وردت كلمة الدحض بصيغة الفعل المضارع المقترن بلام التوكيد في قوله تعالى : (ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق) الكهف الآية 56، أي : ليبطلوا ويزيلوا.- مخلوف، ص/300-، وورد في نفس الآية الجدل بصيغة المضارع (ويجادل) والجدل أو الجدال له أهمية في الإعلام الحجاجي في سورة يس – بصفة خاصة – من قوله تعالى : (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا إلى قوله: (بلى وهو الخلاق العليم) پس، ويمتاز هذا الحجاج بإيراد الحجة تلو الحجة وقد ألف د.
علي عبدالمجيد عنه كتابا بعنوان (الإعلام الحجاجي) ،
ونلاحظ إختلافه في سورة الكهف عن سورة يسن، فهو حجاج الكافرين الذي يحاولون فيه إبطال الحق ويزيلوه ولكن هيهات فثوابت الحق راسخة لا يمكن الإفتئات عليها في سبيل مصلحة دنيوية زائلة ، ممّا يجعل التوجهات الإعلامية لهذا الجدل مسخاً، وهراءً لا يلبث أن تنكشف طبيعته في منابر الحوار النير القائم على الحجج والبراهين وسدّ ثغرات الجهل في المفاهيم والرؤى لدى العامة ، لكي يتشكّل الرأي العام على أسس فهم سليمة لا يشوبها شيء من الضحالة والصَغار – بفتح الصاد – ولا الترزق بالكذب ، قال تعالى : (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) الواقعة/81، والمبطلون خاسرون لا يقدرون على تغيير الحقيقة هنالك المبطلون).
هذه نبذة عن الجدل والدحض والحجاج ، وللحديث بقية.
وسورة المجادلة تبين لنا إهتمام القرآن بالجدل للوقوف على حل لمشكلة ما- فقد جاءت زوجة عبادة بن الصامت تشتكي إلى النبي أن زوجها ظاهر منها ، وتبلغ الروعة في ذلك أن الله يسمع حوارهما ، وفي ذلك وقفة قصصية فالنبي لم يجبها بشيء حتى نزل القرآن بالحل، فالمقدمة هي مجيء المرأة تشتكي، ولب الموضوع بيان الشكوى وهي ظهار زوجها منها وعندما شرحت للنبي صلي الله عليه وسلم بأن لها أطفالاً من زوجها تخاف عليهم ، بكت عيناه، ثم جاء الحل بنزول القرآن وبيان كفارة الظهار ، ومن روعة هذه القصة تعاطف القاريء مع زوجة عبادة الرجل الطاعن في السن وهي أم لأبنائه الصغار، وليس لها من أحد غيره يربيهم ويرعاهم ، إنها قضية إجتماعية تهم الرأي العام باكمله أو بجزء كبير منه – على الأقل -. والجدل مع الغير من الكفار وأهل الكتاب جاء فيه ما يثبت جدوى الحوار، فالكافرون أمر الله تعالى نبيه بالتنزل لمستواهم وهم الخصوم فقال سبحانه : (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين .سبأ/24-25، وهذا هو أسلوب الإنصاف في القرآن – كما أشرنا إليه سابقا – الذي لا يهمش الطرف الآخر ولا ينتقص منه وإنما يقول له حسناً ( وقولوا للناس حسناً و (ادفع بالتي هي أحسن) ويسمى هذا الأسلوب بأدب الحوار . وبالنسبة لأهل الكتاب أمر الله جدالهم بالتي هي أحسن ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن) بل التحييد في قوله تعال: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) آل عمران / 64 .
