ما تمويل المناخ وكيف يخطط العالم لدفع تكاليفه؟
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
مع تصاعد تكاليف ومخاطر الاحتباس الحراري، زد الاهتمام بموضوع تمويل المناخ كأحد مفاتيح العمل المناخي العالمي، وهو أحد القضايا الرئيسية المطروحة ضمن أعمال مؤتمر المناخ العالمي "كوب 30" الذي يعقد حاليا في مدينة بيليم الأمازونية بالبرازيل، فما التمويل المناخي وما أدوات عمله؟
تحتاج الدول النامية، التي تسعى للتحول إلى الطاقة النظيفة، مع استعدادها في الوقت نفسه لتقلبات الطقس المتطرفة وغيرها من الآثار المترتبة على ارتفاع درجة حرارة العالم، إلى تمويل كبير، لا يتوفر ضمن ميزانيتها المثقلة غالبا بالديون.
ويصف مصطلح تمويل المناخ جميع التمويلات من منح، وقروض، واستثمارات والتي تقدمها الحكومات وبنوك التنمية والمستثمرين من القطاع الخاص والمؤسسات الخيرية والتي تهدف إلى مساعدة البلدان على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري أو التكيف مع تأثيرات المناخ، من خلال مشاريع في مجال الطاقة المتجددة أو مقاومة الكوارث الطبيعية.
لماذا هذا مهم؟
بدون تمويل المناخ، ستواجه الدول الأفقر صعوبة في خفض انبعاثات الكربون في اقتصاداتها وحماية الفئات السكانية الضعيفة. ولأن هذه الدول هي الأقل مساهمة في الانبعاثات، فإن معاهدة الأمم المتحدة للمناخ لعام 1992 أقرت أنها يجب أن تتحمل عبئا أقل في معالجة المشكلة اليوم.
وبات تمويل المناخ بمثابة اختبار حاسم للثقة في المفاوضات الدولية بشأن المناخ، إذ يُنظر إلى المبلغ الذي تلتزم به البلدان الغنية على أنه مقياس لمدى جديتها في معالجة الأزمة.
تختلف الدول اليوم حول من يتحمل تمويل المناخ، ومقداره المطلوب، وكيفية توزيعه. وتاريخيا، اقتصرت المساهمة على الدول الصناعية كالولايات المتحدة واليابان ودول أوروبية، لكن الضغط يتزايد على الدول سريعة النمو وعالية التلوث كالصين والهند ودول الخليج للمشاركة.
إعلانوتصر الصين على ضرورة الاستمرار في التعامل معها باعتبارها دولة نامية بموجب معاهدة الأمم المتحدة للمناخ. وتسعى الدول النامية، التي تعاني بالفعل من مستويات ديون مرتفعة، أيضا للحصول على مزيد من المنح بدلا من القروض، حسب تقرير البنك الدولي لعام 2024.
وأظهرت تقديرات البنك الدولي في ديسمبر/كانون الأول 2024 أن الديون الخارجية المستحقة على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ارتفعت بأكثر من 205 مليارات دولار عام 2023 إلى مستوى قياسي بلغ 8.8 تريليونات دولار.
حدد العالم أهدافه الأولى لتمويل المناخ عام 2009، حيث تعهدت الدول الغنية بتقديم 30 مليار دولار سنويا. وزادت هذا المبلغ عام 2010 إلى 100 مليار دولار، لكنها لم تتمكن من الوفاء بكامل المبلغ السنوي إلا عام 2020.
وعلى صعيد منفصل، أعلنت بنوك التنمية متعددة الأطراف أنها خصصت نحو 137 مليار دولار لتمويل أنشطة المناخ عام 2024. وخصصت حوالي 62% من هذا المبلغ، أي ما يعادل 85.1 مليار دولار، للدول منخفضة ومتوسطة الدخل. وقبل عام، خصصت البنوك نحو 125 مليار دولار لتمويل أنشطة المناخ.
وجمع اتفاق مؤتمر الأطراف الـ29 "كوب 29" الذي عُقد العام الماضي في باكو عاصمة أذربيجان بين هاتين المجموعتين المانحتين لتحديد هدف سنوي جديد بقيمة 300 مليار دولار يتم تحقيقه بحلول عام 2035.
ومن المفترض أن يظل الهدف، حتى عام 2035، عند مستوى 100 مليار دولار السابق، رغم أن هذا لم يُنص عليه في وثائق الأمم المتحدة.
تعمل صناديق المناخ من الحكومات الغنية بشكل متزايد كرأس مال أساسي للتدفقات المتزايدة من رأس المال الخاص نحو الاستثمارات الصديقة للمناخ حسب مبادرة سياسة المناخ "سي بي آي" (CPI) غير الربحية.
