آفة الموت تُدار من السجون والبرلمان يعترف: الملف معقّد
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
قالت لجنة مكافحة المخدرات النيابية، إن ما يسمى بمبدأ “الصاحب ساحب” خلق ثلاثة مخاطر في السجون العراقية، فيما أشار إلى أن ملف المخدرات معقد ويجب ان نبدأ من المتعاطين.
وذكر رئيس اللجنة النائب عدنان الجحيشي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن” ملف المخدرات في العراق مثير للقلق في ضوء الإحصائيات المتوفرة والتقارير التي توضّح طبيعة المشهد بشكل عام، لافتا الى ان هناك سلسلة من النقاط المهمة التي يجب التوقف عندها من اجل بلورة حلول موضوعية لانتشار آفة تهدد المجتمع بشكل مباشر”.
واضاف، اننا” ننحارب تجّار المخدرات لكن الحقيقة انهم يتواجدون في السجون وبعضهم يدير تجارته وهو خلف القضبان، مؤكدا بأن العديد من الاشخاص زُجوا في بقضايا جنائية بعضها مشاجرة مع تجار ومتعاطين في السجون وبعد فترة تحولوا الى تجار وفق مبدأ “الصاحب ساحب”، لافتا الى ان” عدم عزل المتهمين بالمخدرات عن أقرانهم من المتهمين بقضايا أخرى خطا فادح دفع الى تحول التجارة من داخل السجون”.
واشار الجحيشي الى، ان” ملف المخدرات معقد ويجب ان نبدأ من المتعاطين من خلال اعتبارهم ضحايا والسعي الى انشاء مصحات اجبارية من اجل العلاج يرافقها تقييمات نفسية للاطمئنان على أن المتعاطي تجاوز هذه المرحلة، مؤكدا بأن لجنته أطلعت على تجارب مهمة في مصر والاردن حيال التعامل مع المتعاطين وبرامج العلاج المستخدمة، معتبرا بان علاج المدمنين عامل مهم في انقاذ الكثيرين”.
وختم رئيس لجنة مكافحة المخدرات، إن” عدم عزل المتهمين بالمخدرات في السجون سيخلق لنا تجارًا ومتعاطين بالاضافة الى نشر المخدرات وتحوّل المتهمين إلى مصدر ضرر بالغ من داخل السجون”.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
كلمات دلالية: فی السجون
إقرأ أيضاً:
عُمان وإيران.. الوساطة التي خرجت إلى العلن
ميس الحربي **
في فبراير 2022، وقف وزير الخارجية العُماني السيد بدر بن حمد البوسعيدي في العاصمة الإيرانية طهران، إلى جانب الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي. آنذاك، قال رئيسي إن علاقات بلاده مع مسقط «جيدة»، لكنه أضاف كلمة واحدة لفتت انتباه العُمانيين: «ولكن…».
هذه الـ"لكن" الإيرانية، التي جاءت في سياق لقاء رسمي، لم تمُر مرور الكرام في عُمان؛ حيث تساءل الكاتب زاهر المحروقي في صحيفة عُمان الحكومية (المنشور يوم 27 فبراير 2022) قائلًا: "ماذا استفادت عُمان من كلّ مواقفها السياسية المُستقلة....؟"، ويضيف: "ولكن ماذا لو استفدنا من الدول التي وقفنا معها، ومنها إيران التي لديها الكثير لتقدمّه لعُمان اقتصاديًا وعلميًا وطبيًا وتكنولوجيًا وغير ذلك"؛ بل ذهب المحروقي لما هو أبعد من ذلك في نقدٍ غير مسبوق للثقافة السياسية العُمانية المُتحفِّظة، حين ذكر في المقال: "هناك ثقافة مُتجذِّرة، سادت السياسة العُمانية طوال العقود الماضية، هي الخوف والريبة من كلّ علاقة خارجية؛ فكانت النتيجة أن خسرنا الكثير من الاستثمارات؟".
