استثمار يُعيد تشكيل مزيج الطاقة في عُمان
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
مريم البادية
يشهد قطاع الطاقة في سلطنة عُمان تحولًا تدريجيًا من مفهوم "الإمداد" إلى مفهوم "الاستثمار". فمحطات توليد الكهرباء لم تعد مشاريع خدمية لتأمين الطلب، بل أصبحت أصولًا اقتصادية تُدار بمعايير الكفاءة والعائد طويل المدى.
ويُعد مشروع ظفار لطاقة الرياح (المرحلة الثانية) نموذجًا لهذا التحول، إذ يمثل انتقال عُمان من مرحلة التجربة إلى مرحلة التطبيق العملي للطاقة المتجددة كقطاع إنتاجي متكامل.
وعند الحديث عن القيمة الفعلية لهذا المشروع، فإنها لا تُقاس فقط بقدرته البالغة 125 ميجاوات، بل بقدرته على إعادة توجيه الموارد الوطنية. فوفقًا للبيانات الرسمية، سيسهم المشروع في تحرير نحو 76 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، وهو ما يخلق فرصة لاستخدام هذا المورد في مجالات صناعية أو تصديرية ذات عائد اقتصادي أعلى. وبهذا المعنى، لا يضيف المشروع طاقة كهربائية فحسب، بل يُعيد توزيع الموارد بطريقة ترفع من كفاءة الاقتصاد الوطني.
كما أن دخول تحالفات دولية في تنفيذ المشروع يعكس نضوج بيئة الاستثمار في قطاع الطاقة. فالشراكات مع مؤسسات تمتلك خبرات في التكنولوجيا والإدارة والتمويل تشير إلى أن عُمان أصبحت قادرة على استقطاب استثمارات نوعية طويلة الأمد، وتبنّي نماذج تمويل وتشغيل متقدمة تُعزز تنافسية السوق المحلية.
وتُظهر خريطة الطريق الوطنية للطاقة المتجددة أنَّ مشروع ظفار ليس حالة منفردة، بل جزء من منظومة اقتصادية متكاملة، فمن المخطط في عام 2027 تنفيذ مشروع سدح لطاقة الرياح الذي سينتج 90 ميجاوات، يليه مشروع محوت بـ 800 ميجاوات، ثم مشاريع الدقم وشليم لتصل السعة الإجمالية للطاقة المتجددة إلى 9.1 ميجاوات بحلول عام 2030، أي ما يعادل 30% من إجمالي الإنتاج الكهربائي المتوقع في سلطنة عُمان.
ويعكس هذا الاتجاه نهجًا واضحًا في تنويع الطاقة داخل القطاع نفسه، بما يضمن الاستدامة المالية والتوازن بين مصادر التوليد التقليدية والمتجددة.
من منظور اقتصادي، يمكن القول إنَّ الطاقة المتجددة في عُمان بدأت تتحول من مبادرات تنموية إلى ركيزة إنتاجية داخل المنظومة الاقتصادية. فهي تسهم في تقليل تكلفة التشغيل الحكومي، وتحفّز برامج القيمة المحلية المضافة، وتفتح المجال أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للدخول في سلسلة التوريد والخدمات الفنية، وهو ما يخلق نشاطًا اقتصاديًا متنوعًا حول قطاع الطاقة.
وبهذا الاتجاه، تضع سلطنة عُمان أساسًا تدريجيًا لاقتصاد طاقي متوازن، تكون فيه الرياح جزءًا من منظومة الاستثمار الوطني.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عُمان تستضيف "قمة ومعرض الشرق الأوسط لغاز البترول المُسال" بمشاركة 80 شركة عالمية
الرؤية-ريم الحامدية
تصوير/راشد الكندي
انطلقت، الإثنين بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، أعمال قمة ومعرض الشرق الأوسط لغاز البترول المُسال 2025، تحت رعاية معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، بمشاركة نخبة من القيادات التنفيذية والخبراء والمتخصصين في قطاع الطاقة من مختلف دول العالم، وتنظيم الجمعية العالمية لغاز البترول المُسال (WLGA) بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ويستمر لمدة يومين.
ويهدف الحدث إلى مناقشة مستقبل صناعة غاز البترول المُسال وتعزيز التعاون العالمي في مجال الطاقة، من خلال استعراض أحدث الابتكارات والتقنيات والحلول المرتبطة بالتحول في الطاقة، والسلامة الصناعية، وتمكين المرأة، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي.
ويشارك في القمة أكثر من 2,000 خبير ومختص من 30 دولة، إلى جانب 80 شركة عالمية تستعرض أحدث ما توصلت إليه صناعة غاز البترول المُسال على مستوى التقنيات وأنظمة الأمان وسلاسل التوريد. وشهد الحدث إطلاق أول فرع لبرنامج تمكين المرأة في قطاع غاز البترول المُسال (WINLPG) في الشرق الأوسط، ما يعزز جهود سلطنة عُمان في دعم مشاركة المرأة في قطاع الطاقة والصناعة.
