هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

لغة مختلفة ونبرة خاصة تميز به الخطاب الملكي وحديث ملك الاردن عبدالله الثاني خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، والتي اقتصرت على نيويورك بصفتها مقرا للأمم المتحدة.

وكأن في الأمر إرادة بتقوية الإشارات الصادرة من عمّان للجميع، فيما يبدو وشيك الحدوث (صفقة إيران أو التطبيع بين السعودية وإسرائيل)، أو صار أمرا واقعا كما يظن البعض، (استيعاب اللاجئين السوريين والفلسطينيين).

الخطاب كان باللغة الإنجليزية بنبرة حاسمة حازمة، بما لا يمكن إساءة تفسير معانيه ومراميه، ولا يسمح أيضا بالحد من شدته، لأي اعتبار كان. لا يجامل الأردن -كما هو معروف تاريخيا- فيما يخص قضايا السيادة والأمن والكرامة. تلك خطوط حمر تفرض عادة مصير كل "نعم ولا" صادرة عن الملك ورجاله، عن الأردنيين كافة وبخاصة -الجيش والأمن- "الأصدق قولا و الأخلص عملا" كما جاء في خطاب العرش السامي العام الماضي.

يعدون منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن برؤية الدولتين، والعرب ما فتئوا يجددون تمسكهم بمبادة السلام العربية منذ عهد خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز، والفلسطينيون ما انفكوا منذ قمة الرباط العربية، وفك الارتباط، وأوسلو، وغزة-أريحا أولا، وحتى الآن، ما انفكوا يطالبون بحق العودة والتعويض لا (أو)..

لم يغير الأردن موقفه رغم تعاقب الإدارات والقيادات والقرارات العلنية وغير العلنية، تقريبا مع كل الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية، وهي بشكل أو بآخر، في صميم ما يعني الأردن سيادة وكرامة ورسالة..

في آخر شهور ولاية الرئيس جو بايدن الطامح لولاية جديدة، تتزاحم الأولويات. بين أموال بعشرات المليارات تغدق على أوكرانيا وأخرى يعد لها العدة لتايوان من جهة، وبين هرولة باتجاه إيران والسعودية اللتين نجحت بكين في سحب البساط الأمريكي برعايتها اتفاقا تاريخيا لن ينهي حرب اليمن عمليا فحسب، بل أذرع إيران كلها، جملة واحدة أو تباعا من سورية ولبنان إلى العراق. تريد إدارة بايدن بأي ثمن -وإن نفت ذلك مرارا- تريد اتفاقا مع إيران يكون عصيا على التمزيق فيما لو عاد الرئيس السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض، أو اتفاقا مع السعودية وإسرائيل، يفوق كل ما حققه ترامب في "اتفاقات إبراهيم".

من جديد، يرى الأردن أن من واجبه نحو نفسه أولا، ومسؤولياته أمام الشقيق والصديق والحليف، أن يحذر من وضع العربة قبل الحصان. استخدم الملك عبدالله الثاني تعبيرات قوية تحذر من مغبة "القفز" على حقوق الفلسطينيين أو تجاوز مصالح الأردن الذي طفّ كأسه وطفح كيله..

للأسف، هناك في الداخل وبعض الجوار، وبعض من المرتبطين بين الداخل والخارج من خلال أجندات فكرية أو سياسية، من يعيدون "إرخاء ربابة" مقطوعة الوتر! تارة ترانسفير، وتارة وطنا بديلا، وتارة تجنيس من طال لجوؤهم، وتارة غض الطرف عن استقبال المزيد من اللاجئين أو تعطيل عودتهم للضغط على لاعب إقليمي هو الآخر مرتبط بشكل أو بآخر بالانفكاك من الحلف الإيراني، أو الإقبال على التطبيع العربي والخليجي مع دمشق، بعد الآمال التي لاحت في الأفق جراء سياسة الخطوة-خطوة في بناء الثقة وتغيير السلوك التي كان أول من تحدث بها في واشنطن هو الملك، في قمته الأولى مع الرئيس بايدن كأول زعيم عربي وشرق أوسطي يلتقيه بعد توليه الحكم.

