صورة وزير أوقاف الجزائر مع عميد مسجد باريس تثير جدلا.. ما علاقة غزة؟
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
استغرب الكاتب ووزير الثقافة الجزائري السابق محيي الدين عميمور، لقاء وزير الشؤون الدينية يوسف بلمهدي مع عميد مسجد باريس شمس الدين حفيز بعد تصريحات الأخير المُدِينة للمقاومة الفلسطينية التي تتناقض مع الموقف الرسمي الجزائري.
ونشر عميمور صورة في حسابه على "فيسبوك" تظهر بلمهدي إلى جانب حفيز، في حفل نظمه مسجد باريس لتسليم شهادات التكوين لأئمة ومرشدين سيؤطرون المساجد في فرنسا.
وعلق الكاتب بشكل ساخر على الصورة قائلا: "وزير الشجون الدينية وممثل "الثورة "المجيدة وعضو حكومة الدولة الوحيدة التي تحارب التطبيع مع الكيان "الصهيوني" في زيارة "رسمية" بالأمس لمسجد باريس، وإلى يمينه عميد المسجد الذي صرح بأن مقاومي "حماس" هم إرهابيون، وقيل إنه يخاطب "رِبّي" فرنسا بكلمة... أخي".
وأضاف: "أما الشباب في الصورة فذر للرماد في العيون".
وختم منشوره قائلا: "بالمناسبة: هل أُلغِيَ شعار ’مع فلسطين ظالمة أو مظلومة’؟". وهذا الشعار هو للرئيس الهواري بومدين الذي يعتبر عميمور من أكثر الكتاب المدافعين عن فترته وعن روحه القومية العربية.
وكان بلمهدي قد شرع في زيارة عمل لمسجد باريس الكبير بدعوة من العميد شمس الدين حفيز الذي أثار ضجة كبيرة في الأيام الأخيرة.
وأعاد الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية عبد الرزاق مقري، نشر الصورة وتعليق محيي الدين عميمور عليها.
ونشرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الجزائرية في صفحتها على "فيسبوك" أن الوزير الدكتور يوسف بلمهدي أشرف السبت الماضي، على اجتماع لثلة من الأئمة والمرشدات الدينيات المنتدبين لمسجد باريس الكبير لتأطير النشاط الديني في مساجد الجمهورية الفرنسية، بحضور شمس الدين محمد حفيز عميد المسجد ومحمد الوانوغي المدير العام للمسجد.
وأثار عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز، جدلاً في الجزائر، بعد تصريحات له على قناة فرنسية، وصف فيها حركة حماس بـ"الإرهابية"، وحديثه عن "بكاء المسلمين على آلام اليهود"، واعتبار ما قامت به المقاومة في فلسطين "مجازر مروعة".
وذكر حفيز، وهو من أصول جزائرية، ويتولى عمادة مؤسسة تقع تاريخياً تحت التأثير الجزائري، في لقاء مع قناة "بي أف أم" الفرنسية، أنه "يجب أن نتعاطف مع ضحايا 7 تشرين الأول/ أكتوبر"، في إشارة إلى عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، زاعماً أن ما حدث "كان مجازر مروعة".
وذهب حفيز إلى حد التبرؤ من تصريحات الزعيم اليساري البارز في فرنسا جون لوك ميلونشون، الذي كان صاحب الموقف الوحيد تقريباً، بين قادة فرنسا السياسيين، المدين للعدوان الإسرائيلي على غزة. وقال، رداً على ما إذا كان يؤيد الكلام الذي أدلى به جون لوك ميلونشون: "لا أبداً. هذا كلام من لديهم برنامج سياسي.. أنا أقول إن مسلمي فرنسا يريدون العيش كمواطنين مكتملي الحقوق مع بقية الطوائف". وأضاف: "نقول للطائفة اليهودية التي تتألم.. نحن نتألم معكم".
وبخصوص رأيه في حركة حماس، وما إذا كان يعتبرها "إرهابية"، قال عميد مسجد باريس بشكل مباشر: "بالطبع، قلنا ذلك في البيان. لا أريد صبّ الزيت على النار. وما أريده اليوم ألا نستورد هذا الصراع (إلى فرنسا)، وأن نتعايش مسلمين ويهودا كإخوة.. آلامهم وأحزانهم نتقاسمها اليوم". وأردف: "ما أريده هو عودة الرهائن حتى يكون إخوتي اليهود سعداء".
