في خضم معركته الانتخابية على منصب عمدة نيويورك، وجد المرشح التقدمي زهران ممداني نفسه في قلب عاصفة سياسية وإعلامية بعد جدل واسع أثارته رواية إنسانية شاركها عن أحد أفراد عائلته وتجربتها مع الإسلاموفوبيا عقب هجمات 11 سبتمبر.

القصة التي بدأت كمثال شخصي على الخوف والتمييز، تحولت سريعًا إلى نقطة اشتباك سياسي، بعدما شكك منتقدون في صحتها، واتهموا ممداني بالمبالغة وتزييف الحقائق لكسب التعاطف الانتخابي.

وفي مقطع مصور انتشر على نطاق واسع، تحدّث عن قريبته التي توقفت عن ركوب مترو الأنفاق في نيويورك بعد أحداث 11 سبتمبر خوفًا من المضايقات بسبب ارتدائها الحجاب، معتبرًا أن تلك التجربة تجسّد ما واجهه آلاف المسلمين الأمريكيين في تلك المرحلة الحساسة من التاريخ الأمريكي.

لكن ما بدا أنه قصة عائلية مؤثرة، تحول إلى مادة للهجوم بعد أن سارع معارضوه إلى التشكيك في هوية تلك القريبة، مشيرين إلى أن “عمته البيولوجية” كانت تعيش في تنزانيا خلال تلك الفترة، وليست من مرتديات الحجاب.

وردًا على الجدل، نشر ممداني بيانًا يوضح فيه أن القصة تعود إلى زهرة فوهى، وهي ابنة عم والده، موضحًا أن استخدامه لكلمة “عمة” جاء من السياق الثقافي الهندي-الأردي، حيث يُطلق مصطلح “فوهى” على العمة من جهة الأب سواء كانت قريبة بالدم أو بالاحترام الاجتماعي.

وأكد أن القريبة المتوفاة كانت بالفعل مقيمة في نيويورك وقت وقوع الهجمات، وأنها عانت من الخوف والتمييز مثل كثير من المسلمين، قائلاً: “القصة ليست عن شخص واحد، بل عن إحساس جماعي بالاغتراب والخطر شعر به المسلمون في نيويورك بعد 11 سبتمبر”.

ولم يمر توضيح ممداني دون ردود حادة؛ فقد كتب نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس منشورًا ساخرًا على منصة “إكس” قال فيه: “وفقًا لزهران، فإن الضحية الحقيقية لهجمات 11 سبتمبر كانت عمته التي تلقت بعض النظرات السيئة!”

ووصف عدد من النشطاء المحافظين الحادثة بأنها “رمز للمبالغة اليسارية في سرديات الضحية”، في حين اعتبر أنصاره أن الهجمات عليه تكشف عن عنصرية مقنّعة تستهدف المسلمين والمرشحين ذوي الخلفيات المهاجرة.

ووسط تصاعد الجدل، نشر ممداني تغريدة جديدة قال فيها: “حلم كل مسلم هو أن يُعامل مثل أي نيويوركي آخر. ومع ذلك، طُلب منا طويلاً أن نرضى بأقل من ذلك، وأن نتعايش مع الكراهية في الظل. هذا لن يستمر بعد الآن.”

التصريح لاقى تفاعلاً كبيرًا من مؤيدين يرون في ممداني صوتًا للعدالة الاجتماعية والتنوع الديني في المدينة التي تُعرف بأنها الأكثر تنوعًا في الولايات المتحدة.

يذكر أن زهران ممداني، المولود في كوينز لأبوين من أصول بنغالية، محامٍ وناشط اجتماعي معروف بدفاعه عن حقوق المهاجرين والمسلمين في أمريكا. ويُنظر إلى حملته الانتخابية كاختبار حقيقي لمدى استعداد نيويورك لانتخاب أول عمدة مسلم تقدمي في تاريخها.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

3 ادعاءات لليمين المتطرف لطرد المسلمين من تاور هامليتس شرقي لندن

انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي 3 ادعاءات استهدفت تشويه صورة المسلمين في منطقة "تاور هامليتس" شرقي لندن، عقب احتجاج سلمي نظموه يوم السبت 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري للرد على دعوات من حزب "استقلال المملكة المتحدة" اليميني المتطرف لتنظيم مسيرة في المنطقة للمطالبة بطرد المسلمين.

