لجريدة عمان:
2025-05-20@22:54:40 GMT

خديجة اللواتية .. نموذج للدبلوماسية الناجحة

تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT

خديجة اللواتية .. نموذج للدبلوماسية الناجحة

لم تعج ذاكرة سعادة السفيرة المتقاعدة خديجة بنت حسن اللواتية بمشاهد كثيرة عن مطرح التي ولدت فيها في عام 1952، فهي لم تعش فيها سوى سنة واحدة من طفولتها، فقد سافرت إلى «بلاد الرافدين» مع عائلتها لظروف الحياة الصعبة آنذاك في مطرح ولكن لا تزال بالنسبة لها المكان الأول الذي صقل شخصيتها، وجعلها أكثر وعيا وثقافة ومعرفة.

فمطرح تلك المدينة المليئة بالتاريخ والقلاع والحصون والممرات الضيقة وسوقها الشعبي الممزوج بروائح الأجداد، كما كانت تكتظ بالتجار القادمين من الهند والصين والبحرين وبلاد فارس الذين أثروا إيجابا على سكانها من نواح مختلفة.

ولذلك فقد ارتوت سعادة خديجة اللواتية العلم من بلاد الرافدين «العراق»، إذ أكملت دراستها الأولى والجامعية فيها، فبعد حصولها على ليسانس الأدب الإنجليزي من كلية الآداب بجامعة بغداد عادت إلى سلطنة عمان، فكانت تواقة إلى رؤية مطرح الجميلة وما صاحبها من تطورات وتغيرات كبيرة في عهد النهضة المباركة التي قادها السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه.

ولتزداد علما ومعرفة أكثر سافرت سعادتها إلى المملكة المتحدة لإكمال دراستها العليا، وحصلت على دبلوم إدارة الأعمال وتنمية المجتمعات المحلية من كلية هدرزفيلد.

المرحلة العمليةربما لم تكن تخطط اللواتية الانضمام إلى السلك الدبلوماسي ولكن الأقدار شاءت أن تكون في وزارة الخارجية، فبعد الانتهاء من دراستها الجامعية التحقت بوزارة التنمية -آنذاك- في عام 1974، وبعدها تم نقل إدارة وزارة التنمية إلى وزارة الخارجية، حيث فضلت اللواتية العمل في المجال الدبلوماسي، لتبدأ مرحلة جديدة ومختلفة في حياتها المهنية.

وتدرجت سعادتها في العمل الدبلوماسي، من سكرتير ثانٍ، وسكرتير أول، ثم مستشارة، ووزير مفوض، حتى حظيت بثقة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- لتصبح أول سفيرة لسلطنة عمان في 15 سبتمبر عام 1999.

وخلال عملها كسفيرة في هولندا حركت سعادتها المياه الراكدة بين البلدين خاصة في القطاع الاقتصادي، فهي ترى أن الدبلوماسية فن في إدارة العلاقات الإنسانية تستخدمها الدول لتعزيز وجودها الدولي وتقوية علاقتها في كافة النواحي.

فقد استطاعت بحكمتها الدبلوماسية من توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية، كان أهمها بين ميناء صحار وروتردام في عام 2003 للتعاون المشترك بينهم، وإنشاء الكلية العالمية للنقل والشحن البحري في صحار، إلى جانب قيام العديد من الفعاليات التي أدت إلى تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية، وتدفق المزيد من السياح الهولنديين إلى سلطنة عمان.

كما نجحت اللواتية بذكائها من إقناع الحكومة الهولندية من إقامة قرية مصغرة في أحد المتاحف هناك للترويج عن الثقافة والتاريخ العمانيين، إضافة إلى إقامة معرض التراث العماني لمدة ستة أشهر في متحف نيوكرك بأمستردام، وهو من أهم المتاحف في هولندا، كما لها دور بارز في تنظيم أسبوع عماني ضمن فعاليات روتردام عاصمة الثقافة في أوروبا، والمساهمة في تأليف كتاب للأطفال في أوروبا عن سلطنة عمان بهدف نشر التاريخ والثقافة العمانية والتعريف بالمقومات السياحية، إضافة إلى مساهمتها في إعداد فيلم عن «صحراء على البحر» وهو عبارة عن رحلة سياحية تعليمية لتلاميذ المدارس الهولندية والأوروبية.

العلاقات الدبلوماسيةومن الناحية الأكاديمية، نجحت في إقامة كرسيين للدراسات العليا في اثنتين من أكبر الجامعات الهولندية باسم السلطان الراحل قابوس بن سعيد، إضافة إلى تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة في عام 2001 بين جامعة السلطان قابوس والمؤسسة الهولندية للتعاون الدولي في مجال التعليم، وعلى أساسها تم إرسال طلبة عمانيين للدراسة في الجامعات الهولندية.

أما على الجانب السياسي، فقد تمكنت اللواتية من ترتيب زيارات لعدد من كبار المسؤولين الهولنديين إلى سلطنة عمان، كان أبرزهم رئيس وزراء هولندا ووزير الخارجية، إضافة إلى العديد من الوفود التجارية المتبادلة.

