وفنون تقليدية تصاحب مسير الإبل، تُعرف بـ"حدو الإبل". ومن أبرز الفنون التي تُقام في ليالي الصرب "النانا"، و"الدبرارت"، و"المشعير"، بالإضافة إلى فنون "الهبوت" "الزوامل". هذه الفنون لا تُضفي جوًا احتفاليًا على الرحلة فحسب، بل تُعد، تجسيدًا حيًا للتراث الشفوي للمحافظة. وعلى الصعيد الاجتماعي، تُشكل "الخطلة" مناسبة للتعاون والالتقاء، حيث يجتمع أهل المشورة وكبار السن لتحديد يوم الانطلاق وفقًا للأعراف وسُنن الرعي.

وفي ليالي الخطلة، يتحلق الرعاة حول مواقد النار في تجمعات تُسمى "اوجُّل"، حيث يتم تبادل القصص والحكايات، وتُحلب الإبل في طقس اجتماعي موحد، مما يعزز الروابط الاجتماعية بين مُلّاك الإبل.

الصرب

موسم الخير والحصاد والاستدامة، موسم الصرب ليس احتفالًا بالارتحال وحسب، بل هو موسم الخير والرخاء، وفترة ازدهار اقتصادي ملحوظ. يُعد الموسم فترة حصاد للمحاصيل الزراعية التي زُرعت في موسم الخريف. وتُعد هذه الزراعات المطرية الموسمية مصدرًا مهمًا للدخل والغذاء، ومن أهمها الذرة، الفول الظفاري، الفاصوليا المعروفة محليًا بـ "الدّجر"، والخيار وكثير من المحاصيل التي تزرع في موسم الخريف وتسقى بماء المطر المباشر على تربة جبال ظفار الغنية. هذه المحاصيل تساهم بشكل كبير في سد الحاجات الغذائية للمجتمع وتلعب دورًا محوريًا في الاقتصاد المحلي. إضافة إلى المحاصيل، يشتهر موسم الصرب بمنتجات حيوانية فريدة، أهمها "السمن الصربي"، الذي يُعد من ألذ وأطعم أنواع السمن لجودة المراعي الخضراء التي ترعى فيها الأبقار. كما يزداد إنتاج عسل الصرب الذي يتميز بنكهة فريدة مستمدة من رحيق زهور الربيع العطرة. هذه المنتجات، إلى جانب زيادة إنتاج اللحوم والألبان، وافتتاح موسم صيد السردين في بحر العرب على امتداد شواطئ ظفار، تجعل من الصرب موسمًا اقتصاديًا بامتياز للمزارعين ومربي الماشية والصيادين على حد سواء.

إن تحويل موسم الصرب من مجرد فترة انتقالية بين موسمين إلى وجهة سياحية عالمية قائمة بذاتها، مستفيدة من القيمة الثقافية لـ "خطلة الإبل" والمناظر الطبيعية الخلابة التي تعقب الخريف. يُمكن لهذه الاستراتيجية أن ترتكز على عدة محاور أساسية منها:

السياحة التراثية:

إن تحويل "خطلة الإبل" إلى فعالية سياحية يمكن للسياح المشاركة فيها أو مشاهدتها، وتوفير خيارات للإقامة في مواقع مبات الإبل المبارك "اوجُّل" لتجربة المبيت الليلي مع الرعاة. هذا النوع من السياحة الفريدة يعزز مكانة ظفار كوجهة مميزة تحتفي بالموروث الحي.

الترويج للمنتجات الحصرية: إطلاق علامات تجارية سياحية لمنتجات الموسم مثل "عسل الصرب" و "السمن الصربي"، وإقامة أسواق موسمية متخصصة تروج لهذه المنتجات كجزء من تجربة الزائر.

السياحة الزراعية والثقافية: تنظيم جولات في مزارع حصاد محاصيل الصرب، وتقديم ورش عمل عن الفنون الشعبية المصاحبة مثل "النانا" و "الدبرارت" و"شلات العمل". هذا التنوع الغني يساهم في تنويع المنتج السياحي وربط الزائر بالثقافة العريقة للمنطقة.

التكامل الموسمي:

الترويج لموسم الصرب كجزء من استراتيجية سياحية على مدار العام، وربطه بفعاليات عالمية ثقافية ورياضية تقام في في هذا الموسم، مما يضمن استمرارية التدفق السياحي ويخفف الضغط على موسم الخريف، ويحقق الاستدامة الاقتصادية.

إن تحويل "خطلة الإبل" إلى منتج سياحي يتم إدارته بعناية، مع الحفاظ على أصالة الموروث وعدم المساس بالبيئة الرعوية، سيعزز مكانة ظفار كوجهة سياحية متفردة تقدم مزيجًا من الطبيعة الساحرة والتراث الإنساني العميق.

دعوة لصناعة القصة:

إن موسم الصرب، بما يحمله من جمال طبيعي خالص وعوائد اقتصادية وموروث اجتماعي حي، هو كنز ينتظر من يروي قصته للعالم. إن العنوان "قصة الموسم الذهبي في ظفار" ليس مجرد وصف، بل هو دعوة لصناع القرار والمستثمرين والمجتمع المحلي لتبني رؤية استراتيجية جريئة. من خلال دمج هذا الموروث الأصيل في النسيج السياحي للمحافظة، يمكننا أن نضمن ليس فقط الحفاظ على هذا التقليد العريق، بل وتحويله إلى محرك تنموي مستدام، وقصة موسم يروي للعالم حكاية ظفار التي لا تنتهي بانتهاء الخريف، بل تبدأ مع ولادة كل موسم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تساقط الشعر في الخريف… حقيقة علمية ونصائح الخبراء للحفاظ على صحته

يشعر الكثير من الناس بالقلق مع بداية الخريف عندما يلاحظون زيادة تساقط شعرهم، إلا أن الخبراء يؤكدون أن هذه الظاهرة طبيعية تمامًا. 