وافتتح جيمس روكال، الرئيس التنفيذي والمدير العام للجمعية العالمية لغاز البترول المُسال، أعمال القمة مؤكدًا مكانة سلطنة عُمان المتنامية كوجهة عالمية في قطاع الطاقة. وقال في كلمته: "تُقدّم سلطنة عُمان نموذجًا رائدًا في توظيف الابتكار والاستثمار والتعاون لإحداث تحول نوعي في قطاع الطاقة، وتجمع هذه القمة نخبة من أبرز الخبراء وصنّاع القرار حول العالم لتبادل الحلول وبناء الشراكات وتعزيز دور الغاز المُسال كمحرك رئيسي نحو مستقبل أكثر استدامة وكفاءة".
من جانبه، أكد سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة، في كلمته خلال افتتاح أعمال القمة، مواصلة الوزارة العمل بخطى متسارعة لقيادة التحول الاقتصادي في سلطنة عُمان، بالتكامل مع الشركاء من القطاعين العام والخاص، إذ تضع الاستراتيجية الصناعية 2040 القطاع الصناعي على رأس الأولويات الوطنية من خلال مستهدفات طموحة تشمل زيادة مساهمته في الناتج المحلي، وتعزيز الصادرات الصناعية غير النفطية، وتوسيع القاعدة الإنتاجية القائمة على المعرفة والتقنيات الحديثة.
وأضاف سعادته: أصبح غاز النفط المسال عالمياً مورداً إستراتيجياً لا يقتصر على تلبية احتياجات الطاقة فحسب بل أيضاً لتعزيز الصادرات وتنويع الاقتصاد، كما يعد غاز النفط المسال ركيزة أساسية لتطوير سلاسل القيمة المضافة، ودعم صناعات البتروكيماويات، والتصنيع، والخدمات اللوجستية، وتعزيز منظومة التصدير وبالتالي استدامة النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن سلطنة عُمان بدأت استعداداتها لهذه التحولات من خلال الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وتشجيع المصانع على تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والبحث والتطوير واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي منظومة الحوافز لجذب الاستثمارات النوعية، فضلا على تعزيز المحتوى المحلي وإطلاق منصات رقمية لتسهيل بيئة الأعمال.
وقال سعادته: "إن غاز البترول المسال يُعد وقودًا محوريًا في مسار التحول نحو اقتصاد قائم على الهيدروجين الأخضر، بما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز الاستجابة لمتطلبات الاقتصاد الدائري، وبناء سلاسل توريد مرنة وآمنة، وإننا في سلطنة عُمان ندرك أن المستقبل سيكون للأمم القادرة على الجمع بين التنافسية الاقتصادية والاستدامة البيئية، ولذلك فإننا نفتح أبوابنا للاستثمار والشراكات التي تخدم هذه الرؤية".
وعبر سعادته عن تقديره للمنظمة على اختيارها سلطنة عمان لاستضافة هذه القمة، وأن تُثمر أعمال هذه القمة عن توصيات ومبادرات عملية تسهم في ترسيخ صناعة عالمية متكاملة ورائدة في مجال غاز البترول المسال، قادرة على المنافسة عالميًا، ومتوافقة مع التحولات البيئية والاقتصادية الراهنة، مبينا: "نأمل أن تشكل هذه القمة نقطة انطلاق لتعزيز التعاون وبناء شراكات نوعية تفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والابتكار، وتمكّن من جعل تحول الطاقة في سلطنة عُمان نموذجًا يُحتذى به في المنطقة".
وتضمن برنامج القمة عددًا من الجلسات الحوارية وورش العمل حول غاز السيارات، السلامة الصناعية، تمكين المرأة في قطاع الطاقة، وتبادل الخبرات العالمية، كما شهد الحدث لقاءات ثنائية بين ممثلي الحكومات والشركات العالمية لبحث فرص التعاون والاستثمار.
واختُتمت القمة وسط إشادة واسعة بجهود سلطنة عُمان في قيادة الحوار الدولي حول مستقبل صناعة الطاقة، إذ أكد جيمس روكال في ختام الحدث: "إن النجاح الذي حققته قمة ومعرض الشرق الأوسط لغاز البترول المُسال 2025 يعكس ريادة المنطقة في قطاع الطاقة العالمي، وستظل التكنولوجيا، والاستدامة، والشراكات الدولية عوامل رئيسية لبناء مستقبل أكثر أمانًا واستدامة لصناعة الطاقة".