ونظرا لجهودها الفعالة في إدارة العلاقات الدبلوماسية على مستويات رفيعة، تم تعيينها عميدة السلك الدبلوماسي الأجنبي والعربي في هولندا لمدة 6 سنوات، إذ مكنها هذا المنصب من تعميق العلاقات مع كبار المسؤولين الدبلوماسيين من خلال حضورها أغلب الفعاليات والاجتماعات التي تقيمها الملكة.

وتقول سعادتها: إن الدبلوماسي يستطيع تطوير العلاقات بين البلدين ووصولها إلى مستويات أعمق من خلال اقتناص الفرص، والحزم في بعض الأمور، وعدم التهاون، وإيجاد شبكة من العلاقات الصحفية والفكرية والثقافية، وتقريب وجهات النظر وشرحها عند الاختلاف، والتوفيق بين المصالح الوطنية ومتطلبات النظام الدولي الذي يهدف إلى الاستقرار وتفادي الحروب والتسامح واحترام التعددية الفكرية.

فترة التقاعد

وعادت سعادتها من هولندا بعد مرحلة مليئة بالعطاء والعمل الدبلوماسي المتواصل على مدار 10 سنوات، والذي أثمر عنه تعاون مشترك بين سلطنة عمان وهولندا على كافة المستويات، إلى ديوان عام الوزارة، لتشغل منصب مدير دائرة مكتب الوزير، ثم مدير دائرة التعاون الثقافي حتى تقاعدها من العمل من الخدمة المدنية.

وتقضي سعادة خديجة الآن فترة التقاعد مع أسرتها وأحفادها، إذ لم يمنعها المجال الدبلوماسي من تكوين أسرة ناجحة يسودها المحبة والود، بل العكس تماما فقد وصل أولادها الأربعة (ولدان وفتاتان) إلى مراحل دراسية عالية، وهي فخورة بهم وبإنجازاتهم وبإقبالهم على الحياة.

وفي نهاية حديثها، قالت اللواتية: إن المرأة العمانية حظيت باهتمام بالغ من باني النهضة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- واستطاعت تمثيل المرأة العمانية في كافة المحافل الدولية والإقليمية، مؤكدة على مضي صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على النهج نفسه، إذ أشار في مواضع كثيرة إلى أهمية المرأة العمانية ودورها في خدمة المجتمع والوطن، ولذلك عليها استغلال الفرص المتاحة وإثبات دورها في كافة القطاعات والتخصصات متأملة رؤية أعداد جيدة من النساء في مجلس الشورى في الدورة المقبلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سلطنة عمان إضافة إلى فی عام

إقرأ أيضاً:

بوريطة: دعم المغرب تحت قيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية يجمع بين العمل الدبلوماسي والمبادرات الميدانية

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن الدعم الذي ما فتئ المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، يقدمه للقضية الفلسطينية، يجمع بين العمل الدبلوماسي والسياسي والمبادرات الميدانية التي يستفيد منها الشعب الفلسطيني.

وأوضح بوريطة، خلال ندوة صحفية على هامش أشغال الاجتماع الخامس للتحالف الدولي من أجل تنفيذ حل الدولتين، الذي تنظمه المملكة المغربية بشراكة مع مملكة الأراضي المنخفضة، تحت شعار « استدامة الزخم لعملية السلام.. الدروس المستفادة، قصص النجاح، والخطوات القادمة »، أن المقاربة التي ينهجها المغرب لدعم القضية والشعب الفلسطينيين تقوم على المزاوجة بين الانخراط في الجهود والمبادرات الدبلوماسية والسياسية لإرساء السلام في الشرق الأوسط وعلى الاشتغال اليومي لدعم الشعب الفلسطيني من خلال مشاريع ميدانية تستهدف الأسر والأطفال الفلسطينيين، على الخصوص.

وأبرز، في هذا الصدد، الاشتغال الميداني اليومي الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف لدعم صمود المقدسيين، من خلال مشاريع ومبادرات تهم مختلف مناحي معيشهم اليومي، لا سيما على مستوى الغذاء والتطبيب وتمدرس الأطفال.

وقال إن اجتماع اليوم بالرباط يأتي في إطار الالتزام المستمر للمغرب، بقيادة جلالة الملك، بدعم القضية الفلسطينية والسلام في الشرق الأوسط، وكذا في إطار المجهود المستمر الذي تقوم به المملكة المغربية منذ عقود للدفع نحو حل دائم وشامل للنزاع في المنطقة، ومن منطلق إيمانها الدائم بأن هذا الحل لا يمكن أن يتم إلا عن طريق إقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع دولة إسرائيل في إطار حل الدولتين.

وتابع بوريطة بأن انعقاد هذا الاجتماع بالمغرب يعكس الثقة التي يحظى بها لدى كل أطراف هذا النزاع، والمصداقية التي تتمتع بها المملكة لدى الأطراف الفاعلة في هذا الملف، وهو ما تجسده مشاركة وفود من أكثر من خمسين بلدا ومنظمة دولية وإقليمية ملتزمة بحل الدولتين من جهات مختلفة من العالم.

