تتواصل معاناة وزير التموين المصري السابق، في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، الدكتور باسم عودة، للعام 12 على التوالي، في سجون النظام المصري، المعروف شعبيا باسم "وزير الغلابة"، والذي قدم تجربة في توفير السلع والخدمات للمصريين في فترة وزارته القصيرة.

وكتبت زوجته الوزير المعتقل حنان توفيق، عبر صفحتها بـ"فيسبوك"، تقول: اليوم يكمل زوجي عامه الـ12 خلف القضبان، منهم 10 سنوات بدون زيارة"، متسائلة: "كيف أصبحت ملامحك ياعزيزي".



وأكدت أنها: "محفورة في قلبي ولا تغيب عن خيالي في ساعة من ليل أو نهار"، داعية الله أن ينجيه "من ظلمات الحبس كما أنجيت يونس من ظلمات البحار في بطن الحوت"، مطالبة بفتح الزيارة له، ومشيرة لمعاناته ومعاناة أسرته في إصرار النظام الحالي على عقابه.


‏وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، كشفت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، عن تعرض عودة، لانتهاكات جسيمة داخل محبسه بسجن "بدر 3"، حيث قام الضابط بقطاع الأمن الوطني العقيد أحمد فكري، باقتحام زنزانته، والاعتداء عليه بالسب والضرب في محاولة لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام.

ووفق حقوقيين فإن تلك الواقعة، تكشف حجم الانتهاكات التي تعرض لها عودة، وغيره من قيادات جماعة الإخوان المسلمين ووزراء حكومة الدكتور هشام قنديل، في محبسهم.

ودخل عودة في إضراب عن الطعام هو وعشرات المعتقلين من الوزراء والسياسيين والبرلمانيين والأكاديميين الذين يقبعون في حجز انفرادي منذ العام 2013، وذلك في محاولة منهم لتحسين ظروفهم غير الإنسانية داخل (قطاع 2) بسجن "بدر 3"، مطالبين بفتح الزيارة، والسماح للمرضى بالعلاج،



وطالب مصريون تحت هشتاغات: #الحرية_للدكتور_باسم_وكل_المعتقلين"، و"#كفاية_12سنة_ظلم"، بالحرية لباسم عودة، وغيره من المعتقلين الذين تقدر عددهم منظمات حقوقية بأكثر من 60 ألف معتقل.

ولد باسم كمال محمد عودة، (55 عاما)، في 16 آذار/ مارس 1970، مركز الشهداء بمحافظة المنوفية دلتا النيل)، متزوج من الطبيبة البيطرية الدكتورة حنان توفيق، وتخرج في كلية الهندسة جامعة القاهرة، وعمل أستاذا بقسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات بالكلية، واستشاري الهندسة الطبية وتقنية الرعاية الصحية، قبل تفرغه للعمل السياسي والوزاري.

شارك باسم عودة بثورة يناير 2011، وشهد "موقعة الجمل" الشهيرة في "ميدان التحرير" 4 شباط/ فبراير 2011، وأصيب في رأسه حينها من قبل البلطجية، لينخرط لاحقا في العمل السياسي بتولي رئاسة لجنة التنمية المحلية، بحزب "الحرية والعدالة".

شغل منصب وزير التموين والتجارة الداخلية بحكومة الدكتور هشام قنديل، لأقل من عام، بين (آب/ أغسطس 2012 وحتى 4 تموز/ يوليو 2013"، وحقق إنجازات واتخذ قرارات لاقت استحسانا شعبيا واسعا منها: رقمنة منظومة الخبز والدعم عبر البطاقات الذكية، وتحسين جودة الخبز بمنع دقيق الذرة وزيادة وزنه، والقضاء على طوابير توزيع الخبز واسطوانات الغاز، وتوفير مليارات الجنيهات من الميزانية كانت تذهب للمتلاعبين مع حملته ضد الفساد والمتلاعبين بالسوق.

بدأت محنة عودة بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، حيث تم القبض عليه 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، واتهامه في قضايا عديدة وصفها حقوقيون بالمسيسة، أهمها: قضيتي "غرفة عمليات رابعة"، و"فض اعتصام رابعة"، والتي جرى التصديق على حبسه فيهما مدة 50 عاما.

عانى عودة من الحبس الانفرادي لنحو 10 أعوام في مجمع سجون طرة (جنوب القاهرة)، قبل نقله لسجن (بدر 3) قرب العاصمة الإدارية الجديدة، نهاية عام 2022 أو بداية 2023، فيما أثيرت مخاوف عائلته ومنظمات حقوقية حول وضعه الصحي منتقدين حرمانه من الرعاية الصحية، ومنع الزيارة عنه لأكثر من 10 سنوات.

نداءات حقوقية ولا مجيب

وطالبت منظمات حقوقية عديدة، بالإفراج عن باسم عودة، بينها "هيومن رايتس ووتش"، التي اعتبرت في نيسان/ أبريل 2017 وحزيران/ يونيو 2021، محاكمته بقضية "فض رابعة" والآلاف معه بمحاكمات جماعية "محاكمة جائرة وتفتقر العدالة".