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يستجيب الله دعائي؟.. الإفتاء تحذر من 3 أفعال شائعة
يعد سؤال لماذا لا يستجيب الله لي الدعاء ؟ ، من أكثر الاستفهامات التي تجري على ألسنة الكثيرين وتنغص حياة أولئك الذين لجأوا إلى الله عز وجل ورفعوا إليه أكفهم بسيل من الدعوات، لكن لم تتحقق حوائجهم ، فتلاعب الشيطان بعجلتهم ، التي فتحت له مدخلاً واسعًا وجعلتهم فريسه لكيده رغم ضعفه، وجرى سؤال لماذا لا يستجيب الله لي الدعاء ؟، على ألسنة الكثير من الناس ، الذين أهتز يقينهم.
قال الدكتور محمود شلبي ، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الدعاء عبادة عظيمة، وهو من أكبر أبواب الخير متى طُرِق فُتِح، والله سبحانه وتعالى كريم إذا دُعي أجاب، وإذا سئل أعطى، يمنح ولا يمنع إلا لحكمة وإن لم ندركها بعقولنا القاصرة، والمرء مأجور على كل حال، فينبغي عليه الاستفادة والانتفاع بهذا الباب ولزومه؛ فهو فعل الأنبياء والصالحين، وعباد الله المتقين".
وأوضح “شلبي” في إجابته عن سؤال: (لماذا لا يستجيب الله دعائي ؟، فعندما أدعو بالصحة والستر وجوامع الدعاء فيما يخص الدنيا والآخرة يستجيب الله تعالى لي، فيما لو دعوت الله بأمر محدد وحاجة لي لا يستجيب دعائي، بل ويحدث العكس، فشعرت أن الله تعالى لا يقبلني فتوقفت عن الدعاء والتسبيح؟)، أنه أولاً عند الدعاء أو التسبيح لا يصح أن نمتحن ربنا أو نختبره، فالله جل وعلا لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، فربنا يخلق ما يشاء ويختار .
وأضاف أنه في الوقت ذاته فقد علمنا الله سبحانه وتعالى وأرشدنا إلى أن الدعاء إذا كان ببر وليس بإثم، وكان مطعم الإنسان من حلال ومشربه من حلال إلى آخره ، فإن هذا الدعاء يُستجاب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ» رواه مسلم.
وتابع في لماذا لا يستجيب الله لي الدعاء ؟: وكما قال سيدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- يستجاب لأحدكم ما لم يتعجل، يقول دعوت ولم يُستجب لي، منوهًا بأن الإشكال دائمًا وأبدًا أن الإنسان يحصر فكرة استجابة الدعاء على شيء معين ، فمن دعا الله أن يأتيه بأموال ، وإذا لم تأت ظن أنه لم يستجب له ، ولكن هذا ليس صحيحًا .
وأشار في رده عن سؤال لماذا لا يستجيب الله لي الدعاء ؟، إلى أن الدعاء هو اللجوء إلى الله تعالى وأن يسأله العبد حاجته ، ثم بعد ذلك يدبر الله تعالى له ما يراه، حتى أنه كان أهل الله يوصون بالدعاء : ( اللهم دبر لنا فإننا لا نُحسن التدبير) ونترك الأمور لله سبحانه وتعالى، فعندما يدعو الإنسان بحاجة فقد يحققها الله له وقد يمنع قضاء أو يرد قدرًا فيه مكروه ، فلا يرد القضاء إلا الدعاء ، وقد يدخر الله تعالى دعاء العبد فينتفع به يوم القيامة ، وهذه أفضل الصور ، فكل ما على الإنسان هو السعي والدعاء أما النتائج فلله عز وجل.
لماذا لا يستجيب الله لي الدعاءوأفاد الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن الله يقبل دعوة عبده المخلص، فطلب الله الدعاء وضمن لنا سبحانه الإجابة.
واستشهد “ وسام ” في إجابته عن سؤال : ( هل نستمر في الدعاء رغم عدم الاستجابة من الله تبارك وتعالى ؟)، بقول الله تعالى في كتابه العزيز: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
وأشار إلى أن الله في هذه الآية الكريمة لم يعبر بـ"ثم" التي تفيد التراخي ولم يعبر أيضا بـ"الفاء" التي تفيد التعقيب، وهذا أكبر دليل على استجابة الله لدعاء عبده المسلم.