في القضايا الكبرى والقرارات المصيرية، لا مجال للمجاملة السياسية ولا التماهي الإعلامي مع قوى صاعدة وأخرى تبدو إلى أفول. يبدو أن فكا للارتباط على مستويات أخرى، قد صار واقعا بالنسبة لجميع القضايا التي أثقلت كاهل المواطن الأردني، لحفيد الحفيد.. يبدو أن الأردن يملك خططا وبرامج جاهزة في التعامل مع الاحتمالات كافة، بما فيها انتفاضة ثالثة أو فوضى غير مسبوقة أو قيادة جديدة على الساحة الفلسطينية أو الإسرائيلية أو الأمريكية، تعيد خلط الأوراق بما يخفف العبء، في بلد ثلث سكانه من اللاجئين، فيما تلوك ألسنة بلغات عدة، ما يثير الضغائن والمخاوف من ترحيل الأزمات مكانيا لا زمانيا فقط، واهمين أن كسب الوقت لصالح من يظن أنه قوي، سيفرض أمرا واقعا هو في حقيقة الأمر مرفوض شعبيا ورسميا في الحاضر أكثر من الماضي وقياسا بتجربتي استيعاب اللاجئين الفلسطينيين والسوريين.

ليس بعد.. هذا ما تلمسه في الخطاب الملكي بوضوح بعد اللاءات العبدلية الثلاث: لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا للتفريط بعروبة القدس الشرقية والوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
 

أمريكاإسرائيلإيرانالأردنالسعوديةالأراضي الفلسطينيةالملك عبدالله الثانينشر السبت، 23 سبتمبر / ايلول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الأراضي الفلسطينية الملك عبدالله الثاني

إقرأ أيضاً:

استاد الملك عبدالله الثاني يستضيف مواجهة الأحمر وفلسطين

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" بشكل رسمي عن إقامة مواجهة منتخبنا الوطني وفلسطين 10 يونيو المقبل ضمن الجولة الأخيرة من المرحلة الثالثة من التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2026 باستاد الملك عبدالله الثاني (ملعب القويسمة) بالعاصمة الأردنية عمان في الساعة العاشرة والربع مساء بتوقيت مسقط، ليسدل الستار بذلك على الجدل الذي صاحب مكان وموعد المواجهة في الأيام السابقة، وكان "الفيفا" قد حدد سابقًا الثامنة من مساء الخامس من يونيو المقبل لانطلاق مواجهة منتخبنا الوطني والأردن على ملعب مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر، وفي اليوم ذاته يحل المنتخب الفلسطيني ضيفًا على الكويت في استاد جابر الدولي الساعة التاسعة والربع بالتوقيت المحلي لمدينة الكويت، بينما ستقام قمة المجموعة بين العراق وكوريا الجنوبية في التوقيت ذاته على ملعب البصرة الدولي.

وتشبث الجانب الفلسطيني بإقامة المباراة في ملعب الشهيد فيصل الحسيني بمدينة رام الله، وضغط من أجل أن يخوض المباراة الأخيرة على ملعبه بعد أن لعب المباريات الأربع السابقة في المجموعة في ملعب محايد، حيث لعب أمام الأردن في استاد كوالالمبور في ماليزيا 10 سبتمبر الماضي وخسر بثلاثة أهداف لهدف، ثم واجه المنتخب الكويتي باستاد جاسم بن حمد بنادي السد 15 أكتوبر الماضي وانتهت المواجهة بالتعادل الإيجابي 2-2، ليواجه بعد ذلك كوريا الجنوبية في استاد عمّان الدولي 19 نوفمبر الماضي ويخرج متعادلًا بهدف، بعد ذلك خاض مواجهته أمام العراق أيضًا باستاد عمّان الدولي وخرج بفوز درامي بهدفين لهدف بعد أن كان متأخرًا حتى ما قبل الدقيقة 90 ليُحقق حينها فوزه الأول بهذه المرحلة من التصفيات.

وفي تصريحات سابقة لـ"عُمان" أكد فراس أبو هلال أمين عام الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أن منتخب بلاده يتشبث باللعب في أرضه، وأنه تحدث مع الجانب العُماني على هامش اجتماع الجمعية الخامس والثلاثين للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، في العاصمة الماليزية كوالالمبور 11 أبريل الماضي، مُشيرًا إلى أنه وضع أرض رام الله خياره الأول والوحيد في الوقت الحالي قبل أن يصطدم بعدة عقبات ومتطلبات من عدة أطراف متعلقة بهذا الجانب.

وخضع ملعب الملك عبدالله الثاني لأعمال الصيانة في الفترة الماضية، كما قامت لجنة مختصة من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بتقييم شامل للملعب قبل إصدار قرار إقامته هناك بعد إقرار من "الفيفا" الذي يشرف على هذه التصفيات، ويعد استاد الملك عبدالله الثاني هو الملعب الثاني للمنتخب الأردني بعد استاد عمّان الدولي، ولعب عليه العديد من المباريات الدولية في الفترة الماضية، ويتميز بقرب الجماهير من أرضية الملعب، وتم افتتاحه في عام 2007 واستضاف بعض البطولات، وبرز اسم الملعب بشكل كبير في تصفيات مونديال 2014 حينما كان يقود المنتخب الأردني المدرب العراقي عدنان حمد، حيث شهد الملعب تحقيق الأردن لانتصارات تاريخية على أستراليا واليابان آنذاك بجانب تعادله أمام أوزبكستان بهدف في الملحق الآسيوي بالتصفيات ذاتها.

