اقتصاديون: دعم القضية الفلسطينية واجب.. ولكن
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
تعد المقاطعة أداة قوية استخدمها النشطاء والمجتمع المدنى على مر العصور للضغط على الدول والشركات لتغيير سياستهم أو سلوكهم. واكتسبت المقاطعة شهرة كبيرة فى العقود الأخيرة، وخصوصًا فى سياق النضال من أجل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. لكن هذا الأداة الفعّالة تثير تساؤلات هامة حول تأثيرها الاقتصادى والاجتماعى، وهل هى دائمًا تحقق الأهداف المرجوة؟.
ويدور جدل كبير فى مصر حول مدى جدوى هذا الأمر، وحول آثار المقاطعة على الاقتصاد المصرى والعمالة المحلية، وتباينت وجهات النظر ما بين مؤيد على الإطلاق أو تأييد مقيد أو رفض هذا النهج فى دعم القضية الفلسطينية.
يشير الدكتور سمير عارف، رئيس مجلس إدارة مجموعة الأهرام لنظم الأمان، إلى أنه من الضرورى أن ننظر إلى موضوع المقاطعة من منظور متعدد الأبعاد، يراعى التوازن بين التضامن مع القضايا الإنسانية والمسائل الاقتصادية والسياسية. مؤكدا أن الاقتصاد والعلاقات الدولية لها دور كبير فى تحديد مصير البلاد، وعلى الجميع أن يسعى لإيجاد الحلول المثلى التى تجمع بين الالتزام بالقضايا الإنسانية والرعاية للمصلحة الوطنية.
ويشدد عارف على رفضه لفكرة المقاطعة، مشيراً إلى أن هذا النهج يمكن أن يلحق أضرارًا بالاقتصاد وبسوق العمل فى مصر، فى الوقت التى تعمل فيه الحكومة جاهدة على توفير بيئة ملائمة للأعمال من خلال اتخاذ قرارات حازمة تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز النمو الاقتصادى.
ويشير إلى أن المقاطعة تمثل قرارًا محترمًا للتعبير عن الغضب والتضامن مع القضية الفلسطينية، ولكن يجب أن ندرك أن لها تأثيرًا اقتصاديًا كبيرًا يمكن أن يضر بالاقتصاد المصرى. موضحًا فى حال أن المقاطعة أدت إلى انخفاض حجم الاستيرادات، سيؤثر ذلك على العديد من الشركات المصرية والعمالة المصرية التى تعتمد على هذه الشركات لسبل معيشتها.
بالإضافة إلى ذلك، يؤكد أن المقاطعة قد تؤثر على العلاقات الدولية والاقتصادية لمصر، حيث تتعامل مصر مع العديد من الدول والشركات الأجنبية. لافتا إلى أنه إذا تمت مقاطعة المنتجات القادمة من هذه الشركات، فإنها قد تقوض العلاقات التجارية والاقتصادية لمصر مع هذه الدول والشركات.
واستطرد: ينبغى على الناس أن يدركوا أن المقاطعة، على الرغم من دوافعها النبيلة، قد تحمل تداعيات سلبية على الاقتصاد والعمالة المصرية. فمن الأفضل دعم القضية الفلسطينية بطرق أخرى تسهم فى نشر الوعى والتضامن مع الشعب الفلسطينى دون التأثير سلبًا على الوضع الاقتصادى لمصر.
يتفق معه فى الرأى، الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، الذى يشير إلى رفضه التام لفكرة المقاطعة لما لها من أضرار بالغة على الناحية الاقتصادية.
وأكد أن المقاطعة تناقض الترويج للاستثمار فى البلاد وجذب الاستثمارات الأجنبية كجزء من برنامج الاقتصاد وبرنامج الأطروحات. ويشير إلى أن المقاطعة تخلق صورة سلبية للمستثمرين الأجانب وتؤثر على التواجد الاقتصادى فى البلاد. ويوضح أن زيادة معدلات البطالة تنعكس سلبًا على الوضع الاقتصادى، وتعارض ما يعتبره الرئيس السيسى أن العمل هو أساس نجاح البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، يشجع بدرة، على توعية الرأى العام بضرورة اتباع سياسة استهلاك منتجة ومتوازنة للخدمات والسلع. ويشدد على أن الكلام الذى يُنشر على منصات التواصل الاجتماعى يحمل أحياناً دوافع غير واضحة، ويقترح على الناس التبرع للأزهر ودعم الجهود المبذولة لإرسال مساعدات للفلسطينيين. وفى النهاية، يدعو الجميع إلى التوحد والتعاون فى هذا السياق.
