كيف أتعامل مع نفسي التي تخطئ كثيرا.. علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 26th, October 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق إن علاقة الإنسان مع الله مبناها : التقوى. «اتق الله حيثما كنت».
وأضاف علي جمعة عبر صفحته على فيس بوك إلى أن التقوى هي : «الخوف من الجليل، العمل بالتنزيل، الرضا بالقليل ، الاستعداد ليوم الرحيل ... » هذا الذى بيني وبين الله تعالى .
وأوضح المفتي السابق أن علاقة الإنسان مع النفس مبناها : المبادرة والسرعة في الاستغفار أو عمل الصالحات.
وأجاب علي جمعة عن سؤال ماذا أفعل فى نفسى التي تخطئ كثيرا ؟ قائلا: كثرة الاستغفار «إني أستغفر الله في اليوم مائة مرة» ،{استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا}. من أراد الدنيا فعليه بالاستغفار، ومن أراد الآخرة فعليه بالاستغفار.
وعندما تزل وتفعل سيئة ، افعل بعدها حسنة «وأتبع السيئة الحسنة تمحها».
ونوه ان علاقة الإنسان مع الناس مبناها : حسن الخلق ، فحسن الخلق يدفعك إلى العطاء، والعطاء هو حقيقة الحب، فالحب عطاء.
وحسن الخلق أمر به سيدنا رسول الله ﷺ معاذا عندما أرسله إلى اليمن، وقال: «وعليك بحسن الخلق».
حسن الخلق أمر رسول الله ﷺ به في مواطن كثيرة حتى قال: «أحسن الحسن الخلق الحسن». وهذا الحديث يسميه علماء الحديث المسلسل بالحسن ،عن الحسن عن أبي الحسن عن جد الحسن ﷺ : «أحسن الحسن الخلق الحسن».
قال الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، إن محاسبة النفس من أعظم الأعمال، وذلك لقوله تعالى : "ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا اﺗﻘﻮا اﻟﻠﻪ ﻭﻟﺘﻨﻈﺮ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻐﺪ ﻭاﺗﻘﻮا اﻟﻠﻪ ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺧﺒﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ".
ولفت مرزوق من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك إلى تفسير الحافظ ابن كثير ﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا اﺗﻘﻮا اﻟﻠﻪ} ﺃﻣﺮ ﺑﺘﻘﻮاﻩ، ﻭﻫﻲ ﺗﺸﻤﻞ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﻪ ﺃﻣﺮ، ﻭﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﻋﻨﻪ ﺯﺟﺮ، ﻭﻗﻮﻟﻪ: {ﻭﻟﺘﻨﻈﺮ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻐﺪ} ﺃﻱ: ﺣﺎﺳﺒﻮا ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺤﺎﺳﺒﻮا، ﻭاﻧﻈﺮﻭا ﻣﺎﺫا اﺩﺧﺮﺗﻢ ﻷﻧﻔﺴﻜﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎﻝ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻴﻮﻡ ﻣﻌﺎﺩﻛﻢ ﻭﻋﺮﺿﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻜﻢ، {ﻭاﺗﻘﻮا اﻟﻠﻪ} ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺛﺎﻥ، {ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﺧﺒﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ} ﺃﻱ: اﻋﻠﻤﻮا ﺃﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻭﺃﺣﻮاﻟﻜﻢ ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﻜﻢ ﺧﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻻ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺭﻛﻢ ﺟﻠﻴﻞ ﻭﻻ ﺣﻘﻴﺮ.
وأشار إلى قول الخطيب {ﻭﻟﺘﻨﻈﺮ ﻧﻔﺲ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻐﺪ} ﺃﻱ: ﻓﻲ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻷﻥ ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﻴﻮﻡ ﻭاﺣﺪ ﻳﺠﻲء ﻓﻴﻪ ﻧﺎﺱ ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺁﺧﺮﻭﻥ، ﻭاﻟﻤﻮﺕ ﻭاﻵﺧﺮﺓ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻘﺮﺏ، ﻭاﻟﻌﺮﺏ ﺗﻜﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺎﻟﻐﺪ. ﻭﻗﻴﻞ: ﺫﻛﺮ اﻟﻐﺪ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻛﻘﻮﻝ اﻟﻘﺎﺋﻞ: ﻭﺇﻥ ﻏﺪا ﻟﻨﺎﻇﺮﻩ ﻗﺮﻳﺐ.
كما ﻗﺎﻝ اﻟﺤﺴﻦ ﻭﻗﺘﺎﺩﺓ: ﻗﺮﺏ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻛﻐﺪ، ﻷﻥ ﻛﻞ ﺁﺕ ﻗﺮﻳﺐ، ﻭاﻟﻤﻮﺕ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﺁﺕ، مبينا ﻣﻌﻨﻰ {ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺖ} ﺃﻱ: ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﺃﻭ ﺷﺮ، ﻭﻧﻜﺮ اﻟﻨﻔﺲ ﻻﺳﺘﻘﻼﻝ اﻷﻧﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻵﺧﺮﺓ، ﻛﺄﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﻭﻟﺘﻨﻈﺮ ﻧﻔﺲ ﻭاﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﻧﻜﺮ اﻟﻐﺪ ﻟﺘﻌﻈﻴﻤﻪ ﻭﺇﺑﻬﺎﻡ ﺃﻣﺮﻩ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﺎﻝ: اﻟﻐﺪ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﻛﻤﻴﺘﻪ ﻟﻌﻈﻤﺘﻪ.
