ما يحدث في غزة إبادة جماعية.. أدميرال أميركي سابق يكسر حاجز الصمت
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
وفي هذا السياق، يستضيف الجزء الأول من برنامج "المنطقة الرمادية" -المكون من جزأين- الأدميرال المتقاعد نورمان هايز، المدير السابق للاستخبارات في القيادة الأوروبية للولايات المتحدة، في حوار يتجاوز اللغة الدبلوماسية المنمقة ليطرح أسئلة صعبة حول دور بلاده في حرب غزة والتداعيات الإستراتيجية لسياساتها المتناقضة.
يحمل هايز خبرة تمتد لأكثر من 3 عقود في الاستخبارات والأمن العالمي، عمل خلالها في "المركز العصبي" لكيفية رؤية الولايات المتحدة للعالم والتأثير فيه، مما يجعل شهادته ذات وزن استثنائي في ظل التحولات الدراماتيكية التي يشهدها النظام العالمي.
وعند طرح السؤال الأكثر حساسية، يجيب هايز بوضوح صادم حين يُسأل عن تطابق أفعال إسرائيل في غزة مع تعريف الإبادة الجماعية، ويؤكد أن الإجراءات التي تتخذها إسرائيل مرتبطة بشكل مباشر بالإبادة الجماعية دون أي مجال للمناورة.
ويضيف أن النظر عبر التاريخ والمراجع المتاحة يظهر التطابق الكامل بين ما يحدث في غزة وتعريفات الإبادة الجماعية، مؤكدا أن الأمر غير قابل للجدل بأي شكل من الأشكال.
ومن هذه النقطة الحاسمة، ينتقل النقاش إلى وقف إطلاق النار الموقع حديثا، ويشكك هايز في جدواه ما لم يجلس الأطراف على طاولة المفاوضات كمتساوين.
ويؤكد على ضرورة تغيير عقلية "الكبار والصغار" حيث يُسحق الصغار بينما يمضي الكبار قدما، مؤكدا أن هذا النهج القديم محكوم عليه بالفشل في عالم متغير.
ويرى أن غياب الحوار الحقيقي والرؤية طويلة المدى يجعل أي سلام هشا وسهل التعطيل، داعيا إلى التفكير للقرن القادم وليس فقط للسنوات القليلة المقبلة.
دور أميركا
لكن السؤال الأكثر إلحاحا يبقى حول دور واشنطن ذاتها، إذ يواجه الأدميرال سؤالا مباشرا حول دور الولايات المتحدة كطرف في الصراع نظرا لتمويلها وتسليحها الكامل لإسرائيل.
إعلانويعترف هايز بأن واشنطن هي الضامن لإسرائيل، لكنه يشير إلى أن هذا الدور كان فعالا في حالات أخرى كمصر عندما التزمت الأطراف بالسلام.
ويؤكد أن نجاح أي تسوية يتطلب ضامنا محايدا يوفر حوافز للطرفين، مشددا على أن الحل يكمن في كسر الدورة التي استمرت منذ تأسيس إسرائيل.
وبعيدا عن خيارات السياسة الخارجية، يتطرق الحوار إلى النقاط العمياء داخل نظام الاستخبارات الأميركي، ويكشف هايز عن مشكلة جوهرية تتعلق بنقص التنوع الثقافي الحقيقي.
ويوضح أن الولايات المتحدة، رغم قدراتها الهائلة، لا تسمح لنفسها بالتشبع بثقافات أخرى، تتسامح معها وتدرسها لكنها لا تريدها في الداخل معها. ويؤكد أن فهم الثقافات الأخرى وكيفية اتخاذها للقرارات أمر حيوي لأي منظمة استخباراتية ناجحة، مشيرا إلى أن غياب التنوع في الفكر يؤدي حتما إلى الفشل.
ولتوضيح هذه النقطة بمثال ملموس، يستشهد هايز بفيتنام كمثال رئيسي على فشل فهم الثقافة، موضحا أن الثقافة الفيتنامية وليس الشيوعية هي التي أبقت الفيتناميين الشماليين معا وسمحت لهم بالصمود لفترة أطول من الولايات المتحدة.
ويخلص إلى أن المنظمات الاستخباراتية بحاجة إلى تنوع حقيقي في الأفكار والرؤى لتجنب الوقوع في الأخطاء نفسها.
تسييس الجيش
وعلى صعيد آخر لا يقل خطورة، يحذر الأميرال المتقاعد من خطر آخر يهدد المؤسسة العسكرية الأميركية، ويصف تسييس الجيش بأنه تهديد هائل وضخم.
