الخلية الأمنية: لمكافحة التمرد أم لترهيب المدنيين .. من يدفع الثمن؟
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
محلل سياسي : نشاط الخلية الأمنية تجاوز النشاط العسكري و لا يمكن لأي مواطن أن يُبرم عقد إيجار دون موافقتها
في الوقت الذي تتواصل فيه الحرب بين طرفي النزاع، تتصاعد في مناطق سيطرة الجيش حملات أمنية واسعة النطاق تنفذها تشكيلات مشتركة من القوات النظامية تُعرف باسم (الخلية الأمنية) وسط جدل متزايد حول طبيعتها وأهدافها.
فبينما تصف السلطات هذه الحملات بأنها إجراءات ضرورية لملاحقة خلايا نائمة تتبع للدعم السريع، يرى مراقبون أنها تحمل ملامح عودة أجهزة النظام السابق إلى المشهد الأمني تحت غطاء محاربة التمرد.
التغيير ــ كمبالا
حملات الخلية الأمنية التي رافقتها مداهمات واعتقالات وتفتيش واسع للمواطنين، أثارت مخاوف سياسية وحقوقية من أن تكون واجهة لإعادة تمكين عناصر النظام السابق، خاصة بعد توسع نفوذ الخلايا الأمنية في إدارة الشأن المدني داخل المدن الخاضعة للجيش، وتحولها إلى جهة تتحكم في القرارات المحلية وتفرض الولاء السياسي تحت ذريعة الحفاظ على الأمن.
الفرز السياسي والاجتماعياشار المحلل السياسي محمد تورشين، إلى أن ما يُسمى بالخلية الأمنية في مناطق سيطرة الجيش ليست مجرد تشكيل ميداني لمحاربة خلايا الدعم السريع، بل تعبير عن عودة منظمة لسيطرة النظام السابق على مفاصل الدولة والحياة المدنية. ويضيف : إن هذه الخلايا تستثمر في الحرب نفسها لتوسيع نفوذها وإعادة تمكين عناصر المؤتمر الوطني داخل مؤسسات الدولة، مستخدمة خطاب الحرب لتعبئة الشارع واستقطاب المقاتلين وتبرير التضييق على المدنيين.
وأوضح أن نشاط “الخلية الأمنية” تجاوز البعد العسكري إلى ما وصفه بـ”الفرز السياسي والاجتماعي”، إذ يُمارس الترهيب والضغط على المواطنين لتحديد موقفهم، “فإما أن تكون موالياً، أو تُصنّف فوراً كداعمٍ لقوات الدعم السريع”، على حد قوله.
واعتبر أن هذه الممارسات ليست جديدة، بل تشبه ما كان يحدث في فترات الحرب خلال عهد البشير، حيث تُستخدم الأجهزة الأمنية لتصفية المعارضين ومراقبة النشاط العام. وأضاف أن “الخلية الأمنية أصبحت اليوم نافذةً على الحياة المدنية، لا يمكن لأي مواطن أن يُبرم عقد إيجار أو يمارس نشاطاً اقتصادياً دون موافقتها”، في إشارة إلى سيطرة هذه التشكيلات على تفاصيل الحياة اليومية.
كما حذر من أن توسع نشاطها يفتح الباب أمام الاستهداف السياسي والعرقي، مبيناً أن بعض الإجراءات الأخيرة، مثل حملات الإخلاء في المناطق العشوائية وملاحقة المهاجرين والنازحين، تحمل طابعاً انتقامياً واقتصادياً، يهدف إلى “إعادة تمكين الموالين للنظام القديم واستغلال الأراضي والممتلكات لمصالح خاصة”.
تأسست الخلية الأمنية كجهة عسكرية-أمنية متخصصة في منتصف 2024، بعد أن أصدر والي الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، أمر الطوارئ رقم (2) لسنة 2024م، استنادًا إلى حالة الطوارئ وقرارات لجنة تنسيق شؤون أمن الولاية وتهدف الخلية إلى جمع وتحليل المعلومات وتصنيفها والتعامل معها، والعمل كجهاز إنذار مبكر لبقية القوات النظامية، مع التركيز على التهديدات الأمنية العاجلة التي تستوجب استجابة فورية.