من جانبها، وجهت "منظمة العفو الدولية"، نداءات عاجلة بشأن ظروف احتجازه غير الإنسانية، والإهمال الطبي الذي يتعرض له، واعتبرته "سجين رأي في سياق محاكمات جائرة".

كما نددت "لجنة العدالة الدولية"، بالأحكام الصادرة في القضايا التي تضم عودة، ووصفتها بأنها "أحكام انتقامية تُخالف مبادئ القانون الدولي"، فيما دعت للإفراج الفوري عن "الأشخاص المحتجزين تعسفيا على خلفية سياسية".

حان وقت المراجعة

وفي تعليقه، قال الحقوقي المصري محمد زارع، "حبس الدكتور باسم، 12 عاما هي فترة طويلة جدا لمجرد خلاف سياسي، ولا أعتقد أن هناك ما يستدعي وضع إنسان كان مسؤولا ولم نر منه وقائع فساد أو ارتكاب جريمة محددة، كل ما في الأمر أن هناك خلاف سياسي وحكم تم إزالته وهذا ليس معناه السجن كل هذه الفترة".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "المسألة ليست فقط في الدكتور باسم عودة، ولكن هناك آلاف المسجونين السياسيين؛ أظن أن اللحظة حانت لنظام الحكم والرئيس السيسي مراجعة كل القضايا، بما له من صلاحيات للإفراج عن كل الناس شيوخ ونساء وشباب مقبوض عليه لفترات طويلة لخلاف سياسي، طالما لم يرتكب عنفا أو حمل السلاح أو دعا لحمله، ولا أظن وجودهم بالسجن هو الحل فهو بحد ذاته خطأ كبير".

وأكد أن "نظام الحكم هو اليوم منتصر ويحكم، والناس في السجون 12 سنة فترة كبيرة جدا ولابد من مراجعة وإخلاء سبيلهم بأي طريقة، حتى ولو بعفو رئاسي، لكن تركهم بالسجون حتى الموت أمر غير مقبول، ووصمة في جبين مصر".

ماذا خسر المصريون بسجن باسم عودة؟

تحدث مصريون عن خسارتهم بسجن الوزير باسم عودة، مؤكدين أن النظام الحالي يتعامل مع المصريين كبشر من الدرجة الثانية، مشيرين إلى أن عودة، قدم لهم "أفضل زيت لأفضل شعب"

وأكدوا أنه "وزير حر، ولديه برنامج، وقدرات، وصاحب نظرية: (المواطن هو الأصل، وهو الهدف، وليس الدولة)"، ملمحين إلى فكرته بتعميم البطاقة الذكية، وتوفير الخبز، والبديل النقدي، ودفع ثمن القمح للفلاح المصري بنفس سعر استيراده من الخارج لزيادة الإنتاج.


وعقب خروج باسم عودة من الوزارة، اضطر بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام الحالي، إلى الاعتراف بنجاح منظومة الخبز التي وضعها، واعترف محللون وخبراء اقتصاد أن "منظومة خبز 2013" كانت "الأفضل والأكثر كفاءة في ترشيد الدعم".

وتداولت العديد من المصادر الإعلامية، مستندة إلى تصريحات منسوبة للدكتور باسم عودة نفسه ومقربين منه، أن رئيس النظام عبدالفتاح السيسي (الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع وقتها) طلب منه 4 تموز/ يوليو 2013، البقاء بمنصبه كوزير للتموين والانضمام للحكومة الجديدة، لكنه فضل الاستقالة.

ويشكو ملايين المصريين الآن، من الفقر، والبطالة، وتراجع الدخول، وضعف القوة الشرائية للجنيه، مع تفاقم الأزمات الاقتصادية واستمرار سياسات الحكومة ووزارة التموين بتقليص الدعم ورفع أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات، وغياب الرقابة على الأسواق، وتفشي الفساد في الإدارات الحكومية بوزارة التموين والمحليات.

وفي 17 أيار/ مايو 2016، وأمام محكمة جنايات القاهرة، سُمح لباسم عودة باحتضان ابنته وزوجته، وخاطب القاضي، مدافعا عن نزاهته وإنجازاته بوزارة التموين، ونفى التهم الموجهة إليه.

وقال متسائلا: "هل ذنبي إني خليت زيت عباد الشمس بـ3 جنيه للمواطن؟، وخليت تكلفته على الدولة 9 جنيه؟، وإني عملت منظومة القمح ومتأخرتش على الفلاحين؟ ده حتى أنا مبعتش جزر مصرية لدول أخرى. لو مصر ستتقدم بسجننا فهذا ثمن رخيص مستعدون لدفعه".


وكان الإعلامي أيمن عزام، قد تساءل: "‏ما جريمة باسم عودة؟، ‏ما خطورته على الأمن القومي أو الأمن الداخلي؟، هل ثبت على هذا الرجل يوما ما في سيرة حياته أي فساد مهني أو خلقي أو جنائي؟، ‏كيف كان أداؤه أثناء توليه حقيبة وزارة التموين في عهد الدكتور مرسي؟، هل كان يعمل لصالح الوطن والمواطن أم سرق ونهب كوزراء سابقين؟".