وتعد "تاور هامليتس" واحدة من أكثر مناطق لندن تنوعا ثقافيا وعرقيا، وتضم جالية مسلمة كبيرة ساهمت في تشكيل هويتها الاجتماعية والسياسية على مدى عقود، حيث أصبحت المنطقة في السنوات الأخيرة رمزا للتعايش والتعدد الثقافي، لكنها أيضا محط أنظار الجماعات اليمينية التي تستخدمها مثالا في خطاب "أسلمة بريطانيا".

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف استُغل إعلان عقاري لتشويه صورة المسلمين في المملكة المتحدة؟list 2 of 4بريطانيا.. جماعات يمينية تستخدم فيديو لشرطية محجبة في التحريضlist 3 of 4تعاون دفاعي واقتصادي على أجندة زيارة ستارمر إلى أنقرةlist 4 of 4مباراة مكابي تل أبيب وأستون فيلا تغذي حملة تحريض على مسلمين في بريطانياend of list

ورغم أن الشرطة البريطانية ألغت مسيرة الحزب قبل انطلاقها خشية إثارة الفتنة، فإن موجة من المنشورات على منصات التواصل حاولت قلب الرواية وتشويه صورة المسلمين، بترويج مزاعم عن "سيطرة المسلمين على المنطقة"، ودعوة المتظاهرين المسلمين للجهاد، وحمل بعضهم للسلاح.

تلك المزاعم دفعت فريق "الجزيرة تحقق" إلى تقصي حقيقة الادعاءات وتحليل مصادرها، للتحقق من صحتها ومقارنتها بالمعلومات الرسمية والوقوف على صحة ما جرى خلال الاحتجاج.

سيطرة وتزوير

وادعى حساب باسم "توماس هارمان" عبر منصة "إكس"، أن "تاور هامليتس بأكملها يديرها مسلمون، وحتى تصويت الشباب مزور لصالح الإسلاميين. وكانت الملصقات المعلقة نتيجة تحالفات بين المسلمين وكونغرسات النقابات العمالية المناهضة للمسيحيين".

وأرفق الحساب، صورة إعلان عن دعوة للترشح لانتخابات عمدة الشباب "تاور هامليتس" التي ستجرى في ديسمبر/كانون الأول المقبل، حيث يتضمن صورة مرشحة محجبة.

Entire of Tower Hamlets is Muslim run even youth vote is rigged for Islamists. The fly posters were Muslim alliances with anti Christian trade union affilaiates who abuse their political power with @UKLabour cash flow. https://t.co/HCNRmN8jNn pic.twitter.com/VU23dpGosM

— Thomas Harman (@thomas_harman) October 25, 2025

إعلان

بالتحقق تبين أن الادعاء لا أساس له من الصحة، حيث يدير المنطقة مجلس بلدي منتخب ديمقراطيا، يرأسه منذ 2022 "لوتفور رحمان" ضمن مجلس متنوع، وفق نتائج الانتخابات التي نشرتها وسائل إعلام بريطانية.

ولا توجد أيّ دلائل على تزوير الانتخابات الشبابية، وتوضح المصادر الرسمية  أن النظام الانتخابي في المنطقة تراقبه اللجنة الانتخابية البريطانية، وهي هيئة مستقلة.

أما عن صورة الفتاة المحجبة، فإنها تعود إلى "فتوما حسن" عمدة الشباب الحالي التي انتخبت قبل عامين واستخدمت في الدعوة لتشجيع الشباب على الترشح، وليست دليلا على احتكار المسلمين الحكم، بل يمكن لأي شاب مقيم في المنطقة التقديم للترشح، بغض النظر عن ديانته، وفق موقع مجلس البلدية.

أغلبية مسلمة

ولم تتوقف ادعاءات "سيطرة المسلمين" على المدينة سياسيا فقط، بل تعداديا أيضا بزعم أن معظم سكانها مسلمون، حيث زعم حساب باسم "تيسا تيوزداي شايلد" التي عرفت نفسها بأنها من ساكني "تاور هامليتس" أن "عدد المسلمين بلغ 90 % فعلا وحمّلت المسؤولية مجلس المدينة".

I live in Tower Hamlets
The council are the problem
90% muslim with an Independent muslim mayor
This emboldens the more radical Muslims
The rally today was as much a march to impose dominance and strengthen the red/green alliance
I feel sorry for the patients who needed to attend…

— Tessa Tuesday's child (@missiemaisie) October 25, 2025

وتحقق فريقنا من صحة الادعاء، حيث كشف آخر تعداد سكاني رسمي للمملكة المتحدة في 2021، ويجري كل 10 سنوات، أن المسلمين يشكلون نحو 39.9% فقط، أي أن عددهم لم يبلغ حتى نصف إجمالي عدد سكان المنطقة.

