الإمارات .. التزام إنساني ودبلوماسي تجاه السودان
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
تواصل دولة الإمارات التزامها بموقفها الثابت تجاه الحرب الأهلية السودانية التي اندلعت في أبريل 2023، من خلال رسائل استراتيجية واضحة تجمع بين الإدانة الحازمة للانتهاكات الخطيرة، والدعوة إلى وقف فوري للحرب، والدفع نحو حل سياسي يقوده المدنيون.
وشددت الإمارات منذ الأيام الأولى للأزمة، عبر بيانات رسمية صدرت تباعاً منذ مايو 2023 وحتى أكتوبر 2025، على ضرورة حماية المدنيين، ووقف استهداف الأحياء السكنية، داعية المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته تجاه ما يشهده السودان من جرائم وانتهاكات تُوثَّق يومياً.
وفي هذا السياق، أدانت دولة الإمارات في 9 يونيو 2024 الهجمات المشينة ضد المدنيين في مدينة الفاشر، ووصفتها بأنها «تصعيد خطير وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني»، مطالبة بفتح ممرات إنسانية وتأمين حماية عاجلة للمدنيين، كما أدانت في بيان نشرته وزارة الخارجية في 14 فبراير 2025 ما أوردته التقارير الأممية التي كشفت استخدام أسلحة كيميائية في مناطق غرب دارفور، معتبرة أن استخدام هذه الأسلحة ضد المدنيين يُعد جريمة حرب لا يمكن التغاضي عنها.
وأكدت الإمارات أن القصف العشوائي والإعدامات الميدانية والعنف الجنسي ومنع المساعدات الإنسانية وقطع الإمدادات عن السكان هي ممارسات يجب أن تتوقف فوراً، مع ضرورة محاسبة مرتكبيها.
وترى الإمارات أن جميع الأطراف المنخرطة في النزاع تتحمل مسؤولية مشتركة عن الفظائع المرتكبة منذ بدء الصراع، وأن استمرار العمليات العسكرية سيؤدي فقط إلى إطالة أمد المعاناة وتعميق الأزمة الإنسانية، وهو الموقف الذي أعادت التأكيد عليه خلال مداخلة رسمية في مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 3 مارس 2025، حيث دعت إلى وضع حد للانتهاكات بحق النساء والأطفال، وإلى ضمان حماية شاملة للمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني.
وتتمسك الإمارات بموقفها حيال الحرب في السودان، والذي يرى أن المسار السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة، فمنذ مشاركتها في «جدة» في مايو 2023، مروراً باجتماعات «المنامة» في يونيو 2024، وجنيف في أكتوبر 2024، وواشنطن في يوليو 2025، دعت الإمارات إلى حل سياسي شامل يضع مصلحة الشعب السوداني فوق مصالح الأطراف المتحاربة، مؤكدة ضرورة إطلاق عملية انتقالية يقودها مدنيون مستقلون، بعيداً عن القوى المسلحة والمتطرفة، بهدف تشكيل حكومة مدنية خلال 9 أشهر تملك الشرعية والقدرة على استعادة مؤسسات الدولة والحفاظ على استقرار البلاد.
ورحبت الإمارات في 12 سبتمبر 2025، بالبيان الصادر عن «الرباعية» (الإمارات، والسعودية، والولايات المتحدة، ومصر)، واعتبرته اختراقاً مهماً في مسار الأزمة ونقطة تحول نحو إعادة إطلاق العملية السياسية، معلنة دعمها للبيان وذلك في إطار التزامها بتخفيف معاناة السودانيين ووقف التصعيد، والتعاون مع المجتمع الدولي لإعادة المسار السياسي إلى مساره الصحيح.
كما شددت الإمارات على ضرورة تحقيق هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، وهي مبادرة أعلنت عنها في 5 أبريل 2025، بهدف فتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية في ظل تقارير أممية أشارت إلى حاجة 25 مليون شخص داخل السودان إلى مساعدات عاجلة، بينهم أكثر من 4.5 مليون نازح منذ بداية الحرب، معتبرة أن هذه الهدنة يجب أن تمهد لوقف دائم لإطلاق النار، بما يتيح إطلاق عملية سياسية شاملة وشفافة.
وتجاوز الدعم الإماراتي حدود البيانات الدبلوماسية ليشمل وقوفاً مباشراً إلى جانب الشعب السوداني عبر مساعدات إنسانية وتنموية ضخمة، إذ قدمت الدولة خلال الفترة من 2014 إلى 2025 ما يقارب 3.9 مليار دولار من المساعدات.
