الشيخ المراغي .. رجل العلم والكرامة الوطنية المصرية
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
الشيخ محمد مصطفى المراغي، واحد من أعلام الأزهر الذين كتبوا بأقلامهم الوطنية والإنسانية صفحات مضيئة في تاريخ مصر الحديث، لم يكن مجرد عالم دين عادي، بل كان رجلا عاش حياته كلها في خدمة العلم والنهضة الوطنية، يحمل في قلبه شغفا بالمعرفة والتجديد، وإرادة صلبة لرفع شأن الأزهر الشريف وإعادة دوره الريادي في المجتمع.
ولد الشيخ المراغي في التاسع من مارس 1881 ببلدة المراغة في سوهاج، في أسرة علمية محافظة على تقاليد العلم وحفظ القرآن، ولشغف والده بالعلم، حفظ القرآن قبل أن يكمل العاشرة من عمره، وتلقى تعليمه القرآني على يد كبار القراء المرتلين حتى برع في التلاوة والاستظهار، ثم التحق بالأزهر الشريف وهو في الحادية عشرة، وهناك التقى بصفوة العلماء ودرس على أيديهم، وكان للشيخ محمد عبده الأثر الأكبر في تشكيل شخصيته العلمية والفكرية، إذ انفتحت أمامه أبواب الفهم العميق للعلوم الشرعية ودراسة الحياة بعقلية علمية.
تميز الشيخ المراغي بتفوقه منذ بداياته، إذ اختصر مدة دراسته في الأزهر وحصل على شهادة العالمية من الدرجة الثانية في سن الثالثة والعشرين، وكان محمد عبده نفسه أحد أعضاء اللجنة التي امتحنته، ودعاه لاحقا إلى منزله تكريما لإنجازه.
هذا التفوق المبكر لم يكن نهاية المطاف، بل كان بداية مسيرة طويلة من العمل والجد، إذ بدأ التدريس بالأزهر ثم سافر إلى السودان ليتولى القضاء، متخذا من النزاهة والعدل منهجا لا يتزعزع، حتى أنه رفض الزيادة المالية التي قدمت له اعتراضا على الظلم الذي كان يراه في التعامل مع القضاة المصريين، وقدم استقالته عائدا إلى مصر حين اختلف مع القائمين هناك، محافظة على كرامة القضاء وحرمة القضاء المصري أمام النفوذ الإنجليزي.
عاد المراغي إلى مصر ليواصل مسيرته العلمية والقضائية، فتولى منصب مفتش الدروس الدينية، ثم رئيس التفتيش الشرعي، ثم رئيس محكمة مصر الشرعية، وأخيرا أصبح شيخا للأزهر في مايو 1928، حيث اجتهد لإصلاح الأزهر والنهوض به، ووضع أسس التعليم العالي فيه، وأسس نظام التخصص الجديد، وأنشأ لجنة للفتوى وقسما للوعظ والإرشاد، مدركا أن الأزهر ليس مجرد مؤسسة تعليمية بل هو قلب الأمة النابض بالعلم والثقافة والدين.
ولعل ما يميز المراغي هو شموخه في مواجهة أي سلطة حاولت أن تمس كرامة الأزهر ورجاله، فلم يسع يوما إلى منصب أو جاه، بل كان همه الأول هو العلم وتطوير الأزهر وتنقية مناهجه، محافظا على استقلالية الرأي في كل قرار اتخذه، مؤمنا بأن كلمة رجل الدين لا ينبغي أن تعلو فوقها أي كلمة.
لم يكن الشيخ المراغي بعيدا عن الشأن الوطني، فقد دعم الحركة الوطنية وكان الأزهر مركزا للمظاهرات بعد نفي سعد، ولم يتردد في مواجهة السلطات حين رأى الظلم، سواء في السودان أو في مصر، حيث قاوم محاولات التدخل في شؤون الأزهر، وأصر على استقلاليته.
وكان مثالا في الاعتزاز بالهوية المصرية والإسلامية، يجمع بين الحزم واللين، بين الثبات على المبادئ والتواضع في السلوك، ولم يكن شأنه مجرد إدارة مؤسسة، بل كان سعيه هو بناء عقل مصري متنور، قادر على مواجهة التحديات.
وكان المراغي أيضا مثقفا موسوعيا، له مؤلفات عديدة مثل "الأولياء والمحجورون"، و"تفسير جزء تبارك"، و"بحوث في التشريع الإسلامي"، و"الدروس الدينية" وغيرها، جميعها تعكس عمق نظرته للعلم والفقه واللغة العربية، وتوجهه نحو التنوير والإصلاح.
ظل الشيخ المراغي يعمل حتى وفاته في أغسطس 1945، تاركا إرثا علميا ووطنيا لا يمحى، وقد دفن في القاهرة، بعد أن أكمل مسيرة حافلة بالعطاء.
إن ذكرى الشيخ محمد مصطفى المراغي تظل حية في قلوبنا، لأنه لم يكن مجرد شيخ أزهري، بل كان رمزا للعلم والاستقامة والكرامة الوطنية، رجلا جعل من العلم سلاحا للإصلاح، ومن الشجاعة موقفا وطنيا، ومن الأزهر منارة للعلم والثقافة، فكان بحق نموذجا للإنسان المصري الأصيل، الذي يجمع بين الإيمان بالعلم، والحب للوطن، والثبات على المبادئ في مواجهة كل التحديات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المراغي الأزهر الإصلاح الوطنية الفقه الشيخ المراغي الإصلاح الديني الحركة الوطنية القضاء الشیخ المراغی لم یکن بل کان
إقرأ أيضاً:
الوطنية للانتخابات تعلن فوز حسين صبيح بالدائرة الأولى بشرم الشيخ
أعلن المستشار حازم بدوي، نائب رئيس محكمة النقض ورئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، نتيجة الدائرة الأولى بمحافظة جنوب سيناء، حيث فاز حسين موسى جبلى صبيح.
وأوضح رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، لأنه انتهت الجولة الأولى من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب في ظل متابعة دقيقة لمجريات العملية الانتخابية وقد جرت في مناخ ديمقراطي.
وأشار رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، إلى أن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب شهدت انضباطا شديدا ومشاركة كافة فئات الشعب، ولا يمكن اعتبار ظهور أي مخالفة انتقاصا من شفافية ونزاهة انتخابات مجلس النواب 2025.
وتابع:رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، أنه لا نتستر على أي مخالفة أو مخالف في انتخابات مجلس النواب 2025، وتم إبطال اللجنة الفرعية رقم 78 بدائرة بلقاس في محافظة الدقهلية.
وأشار رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، إلى أنه تم إبطال اللجنة الفرعية رقم 49 بدائرة طوخ في محافظة القليوبية، وإبطال اللجنتين الفرعيتين لم يؤثر على نتيجة الدائرتين في محافظتي الدقهلية والقليوبية.
وأعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، عن فوز القائمة الوطنية من أجل مصر في دائرة قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا، وفوز القائمة الوطنية من أجل مصر في دائرة قطاع شرق الدلتا.
وقد دعت الهيئة الوطنية للانتخابات جميع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية والصحفيين والإعلاميين لحضور وقائع المؤتمر الصحفي الذي تعقده الهيئة بمسرح التليفزيون المصري، "اليوم الثلاثاء" لإعلان نتائج الجولة الأولى للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025.