يشكل الأطفال نحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ويعيشون تحت قصف مستمر منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويتكدس كثيرون منهم في ملاجئ مؤقتة، وفي مدارس تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونرو"، بعد نزوحهم من منازلهم، ولا يملكون سوى القليل من الطعام والمياه النظيفة.

كما استشهد قرابة 5 آلاف طفل منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بما يعادل 40% من الضحايا، في حين أصبح الآلاف يتامى نتيجةً لوفاة والديهم جراء القصف.

آلاف الأيتام تحت القصف

ورغم عدم حصر أعداد الأطفال الفلسطينيين الذين فقدوا أحد والديْهم أو كليهما بسبب ظروف الحرب، فإن مصيرا صعبا ينتظرهم بالنظر إلى ضعف إمكانات دور الأيتام في غزة.

الناشط في العمل الخيري أحمد خاطر، وأحد أعضاء جمعية "الساعة المباركة" الكويتية، قال لـ "الجزيرة.نت"، إن أعداد الأطفال الذين فقدوا والديهم منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي تعد بالآلاف، ولا يمكن إحصاؤها حتى الآن، لأنها لن تكون دقيقة بأي حال.

وبحسب تقرير صدر عن برنامج "النظام الوطني لحماية الطفل والرعاية البديلة للطفل-SOS" في العام 2017، فلا يوجد سوى 4 دور في غزة، تضررت أهمها جراء قصف إسرائيلي في العام 2021.

وتبلغ الطاقة الاستيعابية لدور رعاية الأيتام  في غزة 2800 طفل، علما بأنها تحولت إلى دور إيواء لمجمل النازحين بسبب ظروف الحرب، لتصبح الجمعيات الخيرية العربية سبيل الأيتام الوحيد للكفالة.

وبلغت أعداد الأطفال الأيتام قبل العدوان الأخير نحو 33 ألفًا، وفق آخر إحصاء لمؤسسة "إس. كاي. تي. ويلفير" الخيرية الإسلامية، بينما قدرتهم مؤسسة "أورفانز إن نيد" بأكثر من 22 ألف يتيم، و5 آلاف أرملة، يواجهون مخاطر لا يمكن تصورها على سلامتهم، كما تواجه الأرامل صعوبات لإعالة أطفالهن بمفردهن.

وقبل 7 سنوات، ذكر تقرير لبرنامج "النظام الوطني لحماية الطفل والرعاية البديلة للطفل-SOS"، أن نسبة الأيتام المسجلين لدى وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، في العام 2016، بلغت 2.3% ممن تقل أعمارهم عن 17 سنة. لكن في عام 2018، أبلغت لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة أن دولة فلسطين لم تقدم إحصاءًا بعدد الأطفال الأيتام، لأن حصرهم يعد تحديًا.

جدير بالذكر أن عدوان إسرائيل على غزّة في العام 2014، خلف نحو 1500 يتيم جديد في القطاع نتيجة لعملية "الجرف الصامد" الإسرائيلية، بينما قدرتهم وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية في تقرير وكالة أنباء "الأناضول" بـ2000.

الأطفال يواجهون صدمات مستمرة

وعلى صعيد الأوضاع النفسية للأطفال، نقلت وكالة "رويترز" للأنباء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن منظمة "إنقاذ الطفولة" أن الرفاهية النفسية والاجتماعية للأطفال في غزة وصلت "لمستويات منخفضة بشكل مثير للقلق"، بعد 11 يومًا من العدوان الإسرائيلي في العام 2021، مما ترك نصف الأطفال بحاجة إلى الدعم النفسي. 

وقال خبراء الصحة العقلية في غزة إنه لا يوجد هناك شيء اسمه اضطراب ما بعد الصدمة في القطاع، لأن الصدمة مستمرة، مع نوبات متكررة من القصف، تمتد إلى ما يقرب من عقدين من الزمن، وبينما ينتحب الكبار يقف الأطفال يراقبون ولا تظهر على وجوههم أية تعابير.

ونقلت "رويترز" عن طبيب نفسي ملاحظته ظهور أعراض صدمة خطيرة على الأطفال بعد العدوان، مثل: التشنجات، والتبول اللاإرادي، والخوف، والسلوك العدواني، والعصبية، ورفض ترك والديهم. ولم يخف الطبيب على من أظهروا أعراض صدمة -رغم حاجتهم الماسة للعلاج- بقدر ما خاف على من احتفظوا بالرعب والصدمة بداخلهم.

كما أظهرت الأبحاث التي نشرتها منظمة "إنقاذ الطفولة" حتى العام 2021، أنه بالإضافة إلى الأذى الجسدي، والحرمان الاقتصادي، وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية، فقد أثار الحصار أزمة صحة نفسية للأطفال والشباب، فخلفت 15 عامًا من الحياة تحت الحصار إصابات جماعية بالاكتئاب، والقلق، والفزع، بين 4 من كل 5 أطفال في قطاع غزة.

ورصد البحث تدهورًا كبيرًا في صحة الأطفال العقلية، مقارنة ببحث مماثل في عام 2018، مع زيادة عدد الأطفال الذين أبلغوا عن ضائقة نفسية من 55% إلى 80%.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی العام فی غزة

إقرأ أيضاً:

الهلال الأحمر الفلسطيني: أطفال غزة يدفعون الثمن الأكبر من العدوان بفقدان حياتهم

أكدت نيبال فرسخ المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، أنّ الأرقام التي أوردتها وكالة الأونروا حول استشهاد وإصابة أكثر من ألف طفل فلسطيني خلال 20 شهرًا، تمثل انعكاسًا مؤلمًا لحجم الكارثة الإنسانية المتواصلة في قطاع غزة.

ووصفت فرسخ، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي خالد عاشور، عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، هذه الإحصائية بأنها مزعجة ومفزعة، متابعة أن آلاف الأطفال أصبحوا ضحايا إما بفقدان حياتهم أو بإصابتهم بجروح خطيرة، والكثير منهم أصيب بإعاقات دائمة نتيجة العدوان المتكرر.

وأكدت، أنّ عددًا كبيرًا من الأطفال الذين يعانون حاليًا من إصابات بليغة، لا يستطيعون الحصول على الرعاية الطبية المناسبة داخل غزة، كما أنهم غير قادرين على السفر للعلاج بالخارج نتيجة إغلاق المعابر، موضحةً، أن الأطفال يتحملون أعباء نفسية وجسدية مضاعفة بسبب النزوح المتكرر وظروف المعيشة القاسية، خصوصًا مع اضطرار العديد من العائلات للنزوح أكثر من مرة خلال فترة قصيرة.

ولفتت إلى أن النزوح يتم غالبًا سيرًا على الأقدام لغياب وسائل النقل، مما يضاعف من معاناة الأطفال، الذين يُجبرون على العيش في خيام وسط الحر أو البرد، مشيرةً، إلى أنّ الحرمان من المياه الصالحة للشرب والطعام الأساسي يمثل أزمة يومية للأطفال، حيث يقفون في طوابير طويلة للحصول على كميات محدودة من الماء أو الوجبات التي توزعها بعض الجهات الخيرية والإنسانية.

وذكرت، أن الأطفال في غزة يدفعون ثمنًا باهظًا لا يقتصر على الإصابة أو النزوح، بل يشمل أيضًا فقدانهم لطفولتهم في ظل استمرار القصف وانعدام الأمان، معتبرة أن هذه الأوضاع تمثل انتهاكًا صارخًا لكل المواثيق الدولية المعنية بحقوق الطفل.

اقرأ أيضاًالهلال الأحمر الفلسطيني يناشد المجتمع الدولي بالضغط لإدخال المساعدات لغزة دون شروط

الهلال الأحمر الفلسطيني: الأوضاع الصحية في غزة كارثية والمجاعة واقع حقيقي

مقالات مشابهة

  • بيئة آمنة ونشأة صحية.. كيف يحصن قانون الطفل المصري الأجيال القادمة؟
  • براعة مذهلة.. كيف يتقن الأطفال أدوارهم في السينما؟
  • بدء التنسيق لإنشاء مصنع لألبان الأطفال بالتعاون بين مستقبل مصر والقطاع الخاص
  • تنسيق لإنشاء مصنع لإنتاج ألبان الأطفال بالتعاون بين جهاز مستقبل مصر والقطاع الخاص
  • جزيرة ياس تستضيف برنامجاً صيفياً للأطفال في مدنها الترفيهية المختلفة
  • مناسك الحج للأطفال.. بخطوات بسيطة وروحانية
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: أطفال غزة يدفعون الثمن الأكبر من العدوان بفقدان حياتهم
  • الصحة: إلزام تطعيم كل الأطفال ضد فيروس بي مجانا فور الولادة
  • شواهد أثرية يمكن أن تقود لكشف أثري سفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر
  • منتجات تجميل الصغيرات.. متى يتحول الاهتمام إلى خطر؟