وتشير هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا إلى أن أكثر من 8 ملايين امرأة و6.5 ملايين رجل يعانون من شكل من أشكال تساقط الشعر. 

وأوضح الأطباء أن هذه الحالة تُعرف باسم تساقط الشعر الموسمي، وهي تحدث نتيجة التغيرات البيئية، خاصة انخفاض درجات الحرارة وتأثيرها على دورة نمو الشعر.

يشرح الخبراء طبيعة الدورة الحيوية للشعر


يؤكد الدكتور بول فارانت، طبيب الأمراض الجلدية المختص في اضطرابات فروة الرأس، أن فروة الرأس تحتوي على نحو 100 ألف شعرة، ويكون حوالي 10% منها في مرحلة التساقط في أي وقت. 

,تمر بصيلات الشعر بأربع مراحل رئيسية: النمو، الانتقال، الراحة، والتساقط. ومع تغيّر الفصول، يدخل عدد أكبر من البصيلات في مرحلة الراحة، مما يؤدي إلى زيادة كمية الشعر المتساقط في فترة قصيرة.

يُعتبر تساقط الشعر الموسمي جزءًا من عملية تجديد طبيعية
يعتقد الخبراء أن هذه الظاهرة مرتبطة بتأثيرات الصيف، مثل زيادة التعرض للشمس وارتفاع مستويات فيتامين د، ما يؤدي إلى تزامن دورات النمو عند عدد أكبر من البصيلات. ورغم أن هذا التساقط قد يبدو مقلقًا، إلا أنه يستمر عادة لثلاثة أشهر فقط ولا يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الشعر.

يجب الانتباه إلى العلامات التحذيرية
يشير الأطباء إلى أن تساقط الشعر يصبح مقلقًا عندما يكون حادًا أو مصحوبًا بفراغات واضحة في فروة الرأس، فقد تكون تلك إشارة إلى مشكلات وراثية أو اضطرابات هرمونية أو أمراض جلدية مثل الصدفية. كما يمكن أن يكون علامة على نقص الحديد أو خلل في الغدة الدرقية، وهي حالات تستدعي استشارة الطبيب.

يُوصي الخبراء بتغذية متوازنة وروتين عناية مناسب


ينصح الدكتور فارانت باتباع نظام غذائي غني بالبروتينات والعناصر المغذية مثل الحديد، الزنك، وأحماض أوميغا 3 الدهنية لدعم نمو الشعر. كما يشدد على أهمية النوم الكافي وتقليل التوتر للحفاظ على توازن الهرمونات وصحة البصيلات. أما في ما يخص العناية اليومية، فيُفضل غسل الشعر بانتظام في الصيف لتجنب انسداد المسام بسبب التعرق، بينما يمكن تقليل الغسل في الشتاء لتفادي جفاف فروة الرأس وفقدان الزيوت الطبيعية.

تؤثر الحالة النفسية بشكل مباشر على صحة الشعر
يُعد الإجهاد من العوامل الرئيسية التي تفاقم مشكلة التساقط، إذ يمكن أن يؤدي إلى الثعلبة البقعية، وهي حالة يهاجم فيها الجهاز المناعي بصيلات الشعر. في هذه الحالات، قد يوصي الأطباء بعلاجات متقدمة مثل حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) لتحفيز نمو الشعر من جديد.

يُعد تساقط الشعر الموسمي ظاهرة مؤقتة يمكن التعامل معها
يؤكد الخبراء أن معظم الحالات لا تحتاج إلى تدخل طبي، وأن الشعر يعود إلى طبيعته خلال أشهر قليلة. ومع ذلك، ينصح المتخصصون بمراجعة طبيب الجلدية إذا استمر التساقط أو ترافق مع أعراض أخرى.

يُذكّر الأطباء بأن العناية بفروة الرأس، والتغذية السليمة، وإدارة التوتر تشكل مفاتيح أساسية للحفاظ على شعر صحي وقوي خلال الخريف وبقية فصول السنة.

 

مقالات مشابهة

  • أنسنه الآثار واستنطاق النقوش والأحجار
  • أمير الحدود الشمالية يُدشّن موسم التشجير الوطني 2025 بالحدود الشمالية ويرأس الاجتماع الدوري الأول للوكلاء والمحافظين لعام 1447هـ
  • تحذيرات من خطورته على المحاصيل الزراعية.. ما هو موسم «الخريف المتلون»؟
  • الخريف يكشر عن أنيابه.. موعد انخفاض درجات الحرارة 
  • هل يحطم أرسنال «الرقم السحري» لتشيلسي؟
  • سينر.. «النهائي الثامن» في «موسم التنس»
  • جود بيلينجهام يتحدث عن جاهزيته وتأثير الفوز بالكلاسيكو على موسم ريال مدريد
  • أكثر من 100 ألف شخص في قائمة انتظار حفل أنغام بموسم الرياض
  • تساقط الشعر في الخريف… حقيقة علمية ونصائح الخبراء للحفاظ على صحته