علاج جديد مضاد لأنواع من السرطان
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
عندما بدأ ميشال سادلان بحوثه في مجال التعديل الوراثي لخلايا من الجهاز المناعي لجعلها قادرة على محاربة السرطان، لم يحظ بتشجيع زملائه الذين أبدوا شكوكاً في فكرته، ومعهم والدته التي كانت خائفة على مسيرة ابنها المهنية.
إلا أنّ هذا الباحث الكندي-الفرنسي فاز بجائزة "بريك ثرو برايز" العلمية المرموقة، لعمله الذي أتاح ابتكار شكل جديد من العلاج مُسمى "كار-تي" (CAR-T) فعّال بصورة كبيرة ضد أنواع من سرطان الدم.
وفي حديث صحفي، يقول المتخصص في علم المناعة والبالغ 63 عاماً "لا يمكن تخيّل عدد المرات التي سمعت فيها أنّ فكرتي لن تنجح، أو أنه لن يكون لها مستقبل".
ورُفض مرات عدة إعطاؤه أي منح، ولم تعد ترقيته الوظيفية ميسّرة، وكان الطلاب يتجنّبون دخول مختبره.
وبأسلوب فكاهي، يقول الباحث الذي سيتشارك الثلاثة ملايين دولار أميركي التي فاز بها مع الأميركي كارل جون، وهو متخصص في علم المناعة وعمل إلى جانب سادلان "عليّ تنظيم حفلة كبيرة لأشكر كل مَن ساهم في تحقيق هذا الإنجاز".
وأُطلقت "بريك ثرو برايز"، التي توصف بـ"أوسكار العلوم"، من رواد أعمال في "سيليكون فالي" في الولايات المتحدة خلال مطلع العقد الماضي، لمكافأة إنجازات في مجال البحوث الأساسية. ومع منحها ما يزيد عن 15 مليون دولار في المجموع، تُعدّ "بريك ثرو برايز" المكافآت التي تمنح أعلى مبالغ للفائزين بعد جوائز نوبل.
- "أدوية حية"
درس ميشال سادلان الطب في باريس، ثم علم المناعة في كندا، قبل أن يتولى منصب باحث ما بعد الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة سنة 1989.
في تلك المرحلة، أثارت فكرة ابتكار لقاحات مضادة للسرطان اهتمامه بصورة كبيرة.
يقول "بدأت أفكّر أنّه علينا ربما تعديل الخلايا المقاتلة في جهاز المناعة وبخاصة الخلايا التائية". وبدأ أعماله البحثية بدايةً على الفئران. أخبار ذات صلة
بعد انضمامه إلى مركز "ميموريال سلون كيترينغ" للسرطان في نيويورك، ابتكر طريقة تستند إلى استخدام ناقلات ذات أصل فيروسي، لتعديل الخلايا الليمفاوية التائية البشرية وراثياً. ثم تكتسب هذه الخلايا مستقبلات قادرة على التعرف على الخلايا السرطانية ومكافحتها.
وهذه المستقبلات، التي يطلق عليها مستقبلات المستضد الخيميري (CARs)، تأمر الخلايا الليمفاوية التائية أيضاً بالتكاثر، من أجل تعزيز الخلايا الضرورية لمحاربة المرض.
بفضل أعمال ميشال سادلان وكارل جون، أجازت الولايات المتحدة ستة علاجات تستند إلى هذه الطريقة، فيما تُجرى راهناً مئات التجارب السريرية الأخرى.
ويتم أولاً جمع الخلايا التائية للمريض ثم تعديلها خارج الجسم وإعادة حقنها في الدم، لتصبح "أدوية حية".
في تجربة سريرية أجريت حديثاً على نوع من السرطان يسمى الوَرَم النقوي المتعدد (المايلوما المتعددة)، شُفي 28% من المرضى بعد تلقي هذا العلاج. ولم ينتكس 65% منهم بعد مرور 12 شهراً على تلقي العلاج.
- تكلفة مرتفعة
وقد يكون للعلاج آثار جانبية خطرة مرتبطة بإثارة رد فعل التهابي، قد يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة. لكنّ الأطباء باتوا يدركون هذا التأثير وكيفية احتوائه.
وقد تُسجّل لدى المريض كذلك تأثيرات عصبية، مثل الارتباك الشديد أو عدم القدرة على الكلام، مع العلم أنها تختفي في غضون أيام قليلة.
يظهر سادلان حماسة في ما يخص مستقبل هذا العلاج الذي قد يُستخدم لاحقاً لمحاربة سرطانات أخرى، أو أمراض مرتبطة بالمناعة الذاتية، أو الالتهابات المقاومة مثل فيروس نقص المناعة البشرية، على قول الطبيب.
