واجهت الدولة المصرية تحديات ثلاثة رئيسة ما بعد يونيو 2013؛ وجميعها مقترنة ومتصلة وتتفاعل ببعضها البعض. التحدي الأول تمثل في تطهير الدولة من مهددات وخطر الإرهاب، وتجفيف وتطهير منابعه الفكرية والمالية.

أخبار متعلقة

«30 يونيو» .. كيف بلورت برنامجًا وطنيًا للإصلاح الاقتصادي (ملف خاص)

30 يـونيـو إرادة شعب.

. 10 سنوات من «التحديات» و«الإنجازات»

10 سنوات من «التحديات» و«الإنجازات»

التحدي الثاني تمثل في إقرار برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي وإعادة بناء الدولة ورفع كفاءة البنية التحتية للدولة المصرية والتي عانت لسنوات وتراجعت.

التحدي الثالث على مستوى الملف الأهم والأبرز ملف الحماية مترتب على التحديات السابقة ويتمثل في الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية، لذلك كانت الحاجة ملحة لتغيير جذري وتحول شامل في فلسفة الحماية الاجتماعية المصرية، سياساتها وبرامجها؛ بحيث تكون أكثر تخطيطاً وأكثر تنظيماً وأكثر مرونة كي تكون قادرة مع التحديات الكبيرة التي تواجه الدولة المصرية سابقة الذكر.

لذلك من المهم أن نفهم ونحلل ماذا حدث بعد يونيو 2013؟

الحماية الاجتماعية

في هذا السياق قال الدكتور وليد عتلم استاذ العلوم السياسيه وعضو التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، تاريخياً اعتمدت مصر ما بعد يوليو 1952 على الدور الرئيسي للدولة في ملف الحماية الاجتماعية، والاعتماد بشكل رئيسي على الدعم السلعي كأداة لتحقيق العدالة الاجتماعية؛ تراجع هذا الدور للدولة مع مرحلة الانفتاح الاقتصادي في حقبة السبعينيات، حيث تراجعت اعتبارات العدالة الاجتماعية لصالح اعتبارات الكفاءة الاقتصادية.

مع بداية حقبة الثمانينات وحتى عام 2011، بدء نموذج جديد لسياسات الحماية الاجتماعية قائم بالأساس على برامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي التي أقرتها المؤسسات الدولية.

كما اتسمت تلك المرحلة بالإنفاق غير المخطط لمخصصات الدعم الاجتماعي، ما نتج عنه حصول غير المستحقين على الدعم، وحرمان المستحقين الفعليين منه، في تراجع واضح لفاعلية برامج الحماية في تلك الفترة.

وأضاف الخبير السياسي في تصريحات خاصة ل«المصري اليوم»، بعد 2013؛ اعتمدت الدولة فلسلفة جديدة للحماية الاجتماعية قائمة على عده محددات ومنها تكامل الأدوار بين الدولة والمجتمع المدني والأهلي والقطاع الخاص،

والاستهداف المخطط والفاعل للفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجاً، لذلك كانت الحاجة ملحة وضرورية لتوحيد قواعد البيانات، دمجها وحوكمتها وتنقيتها منعاً لازدواج المنفعة والاستحقاق من جانب، واقتصارها على المستحقين الفعليين من جانب أخر.

وتابع : أيضا المفهوم الشامل لعملية التنمية؛ وعدم اقتصارها على تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية كالأمن الغذائي، المنح والمساعدات النقدية والعينية، والخدمات الطبية، لكن شمول مظلة الحماية الاجتماعية لمفاهيم التمكين الاقتصادي لكافة الفئات حتى تتحول الفئة الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية إلى فئة قادرة اجتماعيا تتمتع بالاستقلال الاقتصادي شريك ومساهم أساسي في عملية التنمية.

وأوضح أنه في ضوء تلك المحددات عملت الدولة على وضع الأساس القانوني والمؤسسي للفلسفة الجديدة للحماية في دستور 2014 وتعديلاته لعام 2019 بداية من المادة (8) من الدستور والتي نصت على أن " يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي. وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذي ينظمه القانون".