أما على صعيد منتخبنا، فلا يحمل الملعب ذكريات إيجابية، حيث شهد الملعب على الخروج الرسمي للأحمر من تصفيات مونديال 2014 بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل لنسخة البرازيل، لولا خسارته من الأردن بهدف نظيف بتاريخ 18 يونيو من عام 2013 ليصعد حينها منتخب الأردن للملحق على حساب الأحمر، وشهد الملعب أيضًا بعض المباريات التي خاضها منتخبنا، من ضمنها لقاء العراق في بطولة الأردن الدولية الودية 2022 حيث فاز الأحمر بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل 1-1، وسجل للأحمر يومها عمر المالكي، ولعب المنتخب مباراة ودية أمام الأردن في الملعب ذاته عام 2018 انتهت بالتعادل السلبي، بينما آخر مباراة رسمية لعبها منتخبنا في ملعب الملك عبدالله الثاني كانت في أكتوبر من عام 2013، وانتهت بالتعادل السلبي في سباق الوصول لأمم آسيا 2015.

ولعب منتخب فلسطين 3 مباريات بتصفيات كأس آسيا - العالم 2007 على أرضية استاد الملك عبدالله الثاني، حيث خسر في مباراته الأولى أمام العراق بثلاثية نظيفة، وفاز على منتخب سنغافورة بهدف نظيف، قبل الهزيمة من المنتخب الصيني بهدفين نظيفين، ويتصدر المنتخب الكوري الجنوبي المجموعة الثانية برصيد 16 نقطة مقابل 13 للأردن و12 للعراق و10 نقاط لمنتخبنا الوطني و6 لفلسطين و5 للكويت، ويتأهل أول فريقين من كل مجموعة مباشرة إلى نهائيات كأس العالم 2026، في حين ينتقل المنتخبان الحاصلان على المركزين الثالث والرابع من أجل خوض الدور الرابع للتنافس على بطاقتين إلى كأس العالم وبطاقة إلى الملحق العالمي، ويتأهل للملحق (المرحلة الرابعة) أصحاب المركزين الثالث والرابع من المجموعات الثلاث (6 منتخبات)، ليتم تقسيمها إلى مجموعتين، على أن يتأهل الأول من كل مجموعة للمونديال مباشرة، فيما يلعب صاحبا المركزين الثاني في المجموعتين مباراة فاصلة للتأهل للملحق العالمي المؤهل للبطولة.

ومن المنتظر أن يبدأ المنتخب الفلسطيني تحضيراته لمواجهتي الكويت ومنتخبنا الوطني 12 مايو في العاصمة القطرية الدوحة، بحسب ما أعلنه الاتحاد الفلسطيني على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وكشف المدرب إيهاب أبو جزر عن أن المنتخب الفلسطيني يخطط لخوض مباراة ودية قبل السفر للقاء الكويت 5 يونيو المقبل، التي حددها الاتحاد الدولي لكرة القدم على استاد جابر الدولي، وأشار أبو جزر إلى أنه سيتم توجيه الدعوات لبعض اللاعبين المغتربين في الخارج بعد نجاح التجربة في المباريات الماضية من التصفيات.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع الصادرات الأردنية إلى أميركا بنسبة 8% وتسجيل فائض تجاري بـ151 مليون دينار
  • استاد الملك عبدالله الثاني يستضيف مواجهة الأحمر وفلسطين
  • د.حماد عبدالله يكتب: فاقد الشىء لا يعطيه !!
  • الرئيس ماكرون: رفع العقوبات سيسهم بإعادة إعمار سوريا وتسهيل عودة اللاجئين وعلى الإدارة الأمريكية أن تعمل على رفعها
  • الرئيس الشرع: أتوجه بالشكر الجزيل للرئيس ماكرون والشعب الفرنسي على استقبال اللاجئين السوريين في السنوات الماضية وعلى استقبالي اليوم
  • الرئيس ماكرون: سقوط بشار الأسد لاقى ارتياحاً لدى الجميع وعلى السوريين اليوم أن يتحدوا لتحقيق السلام والاستقرار
  • المهندس عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : الحسين بن عبدالله الثاني .. الأمانة “الثقيلة” والعزيمة “القوية”
  • د.حماد عبدالله يكتب: أهمية الطرق الموازية وخطورتها أيضًا!!
  • الاحتلال يزعم إفشال عملية تهريب أسلحة عبر الحدود الأردنية
  • د.حماد عبدالله يكتب: هل فعلًا السفر "كاشف" !!