السوداني في العراق.. من مرشح توافقي إلى قطب سياسي (بروفايل)
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
بفوز ائتلافه في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت الثلاثاء، يواصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني صعوده السياسي ويجتاز محطة مفصلية في مسيرته وتطور القوى الشيعية في بلاده.
في البداية كان يُنظر إلى السوداني (55 عاما) على أنه مجرد شخصية تنفيذية اعتمدت على التوافق السياسي.
لكنه الآن أصبح المهندس السياسي وراء فوز ائتلاف "الإعمار والتنمية" في انتخابات شارك فيها 56.
والأربعاء، أعلنت مفوضية الانتخابات حصول ائتلاف السوداني على 1.317 مليون صوت، ليتصدر الائتلاف المشهد الانتخابي.
وتصدر الائتلاف نتائج 9 محافظات، بما فيها العاصمة بغداد، ليصبح السوداني قطبا انتخابيا له نفوذ مؤثر وحقيقي.
وعقب إعلان النتائج الأولية، قال السوداني في خطاب بثه التلفزيون: "نبارك لكم فوز ائتلافكم بالمرتبة الأولى في انتخابات مجلس النواب".
* خلفية أكاديمية
ينطلق السوداني من خلفية أكاديمية، إذ يحمل درجتي البكالوريوس في الزراعة والماجستير في إدارة المشاريع، وبنى مسيرته على سجل حافل في الإدارة الحكومية.
انتُخب عضوا ثم محافظا لمحافظة ميسان جنوبي البلاد (2005-2010)، حيث اكتسب خبرة مباشرة في الإدارة المحلية والخدمية.
وشغل مناصب وزارية ذات طابع خدمي وإنساني، بينها وزير حقوق الإنسان ووزير العمل والشؤون الاجتماعية، إضافة إلى مناصب بالوكالة لوزارات حيوية مثل الهجرة والصناعة.
على مستوى التمثيل النيابي، فاز السوداني بمقعد نيابي لثلاث دورات متتالية (2014، 2018، 2021) عن ائتلاف "دولة القانون".
وفي نهاية 2019، أعلن استقالته من "حزب الدعوة" وأطلق "تيار الفراتين"، ليبدأ مسارا جديدا نحو الاستقلالية السياسية.
ومع انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية في 2022، عاد بقوة مرشحا لقيادة حكومة "الإطار التنسيقي"، ليحظى بثقة الأطراف الشيعية الرئيسية ومراكز القرار الإقليمي.
* غطاء شعبي
ومنذ تولي السوداني رئاسة الوزراء في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، تميزت فترته بالتركيز على الملفات التنفيذية والخدمية.
وحقق إنجازات بارزة أهمها تحقيق استقرار مالي واقتصادي، إذ نجح في إدارة فائض الإيرادات النفطية بفاعلية، ووضع خططا لتعزيز سعر صرف الدينار العراقي.
كما أطلق مشاريع كبرى في قطاعات البنية التحتية والكهرباء والمشاريع الاستثمارية، ما انعكس على تحسن محسوس في الخدمات العامة وتفعيل الحركة العمرانية في المحافظات.
وعلى المستوى الخارجي، عمل على ترسيخ التوازن في علاقات العراق الإقليمية والدولية، مع محاولة تعزيز دور بغداد كوسيط إقليمي.
وينظر إلى السوداني كشخصية تتمتع بالنزاهة والقدرة الإدارية العالية، ويمنحه فوز ائتلافه غطاء شعبيا واسعا وقوة تفاوضية كبيرة.
* الحكومة المقبلة
وبهذا الأداء خلال سنوات حكمه، انتقل السوداني من "مرشح توافقي" إلى "قطب سياسي" يمتلك أوراق ضغط انتخابية حقيقية.
وأصبح لاعبا محوريا في تشكيل الحكومات المحلية، ومنافسا رئيسيا على ولاية ثانية في رئاسة الوزراء، رغم التنافس المتوقع مع ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي.
ووفقا للنتائج الأولية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات، حصل ائتلاف "الإعمار والتنمية" على المرتبة الأولى في بغداد بـ411 ألفا و26 صوتا.
بينما جاء حزب "تقدم" برئاسة محمد الحلبوسي في المركز الثاني بحصوله على 284 ألفا و35 صوتا، وحل "ائتلاف دولة القانون" ثالثا بـ228 ألفا و103 أصوات.
ومن المرتقب إعلان النتائج النهائية بعد اكتمال فحص أي طعون خلال الأيام المقبلة.
وإجمالا، قالت مصادر مقربة من ائتلاف "الإعمار والتنمية" إنه أصبح "الأكبر"، مع عدد مقاعد قد يصل إلى 50، ما يمنح السوداني الأفضلية في التفاوض لتشكيل الحكومة المقبلة، بحسب النتائج الأولية.
وفي العراق لا يستطيع حزب بمفرده تشكيل حكومة في مجلس النواب المؤلف من 329 عضوا.
وهو وضع يدفع الأحزاب إلى بناء تحالفات لتشكيل حكومة، في عملية عادة تستغرق شهورا.
وجرت العادة أن يكون رئيس الوزراء شيعيا ورئيس الجمهورية كرديا، ورئيس مجلس النواب سنيا، وفقا لنظام محاصصة بين القوى السياسية النافذة.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
المفاوضات الصامتة: الكتلة الأكبر تتبلور من دون السوداني
15 نونبر، 2025
بغداد/المسلة: يفيد تحليل المشهد السياسي في بغداد بأن المباحثات الجارية خلف الكواليس تعكس حالة قلق مكتوم داخل معادلة السلطة، حيث يبدو أن فكرة تشكيل تكتل برلماني جديد بعيداً عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وائتلافه بدأت تتبلور .
ويبدو أن التصريحات المتداولة حول عدم وجود نية حقيقية لعزل السوداني عن أي كتلة كبيرة جديدة تشكّل محاولة لتبديد الانطباع بأن الإطار التنسيقي يعيد رسم خريطة نفوذه بهدوء.
وتشير قراءات مراقبين إلى أن الجدل الدائر داخل الإطار بشأن حجم تمثيل السوداني في الحكومة المقبلة يرتبط بنتائج الانتخابات التي منحت رئيس الوزراء تفويضاً، ما دفع بعض أطراف الإطار إلى القلق من أن يتحول هذا التفويض إلى مركز قرار مستقل.
وقال عباس الموسوي، مستشار رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أن قادة الإطار اتفقوا على دخول البرلمان باسم الكتلة الأكبر.
وتتحدث مصادر سياسية عن رغبة حقيقية لدى بعض قوى الإطار في استعادة زمام المبادرة داخل البرلمان، خشية أن يتكرس نفوذ رئيس الوزراء أكثر مما هو مرغوب.
ولا يمكن نسيان أن الإطار نفسه يدرك أن أي محاولة لتجاوز السوداني قد تنقلب عليه عبر خلق “مركز ثانٍ” للقرار يصعب احتواؤه في مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة. ومن الضروري الإشارة إلى أن السوداني يحتاج إلى دعم الإطار لضمان استقرار حكومته، تماماً كما يحتاج الإطار إلى السوداني للحفاظ على خط الشراكة داخل الدولة.
وتشير المراصد السياسية إلى أن القوى السنية والكردية تستعد بدورها لإعادة التفاوض حول مواقعها، ما يضيف طبقة جديدة من التعقيد على المشهد.
وتقول التقديرات إن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة توزيع دقيقة للأدوار داخل البرلمان. .
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts