القومي لحقوق الإنسان يشارك في الدورة الإقليمية حول "التكنولوجيا وحقوق الإنسان" بتونس
تاريخ النشر: 7th, December 2025 GMT
شارك المجلس القومي لحقوق الإنسان من خلال وفد من الأمانة الفنية في الدورة التدريبية الإقليمية المتخصصة حول "التكنولوجيا وحقوق الإنسان"، التي نظّمها المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان واستضافتها دولة تونس خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 5 ديسمبر 2025، بمشاركة ممثلين عن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من عدد من الدول العربية.
وتأتي الدورة التدريبية في إطار تعزيز قدرات الجهات الفاعلة في مجال حقوق الإنسان على التعامل مع التحديات الرقمية الناشئة وضمان حماية الحقوق الأساسية في الفضاء الرقمي، وذلك اتساقًا مع اهتمام المجلس بتطوير جاهزيته المؤسسية لمواكبة قضايا التحول الرقمي وتأثيراته على منظومة الحقوق والحريات، خاصة في ما يتعلق بحماية الخصوصية وتنظيم المراقبة وحرية التعبير عبر الإنترنت، وضمان عدم تعرض الفئات الأكثر هشاشة لأي انتهاكات في البيئة الرقمية.
وتضمّنت الدورة برنامجًا تدريبيًا مكثفًا شارك فيه 21 متدربًا من المغرب وتونس ومصر والأردن والجزائر، وتناول قضايا محورية حول العلاقة بين التكنولوجيا وحماية الحقوق الأساسية، من خلال جلسات تفاعلية وتمارين عملية، شملت إعداد خرائط وطنية للتحديات الرقمية ورصد الفجوات التشريعية والمؤسسية.
وقدم وفد الأمانة الفنية بالمجلس إسهامات مهنية فعّالة في جلسات العمل من خلال عرض خبرات المجلس في متابعة القضايا الرقمية والتعامل مع الشكاوى ذات الصلة، والمشاركة في صياغة مجموعة من المقترحات التي تستهدف تعزيز الحماية الرقمية على المستوى الوطني والإقليمي، وتطوير سياسات تراعي التوازن بين متطلبات التطور التكنولوجي وحماية حقوق الإنسان
وتأتي هذه المشاركة ضمن جهود المجلس لدعم العمل الإقليمي وتطوير آليات التعاون وبناء شبكات مهنية متخصصة تعزّز من قدرة المؤسسات الوطنية على مواكبة التحول الرقمي وحماية الحقوق.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القومي لحقوق الإنسان حقوق الإنسان المجلس القومي لحقوق الإنسان الدول العربية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لحقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
عُمان الرقمية.. اقتصاد يقوده الابتكار والتحول الرقمي
عارف بن خميس الفزاري **
تخطو سلطنة عُمان بثبات نحو بناء اقتصادٍ رقمي (Digital Economy) يواكب التحولات العالمية المُتسارعة في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، ويُسهم في تحقيق رؤية "عُمان 2040" التي تستهدف تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة والتقنية والابتكار. وقد وضعت سلطنة عُمان هذا التوجه في صميم استراتيجياتها الوطنية عبر البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي الذي تشرف عليه وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، بوصفه خريطة طريقٍ طويلة المدى للتحول نحو اقتصادٍ رقمي متكامل ومُستدام.
يرتكز البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي على ثلاث ركائز رئيسة هي: الحكومة الرقمية ورقمنة الأعمال والمجتمع الرقمي، تمثل جميعها منظومةً مترابطة تهدف إلى تحويل الخدمات الحكومية إلى خدمات ذكية ومتكاملة وتمكين القطاع الخاص من تبني الحلول الرقمية وتعزيز جاهزية المجتمع العُماني في التعامل مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة (4.0)، وبما أنه من المؤمل أن يصبح الاقتصاد الرقمي رافدًا رئيسًا في هيكل الاقتصاد العُماني، فإن سلطنة عُمان تهدف إلى رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10% بحلول عام 2040.
وفي ضوء ما تحقق خلال السنوات الأخيرة، تواصل سلطنة عُمان ترسيخ أسس التحول الرقمي وتعزيز جاهزيتها للمستقبل التقني. ويمثل هذا التوجه نقلة نوعية في مسيرة التنمية في سلطنة عُمان، إذ تسعى الحكومة من خلال محاور البرنامج إلى تعزيز الابتكار ورفع كفاءة الأداء الحكومي وتحسين جودة الخدمات وتوفير بنية أساسية رقمية متقدمة. وقد حققت سلطنة عُمان تقدمًا ملموسًا في عددٍ من المؤشرات الدولية، إذ جاءت في المرتبة 45 عالميًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي والمرتبة 41 في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية، كما صنفت ضمن الفئة الأولى عالميًا في مؤشر الجاهزية للأمن السيبراني، وحصلت على المرتبة 50 في مؤشر جاهزية الشبكات لعام 2024.
ويُنفذ البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي على أربع مراحل، تبدأ بالحكومة الرقمية المتكاملة التي تركز على التحول الرقمي الحكومي وتبسيط الإجراءات وتبادل البيانات بين المؤسسات، ثم مرحلة رقمنة أهم القطاعات الاقتصادية كالنقل واللوجستيات والصناعة والسياحة والتعليم، تليها مرحلة تصدير خدمات الاقتصاد الرقمي، وصولًا إلى المرحلة النهائية المتمثلة في تحقيق اقتصاد رقمي قادر على المنافسة اقليميًا وعالميًا واستقطاب الاستثمارات التقنية.
ومن أبرز ممكنات هذا التحول، البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة الذي أُطلق في 2023، ويشمل 32 مشروعًا تُنفذها مؤسسات حكومية متعددة. ويركز البرنامج على تعزيز وتبني الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية والتنموية وتوطين تقنياته وضمان الاستخدام الأخلاقي والآمن لها. وقد أُنشئت ضمن هذا الإطار مبادرات نوعية مثل مشروع معين، وهو نموذج لغوي عُماني يخدم المؤسسات الحكومية واستوديو الذكاء الاصطناعي ومبادرة صُناع الذكاء الاصطناعي والبوابة الوطنية للبيانات المفتوحة (www.opendata.gov.om) التي تضم بيانات من أكثر من 40 مؤسسة حكومية.
وشهدت سلطنة عُمان تأسيس مركز الثورة الصناعية الرابعة (4.0) بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي وإطلاق تحالف الذكاء الاصطناعي الأخضر الذي يضم 34 شركة ومؤسسة حكومية، بهدف تعزيز الاستثمارات في مشاريع الذكاء الاصطناعي والطاقة المُستدامة. وفي السياق ذاته، تم الإعلان عن منطقة مخصصة للذكاء الاصطناعي بالقرب من مطار مسقط الدولي لتكون مركز جذبٍ للشركات التقنية الإقليمية، إلى جانب مشروع مثلث عُمان الرقمي الذي يهدف إلى إنشاء مناطق متكاملة لاستضافة مراكز بيانات (Data centers) تعمل بالطاقة الخضراء.
ورغم هذه المنجزات، فإنَّ الطريق نحو التحول الرقمي الكامل لا يخلو من التحديات، أبرزها الحاجة إلى تسريع التحول المؤسسي ورفع جاهزية الكفاءات الوطنية التقنية وتعزيز التكامل بين مؤسسات القطاع الحكومي والقطاع الخاص، فضلًا عن مواكبة التطورات التشريعية والتنظيمية في المجالات التقنية المتقدمة. ومع ذلك، فإن الخطط الوطنية الطموحة والبرامج التنفيذية الجاري تطبيقها تُظهر التزام سلطنة عُمان بتحقيق هذا التحول بوتيرة مدروسة ومُستدامة.
إنَّ رؤية عُمان الرقمية لم تعد طموحًا مستقبليًا، بل أصبحت مسارًا استراتيجيًا مدعومًا بإرادة سياسية وتخطيط مؤسسي ورؤية اقتصادية بعيدة المدى. ولرفع نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي في هيكل الاقتصاد العُماني، يتطلب الأمر توطين الصناعات التقنية والتقنيات المتقدمة (بما فيها الذكاء الاصطناعي) وتمكين الكوادر الوطنية وتدريبها، إضافة إلى تهيئة البيئة الداعمة لشركات التقنية وشركات الذكاء الاصطناعي الناشئة (AI Startups)، من خلال سن التشريعات وصياغة السياسات وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية والبحثية. ومع استمرار تنفيذ البرامج الوطنية في الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، تمضي سلطنة عُمان بخطى واثقة نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتقنية والابتكار، يضع الإنسان والتقنية في قلب التنمية، لتحقيق مستهدفات رؤية "عُمان 2040".
** باحث في المعرفة