لكنه يؤكد الحاجة إلى خفض سعره المرتفع الذي يتجاوز راهناً 500 ألف دولار.
ويقول "صُدم الباحثون عندما أدركوا المبلغ الذي دُفع في العلاجات الأولى"، مشيراً إلى "ضرورة العمل على خفض التكلفة". ويتوقع تحقيق ذلك مع تحسين قطاع الأدوية أساليب عمله، ومع التوصل إلى ابتكارات علمية جديدة في إنتاج الخلايا التائية لمستقبلات المستضد الخيميري (أو خلايا CAR-T) وجودتها.
ويستعد مختبره مثلاً لنشر دراسة تظهر أن نموذجاً جديداً من شأنه خفض عدد الخلايا الليمفاوية اللازمة للعلاج.
ويتولى باحثون آخرون دراسة إنتاج الخلايا التائية لمستقبلات المستضد الخيميري من الخلايا الجذعية، وهو ما قد يكون أقل تكلفة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: السرطان علاج الخلایا التائیة
إقرأ أيضاً:
دواء جديد يعالج سرطان الرئة المتقدم.. تركيبته وأثاره الجانبية
في خطوة طبية جديدة تدعو إلى الأمل للملايين من المرضى، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) موافقة سريعة على أول علاج من نوعه لسرطان الرئة المتقدم، مستهدفة فئة محددة من المرضى الذين يعانون من النوع غير الحرشفي لسرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة (NSCLC)، والذي يُفرِط في إنتاج بروتين (c-Met)، وذلك وفقًا لما جاء في الموقع العالمي (Web MD).
سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرةيُعد سرطان الرئة السبب الأول للوفيات المرتبطة بالأورام السرطانية في العالم، ويُشكّل النوع ذو الخلايا غير الصغيرة (NSCLC) حوالي 85% من الحالات، هذا النوع ينمو ببطء مقارنة بالأنواع الأخرى، لكنه يبقى خطيرًا، خاصةً عندما يقترن بإفراط في إنتاج بروتين c-Met، الذي يظهر في نحو 25% من حالات سرطان الرئة المتقدم، مما يزيد من شراسة المرض ويُصعب علاجه بالطرق التقليدية.
الدواء الجديد علاج ذكي ومخصصينتمي الدواء الجديد إلى فئة علاجية تُعرف باسم مقترنات الأجسام المضادة بالأدوية (ADCs)، وهي أدوية متطورة تعمل على استهداف الخلايا السرطانية تحديدًا، دون التأثير على الخلايا السليمة المحيطة.
تركيب الدواءيتركب الدواء الجديد من:
جسم مضاد وحيد النسيلة (تيليسوتوزوماب)، موجه خصيصًا لبروتين c-Met. دواء مضاد للسرطان، يقوم بتدمير الخلايا السرطانية.طريقة تناول الدواءيتم إعطاء المريض العلاج من خلال الحقن الوريدي، حيث يٌأخذ العلاج كل أسبوعين، ويستمر المريض في تناوله طالما كانت الاستجابة إيجابية والآثار الجانبية مقبولة.
نتائج واعدة من التجارب السريريةفي دراسة سريرية شملت 84 مريضًا ممن تلقوا سابقًا علاجات لسرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة وكانت أورامهم تُنتج كميات مفرطة من بروتين c-Met، أظهرت النتائج استجابة حوالي 35% من المرضى للعلاج الجديد، واستمر تأثير العلاج في المتوسط لمدة 7.2 أشهر، ورغم هذه النتائج المشجعة، علّقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية استمرار الموافقة على ضرورة إثبات الفاعلية في دراسات مستقبلية أوسع نطاقًا.
الآثار الجانبيةرغم فاعلية العلاج، إلا أنه قد يتسبب في بعض الأعراض الجانبية، أبرزها:
مشكلات في الأعصاب بالأطراف (تنميل أو ضعف). الشعور بالتعب والإرهاق العام. فقدان الشهية. تورم في الذراعين أو الساقين. ردود فعل ناتجة عن تسريب الدواء الوريدي. تغيّرات في فحوص الدم مثل ارتفاع إنزيمات الكبد، أو انخفاض مستويات الهيموغلوبين، الصوديوم، الفوسفور، الكالسيوم، وخلايا الدم البيضاء.الإبلاغ عن التاريخ المرضييجب على المرضى قبل البدء في تناول العلاج، أن يبلغوا الأطباء بأي تاريخ مرضي سابق، خاصةً فيما يتعلق بمشكلات الأعصاب، الرئة، العين، أو الكبد، كما يُمنع استخدام هذا العلاج أثناء الحمل أو فترة الرضاعة.