ثم التأكيد على العدالة الاجتماعية كهدف رئيسي للدولة في المواد: 9- 11- 17- 27- 38- 78-79. وغيرها من مواد الدستور المصري.

واكد انه كانت الأولوية لإدماج الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، لأول مرة، في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2022/2023، وذلك من خلال ربط المشروعات والبرامج التنموية بمحاور ومستهدفات الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوى الإعاقة والشباب وكبار السن، مؤكدا أن القيادة السياسية اهتمت بتطبيق حقوق الانسان بمفاهيمه الشاملة، وذلك كله بهدف تعميق العدالة الاجتماعية في البرامج والسياسات.

استراتيجية استراتيجية مصر للتنمية المستدامة لعام 2030

أكد عتلم ان استراتيجية مصر للتنمية المستدامة لعام 2030، والتي أُطلقت في فبراير 2016، قد عكست التغيير في الرؤية المصرية التي شهدت تحولاً أساسياً في منظور الدولة للحماية الاجتماعية التي تُعد أحد العناصر الأساسية لتحقيق العدالة

الاجتماعية، وذلك من المنظور الإغاثي الذي كان يقتصر على مجرد مساعدة الفئات الأولى بالرعاية فى المجتمع إلى المنظور التنموي الذي يسعى إلى تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وعلى رأسها الحق في التنمية، وذلك عبر تمكينهم والعمل على توسيع خياراتهم وتعزيز قدراتهم المختلفة من خلال تبني تشريعات وسياسات وبرامج متنوعة، وتم ترجمة ذلك على مستوى التدابير والإجراءات والبرامج؛ الدولة المصرية حيث شرعت على مدار تسع سنوات في بناء منظومة حماية اجتماعية شاملة.

على مستوى الانفاق

أكد الدكتور وليد عتلم، أنه في ضوء التحديات المتزايدة التي فرضها وباء كوفيد -19، ثم الحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها تداعيات واضطراب كبير في سلاسل الغذاء والطاقة، تضاعف معها حجم الانفاق على برامج الحماية الاجتماعية المختلفة في ضوء تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية؛ في المتوسط، تنفق الدول نحو 12.9% من الناتج المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية (باستثناء الصحة)، غير أنّ الدول مرتفعة الدخل تنفق نحو 16.4%، مقارنة بنحو 1.1% تنفقها الدول منخفضة الدخل على الحماية الاجتماعية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأكد عتلم ان مصر تعد ضمن أكثر الدول إنفاقاً على برامج الحماية الاجتماعية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تعد الأولى عربياً وإفريقياً، وفقاً لتقارير معلومات مجلس الوزراء (2020- 2022) علماً بأن المؤشر لا يشمل الإنفاق على الصحة، مصر كانت بين الـ 50 دولة الأولى بالتقرير، والتي من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والبرازيل، وفرنسا، وألمانيا، والأرجنتين، وبولندا، وتركيا، وإيران، وأستراليا، حيث بلغ إجمالي قيمة المصروفات على برامج الحماية الاجتماعية بالموازنة العامة للدولة نحو 293.4 مليار جنيه خلال عام 2022- 2023، مقابل نحو 218.8 مليار جنيه خلال عام 2013-2014، بنسبة زيادة بلغت نحو 34.1%.

ووفقا لموازنة عام 2021- 2022 تم تخصيص نحو 321.3 مليار جنيه مصري لبرامج الدعم بما يمثل نحو 17.5% من إجمالي المصروفات العامة والتي تتكون من 4 بنود أساسية: الدعم السلعي، الدعم والمنح للخدمات الاجتماعية، الدعم والمنح للتنمية الاجتماعية، والدعم والمنح للأنشطة الاقتصادية. أي أن مصر تجاوزت المتوسط العالمي للإنفاق على الحماية الاجتماعية ومتوسط الدول المتقدمة أيضاً وهو ما يدلل على مدى الاهتمام بملف الحماية الاجتماعية.