اقرأ المزيد:
دعاء تفريج الحزن والهم .. مجرب ومستجاب
ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭاﺗﻘﻮا اﻟﻠﻪ} ﺃﻱ: اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺻﻔﺎﺕ اﻟﻜﻤﺎﻝ ﺗﺄﻛﻴﺪ.
ﻭﻗﻴﻞ: ﻛﺮﺭ ﻟﺘﻐﺎﻳﺮ ﻣﺘﻌﻠﻖ اﻟﺘﻘﻮﻳﻴﻦ ﻓﻤﺘﻌﻠﻖ اﻷﻭﻟﻰ ﺃﺩاء اﻟﻔﺮاﺋﺾ ﻻﻗﺘﺮاﻧﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ، ﻭاﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺮﻙ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻻﻗﺘﺮاﻧﻪ ﺑﺎﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﻭاﻟﻮﻋﻴﺪ، مشيرا إلى حديث ﺷﺪاﺩ ﺑﻦ ﺃﻭﺱ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻗﺎﻝ: اﻟﻜﻴﺲ ﻣﻦ ﺩاﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻤﻞ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮﺕ، ﻭاﻟﻌﺎﺟﺰ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮاﻫﺎ ﻭﺗﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ. وقال الترمذي : ﻫﺬا ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ، ﻭﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ: ﻣﻦ ﺩاﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻘﻮﻝ ﺣﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ.
ﻭاختتم بما ﺮﻭي ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎﺏ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺎﺳﺒﻮا ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺤﺎﺳﺒﻮا، ﻭﺗﺰﻳﻨﻮا ﻟﻠﻌﺮﺽ اﻷﻛﺒﺮ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺨﻒ اﻟﺤﺴﺎﺏ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺣﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻳﺮﻭﻯ أيضا ﻋﻦ ﻣﻴﻤﻮﻥ ﺑﻦ ﻣﻬﺮاﻥ، ﻗﺎﻝ: ﻻ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﻌﺒﺪ ﺗﻘﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﺷﺮﻳﻜﻪ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻣﻄﻌﻤﻪ ﻭﻣﻠﺒﺴﻪ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة الاستغفار علی جمعة
إقرأ أيضاً:
عبادة سهلة تدل على حسن إسلام العبد.. تعرف عليها
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن هناك الكثير من الناس يتصدّرون في غير موضعهم، ويتكلمون في غير فنّهم، فيهرف أحدهم بما لا يعرف، ويتحدث فيما لا يُحسن، وكل ذلك محسوب عليه لا له.
واستشهد علي جمعة، بقول سيدنا رسول الله: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»، وهو أدب رفيع، قلّ أن نراه في حياتنا، حيث ترى كثيرًا وقال: «كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لاَ لَهُ، إِلَّا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ ذِكْرَ اللَّهِ».
حسن إسلام المرءوتابع: فقد تعجب قومٌ من ذلك عند سفيان الثوري رحمه الله، فقال لهم: لِمَ التعجُّب؟! إن الله تعالى يقول: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114]، وقال سبحانه: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ: 38]. فاستدل سفيان بالقرآن على صحة الحديث، وردَّ العجب الذي قد يفضي إلى إنكاره، فإن كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا في هذه الثلاثة.
وعندما يقول: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، فهي كلمة جامعة تربي الإنسان على الأدب مع الله. وقد ورد عن سيدنا أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي عن صحف إبراهيم، فقال: «عَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ: سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللَّهِ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ» [ابن حبان].
وأوضح أن هذا هو العاقل: يشتغل بما يعنيه من أمر دينه لا بما يعنيه من أمر دنياه، ويستحي من الله. ويقول: «الِاسْتِحْيَاءُ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ».
الحياء من اللهوذكر علي جمعة، أن هذه هي حقيقة الحياء من الرب سبحانه وتعالى: أن تحفظ الرأس وما وعى، وتأمّل في بلاغته، إذ لم يقل: احفظ عينك من النظر الحرام، ولسانك من القول الحرام، وأذنك من السمع الحرام، وأنفك من الشم الحرام، بل قال: *الرأس وما وعى*، ليشمل الفكر والتخطيط الحرام.
وأكد أنه ينبغي عليك أيها المسلم أن تنزه باطنك، وتطهّره لله حياءً منه، وأن تأكل الحلال فتحفظ البطن وما حوى؛ فقد قال: «أطِبْ مَطْعَمَك، تكن مُستجابَ الدعوة».
وأضاف أن أن تذكر الموت، فإن من ذكر الموت لا يتفسق، بل يكون على ذكر من ربه. وأن تتفكر في البلى، فما من شيء باقٍ في هذه الدنيا: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ \* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 26–27]، فارجعوا إلى أدب الإسلام، فإن الإسلام كله حلاوة؛ يأمر بالمعروف، ويدعو إلى الجمال، ويحضّ على النظافة، وينهى عن القبح، وقلة الحياء، وسوء الأدب.