يعارضهم فى الرأى الدكتور على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحرى، موضحاً أن المقاطعة للمنتجات المستوردة التى تدعم الكيان الصهيونى هى خطوة تهدف إلى التعبير عن الاحتجاج ضد الجرائم التى ترتكب بحق الفلسطينيين ودعم القضية الفلسطينية. وبالفعل، يمكن أن تكون لهذه الخطوة تأثير إيجابى على الاقتصاد المصرى وسعر الصرف إذا تم تعزيز الإنتاج المحلى وزيادة استهلاك المنتجات المصرية.
وشدد على ضرورة دعم الاقتصاد المحلى، من خلال تحفيز الإنتاج المحلى وزيادة الطلب على المنتجات المحلية بدلًا من المنتجات المستوردة. موضحًا أنه يمكن أن تزيد المقاطعة من الوظائف المحلية وتعزز الاقتصاد المصرى.
وأكد أن المنتجات المحلية غالبًا ما تكون موجهة نحو الاستدامة والجودة، وهذا يمكن أن يساهم فى تحسين البيئة وتقليل الاعتماد على الموارد البيئية.
ومع ذلك، شدد على ضرورة أن يتم تنفيذ هذا النهج بحذر وفهم دقيق للتأثيرات المحتملة على الاقتصاد والمستهلكين. ومن المهم أن يكون هناك توازن بين تحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك خطة لتطوير القدرات المحلية وتوفير بدائل محلية عالية الجودة للمنتجات المستوردة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاقتصاد المصرى القضية الفلسطينية سوق العمل في مصر الدكتور مصطفى بدرة دعم القضیة الفلسطینیة الاقتصاد المصرى على الاقتصاد یمکن أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
فراشات ولكن من نوع آخر
يقول مؤسس علم الإجتماع ابن خلدون “الإنسان كائن إجتماعي بطبعه”
فالصداقة من أسمى الروابط التي تجمع البشر، لكنها قد تكون سيفًا ذا حدين إن اختلطت بالمكر والخداع.
الصداقة، ذلك الرباط الإنساني النبيل، قد تتحول في بعض من الأحيان إلى سلاح ذي حدين! أحدهما يُعانق روحك، والآخر يُطعن في ظهرك.
فما أكثر الذين دخلوا حياتنا بإسم الصداقة، لكنهم حملوا في قلوبهم ما لا تُبديه وجوههم.
من أخطر أنواع الأصدقاء، أولئك الذين يمارسون ما أُسميه بـ”تقنية الفراشة”، لا يستقرون على ولاء، ولا يثبتون على موقف.
تراهم يتنقلون بين الناس، ينشرون السُمّ في هيئة نصيحة، ويغرسون الشك بينك وبين من حولك.
يشتمون هذا، ويُعيبون ذاك، ويحرضونك على الجميع حتى ترى العالم من خلال نظارتهم السوداء، ثم يفاجئونك لاحقًا بمدّ جسور المودة مع من حرّضوك ضدهم، وكأنهم لم يزرعوا يومًا بذور الفرقة.
هذا الصنف من الأصدقاء أشد فتكًا من الأعداء.
فهو لا يهاجمك علنًا، بل يتقرب إليك ليدسّ لك السمّ في العسل.
لا تجاريه، ولا تلوث قلبك بالنميمة التي يحملها إليك، فالنمّام لا ينقل لك الكلام حبًا، بل ليراقب اشتعال الفتنة وهو يبتسم من بعيد.
أما العدو؟ فرغم شره وحقده، يبقى واضحًا في عداوته.
لا يلبس الأقنعة، ولا يزعم المودة.
هو حاقد، حاسد، متربّص، ينتظر زلتك ليصطادك، لكنه على الأقل لا يخدعك.
وصديق اليوم قد يصبح عدو الغد، لا لأن شيئًا قد تغيّر، بل لأنه في الأصل لم يكن صديقًا قط.
كان عدوًا متخفيًا، يرتدي قناع المودة، ويتقن دور الصديق حتى تأتي لحظة السقوط.
بالنسبة لي، العدو الظاهر بوجهه العابس وصراحته المؤذية أشرف بمئات المرات من “الصديق العدو”، الذي يغرس خنجره باسم الوفاء.
نحن لا نخاف الأعداء كما نخاف الأصدقاء المزورين، لأن الطعنة من الظهر لا تأتي إلا ممن وقف خلفك بثقة.
همسة
ليس كل من إقترب منك يريد بك خيرًا، فبعض القلوب تبتسم لتخفي سُمها، وبعض الأيدي تُصافح لتغرس الخنجر في الغفلة…