امتدت ظاهرة الاستعمار تاريخيًا فى جميع أنحاء العالم وعبر الزمن، بدأ الاستعمار بالمعنى الحديث أو الإمبريالية فى القرن الـ15 تزامنا مع «عصر الاستكشاف» بقيادة البرتغاليين، ثم الاستكشاف الإسبانى للأمريكتين وسواحل أفريقيا والشرق الأوسط والهند وشرق آسيا.
كانت الامبراطوريتان البرتغالية والإسبانية، أول امبراطوريتين عالميتين لأنهما كانتا أول من امتد عبر قارات مختلفة، وغطت مناطق شاسعة حول العالم.
شهد القرن الثامن عشر ومنتصف التاسع عشر الحقبة الأولى من انتهاء الاستعمار، عندما حصلت معظم المستعمرات الأوروبية فى الأمريكتين، ولا سيما مستعمرات أسبانيا وفرنسا الجديدة والمستعمرات الثلاث عشرة، على استقلالها من عاصمتها.
ووجهت مملكة بريطانيا «التى توحدت بين اسكتلندا وانجلترا» وفرنسا والبرتغال والهولنديون انتباههم إلى العالم القديمة، وخاصة جنوب إفريقيا والهند وجنوب شرق آسيا، حيث تم بالفعل إنشاء مستوطنات ساحلية.
وأدت الثورة الصناعية الثانية فى القرن التاسع عشر إلى ما اصطلح تسميته بعصر الإمبريالية الجديدة، حيث تسارعت وتيرة الاستعمار بسرعة، وكانت ذروتها التدافع على إفريقيا، حيث شاركت بلجيكا وألمانيا وإيطاليا أيضا.
فى غضون القرن الـ20، وزعت مستعمرات الدول الخاسرة فى الحرب العالمية الأولى بين الدول المنتصرة باعتبارها ولايات، ولكن لم تبدأ المرحلة الثانية من إنهاء الاستعمار بشكل جدى إلا بنهاية الحرب العالمية الثانية. وفى سنة 1999 تنازلت البرتغال عن آخر المستعمرات الأوروبية فى آسيا، وهى ماكاو إلى الصين وانتهت بذلك حقبة استمرت ستمائة عام.
قسم بعض المؤرخين الاستعمار الأوروبى إلى ثلاث موجات، تضمنت الموجة الأولى من الاستعمار الاوروبى ثلاث دول رئيسية وهى البرتغال وأسبانيا ومرحلة الدولة العثمانية الأولى. بدأ البرتغاليون عصر الاستعمار الأوروبى الطويل بغزو ستة بالمغرب عام 1915، ثم غزوا واستكشفوا أراضي وجزرًا إفريقية أخرى، وهذا من شأنه أن يفتح مرحلة جديدة عرفت باسم عصر الاستكشاف. أما العثمانيون فقد استعمروا جنوب شرق أوروبا والشرق الأوسط وجزءًا كبيرًا من شمال وشرق إفريقيا ما بين 1359 و 1653 مع تعرض الأخيرة للاحتلال الاستعمارى، بدلا من غزو إقليمى تقليدى.
بدأت الموجة الثانية من الاستعمار الأوروبى بمشاركة بريطانيا فى آسيا لدعم شركة الهند الشرقية البريطانية، كما شاركت دول أخرى مثل فرنسا والبرتغال وهولندا فى التوسع الأوروبى فى آسيا.
أما الموجة الثالثة أو «الإمبريالية الجديدة» فاحتوت على قضية التدافع على إفريقيا التى نظمتها شروط مؤتمر برلين 1884، حيث قسم المؤتمر إفريقيا فعليًا بين القوى الأوروبية. فخضعت معظم إفريقيا لسيطرة بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا.
ارتبطت الموجات الثلاث من الاستعمار بالرأسمالية التجارية والصناعات التحويلية فى أوروبا. ثم عززت الموجة الأخيرة من الاستعمار الأوروبى جميع المساعى الرأسمالية من خلال توفير أسواق جديدة ومواد أولية.
بعد انتهاء حرب السنوات السبع 1763، برزت بريطانيا كقوة مهيمنة فى العالم، لكنها وجدت نفسها غارقة فى الديون تكافح من أجل تمويل القوات البحرية والجيش اللازمين للحفاظ على إمبراطورية عالمية. وقد أثارت محاولات البرلمان البريطانى لرفع الضرائب على المستعمرين فى أمريكا الشمالية المخاوف عند الأمريكتين بأن حقوقهم باعتبارهم إنجليزًا وخاصة حقهم فى الحكم الذاتى أصبحت فى خطر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن تاريخ الاستعمار الإمبريالية الشرق الاوسط من الاستعمار
إقرأ أيضاً:
تاريخ شعب فلسطين
شاهدت وسمعت فيديو في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان:
Where did Palestines come from?
"من أين جاء الفلسطينيون؟"
أعجبت بسرد هذا التاريخ، ولذلك قمت بتحويل هذا الحديث إلى نص كتابي وترجمته إلى اللغة العربية ويقول المتحدث: لا تصدم عندما أقول هذا، لكنّ الشعب الذي تعرفه اليوم باسم الفلسطينيين لم يظهر فجأة في القرن العشرين. لم يكونوا غرباء عن الأرض، ولم يهاجروا إليها بالأمس. في الواقع، لقد كانوا هناك لآلاف السنين، قبل الحدود الحديثة، قبل الممالك، وقبل حتى أن تظهر الأسماء "إسرائيل" أو "فلسطين". ولكن، من هم حقا؟، من أين جاؤوا في الأصل؟، ولماذا يستمر العالم في الجدال حول هويتهم؟، لنعود إلى الوراء، بعيدا آلاف السنين قبل عالمنا الحديث، كان يعيش هناك قوم يُعرفون بالكنعانيين. زرعوا الأرض، وبنوا المدن، وعبدوا آلهتهم على نفس التربة التي يسير عليها الفلسطينيون اليوم. ثم جاء الفلسطينيون القدماء (الفلسطيون)، وهم قوم بحّارة استقروا على الساحل منذ أكثر من ٣٠٠٠ عام. اسمهم تردّد عبر التاريخ وتحوّل تدريجيا إلى كلمة "فلسطين". وفي الوقت نفسه، ظهرت قبائل ناطقة بالعبرية تُعرف بالإسرائيليين، أسست ممالك وهياكل، وتعايشت أحيانا، وتصادمت أحيانا أخرى مع الشعوب الأخرى في تلك الأرض. ومع ذلك، ظلّت هذه البقعة من الأرض مفترق طرق للحضارات. مرّ بها المصريون، الآشوريون، البابليون، الفرس، اليونان، والرومان. لكن أياً منهم لم يمحُ السكان الأصليين. وبعد ثورة يهودية كبيرة عام ١٣٥م، قام الإمبراطور الروماني هادريان بتغيير اسم المنطقة إلى "سوريا فلسطين"، وكان ذلك بقصد قطع صلة اليهود بالأرض. لكن الناس الذين عاشوا هناك لم يختفوا. ظلّوا فلاحين، تجارا، رعاة، ينقلون بيوتهم من جيل إلى جيل. ثم جاءت الفتوحات الإسلامية في القرن السابع. ويتبنّى أهل البلاد تدريجيا اللغة العربية والثقافة العربية، وتحوّل كثير منهم إلى الإسلام. لكنهم لم يختفوا ولم يأتوا من مكان آخر، لقد كانوا نفس الشعب القديم الذي غيّره الزمن وتطورت هويته. وتحت حكم الأمويين والعباسيين والعثمانيين وغيرهم، كانوا يُعرفون باسم "أهل فلسطين". وعلى مدى قرون، عاشوا كالسكان المحليين، وطنهم هو هذه الأرض، لكن في أواخر القرن التاسع عشر، عندما بدأت موجات من المهاجرين اليهود تصل تحت راية الصهيونية، بدأ السكان العرب يرون أنفسهم شيئا جديدا: أمّة، وصاروا يسمّون أنفسهم "فلسطينيين"، ليس كاسم جغرافي فحسب، بل كهوية شعب له تاريخ وثقافة ومصير مشترك. وعندما سيطرت بريطانيا على البلاد بعد الحرب العالمية الأولى، كان اسم المنطقة هو "فلسطين"، وكل من عاش فيها، عربا ويهودا، كان يُسمّى "فلسطينيا". لكن بعد عام ١٩٤٨، عندما أُقيمت دولة إسرائيل وتمّ طرد أكثر من ٧٥٠ الف فلسطيني أو فرّوا من بيوتهم في مأساة تُعرف بالنكبة، تحولت الهوية الفلسطينية إلى شيء أعمق، ذاكرة، نضال، وصوت يطالب بالانتماء. وإليك الحقيقة التي يرفض الكثيرون سماعها: الفلسطينيون ليسوا غرباء، ليسوا دخلاء، إنهم الامتداد الحي لكل حضارة مرّت فوق هذه الأرض، في دمهم تسري ذاكرة الكنعانيين، الفلسطينيين القدماء، العبرانيين، الرومان، البيزنطيين، العرب، سلسلة بشرية لم تنقطع منذ أكثر من ٥٠٠٠ عام. لذلك، في المرة القادمة التي يسأل فيها أحدهم: "من أين جاء الفلسطينيون؟"، قل لهم: لقد جاؤوا من تراب الأرض تحت أقدامهم، من أشجار الزيتون التي زرعها أجدادهم. من غبار الإمبراطوريات التي قامت وسقطت من حولهم. لم يأتوا، بل بقوا. وتلك حقيقة لا يستطيع أيّ حدود، ولا جدار، ولا حرب أن تمحوها.
محافظ المنوفية الأسبق