وأشار إلى انعقاد هذا اللقاء في هذا الظرف يأتي بالنظر إلى الوضعية الراهنة، العصيبة والمتأزمة، المطبوعة باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وهو وضع آني « خطير وغير مقبول، ومخالف لكل القوانين والشرائع والقيم »، مشددا على أن الأفق ينبغي أن يظل، مع ذلك، واضحا؛ وهو أفق السلام في المنطقة.

ويأتي اجتماع الرباط أيضا، يضيف السيد بوريطة، في ظل الاستحقاق المرتقب المتمثل في المؤتمر رفيع المستوى من أجل حل سلمي للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين المزمع عقده خلال الشهر المقبل بنيويورك برئاسة سعودية-فرنسية، مبرزا أن خلاصات هذا الاجتماع ستساهم في إغناء أشغال المؤتمر.

كما شدد على الحاجة، اليوم أكثر من أي وقت مضى، لحماية المرجعيات الدولية المتعارف عليها، منذ قرارات الجمعية العامة في الأربعينيات إلى اجتماعات مدريد، وكذا اتفاقات أوسلو وغيرها، من أجل إيجاد حل للقضية الفلسطينية، لافتا أن اجتماع الرباط يسهم في الحفاظ على هذه المرجعيات وتثبيتها.

وبعد أن أكد على أهمية دعم المؤسسات الفلسطينية، ذكر السيد بوريطة بالموقف الثابت للمملكة المغربية بدعم السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس محمود عباس، مبرزا أن جلالة الملك طالما أكد أن السلطة الفلسطينية هي الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني، والشريك الأكثر مصداقية لتحقيق السلام، وهي الحافظ لكل المرجعيات الدولية لتحقيق حل الدولتين، مما يفرض ضرورة التفكير في سبل دعمها وتعزيزها.

كما أشار الوزير إلى ضرورة الانكباب على الجوانب الاقتصادية باعتبارها مهيئة للحل السياسي المفضي لحل الدولتين وممهدة له، موضحا، في سياق ذلك، أن المساعدة الإنسانية والدعم الاقتصادي لن يشكلا بديلا عن إقامة الدولة الفلسطينية.

وشدد على أن هذا الاجتماع يأتي من منطلق ثوابت المملكة تجاه القضية الفلسطينية والمواقف الواضحة لجلالة الملك، الذي كان دائما يعتبر القضية الفلسطينية في مثابة القضية الوطنية للمغرب، لافتا إلى أن عقده في هذه الظرفية العصيبة بالمنطقة هو استثمار في السلام وفي أفق متفائل لهذه المنطقة، ويعزز تعبئة المجتمع الدولي من أجل تطبيق حل الدولتين، كخيار وحيد يحقق السلام والكرامة ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويضمن الأمن والاستقرار لإسرائيل، ويخلق السلام في منطقة الشرق الأوسط ككل.

وخلص بوريطة إلى أن اجتماع اليوم يروم تجميع المرجعيات الرامية لتقريب حل الدولتين في إطار وثيقة تمنح جردا لكل ما تم اتخاذه من إجراءات واعتماده من مرجعيات في هذا الإطار.

يشار إلى أن هذا الاجتماع، الذي يروم إطلاق منصة للمشاريع والمبادرات والإنجازات الداعمة لآفاق تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، سيتوج بصياغة توصيات سياسية عملية تهدف إلى دعم الجهود الدبلوماسية وتعزيز الظروف المواتية لتحقيق حل الدولتين.

ويعد التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، الذي تم إطلاقه خلال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في شتنبر 2024، منصة دبلوماسية مخصصة للإحياء الفعلي لعملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية. ويأتي هذا الاجتماع الخامس في أعقاب أربعة اجتماعات سابقة نظمت بكل من الرياض وبروكسيل وأوسلو والقاهرة.

 

كلمات دلالية القضية الفلسطينية المغرب ناصر بوريطة

مقالات مشابهة

  • بوريطة: دعم المغرب تحت قيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية يجمع بين العمل الدبلوماسي والمبادرات الميدانية
  • وزير الإنتاج الحربي: نتخذ القرارات المناسبة لجذب المزيد من الاستثمارات وعقد الشراكات الناجحة
  • وكيل وزارة الصحة يلتقي رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود الهولندية باليمن
  • مكالمة الـ «ساعتين» بين ترامب وبوتين.. عودة للدبلوماسية أم لعبة للنفوذ؟
  • تحيات جلالة السلطان إلى رئيس بيلاروس ينقلها السيّد ذي يزن.. وتوقيع اتفاقية لإنشاء لجنة مشتركة بين البلدين
  • أبو العينين: العلاقات المصرية الصينية نموذج للتكامل الاستراتيجي وفرص الاستثمار الواعدة
  • الفيصل الزبير يحصد المركز الثالث في حلبة زاندفورت الهولندية
  • إيران: المحادثات النووية ستفشل إذا ضغطت أمريكا واستدعاء ممثل بريطاني الدبلوماسي
  • أبو العينين: العلاقات المصرية الصينية نموذج للشراكة الاستراتيجية والتنموية
  • الملحن جابر جمال لـ "الفجر الفني": تعاون جديد مع لطيفة في أغنية درامية بإيقاع مختلف