جهاديون ومسلحون

كما روجت حسابات داعمة للسردية الإسرائيلية واليمينية على المنصات، ادعاءات بأن المتظاهرين هتفوا بالجهاد خلال مظاهرتهم بالمنطقة، منها حساب باسم "ليزا روزن" الذي نشر فيديو يتضمن أنشودة دينية مضافة للمقطع، ومصحوبا بتعليق: "المسلمون اجتاحوا بلدية تاور هامليتس، وهم يهتفون بالجهاد ويمجدون الشهداء من حركة حماس الذين يضحون بحياتهم لقتل اليهود من أجل الله".

Muslims flooded Tower Hamlets Town Hall, shouting about jihad and praising Hamas “martyrs” who sacrifice their lives to kill Jews for Allah.

Islam is a death cult, not a “religion of peace.”pic.twitter.com/olq6RNViJ1

— Liza Rosen (@LizaRosen0000) October 25, 2025

كما ادعى حساب آخر، أن المتظاهرين المسلمين مسلحون، منتقدا سماح الشرطة لهم بالاحتجاج ورفضها مسيرة حزب استقلال المملكة المتحدة.

The @metpoliceuk BANNED the UKIP protest yet they not only allowed this, they didn’t even bother to show up!!

There was about 10 officers for hundreds of masked Muslims with weapons !!

Don’t ever say we don’t have two tier policing!!pic.twitter.com/XhliCzjD39

— Pippa B ???????????????????????????????????? ???? ❤️ ???????? (@pippaisright) October 25, 2025

وتحقق فريقنا من مقاطع فيديو للمظاهرة متداولة على المنصات، حيث لم تظهر أي هتافات تدعو إلى الجهاد أو قتل اليهود أو حمل المتظاهرين أسلحة، بل أكد المحتجون أن تحركهم السلمي يهدف إلى رفضهم الترحيل من "تاور هامليتس".

“I’m live and direct. All the [masked-up] brothers are ready. Not for violence… here to stand our ground in our own area, which is Tower Hamlets.”

Mob rule. pic.twitter.com/TrHNzF3bwA

— Starmer Sycophant (@sirwg202110) October 25, 2025

إعلان

كما أعلنت الشرطة عبر منصة" إكس" مساء أمس السبت، أن الاحتجاج في منطقة "تاور هامليتس انتهى دون تسجيل اعتقالات وقد أعيد فتح طريق وايت شابل، الأمر الذي يؤكد مراقبة الشرطة للاحتجاج وعدم وجود أي أسلحة مع المتظاهرين.

The protest in Tower Hamlets has now largely dispersed. There have been no arrests so far.

Officers remain in the area for reassurance and to deal with any incidents.

Whitechapel Road has been reopened.

— Metropolitan Police (@metpoliceuk) October 25, 2025

ووصف موقع "آل بي سي" البريطاني الاحتجاج في تاور هامليتس بأنه "عرض قوة سلمي" بهدف "الدفاع عن المجتمع"، وقال إن آلاف السكان المحليين شاركوا فيه، دون ذكر أي أدلة عن تطرف المتظاهرين.

يذكر أن المسلمين في بريطانيا يتعرضون باستمرار لحملات تشويه ممنهجة، تعتمد بشكل كبير على التضليل ونشر الادعاءات المفبركة لتشكيل صورة مغلوطة عن المجتمع المسلم.

مقالات مشابهة

  • على مضض.. هكذا اضطر الديمقراطيون لدعم زهران ممداني
  • 3 ادعاءات لليمين المتطرف لطرد المسلمين من تاور هامليتس شرقي لندن
  • زهران ممداني يتقدم في استطلاعات الرأي ويعد بمواجهة إدارة ترامب (شاهد)
  • ممداني يتجه لرئاسة بلدية نيويورك.. مسلمون أميركيون بدرجة عمدة
  • بدء التصويت المبكر في انتخابات عمدة نيويورك وممداني يتقدم الاستطلاعات
  • حكم دخول غير المسلمين المساجد الأثرية.. عالم أزهري يكشف عن الضوابط
  • بأكثر من 22 مليون دولار.. المليارديرات يوحّدون جهودهم لإقصاء زهران ممداني
  • تفاصيل خدمة “الواتساب الذكي” التي اطلقتها القنصلية المصرية في نيويورك لتسهيل حصول الجالية على الخدمات
  • نائب الرئيس الأمريكي يسخر من «ممداني»:  يلعب دور الضحية!