الدكتور وليد عتلم - صورة أرشيفية

على مستوى البرامج

حياة كريمة أكبر مُبادرة إنسانية تنموية في التاريخ الحديث

من جانبه أكد الدكتور ياسر شحاتة، أستاذ إدارة الموارد البشرية وخبير التنمية المستدامة أن حياة كريمة كانت النموذج الأبرز لبرامج الحماية الاجتماعية الذي يجسد العدالة الاجتماعية لأنه يحسن من جودة مختلف الخدمات المقدمة في قرى الريف المصري مقارنة بالمدن وتوزيع مكاسب التنمية بشكل حيث عملت المبادرة علي تغيير وجه الحياة في الريف المصري، وحقق أحلام القري المحرومة في مختلف محافظات مصر، كما استند إلى معايير علمية وحقيقية لاختيار مراكز وقرى المبادرة دون محاباة أو توجيه لمركز بعينه؛ ويحقق شمولية عملية التنمية (شمول المبادرة لكافة أهداف التنمية المستدامة، ومن ثم كافة مجالات التنمية: مكافحة الفقر – الصحة – الإسكان – التعليم- المرأة – ذوي الهمم – الثقافة – الشباب والرياضة)، مؤكداً ان حياة كريمة يمكن اعتبارها أكبر مُبادرة إنسانية تنموية في التاريخ الحديث؛ وتمثل الانفاق الأضخم فيما يتعلق ببرامج الحماية الاجتماعية، وتحقيق مبادئ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، وتحقبق مبادئ استراتيجية مصر للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030).

واضاف خبير التنميه المستدامة في تصريحات خاصة ل «المصري اليوم»، حياة كريمة بدأت كمبادرة رئاسية في يناير 2019 ثم تحولت إلى مشروع قومي لتنمية الريف المصري في ديسمبر 2020 يشمل علي أكثر من 4600 قرية – 175 مركزاً – على مستوى 20 محافظة، تستهدف تحسين حياة 60 مليون مواطن مصري.

تُنفذ المبادرة على ثلاث مراحل، وذلك على النحو التالي

• المرحلة الأولي: تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70 % فيما أكثر.

• المرحلة الثانية: تشمل القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%: القرى الفقيرة التي تحتاج لتدخل ولكنها أقل صعوبة من المجموعة الأولى.

• المرحلة الثالثة: القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%.

واضح خبير التنمية المستدامة الثلاثة محاور الرئيسية للمبادرة ، فكان المحور الاول والذي تمثل في رفع كفاءة مراكز البنية التحتية ويقوم بالتنفيذ وزارة التنمية المحلية ووزارة الإسكان بالتعاون مع الهيئة الهندسية، وركز هذا المحور علي رفع كفاءة جميع المرافق فضلا عن الري الحقلي.

أما عن المحور الرئيس الثاني، والذي استهدف التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل وذلك من خلال التجمعات الصناعية من منطلق أن التنمية الصناعية الشاملة هي الاساس المحرك لزيادة معدل النمو ورفع مستوي المعيشة، وبدأت المباردة في التأهيل المهني للعنصر البشري، فضلا عن الاهتمام بتدوير المخلفات، وكذا الاهتمام بالقطاع الزراعي والذي بعد بقاطرة التنمية في مصر.

ثم يأتي المحور الثالث والذي تضمن بتوفير سكن ملائم للمصريين بالريف المصري ، هذا المحور تولاه التضامن الاجتماعي ومساعدة مؤسسات المجتمع المدني، وقد استهدف التوعية الصحية، والتوعية البيطرية، وتعليم الكبار، وتجهيز العرائس، هذا وقد شارك مايقرب من 16 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، وقد تم تنفيذ عدد من المبادرات لخدمة العديد من القرى والمراكز التي بلغ نسبة الفقر بها أكثر من 70%، وتم تقديم الدعم المادي للفئات الأكثر احتياجًا، وتوفير الخدمات الصحية وتوفير الأدوية والمساهمة في زواج اليتيمات وغير القادرين.

