في ذكرى وفاته.. محطات من حياة نجيب سرور شاعر العقل والجنون
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
يصادف اليوم الثلاثاء، ذكرى وفاة الشاعر نجيب سرور الملقب بشاعر العقل والجنون، وأحد أشهر شعراء مصر في فترة السبعينيات من القرن الماضى، والذي يرى أن التمثيل هو أداة التعبير الأكثر وصولاً للناس.
محطات في حياة نجيب سرور-ولد الشاعر نجيب سرور في 1 يونيو عام 1932 في أسرة بسيطة تعيش على الزراعة وتربية الدواجن، التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، بعد تركه كلية الحقوق وتخرج فيه، وهو ما ساعده في تكوين علاقات متميزة مع الكتاب والأدباء والمفكرين والمناضلين والفنانين.
-وشارك نجيب سرور في الأعمال المسرحية الشعبية وبرز فيها كمؤلف وممثل ومخرج لافتًا الأنظار إلى عبقريته النادرة، ثم سافر في بعثة إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج، ثم انتقل من روسيا إلى المجر ليعمل في قسم الإذاعة العربية في بودابست.
-وطلب منه أثناء وجوده في المجر المساهمة في الهجوم على مصر فرفض وترك العمل، وكتب إلى والده يخبره بأنه لو قتل في المجر فسيكون بأيد صهيونية وأنه يريد العودة إلا أنهم سرقوا منه جواز سفره.
-فقام والده بنشر الخطاب بإحدى المجلات ولما قرأ عبد الناصر الخطاب أرسل إلى سفير مصر بالمجر يطلب عودة سرور إلى أرض الوطن، وتزامن ذلك مع عرض مسرحيته «آه يا ليل يا قمر» التي تنبأت بنكسة 67 قبل حدوثها.
-عمل نجيب سرور مخرجا بمؤسسة فنون المسرح وتدريس الإخراج والتمثيل، وأعلن في حينئذ عن ميوله الاشتراكية.
-كتب الشاعر نجيب سرور قصيدته الأولى عام 1956 بعنوان «الحذاء» ونشرها بمجلة الرسالة وذلك بعدما تعرض والده، وهو طفل للضرب من عمدة القرية حينها، فقد كان ظالما وقاسي القلب يتحكم في أرزاق الفلاحين وحياتهم، مما جعله يكتب قصيدة هذه القصيدة.
حياته الأدبيةأصدر نجيب سرور طوال حياته عدة دواوين شعرية منها الآتي:«لزوم ما لا يلزم» كتبها في المجر وصدرت عام 1975، وديوان «الأميات»، و«بروتوكولات حكماء ريش»، و«رباعيات نجيب سرور»، وديوانا «الطوفان» و«فارس آخر زمن».
واستمر إنتاج نجيب سرور للدواوين حتى وفاته فقد كتب ديوان «الطوفان الكبير» وديوان « فارس آخر زمن »عام 1978 لكنهما لم ينشرا حتى صدرت أعماله الكاملة لأول مرة عام 1997.
وألف العديد من الأغاني الشعبية والتي اعتبرها الركيزة لأعماله المسرحية، ولا سيما ثلاثيته: «ياسين وبهية» عام 1964، و«آه يا ليل يا قمر» عام 1966م، و«قولوا لعين الشمس» عام 1972، وبرع سرور في تحقيق التلاؤم بين الأصل الشعبى للأغنية وبين قضايا العصر.
ثم في عام 1967 كتب مسرحية «يا بهية وخبرينى» بإخراج كرم مطاوع ثم «آلو يا مصر» وهى مسرحية نثرية، وكتبت فى القاهرة عام 1968 و«ميرامار» وهى دراما نثرية مقتبسة عن رواية نجيب محفوظ المعروفة من إخراجه عام 1968.
حياته الزوجيةتزوج نجيب سرور من الروسية ساشا كورساكوفا، بعد تعرفه عليها خلال بعثته إلى موسكو فكانت طالبة آداب سوفيتية، وأبدى إعجابه بها وتزوجها وأنجب منها في ذلك الوقت ابنهما شهدي.
كانت نهاية حياة الشاعر نجيب سرور مأساوية، حيث توفى عام 1978 عن عمر يناهز الـ47 عاما داخل مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية بعد معاناة كثيرة في الحياة والسياسة.
اقرأ أيضاًشروطا التقدم لوظائف بشركة إدفو للب وورق الكتابة بأسوان.. أعرف التفاصيل
وفاة المطرب محمد رؤوف صاحب أغنية «اللي تعبنا سنين فى هواه»
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
تدمير المعنى: السلام أنموذجا
ربما من أصعب الأشياء التي يعيشها العالم منذ سنوات هي الحرب الضروس ضد المعنى والقيمة. هناك من تحدث عن سقوط إمبراطورية المعنى. وهناك من استسلم لسلسة الانقلابات الخطيرة التي بات يعرفها العالم وتأقلم معها، مع ما يعنيه ذلك من تفريط في المنطق والمعاني والقيم التي تمثل ال تنشئة الذهنية للإنسان بصرف النظر عن هويته وانتماءاته الفكرية والعقائدية والعرقية والحضارية.