وأكدت صفحة المجلس الثوري المصري المعارض، أن إنجازات الوزير باسم عودة، كانت هي الجريمة التي يعاقب بسببها 12 عاما، مشيرة إلى أنه جعل "سعر  زيت (عباد الشمس) بـ3 جنيهات للمواطن، وسماه (خير بلدنا)، بينما كانت تكلفته على الدولة 9 جنيهات"، مبينة أنه "عمل منظومة إنتاج وتوريد القمح وأنصف الفلاحين".




فساد وتقليص الدعم

وتعاقب على وزارة التموين بعد اعتقال الوزير باسم عودة، 4 وزراء، أولهم محمد أبو شادي، (تموز/ يوليو 2013 حتى آذار/ مارس 2014)، وشهدت فترة وزارته شكاوى من نقص السلع الأساسية وعدم استقرار منظومة الدعم.

وتولى الوزير خالد حنفي، الوزارة في (آذار/ مارس 2014 وحتى آب/ أغسطس 2016)، لتتفجر في عهده "قضية فساد القمح الكبرى"، وإهدار مليارات الجنيهات.

لتستعين الحكومة بالوزير السابق من عهد حسني مبارك اللواء علي المصيلحي، حتى منتصف 2024، والذي نفذ خطة ممنهجة لتقليص الدعم، وأصدر عشرات القرارات برفع أسعار المواد التموينية، كالسكر والزيت، وحذف ملايين المصريين من بطاقات التموين لأسباب منها (امتلاك سيارة حديثة أو فاتورة كهرباء مرتفعة).



واتجهت الحكومة بشكل ممنهج نحو تقليص دعم الوقود (البنزين والسولار) والكهرباء، والدعم التمويني، وخروج ملايين المواطنين من منظومة التموين، والاعتماد على استيراد القمح بأسعار عالمية، ما أدى لارتفاع أسعار الطعام والشراب والنقل والخدمات وزاد تكلفة المعيشة اليومية.

ومرت معيشة المصريين، وتحديدا ملفات التموين والأسعار والدعم، بتحديات كبيرة منذ عام 2014 وحتى عام 2025، حيث شهدت الفترة تدهورا حادا بالقوة الشرائية للجنيه المصري، (من 7 إلى نحو 50 جنيها)، مدفوعا بتحرير سعر الصرف وأزمات العملة.

وتفاقم معدل التضخم السنوي العام من حوالي 10.1 بالمئة نهاية 2014 ليصل إلى ذروته التاريخية عند 38 إلى 40 بالمئة عامي 2023 و2024، فيما سجل متوسط أسعار الغذاء السنوي ارتفاعا بنسبة تجاوزت 65 بالمئة خلال عام 2023.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصري باسم عودة اعتقال مصر الإنقلاب اعتقال باسم عودة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة باسم عودة یولیو 2013

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء لصدى البلد: نتابع يوميا مع وزير التموين والمحافظين توفير السلع الأساسية للمواطنين

أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء أن وزير التموين وجهاز حماية المستهلك، كان لهما دور وكذلك الشركات فى الالتزام بالتعاون مع الوزارة، وتم العمل على ضخ مزيد من المنافذ بشأن الزيت الحر.

قال مصطفى مدبولي، خلال  رده على محرر صدى البلد، بمؤتمر الحكومة الإسبوعي، أنه يتابع يوميا مع وزير التموين والمحافظين توفير السلع الاساسية للمواطنين مؤكدا أنه بالفعل كانت هناك شركتين زيت طعام اعلنوا انسحابهم من المبادرة.

وتابع رئيس مجلس الوزراء، أن الشركات الخاصة هي المستفيد من انخفاض التضخم، مؤكدا أن الدولة حريصة على استقرار الأسعار، مؤكدا  أن الحكومة تستهدف في النصف الثاني من 2026 أن يكون التضخم لا يتجاوز 8%.

طباعة شارك مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء جهاز حماية المستهلك الوزارة المنافذ

مقالات مشابهة

  • اعتقال عرافة في سيدني احتالت على الجالية الفيتنامية.. مبالغ هائلة
  • وزير التموين يستقبل سفير الإمارات لبحث سبل التعاون المشترك بين القاهرة ودبى
  • وزير التموين يستقبل سفير دولة الإمارات لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك
  • معشوقة الجماهير.. أنباء عن عودة ميتسوبيشي لانسر إيفولوشن بعد 9 سنوات غياب
  • وزير العمل: البطالة في مصر انخفضت من 13% في 2013 إلى 6.2% خلال 2025
  • رئيس الوزراء لصدى البلد: نتابع يوميا مع وزير التموين والمحافظين توفير السلع الأساسية للمواطنين
  • بعد 20 عاما.. أدرعي يغادر منصبه من جيش الاحتلال
  • الدكتور خالد العناني يؤدي القسم مديرا عاما لمنظمة «اليونسكو»
  • بيان حول اختطاف الدكتور حمود العودي في صنعاء.. حين يتحول الإستدعاء إلى اعتقال ثم اخفاء قسري