وأرسلت الإمارات خلال الفترة من مايو 2023 حتى ديسمبر 2024، أكثر من 122 طائرة شحن إلى بورتسودان ودارفور محملة بإجمالي 8300 طن من المواد الغذائية والطبية ومستلزمات الإيواء.
وأولت الإمارات أهمية كبرى للجانب الصحي في دعم الأشقاء السودانيين، إذ شيّدت مستشفييْن ميدانيّيْن في مدينتي أمدجراس وأبشي في تشاد لتوفير الخدمات الطبية للاجئين السودانيين في دول الجوار، كما افتتحت مستشفى في منطقة مادول في ولاية بحر الغزال في جنوب السودان، فضلاً عن تقديم الدعم إلى ما يزيد على 127 منشأة صحية في 14 ولاية.
وقدمت الإمارات مساعدات مباشرة لما يزيد على 650 ألف شخص داخل السودان، بما في ذلك توفير مولدات كهرباء للمستشفيات المتضررة، وإعادة تأهيل عدد من مراكز المياه، وتوفير إمدادات غذائية لنحو 180 ألف أسرة، وفي نوفمبر 2024 أطلقت الدولة حملة طارئة لتوفير 100 ألف سلة غذائية لسكان ولايتي الجزيرة وكسلا، ضمن جسر جوي شمل 14 رحلة خلال أسبوع واحد.
وأكدت الإمارات مراراً على أن دعمها للشعب السوداني ليس مرتبطاً بظروف النزاع فقط، بل يأتي ضمن التزام إنساني طويل الأمد تجاه السودان، وشاركت الدولة في جهود إعادة الإعمار والمشاريع التنموية قبل اندلاع الحرب، بما في ذلك دعم برامج التعليم والصحة والبنية التحتية في الفترة بين 2016 و2022.
وفي مواجهة حملات التضليل الإعلامي التي رافقت النزاع السوداني منذ منتصف 2024، أعربت الإمارات عن قلقها من محاولات تشويه الحقائق وصرف الانتباه عن الجهود الإنسانية والدبلوماسية، وأكدت في بيان رسمي صادر بتاريخ 7 سبتمبر 2025، أن التضليل الإعلامي يُطيل أمد الحرب ويزيد معاناة المدنيين، داعية إلى مواجهة خطاب الكراهية والدعاية المضللة، ودعم الإعلام المسؤول الذي ينقل الحقائق، ويسهم في تعزيز مسار السلام.
وحذرت الإمارات من خطر تنامي الجماعات المتطرفة والإرهابية داخل السودان، مشيرة في اجتماع أمني دولي في يوليو 2025، إلى أن انتشار هذه الجماعات يشكل تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة، ودعت إلى تعاون دولي لمحاصرة منابع الإرهاب ومنع تمدده.
وتجسد هذه المواقف المتتابعة رؤية إماراتية واضحة تقوم على دعم الشعب السوداني، ورفض الحرب، وحماية المدنيين، والدفع نحو حلول سياسية مستدامة، كما تؤكد مواصلة العمل مع المجتمع الدولي لضمان وقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتعزيز المسار الانتقالي بقيادة مدنية، بما يساعد السودان على تجاوز واحدة من أكثر أزماته تعقيداً في تاريخه الحديث. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات السودان
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: “إسرائيل” قتلت 114 مدنيا في لبنان منذ وقف إطلاق النار
الثورة نت /..
أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الخميس أن الهجمات “الإسرائيلية على لبنان قتلت 114 مدنيًا منذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024.
وأوضحت متحدث مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، تصريح لوكالة الأناضول، أن المفوضية الأممية تتابع الغارات الجوية “الإسرائيلية” على مبان في قرى جنوب لبنان، مشيرا إلى أن عدد المدنيين الذين قتلهم الجيش “الإسرائيلي” في لبنان منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024 ارتفع إلى 114 قتيلًا.
وقال: “يجب فورًا وقف التأثير المميت المستمر على المدنيين، إذ يعيش سكان جنوب لبنان حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن منذ أكثر من عامين، دون أن تلوح في الأفق أي نهاية لهذه الأزمة”.
وطالب الخيطان بالامتثال الفوري والكامل للقانون الإنساني الدولي ولاتفاقية وقف الأعمال العدائية.
ويواصل العدو الإسرائيلي بشكل يومي اعتداءاته على لبنان برًّا وبحرًا وجوًّا، حيث سُجّل نحو خمسة آلاف خرق صهيوني منذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تمادى العدو الإسرائيلي في زيادة وتيرة خروقاته في لبنان لاتفاق وقف إطلاق النار.