في المقابل، ذكر الكاتب في صحيفة "الرؤية" العُمانية الدكتور عبدالله باحجاج في مقاله (المنشور أيضًا يوم 27 فبراير 2022)، توصيفًا أكثر مباشرةً، قائلًا إن "لكن" رئيسي كانت بمثابة "عتاب دبلوماسي مُبطّن"، وربما كان يُريد الكاتب التلميح بأن عُمان، رغم صداقتها، لا تُعامل كأولوية لدى طهران.
هذا السجال الإعلامي العُماني مع "لكن" واحدة، كشف عن حجم المسافات بين البلدين. لكنه أيضًا مهَّد الطريق لتصحيح المسار.
وبالفعل، بعد عامٍ وبضعة أشهر، زار جلالة السلطان هيثم بن طارق، إيران، في زيارة هي الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم. الزيارة وثّقتها كاميرات الإعلام الإيراني بلقاءات مع المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي، وانتهت بتوقيع 4 اتفاقيات اقتصادية واستثمارية. لكن الأهم، خلالها كان الموقف الإيراني المُرحِّب بعودة العلاقات مع مصر، في تلميح إلى الدور غير المُعلن والفعّال لمسقط في هذا الملف.
اليوم، ومع زيارة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان إلى عُمان، تعود الأضواء مجددًا إلى دور السلطنة كوسيط؛ وهذه المرة بشكل علني. فقد أعلنت مسقط أنها ترعى جولات غير مباشرة بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي الإيراني. خمس جولات جرت حتى الآن، وصفها الوزير البوسعيدي بأنها «حققت تقدمًا غير حاسم».
اللافت أن عُمان، التي كانت تحرص على إبقاء وساطتها غير مُعلنة، غيّرت نبرتها. الوزير نفسه الذي صرّح عام 2021 في مقابلة تلفزيونية معي (على قناة العربية) بأن «عُمان لا تقبل أن تُوصَف بالوسيط»، هو اليوم يعلن عن وساطة قائمة وفاعلة، تحمل على عاتقها تحديات جيوسياسية عميقة، أهمها إخراج الملف النووي من دائرة التصعيد والانفجار.
السؤال الآن: لماذا انتهجت عُمان مسارًا آخر؟ الإجابة قد تكون أن السلطنة تدرك أن المرحلة المقبلة تتطلب إبرازًا أكبر لأدوارها، خاصةً في ظل صعود وسطاء إقليميين جُدد: كدور السعودية في حلحلة أزمات إقليمية ودولية عدة؛ فبرزت كوسيط ناجح في المحادثات الأمريكية الروسية بشأن أوكرانيا، ووساطة قطر مع حركة طالبان الأفغانية، والإمارات ودورها في عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، ما يعني أن الدبلوماسية غير المُعلنة لم تعد كافية.
ورغم ذلك، تُدرك عُمان أنَّ النجاح في هذا المسار محفوف بالتحديات؛ فإيران تقول إنها "صامدة حتى من دون مفاوضات"، وتلوِّح بالقدرة على تحمُّل العقوبات الأمريكية الجديدة. لكن الواقع يقول إنَّ الاقتصاد الإيراني يعيش ركودًا متزايدًا، وأن أي اختراق في المفاوضات سيكون مكسبًا لجميع الأطراف.
والأهم، ما الذي تُريده عُمان من طهران؟
هل ستشهد الزيارة انفراجة في ملف تطوير حقل "غرب بخا" الحدودي (أو "هنجام" كما تسميه إيران)؟ هذا الحقل، المُختلَف عليه منذ 2005، ظل رهينة خلافات تقنية وشروط غير متوازنة فرضتها طهران. فهل تحمل الزيارة تسوية عادلة لهذا الملف؟
ختامًا، ما تريده عُمان يبدو واضحًا: مرحلة جديدة من العلاقات، لا تقوم على المجاملات؛ بل على المكاسب المُتبادلة.. دبلوماسيةٌ لا تكتفي بالكواليس؛ بل تخرج إلى العلن بثقةٍ ومسؤوليةٍ. ومع رئيس جديد في طهران، فإنَّ زيارة بزشكيان قد تكون اختبارًا جادًا لمسار العلاقة الجديدة.
** صحفية ومذيعة سعودية بقناة العربية الحدث