أستراليا – اكتشف باحثون تغيرا جينيا موجودا في ما يصل إلى 3% من سكان العالم يزيد من خطر الالتهاب من خلال آلية تسمى “موت الخلايا المتفجر”.

وقد تسلط هذه الدراسة الضوء على سبب زيادة احتمالية إصابة البعض بأمراض مثل مرض التهاب الأمعاء أو التعرض لردود فعل مكثفة تجاه الالتهابات البكتيرية مثل السالمونيلا.

وفي كل دقيقة، تموت ملايين الخلايا في أجسامنا عمدا.

ويعد موت الخلايا عملية أساسية تحمي أجسامنا من الأمراض عن طريق إزالة الخلايا غير المرغوب فيها أو التالفة أو الخطرة، ومنع انتشار الفيروسات والبكتيريا وحتى السرطان.

ويقول الباحثون إنه على الرغم من وجود أنواع مختلفة من موت الخلايا، فإن “موت الخلايا المتفجر”، والمعروف باسم تنخر الخلايا (أو التنخر)  يتميز بشراسته، حيث تنفجر الخلايا بشكل أساسي، ما يطلق إنذارا للخلايا الأخرى في الجسم للاستجابة، إلى وجود الغزاة، ولكنه يمكن أن يؤدي إلى استجابة التهابية مفرطة إذا لم يتم السيطرة عليها.

وفي الآونة الأخيرة، حدد فريق من الباحثين خطأ وراثيا يكبح الخلايا من التنخر. ويقدر الباحثون أن هذا المتغير الجيني، وهو تغيير وحيد القاعدة في الجين الذي يشفر بروتينا يسمى MLKL، يمكن العثور عليه في ما يصل إلى 3% من الناس.

ويقول الباحثون إن MLKL ضروري لتحفيز موت الخلايا الميتة، وهي عملية طبيعية تحمي الجسم من العدوى. ولكن في 3% من سكان العالم يمكن أن يحدث هذا بشكل خاطئ ويؤدي إلى تلف الأنسجة.

ولم يربط الباحثون بعد الجين MLKL بأي مرض معين، على الرغم من أنه بعد تحديد آثاره في مزارع الخلايا والنماذج الحيوانية، فإن الدراسة التي أجراها معهد والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية (WEHI) في ملبورن، أستراليا،  تقول إنه يمكن أن يزيد من خطر إصابة الأشخاص بالأمراض الالتهابية مثل مرض السكري والتهاب المعدة أو المعاناة من ردود فعل أكثر شدة تجاه العدوى، عندما يقترن بعوامل وراثية وبيئية أخرى.

وأوضحت الدكتورة سارة غارنيش عالمة الأحياء الخلوية في مركز والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية، والتي قادت الدراسة: “كل معلومة مثل هذه تساعدنا على جعل الطب الشخصي أكثر واقعية”. مضيفة: “بالنسبة لمعظمنا، سيتوقف الجين MLKL عندما يطلب الجسم منه التوقف، ولكن 2 إلى 3 % من الأشخاص لديهم شكل من MLKL أقل استجابة لإشارات التوقف. وعلى الرغم من أن نسبة 2 إلى 3% لا تبدو كبيرة، فعندما تفكر في عدد سكان العالم، فإن هذا يعني الملايين من الأشخاص الذين يحملون نسخة من هذا الجين المتغير”.

ويُطلق على المتغير الجيني اسم S132P لاستبدال السيرين (مركب عضوي) بجزيء البرولين 132 من الأحماض الأمينية على طول بروتين MLKL.

في عملهم السابق، حدد الفريق بقيادة جوان هيلدبراند، عالمة الأحياء الخلوية في معهد والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية، S132P باعتباره ثالث أكثر المتغيرات البشرية شيوعا في MLKL. وأظهروا أيضا أنه يتراكم بشكل مطرد في أغشية الخلايا حتى تنفجر تلك الخلايا المثقلة، وتنفجر مع جزيئات التهابية تسمى السيتوكينات.

وفي هذه الدراسة، أعاد الباحثون النظر في قاعدة بيانات عالمية لبيانات تسلسل الجينوم ليجدوا أن متغيرات S132P غائبة حتى الآن لدى الأشخاص ذوي الأصول شرق آسيوية، ونادرة في السكان الأفارقة واللاتينيين؛ وأكثر شيوعا عند الأفراد من أصل يهودي أشكنازي.