وتابع: يأتي عام 2021 وتم فيه التوسع في المبادرة لتصبح حقا مشروع القرن وسمي بالمشروع القومي لتطوير الريف المصري”، وبدأ الحديث عن تطوير حوالي 4500 قرية، و30888 من التوابع والقري، في حوالي 26 محافظة، بعدد سكان يقارب 57% من سكان مصر، وقد تم تحديد الأهداف التي تم الحديث عنها والتي تمثلت في البنية التحتية، وذلك من خلال رفع كفاءة شبكات المياه والصرف الصحي، شبكات الغاز، الكهرباء الاتصالات والانترنت، ثم الخدمات العامة عبر تطوير وانشاء المدارس، والمستشفيات والوحدات الصحية، مكاتب الخدمات، الوحدات الصحية والبيطرية، مراكز الخدمات الأمنية، المراكز التكنولوجية، ثم الحماية الاجتماعية وتوفير فرص العمل عبر برامج الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي، تنمية الحرف اليدوية، المشروعات الصغيرة والمتوسطه، وبعد ذلك التطوير المؤسسي والمشاركة المجتمعية وتنمية المهارات عبر إشراك المواطن في تنفيذ واستدامة هذه الأعمال، تنمية مهارات أهل الريف، والعمل على زيادة الوعي للمواطنين بالريف المصري.

وفي عام 2022 -2023 أطلقت حياة كريمة العديد من المبادرات منها علي سبيل المثال مبادرة "يدوم الفرح"، لتجهيز العرائس، وكذلك مبادرة لتأهيل وتجهيز الفتيات المقبلات على الزواج، في إطار مبادرة "يدوم الفرح"، لتقديم الدعم والرعاية الاجتماعية للفتيات المقبلات على الزواج وتخفيفًا عن كاهل أسرهن تم اطلاق هذه المبادرة فى 8 محافظات حتي الان.

الدكتور ياسر شحاته - صورة أرشيفية

ثورة 30 يونيو

المصدر: المصري اليوم

كلمات دلالية: ثورة 30 يونيو الأولى بالرعایة حیاة کریمة على مستوى من خلال وذلک من

إقرأ أيضاً:

الشمول المالي ودور البنوك في تعزيز التنمية الاقتصادية

 

 

 

حمود بن سنجور الزدجالي **

 

يُعد الشمول المالي إحدى الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في الدول الحديثة. ومع تسارع التحول الرقمي وتغير أنماط التعاملات المالية، أصبحت الحاجة إلى إشراك كافة فئات المجتمع في النظام المصرفي أكثر إلحاحًا، خصوصًا في الدول التي تسعى إلى تنويع اقتصادها وتعزيز قدراتها التنافسية مثل سلطنة عُمان.

وفي السياق العُماني، يبرز الشمول المالي كأحد العناصر الحيوية الداعمة لأهداف رؤية "عُمان 2040"، والتي ركّزت على بناء اقتصاد متنوّع قائم على المعرفة، وتمكين المجتمع من استخدام أدوات مالية حديثة وآمنة. وقد عمل البنك المركزي العُماني والقطاع المصرفي خلال السنوات الماضية على تنفيذ برامج ومبادرات تستهدف رفع نسبة الأفراد والشركات الذين يملكون حسابات مصرفية ويستخدمون قنوات الدفع الإلكتروني.

الشمول المالي لا يعني مجرد امتلاك حساب بنكي؛ بل يشمل حصول الأفراد والمؤسسات على خدمات مالية مناسبة مثل الادخار، والتحويلات، والتمويل، والاستثمار والتأمين، والخدمات الرقمية بطريقة تُلبِّي احتياجاتهم وتتمتع بالقدرة على الحماية والأمان. ورغم التطور الملحوظ في البنية المالية العُمانية، إلّا أن هناك فئات من المجتمع لا تزال خارج نطاق التعاملات المصرفية الكاملة، خاصةً العاملين في المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، والعمالة منخفضة الدخل، وبعض المناطق الريفية.

لقد اتخذ البنك المركزي العُماني خطوات واضحة لتعزيز الشمول المالي، من بينها إصدار توجيهات لتنظيم الدفع الإلكتروني، وتطوير البنية الأساسية لأنظمة التحويلات المحلية، وتشجيع الابتكار في التقنية المالية (FinTech). كما ساهمت البنوك العُمانية في تسهيل فتح الحسابات وتقليل الرسوم وتعزيز الخدمات الرقمية مثل التحويل عبر الهاتف، والمحافظ الإلكترونية، والدفع دون لمس؛ مما جعل التعامل المصرفي أكثر سهولة وانتشارًا بين مختلف شرائح المجتمع.