وتشمل مهامها رصد الخلايا النائمة، مراقبة الأشخاص والأماكن والأنشطة المشبوهة، تفتيش ومداهمة المواقع التي تثبت فيها أنشطة عدائية، والاستجواب المشترك للمقبوض عليهم. كما تتولى إحالة القضايا التي تتطلب متابعة طويلة المدى إلى الأجهزة النظامية، ودعم حملات أمنية نوعية بالتنسيق مع القوات النظامية، والقبض على معتادي الإجرام، والحد من وقوع الجرائم، وأي مهام أخرى تكلف بها. وتعمل الخلية تحت إشراف اللجنة العليا للتنسيق الأمني والعملياتي، مع رفع تقارير دورية عن نشاطها.
ووفقًا لحقوقيين، نفذت الخلية، سلسلة من الحملات في مناطق مثل الخرطوم، أم درمان، جنوب الحزام، سنار والدمازين، الجزيرة وغيرها، وغالبًا ما تتزامن المداهمات والاعتقالات مع هجمات الطائرات المسيرة التي تستهدف المنشآت الحيوية.
وتُظهر الوقائع أن هذه الحملات صاحبتها انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، شملت الاعتقالات التعسفية، والاحتجاز غير القانوني، والتعذيب الجسدي والنفسي، إضافة إلى وفاة بعض المحتجزين نتيجة الإهمال أو التعذيب. وقد تم توثيق أن هذه الانتهاكات التي تتم خارج نطاق القضاء وبصورة تتجاوز صلاحيات النيابة العامة، حيث توفي المواطن المعز أبوسوار الشيخ عووضة في بورتسودان بتاريخ 12 أغسطس 2024 بعد احتجازه أحد عشر يوماً بواسطة الخلية الأمنية، رغم صدور قرار من وكيل النيابة بشطب التهم الموجهة إليه وإخلاء سبيله، إلا أن هذا القرار لم يُنفَّذ. خلال فترة احتجازه، تعرض المعز لسوء معاملة حُرم فيها من الغذاء والماء الكافي، وتدهورت صحته بشكل واضح دون أن يُنقل إلى المستشفى لتلقي العلاج. وعند نقله أخيراً، توفي في المستشفى بعد أن أظهر الفحص الطبي نزيفاً في الرئتين وتضخماً في القلب والكبد والكليتين، ما يشير إلى تعرضه لتعذيب أو إهمال جسيم، رغم طلب أسرته ومحاميه فتح تحقيق رسمي، خلصت لجنة التحقيق التي شكلها النائب العام إلى حفظ الإجراءات دون إخطارهم بنتائجها أو تسليمهم نسخة من القرار.
وبالمثل، توفي الشاب ميرغني بهاء الدين ميرغني في الخرطوم بتاريخ 6 أكتوبر 2025 بعد أربعة أيام من اعتقاله في معتقلات الخلية الأمنية، حيث كشفت شهادات شهود عيان عن وجود آثار تعذيب على جسده. رفضت أسرته استلام الجثمان قبل إجراء تشريح لتحديد سبب الوفاة، لكن ضغط المجتمع المحلي أدى إلى دفنه بعد يوم من تسليمه. وأظهرت التحقيقات الأولية أن اعتقاله جاء ضمن سلسلة من تصفيات الحسابات الشخصية التي نفذتها الخلية الأمنية بحق المدنيين، مع تورط عناصر محددين محلياً في توجيه الاعتقالات والتهديدات.