وتشير التقديرات إلى أن تدفقات تمويل المناخ العالمية لعام 2022 بلغت حوالي 1.46 تريليون دولار، نصفها تقريبا من الاستثمارات الخاصة. وارتفع هذا المبلغ تدريجيا إلى ما يقرب من 1.6 تريليون دولار عام 2023.
بالنسبة للدول النامية، وافقت الدول المشاركة في مؤتمر الأطراف الـ29 على العمل على تعزيز التمويل السنوي إلى 1.3 تريليون دولار على الأقل، مع قيام عشرات وزراء المالية بإنتاج "خريطة طريق من باكو إلى بيليم" تتضمن توصيات حول كيفية القيام بذلك.
ولا يزال هذا المبلغ أقل بكثير من 7.4 تريليونات دولار التي تقدرها "مبادرة سياسة المناخ" بأنها مطلوبة سنويا حتى عام 2030 لتحقيق أهداف المناخ العالمية.
وبالنسبة للدول النامية فقط، بدون اعتبار الصين، فإن مجموعة الخبراء المستقلة رفيعة المستوى المعنية بتمويل المناخ تضع الفاتورة السنوية عند 2.4 تريليون دولار، وترتفع إلى 3.3 تريليونات دولار بحلول عام 2035.
وقلّصت الدول الغنية مساعداتها التنموية في السنوات الأخيرة، في ظلّ مواجهتها لمخاوف تتعلق بأمن الطاقة والاستقرار الاقتصادي، وفواتير متصاعدة تتعلق بالحرب وتطوير الذكاء الاصطناعي.
إعلانوبلغ إجمالي مساعدات التنمية الخارجية في العام الماضي 212.1 مليار دولار، بانخفاض يزيد على 7% عن العام السابق، وفقا للتقديرات الأولية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ويؤدي هذا إلى تحول التركيز نحو طرق جذب المزيد من الأموال الخاصة، من خلال التغييرات في القواعد المالية، وتصنيفات الائتمان، وممارسات الإقراض المصرفي المتعدد الأطراف، وإنشاء أدوات مالية جديدة.
ومن بين الأفكار المطروحة "التمويل المختلط"، حيث تقبل الحكومات والمؤسسات الخيرية الخسائر أو العائدات المنخفضة حتى يتمكن المستثمرون من القطاع الخاص من المشاركة بمخاطر أقل في تمويل العمل المناخي.
وتحث البرازيل البلدان المشاركة حاليا في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 30" (COP30) في البرازيل على المساهمة في مبادرة "مرفق الغابات الاستوائية إلى الأبد" (TFFF) الذي تم إطلاقه حديثا، والذي يهدف إلى جمع 25 مليار دولار من التمويل الحكومي والخيري لتعبئة 100 مليار دولار أخرى من الأموال الخاصة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الأمم المتحدة تریلیون دولار تمویل المناخ ملیار دولار هذا المبلغ
إقرأ أيضاً:
اليوم.. انعقاد فعاليات مؤتمر المناخ كوب 30 في البرازيل
تنطلق اليوم الاثنين فعاليات الدورة الـ 30 لمؤتمر الأمم المتحدة السنوي لتغير المناخ في مدينة بيلين البرازيلية بغابة الأمازون المطيرة، حيث تتوقع الجهات المضيفة مشاركة نحو 50 ألف شخصية، في مفاوضات شاقة تستمر قرابة أسبوعين.
ومن المقرر أن يناقش مندوبون من أكثر من 190 دولة سبل الحد من أزمة المناخ وآثارها المدمرة، بما في ذلك زيادة وتيرة وشدة الجفاف والعواصف وحرائق الغابات والفيضانات.
كما ستتناول المباحثات في المؤتمر المعروف باسم كوب 30 أيضا مطالب الدول الفقيرة بالحصول على مزيد من التمويل للتكيف مع ظروف المناخ الآخذة في التفاقم.
ومن المتوقع أن تشهد القمة دعوات عديدة لمزيد من التحرك من جانب الحكومات: فخلافا للالتزامات السابقة، لم تلتزم سوى نحو ثلث الدول بتقديم خططها المتعلقة بالمناخ للفترة حتى عام 2035 في الوقت المحدد للقمة.
وقال مارتن كايزر رئيس الفرع الألماني لمنظمة جرينبيس: "نظرا لقصور السياسات الوطنية المتعلقة بالمناخ، ستركز القمة على كيفية تحقيق الحد من ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض الضروري حتى يمكن الحفاظ على بقائنا على قيد الحياة."