"ينظر المزيد من الألمان إلى الأزمات على أنها أزمات وطنية

بحسب دراسة أجراها فريق بحث من جامعة بيليفيلد بتكليف من مؤسسة فريدريش إيبرت (FES) ، المقربة سياسيا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني (SPD)، فإن واحدا من بين كل اثني عشر شخصا في ألمانيا لديه نظرة يمينية متطرفة للعالم.

مختارات ألمانيا ـ حزب "البديل" ظاهرة عابرة أم قوة سياسية متجذرة؟ اليمين المتطرف في أوروبا.

. هكذا حاول توظيف احتجاجات فرنسا لصالحه

تحاول الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية النشطة في أوروبا توظيف أعمال الشغب الأخيرة في فرنسا لصالحها من خلال "خطاب عنصري كلاسيكي" وربط العنف والتحركات الاجتماعية بالعرق والهجرة واللجوء. فكيف تم ذلك؟

تحذيرات في ألمانيا - شعبية اليمين الشعبوي عند أعلى مستوى

بعد التركيز على موضوعي اللاجئين والإسلام، يخوض اليمين الشعبوي الألماني معركة جديدة ضد سياسة الحكومة بخصوص المناخ، ما يسمح له بزيادة رصيده الشعبي إلى أعلى مستوياته في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وبحسب الدراسة التي بدأتها الجامعة منذ عام 2002، ويتكرر بحث معطياتها مرة كل عامين، فقد تمت مقابلة حوالي 2000 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و90 عاما في يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط 2023 وذلك من أجل قياس التوجهات، وأظهرت النتائج وجود ثمانية في المئة من المستطلعة آراؤهم لديهم توجه يميني متطرف واضح. ومقارنة بأعوام ماضية فقد أظهرت الدراسة زيادة نسبة التوجه نحو اليمين المتطرف بالنسبة للألمان الذين تم سؤالهم، حيث كانت هذه القيمة بين اثنين وثلاثة بالمئة فقط.

توجه صوب التطرف

حاليا، في جميع الفئات العمرية، تظهر النتائج أن خمسة إلى سبعة بالمئة من المستطلعة آراؤهم تؤيد أن يحكم ألمانيا ديكتاتور مع حزب واحد قوي وأن يعتبر الحاكم زعيما (كناية عن الاستبداد والتحكم المطلق بالأمور).

وبقياس ذلك على المدى المتوسط فإن هذه النسبة تعني تضاعف أعداد المؤيدين لها مقارنة بأرقام نتائج السنوات الماضية. وتوضح الباحثة فرانسيسكا شروتر، والتي ترأس مشروع مكافحة التطرف اليميني في مؤسسة فريدريش إيبرت، أن التعاطف المتزايد مع المواقف الاستبدادية باتت ضمن الأمور اللافتة في الدراسة بالتزامن مع الأزمات العديدة التي ظهرت.

وبحسب الباحثة، لم يتم التغلب على عواقب جائحة كورونا بعد، كما أن أزمة المناخ ما زالت قائمة. ومنذ فبراير/ شباط 2022، جلب الغزو الروسي لأوكرانيا المزيد من الشكوك والمخاوف بشأن أمن الطاقة أو زيادة الأسعار. ويمكن التعامل مع هذه الأزمات المتعددة ضمن الدراسة بشكل جماعي أوبشكل منفرد وبمعزل عن بعضها البعض. 

وتم نشر الدراسة، التي تحمل عنوان "Die distanzierte Mitte" أو "الوسط المتحفظ" بقيادة عالم النفس الاجتماعي في بيليفيلد أندرياس تسيك. ويشير إلى أنه كلما قل المال الذي يكسبه المتضررون، زاد انتشار المواقف اليمينية المتطرفة.

"ينظر المزيد من الألمان إلى الأزمات على أنها أزمات قومية. وهذه الأزمات تصيب الأشخاص الذين لديهم رأس مال أقل بشكل أقوى. ومن بين المشاركين في الدراسة من ذوي الدخل المنخفض، يشعر واحد من كل شخصين (48 في المئة) بأنه متأثر شخصيا بالأزمات، وذلك مقارنة مع 27.5 في المئة من ذوي الدخل المتوسط و 14.5 في المئة فقط من أصحاب الدخل المرتفع ".

الثقة في الدولة تتراجع

ومن الواضح أن هذا التوجه يترافق مع تراجع الثقة في مؤسسات الدولة وفي أداء الديمقراطية، على الرغم من أن أغلبية واضحة لا تزال تدعم هذا الشكل من أشكال الحكم. بيد أن هنالك 38 في المئة على الأقل لديهم مواقف تؤمن بالمؤامرة، و33 في المئة شعبويون و29 في المئة لديهم مواقف قومية استبدادية متمردة. مقارنة بالاستطلاع الذي أجري خلال جائحة كورونا في 2020/21 ، يمثل ​​زيادة بنحو الثلث في المتوسط. كما ازدادت الشكوك حول عمل وسائل الإعلام التقليدية أو تم رفض عملها بالكامل من قبل 32 في المئة من المستطلعة آراؤهم مقابل 24 في المئة قبل عامين.

هناك كثيرون مهتمون، يجهدون عقولهم حاليا للتوصل إلى طريقة لوقف هذا التطور والرجوع عنه، ومن بين هؤلاء العالم أندرياس تسيك، محرر الدراسة، الذي يقول: "نحن نعيش في زمن، النداءات فيه أو سياسة رعاية اجتماعية أفضل، قادرة جزئيا فقط على تهدئة النزاعات والسخط والاحتجاجات". ويضيف تسيك: "أوقات الأزمات هي الأوقات التي يتحرك فيها الناس سياسيا ويعيدون تموضعهم. وهذا التموضع يمكن أن ينتقل من المركز إلى اليمين". بيد أن المقلق بالنسبة لتسيك هو أنه "إذا قام الأشخاص في الوسط، الذين ربما لا يعتبرون أنفسهم متطرفين يمينيين أو ينظمون أنفسهم ضمن اليمين المتطرف، بتكييف المواقف عبر الهامش اليميني المتطرف في المجتمع، حينها فقط تصبح الديمقراطية في خطر".

ويصف أندرياس تسيك مدى صعوبة تقييم هذه الظاهرة بالإشارة إلى ما يسمى بدراسة الاستبداد التي أجرتها جامعة لايبزيغ. فوفقا للدراسة التي تعود لعام 2022، تراجعت المواقف اليمينية المتطرفة في السنة الثانية من جائحة كورونا ، لكن عدم الرضا عن الديمقراطية كان لا يزال مرتفعا .

يتذكر تسيك تطورا بدأ في ذلك الوقت: "من المعروف اليوم ما سعت إليه أعداد كبيرة من المتطرفين اليمينيين، إلى جانب الجماعات اليمينية المتطرفة الأخرى وقتها، حيث أرادت تلك الجهات خلق مواجهة عبر نشر أفكار عن المؤامرة، كما عملت تلك التنظيمات اليمينية على تنظيم عملها ودمجه سوية من أجل ضمان تأثير أكبر على مجموعات من المواطنين من أجل تبني مواقف أقرب إلى النازية والتطرف أو تشكيل خلايا إرهابية متطرفة.

هل الديمقراطية في خطر؟

وبناء على النتائج يرى الباحث تسيك أن هذه الدراسات جزء من ثقافة التحذير والتذكر في ألمانيا. مع إشارة صريحة إلى الديكتاتورية النازية التي سادت بها خلال الفترة بين 1933 إلى عام 1945. إذ أن الاشتراكية القومية نشأت في قلب المجتمع، وتم دعمها من قبل أفراد المجتمع، حتى لو تم الترويج بأن الدعاية والتحريض وإرهاب الدولة، تم فرضها من قبل النازية".

يشار إلى أن الدراسة تضمنت أيضا السؤال عن كيفية تعامل المجتمع مع الأزمات الراهنة. وكان الجواب أن 53 في المئة من الألمان يؤيدون العودة إلى القومية. إنهم يدعمون المزيد من الانغلاق عن العالم الخارجي للمجتمع ويعتبرون القيم والفضائل الألمانية والالتزام بالواجبات المفترضة ضرورية للتعامل مع الأزمات.