كما حددوا أيضا اثنين من الناقلات في السجل الأسترالي للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات مرتبطة بالمناعة، لكنهم أرادوا فهما أفضل لكيفية تأثير S132P على الاستجابات الالتهابية قبل تحديد أي استنتاجات.

وكشفت التجارب المعملية كيف يعزز S132P تراكم بروتين MLKL في أغشية الخلايا، ما يعزز التنخر. وتمكنت الخلايا ذات المتغير أيضا من تجاوز التعليمات الكيميائية لمنع نشاط MLKL، مع الاحتفاظ بقدرتها على التفجير الذاتي.

وعلاوة على ذلك، أظهرت الفئران المُصممة هندسيا لحمل نسختين غير منتظمتين من MLKL المشابهة للمتغير البشري استجابات مناعية معطلة: فقد تعطلت أنظمة الدفاع عن مسببات الأمراض لديها بسبب أوجه القصور واسعة النطاق في الخلايا المناعية، حيث أظهرت سلائف تلك الخلايا “ميلا معززا لموت الخلايا” عندما تكون مضغوطة.

ولا يحمل معظم البشر نسختين غير منتظمتين من MLKL، ولم تظهر الفئران في الدراسة التي تمتلك نسخة واحدة فقط نفس خطر الإصابة بالتنخر. لذا فإن هذا لا يعني بالضرورة أن الذين لديهم هذه الطفرة محكوم عليهم باعتلال الصحة.

ومن الواضح أن هناك شيئا ما يحدث، ولكن هناك الكثير من العمل الذي يتعين على الباحثين القيام به حتى الآن لفهم كيف يمكن للمراوغات الجينية في MLKL أن تساهم في الحالات الالتهابية لدى البشر.

نشرت الدراسة في مجلة Nature Communications.

المصدر: ساين ألرت

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: موت الخلایا

إقرأ أيضاً:

الغيبيات في الدين

#الغيبيات_في_الدين
مقال الإثنين: 3 /2 /2025 ب

قلم: د. #هاشم_غرايبه
لعل أكثر ما يتحدى العقل البشري هو الإيمان بأمر لا يوجد له في قاعدة البيانات العقلية مرجعية ينتمي إليها، لأن طبيعة الفهم البشري تعتمد على مطابقة الأمر المعروض على العقل مع ما هو مثبت في الذاكرة، وعندما يكون هذا المعروض أمرا جديدا، يتم ربطه بأقرب الصور تشابها، وعندما لا ينجح هذا الربط، تبقى المعلومة مبهمة غير مفهومة.
من سخف التفكير أن يرفض الإنسان تقبل هذا الذي لم ينجح في ربطه، أو يحكم عليه بالتكذيب استنادا الى عدم معقوليته (أي عدم قدرة عقله على استيعابه)، فالعقل البشري ليس حكما موثوقا، لأن القدرات العقلية للبشر مبنية أساسا على مدى اكتساب المعارف، وهذا أمر متطور متوسع على الدوام، فما لا يعرف اليوم قد يعرف غدا، كما أن القدرات العقلية متباينة بين شخص وآخر.
وثبتت هذه الحقيقة مع تطور المعارف وتقدم علوم البشر، ويتبين على الدوام على مر العصور كم تغيرت من مفاهيم كانت تعتبر المعرفة المثلى، وكم نقضت من قناعات اعتبرت حقائق علمية مثبتة.
الدين هو مجموعة من القواعد السلوكية الضابطة لأفعال الأفراد، والمنظمة للعلاقات بينهم (المجتمعات)، التي تهدف لتنظيم الحياة البشرية والحيلولة دون تعدي بعضهم على بعض، والتي هي المنشئة للخلافات والمنازعات المؤدية الى الصراعات وإقلاق الأمن.
ولما كان الدين إلهي المنشأ، لذا فتعاليمه تمثل العدالة المطلقة، ولذلك يرحب به دائما المستضعفون لأنه ينتصر لهم من الظالمين، ويعاديه المترفون لأنه ينتقص من مكتسباتهم غير العادلة، وعلى مر العصور شكّل هؤلاء جبهة ممانعة للدين منذ أن بدأ الله بإنزاله على البشر، واعتمدوا في محاربته بداية على التشكيك في انتمائه الى الله، فقالوا إنه اخترعه مصلحون ادعوا أنهم أنبياء، ثم حاربوا من استجاب وأتبعهم، ثم اخترقوا الرسالات القديمة فقاموا بالتزوير والتحريف لإفساد الدين وحرفه عن غاياته، وفي النهاية انصبت جهودهم على تحييده لمنعه من أن يتبع كمنهج سياسي تطبقه السلطة، بحجة أنه يولد الخلافات ويؤجج الصراعات، فوضعوا بديلا بشريا لتشريعاته، ما سموه بالدساتير والقوانين وأطلق على ذلك المسعى “العلمانية”.
رغم أن البنود المنطقية في دساتيرهم هذه مشتقة من تشريعات الدين، إلا أنها محشوة ببنود تعزز سلطة الحاكم، وتضعف من قدرات المحكومين على الرقابة عليه، وذلك لأن طبقة المترفين طفيلية، تبني غناها على استغلال العامة، ولأنها تملك الثروة فهي تستأثر بالنفوذ أي التأثير على السلطة الحاكمة، والتي تخضع للمترفين فتجعل التشريعات ممالئة لهم وحامية لمصالحهم.
تكتسب تشريعات الدين قوة تأثيرها من أمرين: الأول عدالتها لأن مصدرها الإله القوي الحكيم، فلا تخضع لابتزاز ولا تأثير بشري عليها، والثانية أن الرقيب عليها قوة غيبية لا قدرة للبشر على الإفلات منها.
من هنا نفهم الحكمة من تغييب كثير من الأمور عن إدراك البشر:
1 – لا يمكن للنسبي الإحاطة بالمطلق، فمدارك البشر محدودة بقدرات حواسه، فمثلا قدرة إبصاره محدودة بمسافة معينة، وبعدها تصبح مبهمة، كما أن الأشياء الدقيقة كالجراثيم والذرة ومكوناتها لا يمكنه إبصارها، وكل ذلك جعله الخالق لمصلحته، فلو كان سيرى العوالق الدقيقة في الهواء الذي يتنفسه أو في الماء الذي يشربه لما استساغه ولباتت معيشته صعبة.
2 – إن تغييب الخالق ذاته العلية عن مدركات البشر لمصلحتهم، بدليل جواب الله العملي لموسى عندما طلب رؤيته، فعندما تجلى للجبل العظيم جعله دكا، فكيف لو تجلى للبشر!؟.
3 – إن الغيبيات مثل الملائكة والجن وموعد اليوم الأخر والجنة والنار والروح والأجل والمستقبل والرزق المقسوم ..الخ، غيبها الله عن علم البشر، لأنه لا قدرة لهم على التدخل فيها، وغيبيتها تريحهم من معرفة ما لا قدرة لهم على استيعابه، ولو عرفوها لانقطع الأمل لديهم بالأفضل ولأصبحت حياتهم تعيسة.
4 – معرفة المرء بوجود رقابة خفية ترصد كل أفعاله وأقواله أعظم تأثيرا ضابطا للسلوك من الرقابة الظاهرة له.
مما سبق نستنتج أن الغيبيات عنصر أساسي في الدين، وهي سر قوته وفعاليته في تحقيق صلاح البشر، لذلك هي أكثر ما يهاجمه معادوه، مستندين الى الحجة الباطلة وهي أنهم لا يؤمنون الا بما يروه، وهم كاذبون.. ألم يؤمنوا بالثقب الأسود الذي لا يمكن رؤيته!.

مقالات مشابهة

  • الروبوت المتفجر: سلاح الاحتلال الصامت لحصد الأرواح بغزة
  • خفض الدهون والسعرات يخفف الاكتئاب والقلق
  • العمل لساعات طويلة أسبوعياً يُضخّم دماغك بنسبة 19٪
  • فطريات سامة تهدد ملايين البشر خلال 15 عامًا بسبب تغير المناخ
  • إدانة عصابة تقودها محامية بفاس نصبت على رجال أعمال في الملايين و”تنازلات” أنقذتها من عقوبة مشددة
  • “الداخلية” تصدر قرارات إدارية بحق (20) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج لنقلهم (60) مخالفًا لا يحملون تصاريح لأداء الحج
  • علاجات مختصرة تحسن حالات مرضى السرطان.. ماذا نعرف عنها؟
  • الغيبيات في الدين
  • ابتكار لوحة شمسية داكنة من الخلايا الكهروضوئية
  • “الداخلية” تصدر قرارات إدارية بحق (17) مخالفًا لأنظمة وتعليمات الحج لنقلهم (61) مخالفًا لا يحملون تصاريح لأداء الحج