قانوني: السلطات العدلية هي الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الأحكام وتنفيذها وليس الأجهزة الأمنية أو عناصر الشرطة أو أي تشكيلات ميدانية أخرى
تهمة الانتماء إلى الدعم السريع أداة لتصفية الخصومالمحامي محمد صلاح من هيئة محامو الطوارئ وصف ما يجري في مناطق سيطرة الجيش من ملاحقات واعتقالات تحت ذريعة الانتماء إلى قوات الدعم السريع بأنه ممارسات مرفوضة تماماً ولا يمكن تبريرها قانونياً أو أخلاقياً. وأوضح أن عمليات التصفية أو القتل خارج إطار القضاء، وكذلك التعذيب أو أي شكل من أشكال الانتقام، تعد جرائم لا تسقط بالتقادم، داعياً إلى محاسبة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة مهما طال الزمن. وأكد صلاح أن أي شخص يُتهم بالانتماء إلى الدعم السريع يجب أن يُحال إلى القضاء الطبيعي، لأن السلطات العدلية هي الجهة الوحيدة المخوّلة بإصدار الأحكام وتنفيذها وليس الأجهزة الأمنية أو عناصر الشرطة أو أي تشكيلات ميدانية أخرى، محذراً من أن استخدام تهمة الانتماء إلى الدعم السريع قد يتحول إلى أداة لتصفية الخصوم السياسيين أو استهداف مجموعات بعينها، بما يهدد تماسك المجتمع واستقراره.
لواء شرطة حقوقي : الخلية هي وحدات من الجيش والاستخبارات العسكرية والشرطة و المخابرات العامة لا علاقة لها بالنظام البائد لا علاقة للخلية بالنظام البائدفي المقابل، نفى اللواء شرطة حقوقي الطيب عبد الجليل أن تكون الحملات الأمنية الجارية في مناطق سيطرة الجيش مرتبطة بعناصر النظام السابق، مؤكداً أنها قوات نظامية متخصصة تعمل وفق القانون، وتضم وحدات من الجيش والاستخبارات العسكرية والشرطة وجهاز المخابرات العامة. وأوضح أن هذه القوة جهة عسكرية أمنية فنية مختصة لا علاقة لها بالنظام البائد، وتعمل بموجب قوانين سارية المفعول، تمارس مهامها وفق إجراءات قانونية تهدف إلى حماية المدنيين ومكافحة التهديدات الأمنية. وأشار إلى أن الحملات الأخيرة استهدفت خلايا نائمة تابعة لقوات الدعم السريع بعد تحريات ميدانية دقيقة، وضبطت كميات من الأسلحة والذخائر والعربات والممتلكات المسروقة من المواطنين، مؤكداً أن هذه العمليات تُنفذ في إطار القانون وتهدف إلى حماية المواطنين وتأمين المدن من الهجمات والتخريب، دون أي صلة بأجندة سياسية أو إعادة تمكين عناصر من النظام السابق.
الوسومأجندة سياسية الخلية الأمنية انتهاكات تعزيز النفوز السياسي تهمة التعاون مع الدعم السريع عودة عناصر المؤتمر الوطنيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أجندة سياسية الخلية الأمنية انتهاكات
إقرأ أيضاً:
مأساة الأطفال بلا هوية في الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع
دارفور – في زاوية من زوايا مخيم الطويلة، يجلس الطفل آدم فوق كومة من التراب، يعبث بعصا مكسورة يرسم بها دوائر على الأرض، لا يعرف عمره، ولا يملك أي وثيقة تُثبت اسمه أو نسبه، وعندما يُسأل عن والديه، يهمس بصوت خافت "أمي ماتت في الطريق وأبي لا أعرفه".
وداخل خيمة تغطيها ثياب بالية، تحتضن مريم إسماعيل، وهي أرملة في الثلاثينيات من عمرها، طفلا لا يتجاوز الثالثة من عمره، تقول للجزيرة نت "عثرنا عليه يبكي قرب الطريق المؤدي إلى طويلة، كان وحيدا، لا يتكلم، ولا أحد يعرفه، سألنا في كل الخيام، ولم يتعرف عليه أحد".
لتضيف "أطلقت عليه اسم نور، وقررت أن أتكفل برعايته مع أطفالي"، لكنها تواجه عقبة صعبة، إذ لا يحصل على حصته من الغذاء أو العلاج لأنه غير مسجل لدى المنظمة التي تقدم المساعدات، "طلبوا إثباتا لهويته، وهذا ما لا أملكه"، تقول مريم بأسى.
