لجريدة عمان:
2025-05-07@11:16:10 GMT

موسيقى عبر السينما

تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT

إذا كانت الموسيقى التي تتهادى إلى سمعي الآن غامضة إلى هذا الحد فكيف تحاول الكتابة أن تشرحها؟ كيف للغة أن تُعرِّفها دون أن يكون هذا التعريف أشبه بتشريح الوردة؟ غير أن السؤال الشعري -لا العلمي- عن معنى الموسيقى وهويتها لا يتوقف... ما هي إذن؟ أهي صفة من صفات الشعر؟ شكل من أشكال الكلام ربما؟ أم هي مزيج من الموجات الصوتية المبثوثة في الهواء المُعطَّر؟ وسرعان ما أهرب من محاولات القبض على تعريف وجداني للموسيقى، وتشخيص ماهيتها راضيا بالكتابة عن حبي لها فحسب، مستسلما للكتابة عن المحبة العميقة للموسيقى الخالية من الكلمات، الموسيقى التي تقول كل شيء دون أن تقول شيئا بعينه، تلك التي نفهمها على اختلاف أذواقنا ونؤولها كالرائحة ونتبعها إلى أعماق الآبار الجوفاء، باحثين فيها عن المعنى الغائب، المعنى الهارب من الكلمات، المفزوع من سطوة اللغة وسلطة الخطاب.

دائمًا ما أتذكر الأفلام والمسلسلات، وحتى الرسوم الكرتونية التي شاهدتها في طفولتي، بالعودة إلى الموسيقى، وكثيرًا ما يحدث العكس؛ أي أن تعيدني موسيقى معينة لأجواء فيلم ما كنت قد شاهدته في الماضي دون أن أتذكر اسمه وأحداثه بالضرورة. وربما يكمن سر هذا الارتباط التشعبي، المتأصل في ذاكرتي بين الموسيقى والأفلام، في حقيقة أنني لم أتعرض منذ البداية لموسيقى مستقلة، فلم أعرف الموسيقى في طفولتي (لأسباب تتعلق غالبا بالنشأة المحافظة) كفن خالص، حتى أن مادة الموسيقى التي بقيتُ أتلقاها في المدرسة لمدة عشر سنوات كانت ضعيفة بحيث لم تطبع فيَّ أي أثر معرفي أو فني أكثر من حفظ درجات السلَّم الموسيقي: دو- ري- مي- فا- صول- لا- سي. لذا بقيت الموسيقى فنا يتسرب وينبثق عن فنين آخرين، هما الغناء والسينما. ومنذ عرفت السينما عرفت معها شغفي بتتبع الموسيقى التي تصاحب مشاهدها. وهذا الشغف بملاحقة الموسيقى التصويرية للأفلام شغف خاص، يحتاج لوحده لكتابة أخرى.

أكتشف مثلا أنني أكتب الآن مسترسلا عن الموسيقى على وقع دقات قلب ملحن الأفلام الهوليودية، الأمريكي الشهير إلمر بيرنشتاين، في موسيقاه التصويرية لفيلم «The deep end of the Ocean». وفي الوقت نفسه أستعيد شيئًا قاله بيرنشتاين عن فيلم «The Magnificent Seven»: «إذا شاهدتَه بدون موسيقى فهو بطيء، وهذا أمر غريب بما فيه الكفاية» ويبدو لي أن رأيًا فنيًا كهذا يوحي، دون أن يقول فعلاً، بأن الحياة عمومًا هي أشبه بالفيلم الطويل الممل حين نجردها من خلفيتها الموسيقية.