ويمثّل تعزيز الشمول المالي فرصة كبيرة لدعم الاقتصاد الوطني؛ فكل ريال يتم إيداعه في البنوك يُعزِّز قدرتها على تمويل المشاريع الإنتاجية والخدمية؛ سواءً في قطاع السياحة، أو الصناعة، أو اللوجستيات، أو المشروعات الصغيرة التي تُعد محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي. كما يساهم تقليل الاعتماد على النقد الورقي في خفض التكاليف ورفع مستوى الأمان المالي وتحسين الكفاءة التشغيلية للاقتصاد.

وتتحمل الجهات المعنية دورًا محوريًا في تعزيز الشمول المالي من خلال تحويل الرواتب والمعاشات عبر الحسابات البنكية وتشجيع المؤسسات على استخدام الوسائل الرقمية في إجراء معاملاتها المالية. كما إن إلزام الشركات بتحويل المدفوعات عبر النظام المصرفي يسهم في رفع مستوى الشفافية ويحد من الاقتصاد غير الرسمي.

أما البنوك، فيقع على عاتقها تطوير منتجات مالية تتناسب مع فئات المجتمع المختلفة، خاصة الشباب ورواد الأعمال، وبتكاليف منخفضة، إضافة إلى تكثيف جهود التوعية المالية عبر حملات موجهة تُعرّف الأفراد بحقوقهم وخياراتهم المصرفية. كما إن تحسين خدمة العملاء وتبسيط الإجراءات يساهمان بشكل كبير في جذب الفئات التي كانت تتجنب التعامل مع البنوك لأسباب اجتماعية أو لضعف الوعي.

وفي ظل الانتشار الواسع للهواتف الذكية في السلطنة، أصبحت الخدمات المالية الرقمية قناة رئيسية لتعزيز الشمول المالي؛ فالتحويلات عبر الهاتف، والدفع الإلكتروني، والمحافظ الرقمية، أصبحت أدوات يومية يستخدمها الأفراد في المدن والقرى على حدّ سواء. وقد أثبتت التجارب الدولية أن الخدمات المالية عبر الهاتف ساعدت في دمج الملايين في النظام الاقتصادي، وهو ما يمكن أن يتحقق بدرجة أكبر في السلطنة مع تعزيز الثقة والاستفادة من الحلول الرقمية المحلية.

ختامًا.. يُعد الشمول المالي ركيزة أساسية لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة في سلطنة عُمان. ومع تكامل جهود الدولة والبنوك والأفراد، يمكن للسلطنة أن تحقق نموذجًا متقدمًا في المنطقة يعتمد على اقتصاد رقمي متطور، وبنية مصرفية قوية، ومجتمع قادر على التعامل بفعالية مع مستجدات العصر.

إنَّ المضي قدمًا في تعزيز الشمول المالي هو استثمار حقيقي في مستقبل الاقتصاد الوطني وجودة الحياة للمواطن والمقيم على حدّ سواء.

** الرئيس التنفيذي السابق للبنك المركزي العماني

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • إطلاق الإعلان العربى عن عمل الأطفال وسياسات الحماية الاجتماعية
  • وزيرة التنمية الاجتماعية تبحث مع السفير الفرنسي تعزيز التعاون في برامج الحماية وتمكين المرأة
  • التضامن تشارك في مؤتمر عربي حول «عمل الأطفال وسياسات الحماية الاجتماعية»
  • التنمية الاجتماعية واليونيسف تبحثان تطوير أتمتة مسارات حماية الطفل
  • تكريم رئيس اتحاد العمال في ختام ندوة الحماية الاجتماعية للمتقاعدين
  • مطر مطر…مطر مطر
  • حسام الغمري: ثورة 30 يونيو أنقذت الدولة.. والتاريخ سينصف الرئيس السيسي
  • اللامركزية.. نحو مضاعفة قوة الدولة ونموها الاقتصادي
  • لجنة التنمية الاجتماعية بولاية الرستاق تستعرض تشكيل الفريق الخيري
  • الشمول المالي ودور البنوك في تعزيز التنمية الاقتصادية