وأوضح أمين الفتوى، أن الله سبحانه وتعالى قد لا يحقق للداعي مقتضى دعائه ولكنه تعالى وتبارك يدخر للداعية ثواب هذا الدعاء في الآخرة، لحكمة ربانية يعلمها وحده.".
أفعال تمنع استجابة الدعاء1- سوء النيّة: كأن تنوي لنفسك شرّاً أو لغيرك، كدعاء بعض الناس على غيرهم بالموت أو الإصابة بالمصائب، فهنا لا يستجيب الله الدّعاء، وهذا من رحمته القدير علينا.
2- خبث السريرة: كأن تدعو في ظاهر دعائك بالخير وتضمر الشرّ في قلبك، فالله لا يستجيب الدّعاء أبداً في هذه الحالة.
3- النفاق مع الغير: من أحد الذنوب التي تمنع استجابة الدّعاء، فإن كنت تنافق أحياناً في تعاملك مع غيرك، فابدأ بنفسك وغيّرها وابتعد عن النفاق حّتى يستجيب الله دعاءك، ولا تظلم أحداً.
4- تأخير الصلوات المفروضة علينا عمداً: حتّى يذهب وقتها من أسباب حبس الدّعاء كذلك.
5- الابتعاد عن الفحش في القول: واستخدام ألطف الكلام وأهذبه في الحديث والقول مع الغير، وأكثر من الصدقات وأعمال الخير التّي تقرّبك من الله عزّ وجلّ وتجعلك من أحبابه المقرّبين، وابتعد عن الأعمال المحرّمة التي حرّمها الله علينا حّتى لا يحلّ غضبه ولعنته عليك.
6- أكل الحرام: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51]، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» (رواه مسلم).
7-سؤال الله عز وجل ما لا يجوز: من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يكون فيه اعتداء، وهو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله، كأن يدعو بإثم أو محرم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ» رواه مسلم.
8- غفلة القلب: ومن أسباب عدم استجابة الدعاء استيلاء الغفلة على القلب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ادْعُوا الله وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ»، رواه الترمذي.
9- عدم الأخذ بالأسباب : من أسباب عدم استجابة الدعاء أن العبد لم يأخذ بالأسباب، كأن يطلب النجاح من غير دراسة، أو الرزق من غير عمل، أو النصر من غير إعداد العدة، أو الشفاء من غير علاج، كما في قصة الفقيه الإمام عامر الشعبِي رحمه الله عندما مرَّ بإبِل قد فشا فيها الجَرَبُ، فقال لصاحبها: أما تداوي إبلك؟ فقال: إن لنا عجوزًا نتَّكِلُ على دعائِها، فقال: "اجعل مع دعَائِهَا شيئًا مِنَ القَطِرَانِ". والقطران: يداوي جَرَب الإبل.
10- استعجال الإجابة: من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يستعجل العبد الإجابة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي» رواه البخاري ومسلم.
شروط الدعاء المستجابورد في الدعاء المستجاب عدة شروط يجب أن تتوافر في ليستجيب الله سبحانه وتعالى للعبد، منها: أن يدعو المسلم الله سبحانه وتعالى لا شريك له، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بصدق وإخلاص، لأنّ الدّعاء يعدّ عبادةً، فال الله تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» الآية 60 من سورة غافر، وفيما رواه مسلم في الحديث القدسي: «من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ».
وورد من شروط استجابة الدعاء أيضًا أن لا يدعو المسلم دعاءً فيه إثم أو قطيعة رحم، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدّعاء»، وكذلك من شروط استجابة الدعاء أن يدعو ربّه عز وجل بقلب حاضر، وأن يكون على يقين من الإجابة، وذلك لما رواه الترمذي والحاكم وحسّنه الألباني، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه».