جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-10@17:42:44 GMT

منابر التفاهة

تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT

منابر التفاهة

 

 

 

جابر حسين العُماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

يشهد العالم المُعاصر تحولات متسارعة في تقييم المنابر الدينية والإعلامية والإلكترونية، فقد أصبحت بعض المنابر تقاس بما تقدمه من جدل أو شهرة أو إثارة للفتن، وليس بما تقدمه من معرفة وعلم ووعي وحكمة، باستثناء المنابر الصادقة التي تواصل جهودها لخلق منارات من العلم والفهم والإدراك؛ حيث تسعى مثابرة بهدف إصلاح ما فسد في أمة المليار مسلم.

لقد أصبحت الكثير من المنابر في زماننا هذا فارغة من المحتوى الهادف، فهي لا تقدم إلا التفاهة والتضليل والأباطيل، والهدف منها تجهيل الناس ونشر الجهل في كل زاوية من زوايا المجتمع، وذلك بنشر الخرافات والإشاعات على حساب العلم والمعرفة والحكمة، فهي تشحن الجماهير بالعبارات الرنانة والواهية التي بدورها تثير الساحة الاجتماعية وتشعلها بالفتن، وتربي أجيالا لا تذوق طعمًا للعلم والمعرفة؛ بل تسعى بأساليبها الرخيصة والدنيئة لإضعاف العقول وجرها خلف الشعارات المشحونة بالأفكار المدسوسة، كالطائفية المقيتة التي يريد أعداء الأمة الإسلامية زرعها في جسد مجتمعنا العربي والإسلامي عبر منابر التفاهة.

ومسؤولية المنبر الرسالي الأصيل يجب أن تكون مبنية على المصلحة العامة للأمة، وبناء الإنسان بناءً سليمًا، وهو المنبر القائم على العلم والمعرفة، لذا ينبغي الحفاظ عليه والتمسك به والالتفاف حوله، لضمان حماية العقل العربي من السقوط في وحل الضلال والتضليل والانحرافات القادمة من الثقافات الغربية.

اليوم هناك من المنابر التافهة التي إذا تابعتها وتأملتها ستجدها لا تستطيع العيش إلا على الإثارة والجدل، اللذين من خلالهما تسعى لتغذية المجتمعات العربية والإسلامية بالأحقاد والكراهية، ببث الأصوات الكاذبة تحت عباءة الدين والوطنية والشرف، لتخفي أساليبها الشيطانية التي تقوم من خلالها بدس السم في العسل، لتصل إلى مآربها وأهدافها.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ اَلْمَسْئُولُ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَاَلرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَاَلْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَاَلْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَاَلرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).

اليوم هناك واجب رسالي وإنساني يقع على عاتق أهل الوعي والإدراك والعقلانية في الداخل الاجتماعي، سواء على صعيد الحكومات ومسؤوليها أو المثقفين من أبناء الوطن أو الأسرة نفسها، وهو رفع الوعي والإدراك الجماهيري بخطورة منابر التفاهة، وتوعية المجتمع والأسرة بضلالتها وانحرافها وخطرها على المجتمع، ولا يكون ذلك إلا بتعزيز ما يلي:

أولًا: العمل على ترسيخ ثقافة الوعي النقدي في المجتمع، وذلك بتعليم الناس كيفية التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة، وتفنيد الإشاعات المغرضة التي تطرحها المنابر غير الموثوقة. ثانيًا: كشف أساليب أهل الضلال، كاللعب بعواطف الناس، أو بتر النصوص، أو مقاطع الفيديو، أو التلاعب بالألفاظ والأرقام وغيرها، خصوصا ونحن نواكب برامج الذكاء الاصطناعي وصنع الأكاذيب من خلالها بشكل دقيق لتضليل الناس وحرفهم عن جادة الطريق. ثالثًا: الاهتمام البالغ بالحوار والردود العلمية في مواجهة المنابر التافهة والأفكار الضالة والمنحرفة، ويكون ذلك بعرض الحجج العلمية الدامغة المبنية على الدليل العلمي، بعيدا عن التهجم والسخرية والشتائم التي قد ينفر منها الطرف المقابل. رابعًا: العمل على تحصين المجتمع وأفراده، ويأتي ذلك بنشر وترسيخ الثقافة الإسلامية الواعية والمقنعة من خلال تعليم الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية في المدارس والجامعات والمساجد والبيوت. خامسًا: تفعيل القانون لمنع المنابر التافهة التي تثير الكراهية والفتن وتدعو إلى العنف والطائفية، لذا يجب المطالبة الفورية بإيقافها، وذلك عبر الالتزام بالقوانين والتشريعات والأنظمة العادلة في الدولة، والتأكيد على مواجهتها، فتلك مسؤولية الجميع وليس فقط دور تقوم به الدولة أو المؤسسات الوطنية.

وأخيرًا.. تقع على الجهات المعنية مسؤولية عظيمة تجاه المجتمع، وهي إعداد المنابر الإصلاحية الواعية بأنواعها، وإظهارها للجميع، ويكون ذلك عبر تدريب الخطباء والمفكرين على أساليب الإلقاء المؤثرة، وعدم السماح باعتلاء المنابر إلا بعد دراسة فن الخطابة والارتباط بالمصادر العلمية الموثوقة، والتشجيع على أهمية القراءة والبحث العلمي المستمر، ودعم القنوات النزيهة وإفساح المجال أمام أهل الخبرة والبحوث العلمية للظهور الإعلامي، وتوفير الموارد الكافية للمشاريع العلمية الجادة، حتى يتمكن المجتمع من  التخلص من منابر التفاهة واستبدالها بمنابر العلم والوعي والإصلاح.

عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اكتشاف سلوك غامض للكون لا يتطابق مع النماذج العلمية الحالية

كوريا ج – كشفت دراسة حديثة عن مفاجأة علمية غير متوقعة، تشير إلى أن الكون قد لا يكون في حالة توسع متسارع كما كان يُعتقد سابقا، بل إن وتيرة تمدده تتباطأ فعليا.

ولطالما شكل توسع الكون لغزا محيرا للعلماء، حيث يختلفون حول السرعة الدقيقة لهذا التوسع والأسباب الكامنة وراءه. وقد ازداد هذا الجدل تعقيدا مع تزايد دقة القياسات التي يتم الحصول عليها.

وحتى الآن، ساد اعتقاد في المجتمع العلمي بأن قوة غامضة تعرف باسم “الطاقة المظلمة” هي التي تتسبب في تسارع توسع الكون. لكن الدراسة الجديدة تكشف أن التوسع لا يتسارع على الإطلاق، بل على العكس من ذلك.

وقد أكدت أبحاث حازت على جائزة نوبل عام 2011 أن “الطاقة المظلمة” تدفع الكون للتوسع بسرعة متزايدة. إلا أن فريقا من جامعة يونسي في كوريا الجنوبية توصلوا الآن إلى نتائج تقلب هذه الفكرة رأسا على عقب.

ويقول البروفيسور يونغ ووك لي، قائد الفريق البحثي: “دراستنا تظهر أن الكون دخل بالفعل مرحلة التوسع المتباطئ، وأن الطاقة المظلمة تتغير بسرعة أكبر مما كنا نتصور”. ويضيف: “إذا تأكدت هذه النتائج، فسوف تشكل تحولا جوهريا في النموذج الكوني السائد منذ اكتشاف الطاقة المظلمة قبل 27 عاما”.

ويعتمد هذا الاكتشاف الجديد على مراجعة دقيقة لبيانات “المستعرات العظمى” – وهي الانفجارات النجمية التي يستخدمها العلماء كشموع معيارية لقياس توسع الكون.

واكتشف العلماء أن عمر هذه النجوم يؤثر على سطوعها، وهو، ربما، ما قاد إلى قياسات خاطئة في السابق.

وعندما أخذ العلماء هذا العامل في الاعتبار، وجدوا أن البيانات لا تتطابق مع النموذج السابق لتسارع الكون، بل تشير بوضوح إلى أن التوسع الكوني بدأ يتباطأ.

وهذا الكشف المهم، الذي نشر في مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society، قد يغير فهمنا الأساسي لمصير الكون، ويدفع العلماء لإعادة النظر في أحد أهم الاكتشافات الفلكية في القرن الحادي والعشرين.

المصدر: إندبندنت

مقالات مشابهة

  • الفيسبوك .. عين المواطن التي تراقب وتكشف وتُحاسب
  • جامعة كارنيجي ميلون في قطر تحتفي بكتاب "قطر التي عشناها"
  • ورشة تعريفية حول برنامج التعاون مع كراسي السلطان قابوس العلمية
  • ندوة في صيدلة بني سويف حول كيفية فهم الأوراق البحثية العلمية
  • مفاجأة.. عطية لاشين: العمل في إعداد الرسائل العلمية حرام شرعا وأجرها سُحت
  • اكتشاف سلوك غامض للكون لا يتطابق مع النماذج العلمية الحالية
  • حديث الجهل
  • مفتي الجمهورية: الإسلام يتخذ موقف الانفتاح الراشد من المستجدات العلمية في الذكاء الاصطناعي
  • محافظ الدقهلية يستقبل مفتي الجمهورية في إطار احتفال جامعة المنصورة بعيد العلم