لا تعوّلوا على شي وترامب لإرساء استقرار العالم
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
إيريكا فرانتز - أندريا كندال - جوزف رايت -
حين يلتقي الرئيس ترامب والرئيس الصيني شي جينبينغ هذا الأسبوع، سيراقب العالمُ ما إذا كانا سيتمكّنان من تثبيت إطار لاتفاق تجاري، واستعادة قدر من الاستقرار والديمومة لأهم علاقة ثنائية في عصرنا. لا تعوّلوا على ذلك. أيّا كان الخطاب أو «اتفاق المصافحة» الذي سينتج عن لقائهما المزمع على هامش قمة إقليمية في كوريا الجنوبية، فالأرجح أنه لن يتجاوز هدنة عابرة بين زعيمين لا تكبّلهما قيود داخلية أو مؤسسية، وقادرَين على تغيير المسار بنزوةٍ آنية.
مرحبًا بكم في عصر «الرجل القوي» الجديد. إذا بدا العالم متوترًا هذه الأيام، تتحلل فيه التحالفات، وتندلع صراعات عنيفة، ويغدو التقلب قاعدة يومية، فثمة سبب وجيه: هذه صدمات مبكرة لعالم يُعاد تشكيله على أيدي قادة يحكمون بالإرادة الشخصية لا بالقواعد والتوافق.
قادة كهؤلاء يزحفون في أنحاء العالم: نايب بوكيلي في السلفادور، وفيكتور أوربان في المجر، إلى جانب فلاديمير بوتين في روسيا وكيم جونغ أون في كوريا الشمالية.
واليوم، وللمرة الأولى في مسار العلاقة الأمريكية-الصينية، يتصدر البلدين رجلان يتشاركان أسلوبًا سياسيًا متشابهًا. والنتيجة، على الأقل خلال السنوات الأربع المقبلة، مرشحة لأن تكون: مزيدًا من المجازفة، والاضطراب، واحتمالات أعلى لسوء الحساب والانزلاق إلى صدام.
لا ريب أن ترامب وشي، والبلدين اللذين يقودانهما، يختلفان في وجوه لا تُحصى. لكنهما يشتركان في سعي واحد: ثنيُ النظام السياسي ليتوافق مع إرادتهما. ترامب اختطف الحزب الجمهوري وحوّله إلى مركبة سياسية شخصية. وشي يفرض على الصين درجة من السيطرة كان ليحسدَه عليها ماو تسي تونغ. غياب القيود الداخلية يمنحهم هامشًا واسعًا لإبرام الصفقات، لكنه يجعل أي اتفاقات محتملة هشّة وقابلة للتقلب. فـ«الرجال الأقوياء» شركاء دوليون غير موثوقين. إذ يحيطون أنفسهم بالموالين وتتقلص الضوابط على سلطتهم، فلا يواجهون عواقب داخلية تُذكر إذا نكصوا عن وعودهم أو غيّروا المسار فجأة. وقد رأينا ذلك من الرئيسين معا: فإدارة ترامب تتهم الصين بعدم الوفاء بتعهّدات تجارية قُطعت خلال ولايته الأولى، وترامب نفسه أعلن هذا العام مرارا عن رسوم جمركية على شركاء تجاريين ثم تراجع عنها بعد وقت قصير.
وغياب القيود ينعكس سلبًا على الأمن العالمي. إذ لا يخضع «الرجل القوي» للمساءلة، فلا يلزمه أن يفي بكلمته، فتغدو تهديداته مفتقرة إلى المصداقية. وبين الضجيج، يعجز نظراؤه عن تمييز الخطوط الحمراء على حقيقتها ـ فقد وجّه ترامب إنذارات متعدّدة إلى بوتين لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، تجاهلها الأخير منهجيا.
في مثل هذا المناخ تتلاشى حواجز السلوك الدولي، ويرتفع منسوب احتمالات الصدام. وتُظهر أبحاث متنامية أن القادة السلطويين ـ المحاطين بـ«نَعَمْجِيّة» يملّكون غرورهم ويؤكّدون قناعاتهم ـ أكثر ميلًا للمخاطرة وبدء الحروب وتصعيد النزاعات.
وغزو روسيا لأوكرانيا مثال صارخ: إذ أساء بوتين، المُحاط بحاشيته المطيعة، تقدير أوكرانيا تقديرًا فادحًا، فاندفع إلى حرب هزّت العالم. وفي السياق نفسه تأتي عمليات القتل خارج القانون التي يُنسب إلى ترامب أنه أمر بها بحقّ مشتبه بهم بتهريب المخدرات في الكاريبي، وتهديداته بمهاجمة فنزويلا، وكذلك تحرّكات الصين العسكرية الصارخة في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان في عهد شي. إن النزاع بين الدول في صعود بالفعل، وقد يستمر كذلك مع قادة كهؤلاء على سدّة الحكم.
وتتسرّب تبعات حكم «الرجل القوي» إلى نسيج الاقتصاد والحياة اليومية أيضا.
فهؤلاء أكثر ميلا إلى استهداف المؤسسات الداخلية المستقلة مثل البنوك المركزية ـ كما يفعل ترامب مع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ـ بما يهدّد بتأجيج التضخم وجعله أقل قابلية للتنبؤ. وغالبًا ما يتضرّر النمو والعدالة الاقتصادية تحت الحكم الشخصاني، إذ تُركَّز الثروة في يد النخب، ويُكبَح الاستثمار الخاص الذي يعتمد على سياسات مستقرة، وتُهمَل السلع العامة الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية. وقد أدّت الحرب التجارية التي أطلقها ترامب مع الصين وسواها من الشركاء إلى اضطرابات اقتصادية وتوقّعات بتباطؤ النمو العالمي.
وفي كثير من الأحيان، يُراكم «الرجال الأقوياء» الثروات لأنفسهم ولموالِيهم ويقوّضون اقتصاداتهم عبر تهريب الأصول إلى الخارج.
ويرتفع منسوب القمع أيضًا مع اختلاق السلطويين مخاوف من «أعداء الداخل». فقد سجن نظام شي أو أسكت صحفيين مستقلين ومحامين حقوقيين، وبالغ في تضخيم تهديد «الإرهاب» في شينجيانغ لتبرير قمع بالغ القسوة هناك، وألغى الحريات السابقة في هونج كونج باسم «الأمن القومي». أما إدارة ترامب فقد شنّت مداهمات ضد المهاجرين ونشرت قوات الحرس الوطني في معاقل الحزب الديمقراطي، مدمّرة ممتلكات خاصة ومحتجزة مواطنين أمريكيين. كما أطلق ملاحقات قضائية بدوافع سياسية ضد «خصوم» مُفترضين، وسعى إلى فرض السيطرة على وكالات حكومية أمريكية مستقلة.
يمكن أن يكون الضرر الذي يلحق بالمؤسسات والقواعد السياسية بالغًا وعسيرَ الإصلاح. فبولندا، على سبيل المثال، تواجه اليوم تحديات في استعادة استقلال قضائها بعدما قُوِّض بين عامَي 2015 و2023 إبّان حكم حزب «القانون والعدالة» وزعيمه ياروسواف كاتشينسكي.
وما نعيشه اليوم كان، في الواقع، هو القاعدة عبر معظم التاريخ. فلم تتجه أنماط الحكم إلى مزيد من التشاور والتشاركية إلا خلال القرن الأخير تقريبًا، ولا سيما بعد الحرب العالمية الثانية، حين أفضت المؤسسات الراسخة والتحالفات والقواعد إلى حقبة غير مسبوقة من السلم والرخاء العالميين.
تلك الحقبة في اضمحلال. وبدل أن تبعث القمة المرتقبة هذا الأسبوع بين ترامب وشي على الطمأنينة حيال العلاقة الأمريكية-الصينية، قد تمثّل شيئًا آخر: إقرارًا بعودة عدم القدرة على التنبؤ والتقلب اللذين يلازمان حكم «الرجل القوي».
إيريكا فرانتز أستاذة مشاركة في العلوم السياسية بجامعة ولاية ميشيغان، وزميلة باحثة في مؤسسة تشارلز إف. كِتِرِنغ.
أندريا كندال-تايلور، زميلة أولى ومديرة «برنامج الأمن عبر الأطلسي» في «مركز الأمن الأمريكي الجديد».
جوزف رايت، أستاذُ علوم سياسية في جامعة ولاية بنسلفانيا.
(وهم مؤلفو كتاب «أصول الرجال الأقوياء المنتخبين: كيف تدمّر الأحزابُ الشخصانيةُ الديمقراطيةَ من الداخل).
«خدمة نيويورك تايمز»
تمت الترجمة باستخدام الذكاء الاصطناعي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرجل القوی
إقرأ أيضاً:
الصين تجدد دعمها لجهود السلام في اليمن واستقراره
جدد القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن، شاو تشينغ، التزام بلاده بدعم جهود السلام في اليمن واستقراره.
وأكد تشينغ، خلال لقاءه بوزير الداخلية العميد إبراهيم حيدان، حرص الصين على استمرار التعاون والتنسيق المشترك مع اليمن في مختلف المجالات، وفق وكالة سبأ الرسمية.
بدوره ثمّن حيدان الدعم حكومة الصين لوزارة الداخلية، والذي يشمل مركبات ودراجات نارية لرجال الشرطة والإطفاء، في إطار تعزيز قدرات الوزارة وجهودها في حفظ الأمن والاستقرار.
وأكد أهمية هذه المساعدات في تعزيز الأمن والاستقرار بالمحافظات المحررة.