مارسل فورشتناو/ ع.أ.ج

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: فی المئة من المزید من

إقرأ أيضاً:

سنودن عن انتخابات البرلمان الأوروبي: تمت معاقبة السياسيين المؤيدين للحرب

علق إدوارد سنودن، الموظف السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكية على مكاسب اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي، قائلا إنها تظهر أنه تمت معاقبة السياسيين المؤيدين للحرب.

اليمين يحقق تقدما كبيرا ويحتفظ مع الاشتراكيين والليبراليين بالأغلبية في البرلمان الأوروبي

وكتب سنودن في منشور على منصة "أكس": "لقد تمت معاقبة السياسيين المؤيدين للحرب بقسوة في انتخابات الاتحاد الأوروبي. ليست علامة جيدة لـ(الرئيس الأمريكي جو) بايدن. ربما حان الوقت لإعطاء فرصة للسلام".

Pro-war politicians were just harshly punished in EU elections. Not a good sign for Biden. Perhaps time to give peace a chance. https://t.co/yk40R3lGM7

— Edward Snowden (@Snowden) June 9, 2024

يذكر أن انتخابات البرلمان الأوروبي على مستوى القارة انطلقت الخميس الماضي واختتمت يوم الأحد، وأدلي خلالها مواطنو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة بأصواتهم على مدار 4 أيام.

وفاز أمس الأحد اليمين المتطرف بانتخابات البرلمان الأوروبي في فرنسا بحصوله على أكثر من 30% من الأصوات، مما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإعلان حل الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.

Updated seat projection for the new Parliament based on available provisional or final national results published after voting finished in all member states as of 01.07 CET on 10 June.

The group composition is based on structure of outgoing Parliament. https://t.co/FxYGUAeHfopic.twitter.com/x6psQhNWBh

— European Parliament (@Europarl_EN) June 9, 2024

في ألمانيا، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16.5% إلى 16% من الأصوات، خلف المحافظين الذي تحصلوا على نسبة 30%، لكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديموقراطيين (14%) والخضر (12%).

في إيطاليا، تصدر حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31% من الأصوات.

وفي النمسا، حصل "حزب الحرية" اليميني المتطرف على 27% من الأصوات، وعزز الهولنديون الذين كانوا أول الذين أدلوا بأصواتهم الخميس، مواقع حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف.

وفي إسبانيا، أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعدا في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدما بحصوله على 6 مقاعد.

أما في بولندا، فقد تقدم الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم هام من الأصوات، كما أن اليمين المتطرف المتمثل في حزب كونفيديراجا لن يحصل على أقل من 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي الذي مقره في مدينة ستراسبورغ الفرنسية.

وتعليقا على ذلك، صرح رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين بأن حزبي ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس "خسرا بشكل بائس" في انتخابات البرلمان الأوروبي، مضيفا: "سيكون من الصحيح أن يستقيلا ويتوقفا عن الاستهزاء بمواطني دولتيهما".

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • تراجع المد اليميني في شمال أوروبا
  • استطلاع: 80 في المئة من المغاربة يثقون في الأداء الأمني
  • أوروبا نحو اليمين
  • احتجاجات في فرنسا ومخاوف في ألمانيا بسبب نتائج الانتخابات الأوروبية
  • سنودن عن انتخابات البرلمان الأوروبي: تمت معاقبة السياسيين المؤيدين للحرب
  • اليمين المتطرف يعزز مواقعه في البرلمان الأوروبي.. وزلزال في فرنسا
  • إيلون ماسك: لا أفهم ردود الفعل السلبية تجاه حزب "البديل من أجل ألمانيا"
  • اليمين الشعبوي يتقدم في الانتخابات الأوروبية: مستقبل مليء بالمخاطر
  • بيانات أولية: حزب "البديل من أجل ألمانيا اليميني" يحتل المركز الأول في انتخابات البرلمان الأوروبي
  • اليمين المتطرف يتصدر الانتخابات الأوروبية في فرنسا بأكثر من 30 % في ضربة كبيرة لمعسكر ماكرون