وبالحديث عن إلمر بيرنشتاين الذي صادف أن دخلت إلى هذه الكتابة عبر موسيقاه، والذي لا تتوقف روائعه الموسيقية تجدُ مكانًا لها في قائمة استماعي على يوتيوب، أتذكر آخرين من أمثال العبقري البولندي زبيغنيو بريسنر، المؤلف الموسيقي الذي يحتل مكانة خاصة عند عشاق البولندي الآخر كريستوف كيشلوفسكي. وطبعًا، لا يكون الحديث عن هذا الثنائي البولندي إلا حديثًا عن ذلك التداخل الموسيقي السينمائي الساحر في ثلاثية ألوان كيشلوفسكي التي أخرجها في التسعينيات: أزرق وأبيض وأحمر. أما فيلم «الحياة المزدوجة لفيرونيكا» أو «حياة فيرونيكا المزدوجة» على حسب هوى المترجمين وآرائهم، الفيلم الحاصل على جائزة مهرجان كان السينمائي عام 1991، فلا أظن أن لأحد ممن شاهدوه أن ينسى موسيقى بريسنر الجنائزية التي رافقته «موسيقى الجنازة» التي تقول النجمة الفرنسية جولييت بينوش إنها سمعتها في بولندا مع مراسم جنازة كيشلوفسكي.

الأفضال الموسيقية للسينما في تجربتي لا تتوقف، والاكتشافات الموسيقية من خلال السينما تأتي مختلفة دائمًا، مصحوبة بحالة من الحنين الذي يتجاوز الإطار البصري للعمل. لا أنسى أن السينما دلتني على الملحن الفرنسي العظيم موريس جار، بعد مرات ومرات من مشاهدة فيلم «الرسالة» للمخرج السوري الأمريكي مصطفى العقَّاد، الفيلم الذي كانت بعض الفضائيات تعيد عرضه على شاشة التلفزيون مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف. عرفتني السينما المصرية إلى راجح داوود في «أرض الخوف» وإلى الموهبة الفذة والبصيرة الموسيقية الحادة لعمَّار الشريعي، عرفتني إلى عمر خيرت الذي تكلل إعجابي بموسيقاه يوم أن حضرت حفلته الرائعة في دار الأوبيرا بمسقط في فبراير العام الماضي. وعرَّفتني طفلاً، قبل هؤلاء جميعًا، إلى عمر خورشيد في العمل الشهير عن حرب أكتوبر التي نستذكر مآثرها هذه الأيام، فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي».

سالم الرحبي شاعر وكاتب

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الموسیقى التی دون أن

إقرأ أيضاً:

علي مصطفى: انتظروا «دار الحي 2» في السينما العام الجاري

تامر عبد الحميد (أبوظبي)
بعد مرور 16 عاماً من أحداث الجزء الأول من الفيلم الإماراتي الشهير «دار الحي» - City Of Life، يعود المخرج علي مصطفى لتقديم الجزء الثاني من العمل، الذي من المقرر أن طرحه في صالات السينما المحلية والخليجية والعالمية خلال العام الجاري. وصرح مصطفى في حواره مع «الاتحاد» بأن «دار الحي 2» يمثل نقلة نوعية في السينما المحلية من ناحية التقنيات والإخراج والمضمون، كما يُعد محطة مهمة في مسيرته الإخراجية، وقال: هذا العمل مختلف تماماً عن جميع الأعمال السينمائية التي قدمتها سابقاً، فهو بالنسبة لي بمثابة استكمال مشروع فكرت في تنفيذه منذ 7 سنوات، وفي الوقت نفسه حلم يهدف إلى مواصلة النجاح اللافت الذي حققه في جزئه الأول الذي صدر عام 2009، وشكل انطلاقة مختلفة للسينما المحلية.
قصص نجاح
وأكد مصطفى أن الفيلم يشارك في بطولته عدد من الممثلين، الذين شاركوا في الجزء الأول مثل سعود الكعبي وحبيب غلوم، إلى جانب مجموعة من الأبطال الجدد من الوطن العربي والعالم، مثل الممثل المصري الشاب نور النبوي، والأميركية الشابة لين ين، وآلان سعادة، وكابولاي أكا، وإيلودي جريس أوركين، وبيري يونغ، وتشيدي أجوفو، وجايسون فليميج، الذين يجسدون شخصيات تواصل مسيرتها في دبي، مدينة الفرص.