ويؤكد على أهمية التزام القيادة العسكرية بالدستور والقوانين، مؤكدا أن أي فرد عسكري، حتى الجندي العادي، له الحق في رفض أي أمر غير قانوني حتى لو صدر من جنرال بأربع نجوم أو من الرئيس نفسه.
ويوضح أن القوانين تتجاوز الرئيس ولا يمكن لأحد تجاوزها، محذرا من سهولة الوقوع في حفرة تسييس الجيش التي قد لا يتسلق منها أحد للخروج مجددا.
وفي ختام الحوار، ينتقد هايز سياسات الهجرة الأميركية الحالية، يصفها بأنها مدفوعة سياسيا بالكامل وليست شرعية من منظور استخباراتي.
ويشير إلى أن اختلاق حالة طوارئ غير موجودة هو أمر سياسي بحت، محذرا من أن هذه السياسات دمرت صورة أميركا كمنارة للحرية والفرص.
ويؤكد أن التحولات الديموغرافية العالمية حتمية، وأن معاداة الهجرة تتناقض مع الضرورات الاقتصادية والإستراتيجية للمستقبل.
Published On 28/10/202528/10/2025|آخر تحديث: 14:54 (توقيت مكة)آخر تحديث: 14:54 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات
إقرأ أيضاً:
تحليل الحمض النووي من مقبرة جماعية يكشف مسببات الأمراض التي أصابت جيش نابليون عام 1812
كان انسحاب نابليون بونابرت وجيشه الكبير من روسيا عام 1812 حدثا كارثيا شكّل بداية النهاية لإمبراطوريته وهيمنته الشخصية في أوروبا، حيث لقي حوالي 300 ألف جندي حتفهم من قوة كان تعدادها في البداية نحو نصف مليون جندي.
وتقدم دراسة جديدة اعتمدت على تحليل الحمض النووي المستخرج من أسنان 13 جنديا فرنسيا دفنوا في مقبرة جماعية بالعاصمة الليتوانية فيلنيوس على طول طريق الانسحاب فهما أعمق لمعاناة الجيش الكبير، وكشفت عن مسببين للأمراض لم يوثقا سابقا في هذا الحدث التاريخي.
وأظهر اكتشاف البكتيريا المسببة لحمى نظيرة التيفود (الباراتيفويد) والحمى المتكررة التي ينقلها القمل، إلى جانب دراسات سابقة، أن حالات عدوى عديدة انتشرت بين الجنود الذين كانوا منهكين بالفعل بسبب البرد والجوع والإرهاق.
ويحتوي موقع فيلنيوس -الذي اكتشف في عام 2001- على رفات ما بين ألفين و3 آلاف جندي من جيش نابليون.
وقال نيكولاس راسكوفان عالم الأحياء الجزيئية والوراثة ورئيس وحدة علم الجينوم الميكروبي القديم في معهد باستور بباريس والمعد الرئيسي للدراسة المنشورة في مجلة (كارنت بيولوجي) "كانت فيلنيوس محطة محورية على طريق الانسحاب عام 1812، حيث وصل إليها عدد كبير من الجنود منهكين وجائعين ومصابين بالأمراض. وكثير منهم فارقوا الحياة ودُفنوا في مقابر جماعية".
وأضاف راسكوفان "في حين ركزت الدراسات السابقة على تأثير البرد والجوع والتيفوس، تكشف نتائجنا أن حمى نظيرة التيفويد والحمى المتكررة المنقولة عبر القمل كانت منتشرة أيضا وربما ساهمت في إنهاك الجنود وارتفاع معدل الوفيات".
وعادة ما تنتقل حمى نظيرة التيفويد عبر الطعام أو الماء، وتشمل أعراضها الحمى والصداع وآلام البطن والإسهال أو الإمساك والضعف، وأحيانا الطفح الجلدي. أما الحمى المتكررة المنقولة عبر القمل فتسبب نوبات متكررة من ارتفاع درجة الحرارة مصحوبة بصداع وآلام العضلات والضعف.
إعلانوأوضحت الدراسة أن 4 من أصل 13 جنديا ثبتت إصابتهم ببكتيريا حمى نظيرة التيفويد، بالإضافة إلى إصابة اثنين ببكتيريا الحمى المتكررة. وتتطابق أعراض هاتين الحالتين مع ما ورد في السجلات التاريخية للانسحاب.
وتضيف النتائج الجديدة تفاصيل دقيقة لمعاناة جنود الإمبراطور الفرنسي، مشيرة إلى أن الوضع لم يقتصر على مرض واحد أو اثنين، بل كان هناك انتشار واسع لمختلف الأمراض المعدية.
وتبرز الدراسة كيف يمكن لتحليل الحمض النووي القديم الذي يشهد تطورا متسارعا أن يفتح آفاقا جديدة لفهم أحداث تاريخية كبرى.