من ذلك أن الفهلوة وحرير الكلام الذي يبلغ الكذب والنفاق أحيانا أصبحا من علامات الذكاء الاجتماعي والشطارة. كما أن النتيجة هي أهم من الطريقة المعتمدة لبلوغها، ولا مشكلة إذا كانت الطريقة غير شرعية وغير أخلاقية، فكل الطرق تؤدي إلى روما، والمهم هو الوصول إلى «روما» وبديلها لدى كل شخص.
يمكن القول إن أكبر هزيمة عرفتها الأجيال الراهنة هي هزيمة المعاني والصدمة القيمية التي يسمع صداها الموجعون والمهمشون والمقهورون في العالم اليوم وما أكثرهم.
لا يجب الاستهانة بالمرة بسقوط المعنى. فهو الحدث الذي بعده نفقد المرجعيات والأسس والمقاييس. بكل وضوح إننا نفقد هندسة العقل ويصبح المطلوب منا القبول بتفكير ناتج عن ذهن بهندسة البناء الفوضوي.
يمكن توضيح فكرتنا أكثر بالاستناد إلى السريالية كطريقة جمالية ننتقد بها الواقع. ما يحدث منذ سنوات هو الإصرار على تحويل السريالية إلى واقع والتعامل معه على أساس أنه غير سريالي. في هذا الإطار من الحرص المستمر على تحويل الواقع إلى سريالي من دون توصيفه بذلك، نضع مثالاً؛ نية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترشيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام.
طبعاً أثار هذا الموضوع جدلا واسعا يصبّ في مجمله في حالة الصدمة من انقلاب المعنى والمعايير. بل إن هذه النية أشبه ما يكون بتتمة للعدوان الإسرائيلي على غزة في ما يمثله من قهر.
أول صدمة تمس العقل مباشرة أن يقترن شخص نتنياهو بكلمة السلام بصرف النظر عن الشخص المستفيد من الترشيح. هنا أول سؤال يطرحه العقل الطبيعي؛ أيّ علاقة بين نتنياهو والسلام؟ هل يعلم بوجود كلمة في اللغة تفيد معنى السلام؟ وإذا كان على علم؛ أليس هذا الرجل هو من أشد أعداء السلام والضاربين به عرض الحائط؟
لنتذكر أن لكل شيء حدودا، بما في ذلك الواقعية والاستسلام والقهر وتحويل الهوية الجنسية للمعاني. وتحت هذا السقف الأدنى من الحدود، فإن العقل لا يستطيع المحافظة على سلامته العقلية عندما يصل الأمر بشخص تسبب في قتل آلاف الأطفال والنساء وقصف المستشفيات ومنع المساعدات الغذائية عن أهالي غزة.
قد يقترح شخص آخر وقد يكون نفس الاقتراح مقبولاً ولكن هذا الأمر مستغرب ومستهجن جدا في حالة نتنياهو. هكذا يمكننا أن نفهم حالة الصدمة من صاحب الترشيح الذي لا نعتقد أن هناك، مع اختلاف المواقف، من يمكن أن يصل بينه وبين فكرة السلام أو الفعل السياسي الذي يهدف إلى خلق السلام. وأغلب الظن أن نتنياهو نفسه لا يصدق ذلك.
لنأتي إلى فكرة ترشيح السيد ترامب نفسها التي تبدو لنا منطلقاً للتفكير في مدى مصداقية ترشيح أي شخصية سياسية. ذلك أن هذه الجائزة المسيسة بطبيعتها، التي لم تمنح لأي معارض أو منتقد لإسرائيل وسياساتها، إنما تقوم على مفهوم خاص للسلام في الشرق الأوسط، أي السلام في عيون الحاكمين في إسرائيل، وليست جائزة في خدمة السلام في المطلق أو خارج المنظور الإسرائيلي.
وفي الحقيقة، فإن مبدأ ازدواجية المعايير في تحويل وجهة معنى السلام وإفراغه من معناه الأصلي ليس مسألة جديدة بسبب الطابع التسيسي للجائزة. كما أن منح جائزة لسياسي هي مسألة من حيث المبدأ تفتقد إلى المصداقية، السياسة عالم البراغماتية والمصالح والصداقات والعداوات غير الدائمة، في حين أن السلام فكرة مثالية نبيلة عالية المعنى والمكانة.
وهو ما يعني أنه من الصعب جدا أن يكون هناك سياسي يستحق جائزة حول السلام. فالسلام لا يقوم على مصلحة طرف واحد، وكل رجل سياسة لا يهمه شيء غير مصلحة بلاده، وإذا كان عكس ذلك فهو سياسي فاشل في تقييم أهل السياسة الجهابذة.
ومَن يعاين واقع الحال على الأرض منذ سنوات فإن السلام شبه غائب وحالة تكاد تكون شاذة، في حين أن التوتر والصراع هما القاعدة.
الشرق الأوسط