صورة نابضة
ولفت مصطفى إلى أن الفيلم يعكس صورة نابضة لمدينة دبي المفعمة بالحياة، حيث الفرص الواعدة والأحلام، التي تتقاطع مع الأقدار لأفراد جاؤوا إليها من شتى أنحاء العالم في إطار إنساني واقعي، وقال: يركّز الفيلم في الجزء الثاني على الحياة في دبي من منظور أكثر عمقاً، مسلطاً الضوء على تجارب الشباب والأجيال الجديدة، في ظل التطور العلمي والتقني والتكنولوجي الذي وصلنا إليه، ومن بين القصص، قصة «مالك» الذي يجسّده نور النبوي، الشاب المصري الذي يأتي من أميركا للعيش في دبي، ليستكمل دراسته بعد وفاة والده، ليبدأ حياة جديدة في الجامعة، التي تضم شباباً من جنسيات وخلفيات مختلفة، وتتقاطع حياته مع حياة صديق والده «فيصل»، الذي يجسّد شخصيته بطل الجزء الأول من الفيلم، الإعلامي والممثل الإماراتي سعود الكعبي.
دافع أكبر
«دار الحي» الذي فاز في جزئه الأول بعدد من الجوائز، أبرزها جائزة المهر من مهرجان «دبي السينمائي الدولي»، أشار مصطفى أن فكرة تنفيذه للجزء الثاني جاءته منذ 7 سنوات، لكنه كان ينتظر الفرصة المناسبة للبدء في تصويره، وحينما حقق مسلسله «خطاف» نجاحاً وصدى لافتاً عندما عرض في رمضان 2024 على قناة «أبوظبي» أعطاه الدافع الأكبر والطاقة الإيجابية لبدء تنفيذه، وقال: بعد مرور كل هذه السنوات منذ إصدار الجزء الأول، كان علي أن أبحث عن قصص تواكب التطور، الذي تشهده دولة الإمارات في شتى المجالات، خصوصاً دبي، فقدمت قصة جديدة، منفصلة في تفاصيلها، متّصلة بالجزء الأول من حيث الشخصيات والخط الدرامي العام.
وتابع: يواصل العمل استكمال حياة بعض أبطال الجزء الأول مثل تطور حياة «فيصل» الذي أصبح أباً، وأحمد عبدالله الذي أصبح ضابطاً في الشرطة، إلى جانب قصص مغايرة لشخصيات جديدة، مثل قصة الفتاة الصينية التي جاءت إلى دبي بحثاً عن شقيقتها، وتحاول أن تعمل في «دراجون مارت» على أمل العثور عليها، بالإضافة إلى شاب نيجيري جاء للعمل في دبي حارس أمن، ولكنه لديه طموح في تغيير مجاله، ويسعى إلى تحقيق طموح مهني مختلف، وتتقاطع كل هذه الشخصيات في محطات عدة في مدينة الأحلام والطموح دبي.

أخبار ذات صلة تعاون بين «صحة دبي» ومجموعة مستشفيات كيمز أسبوعان «مهلة» لـ «المدارس الخاصة» في دبي لتقديم طلبات رفع رسوم العام المقبل

40 يوماً
أوضح المخرج علي مصطفى أن تصوير الفيلم استغرق 40 يوماً في عدد من المواقع الحيوية في دبي مثل «نخلة جميرا» و«مدينة دبي العالمية - إنترناشونال سيتي»، منوهاً بأن العمل حالياً في مرحلة المونتاج استعداداً لطرحه هذا العام في صالات السينما المحلية أولاً، ومن ثم الخليجية والعالمية.

مقالات مشابهة

  • هل الموسيقى رؤية بالقلب وسماع بالعين ؟
  • علي مصطفى: انتظروا «دار الحي 2» في السينما العام الجاري
  • في قلب مهرجان كان 78.. السينما العربية تحجز مكانها بجدارة
  • في ذكرى ميلاد ماجدة الصباحي.. نجمة السينما التي صنعت مجدها وصورة الوطن على الشاشة
  • في ذكرى ميلادها.. فردوس محمد “أم السينما المصرية” التي لم تُنجب واحتضنت جيلًا كاملًا (تقرير)
  • في ذكرى ميلاده.. حسام الدين مصطفى مخرج الأكشن والتاريخ الذي صنع مجد السينما المصرية (بروفايل)
  • فردوس محمد.. حكاية "أم السينما المصرية" التي أخفت ابنتها عن الجميع!
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «20»
  • «كندة علوش»: السينما المصرية لا ينقصها شيء للوصول للعالمية
  • معهد الموسيقى بتمارة يطلق الدورة السادسة لملتقى "أوتار"