مريم ليست الوحيدة التي تواجه هذا التحدي، فهناك عشرات الأسر في المخيمات تحتضن أطفالا تائهين دون أن يكون لهم أي وضع قانوني أو إداري، مما يحرمهم من أبسط حقوقهم في الغذاء والرعاية من قبل المنظمات الوافدة هذه الأيام إلى المنطقة.
بلا سند ولا هوية
عندما أحكمت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الفاشر المحاصرة يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اندفعت موجات كبيرة من السكان نزوحا في مختلف الاتجاهات، فرارا من القصف والرعب وأعمال التنكيل.
كانت العائلات تفرّ تحت وابل من الرصاص، يجرون أطفالهم، أو يحملونهم على الأكتاف، أو يتركونهم خلفهم دون قصد، وسط الدمار.
ومنذ أن بسطت هذه القوات سيطرتها على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور الغربي المترامي الأطراف، ارتكبت -بحسب شهادات ناجين ومراقبين محليين- سلسلة من الانتهاكات المروعة، شملت إعدامات ميدانية واغتصابات ونهبا واسعا، وقد دفعت هذه الفظائع آلاف الأسر إلى النزوح العشوائي، تاركة وراءها أطفالا بلا سند ولا هوية.
إعلانوكان مخيم طويلة، الواقع على بُعد نحو 68 كيلومترا إلى الغرب من المدينة، الوجهة الأقرب والأكثر أمانا نسبيا للنازحين، غير أن كثيرا من الأطفال وصلوا إليه بمفردهم، بلا آباء أو أمهات، ودون أي وثائق تُثبت هوياتهم، فبعضهم لا يعرف اسمه الكامل، وآخرون لا يتذكرون حتى اسم أمهاتهم.
ذاكرة مشوشة
تقول عائشة عبد الرحمن، وهي متطوعة ميدانية تعمل في مخيمات طويلة، "نستقبل يوميا أطفالا لا يعرفون أسماءهم، ولا يملكون أي وثائق، فبعضهم لا يتذكر حتى اسم والدته، خصوصا من هم دون الخامسة من العمر".
وتضيف "الصدمة النفسية التي تعرضوا لها أربكت ذاكرتهم، كثيرون منهم شهدوا القصف أو رأوا جثثا أو فقدوا إخوتهم أثناء الفرار، ونحن نتعامل مع جيل فقد كل شيء، كالأسرة والهوية والأمان".
وتشير عائشة، في حديثها للجزيرة نت، إلى أن بعض الأطفال يرفضون الحديث أو يصرخون عند سماع أصوات مرتفعة، في حين يختبئ آخرون عند رؤية أشخاص غرباء، وتتابع "هؤلاء الأطفال لا يحتاجون فقط إلى الغذاء، بل إلى رعاية نفسية عاجلة، وإلى من يعيد إليهم الإحساس بالأمان".
وفي بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن آلاف الأسر تفر من العنف المتصاعد في مدينة الفاشر، وتصل إلى مخيم طويلة في حالة إنهاك شديد، تعاني الجوع وسوء التغذية وفقدان أفراد من عائلتها.
وتضيف المنظمة الدولية أن معظم النازحين من النساء والأطفال، وكثير منهم انفصلوا عن ذويهم خلال رحلة النزوح، مشيرة إلى أن فرقها تعمل ميدانيا لتقديم الدعم الغذائي والرعاية الصحية والمياه النظيفة للأطفال والأسر التي فقدت كل شيء.
لكن رغم هذه الجهود، تقول اليونيسيف إن حجم الكارثة يفوق قدرات المنظمات الإنسانية، في ظل غياب التنسيق الرسمي، وتدهور الأوضاع الأمنية، وتزايد أعداد النازحين يومًا بعد يوم.
من جانبه، يقول محمد شرف الدين، مسؤول العمل الإنساني في لجنة فك الحصار عن الفاشر، إن "ما يحدث في المخيمات يمثل كارثة إنسانية صامتة، فنحن أمام جيل مهدد بالضياع، ليس فقط بسبب الحرب، بل بسبب غياب آليات الحماية والتوثيق".
ويضيف في حديثه للجزيرة نت "هؤلاء الأطفال بلا شهادات ميلاد، بلا أسماء قانونية، مما يعني أنهم خارج النظام التعليمي وخارج مظلة الرعاية الصحية، وحتى خارج الإحصاءات الرسمية، إنهم غير مرئيين".
ويتابع شرف الدين "المشكلة ليست فقط في غياب الوثائق، بل في غياب الدولة نفسها، لا توجد جهة مسؤولة عن حصر هؤلاء الأطفال أو تقديم الدعم النفسي لهم، فالمنظمات الإنسانية تعمل بجهود فردية، وغالبا ما تصطدم بعوائق أمنية ولوجستية".
وفي ختام حديثه، يطلق شرف الدين نداء عاجلا، مشيرا إلى أن الفاشر "بحاجة إلى تحرك جماعي، من الإعلام والمنظمات والمجتمع، لتسليط الضوء على مأساتها، فهؤلاء الأطفال ليسوا مجرد أرقام، إنهم مستقبل هذا البلد، وإذا لم نتحرك الآن، فإننا نواجه خطر إنتاج جيل جديد من المهمشين الذين قد يتحولون لاحقا إلى ضحايا للاستغلال في صراعات قادمة".
إعلانوبحسب تقديرات غير رسمية حصلت عليها الجزيرة نت من متطوعين ميدانيين، فإن عدد الأطفال الذين وصلوا إلى بعض القرى حول الفاشر دون ذويهم يتجاوز 300 طفل، من بينهم نحو 70 طفلا في مخيمات النازحين بمنطقة طويلة.
ويحذر ناشطون من أن ترك هؤلاء الأطفال دون حماية قانونية أو نفسية قد يجعلهم عرضة للاستغلال، سواء في أعمال غير مشروعة، أو في تجنيدهم ضمن جماعات مسلحة، أو حتى في شبكات الاتجار بالبشر مستقبلا.
#الفاشر.. مدينة تقاوم الحصار المتواصل والمجازر المتكررة لقوات الدعم السريع في #السودان#ألبوم pic.twitter.com/bfeYk1ktma
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 4, 2025
جريمة مكتملةتقول فاطمة عبد الله، ناشطة محلية، إن "ما يحدث في الفاشر جريمة إنسانية مكتملة الأركان، فالأطفال يُتركون لمصيرهم بلا حماية، بلا تعليم، وبلا رعاية، هذا ليس مجرد انتهاك لحقوقهم، بل تهديد لمستقبل السودان كله".
وتضيف في حديثها للجزيرة نت "الطفل الذي لا يعرف اسمه، ولا يملك وثيقة، ولا يتلقى تعليما، هو مشروع ضياع، فنحن لا نتحدث عن حالات فردية، بل عن ظاهرة تتسع يومًا بعد يوم".
ورغم أن السودان صادق على اتفاقية حقوق الطفل التي تكفل لكل طفل الحق في الاسم والهوية والرعاية الصحية والتعليم والحماية من الاستغلال، فإن الواقع في الفاشر يكشف عن انتهاك ممنهج لهذه الحقوق، وسط غياب المساءلة وضعف التدخل الدولي الفعّال.
وتطالب منظمات حقوقية محلية ودولية بفتح تحقيقات مستقلة، وتوثيق الانتهاكات، ووضع آليات عاجلة لتسجيل الأطفال فاقدي السند الأسري، بما يضمن لهم الحد الأدنى من الحماية القانونية والإنسانية.
وبينما تغيب الحلول الجذرية، يبقى آدم ونور وأقرانهما في انتظار من يعيد إليهم أسماءهم وهوياتهم، وربما طفولتهم المسلوبة، وفي ظل غياب الدولة وصمت المجتمع الدولي، يبقى السؤال مفتوحا: من يحمي أطفال الفاشر من أن يصبحوا وقودا لصراعات الغد؟