وكان تقرير سابق لصحيفة "القدس العربي" اللندنية، قد أشار إلى أن عميد مسجد باريس تعرض في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لهجوم شديد، بعد حضوره ندوة شاركت فيها السفيرة الإسرائيلية بفرنسا. وصنف عبد الرزاق مقري، رئيس أكبر حزب إسلامي بالجزائر، آنذاك، ذلك الفعل في دائرة "الخيانة".
وكتب مقري في صفحته على "فيسبوك"، تدوينة يقول فيها، مستنكراً، إن "عميد مسجد باريس المعروف بعلاقته بالسلطات الجزائرية يحضر ندوة نظمها مجلس الجمعيات اليهودية في فرنسا بحضور سفيرة الكيان”، داعياً “الجزائريين المقيمين في فرنسا إلى أن يعبروا عن رفضهم لهذا التصرف المشين المناقض للموقف الرسمي الجزائري ولموقف الشعب الجزائري".
وطلب مقري من "السلطات الجزائرية اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذا الذي فُرض ليمثل الديانة الإسلامية في فرنسا، وهو الذي لا يصلح لذلك أبداً"، على حد قوله.
ويمتلك حفيز الجنسية الفرنسية، وهو أحد المقربين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قلّده وسام جوقة الشرف، باعتباره هدفاً، كما قال، لأعداء الجمهورية المتطرفين. وظل الرجل يدافع عن نسخة للإسلام متوافقة مع قيم الجمهورية الفرنسية، حتى إنه أسقط، قبل مدة، دعوى قضائية كان قد رفعها ضد مجلة شارلي إيبدو، بسبب رسوماتها المسيئة ضد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
ويمثل مسجد باريس بتاريخه أحد أكبر المؤسسات الدينية الإسلامية في فرنسا، وهو ساحة للتأثير الجزائري بامتياز، منذ سنوات طويلة، على اعتبار أن الجزائر تعد أكبر جالية مسلمة في فرنسا، وتود الاحتفاظ بعلاقة قوية بينها وبين الوطن الأم. وتقدم الجزائر نحو 3 ملايين يورو سنوياً لمؤسسة مسجد باريس، وهي مؤسسة عريقة خاضعة للقانون الفرنسي، تولى عمادتها، منذ تأسيسها في بداية القرن الماضي، شخصيات جزائرية.
ومنذ 46 يوما يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت أكثر من 13 ألفا و300 قتيل فلسطيني، بينهم أكثر من 5 آلاف و600 طفل و3 آلاف و550 سيدة، فضلا عن أكثر من 31 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الجزائري مسجد باريس فرنسا فرنسا الجزائر مواقف مسجد باريس سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عمید مسجد باریس شمس الدین فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
زيارات إماراتية غامضة إلى مالي والنيجر تثير شكوك الجزائر
أجرى وفد إماراتي رفيع بقيادة وزير الدولة في وزارة الخارجية، شخبوط بن نهيان آل نهيان، جولة مكوكية إلى دول الساحل، شملت مالي والنيجر، في خطوة وصفتها مصادر جزائرية بأنها محاولة "لاستثمار التوترات الجيوسياسية وتغذية النزاعات" في منطقة تعيش مرحلة انتقالية هشة.
أمن وتنمية.. أم تدخل سياسي؟
رسمياً، تهدف الزيارة، بحسب ما أعلنه الجانب الإماراتي، إلى "تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي"، لكن توقيت الزيارة، وسياقها الإقليمي المتشابك، وفق صحيفة "الخبر" الجزائرية، يثيران أكثر من سؤال حول أهداف أبو ظبي غير المعلنة، خاصة في ظل التوتر المتزايد بين السلطات المالية الانتقالية والجزائر، بعد تراجع نفوذ الأخيرة في الساحل، بفعل الانقلابات وتغيّر مواقف العواصم الجديدة في باماكو ونيامي.
وبحسب بيان رسمي، التقى الوفد الإماراتي رئيس المجلس الانتقالي في مالي العقيد آسيمي غويتا، لمناقشة "شراكات في الأمن والتنمية"، قبل أن يتوجه مباشرة إلى النيجر للقاء الجنرال عبد الرحمن تياني، قائد السلطة العسكرية هناك.
دعم لسياسات القمع والعسكرة
غير أن مصطلح "التعاون الأمني"، رأته صحيفة "الخبر" غطاءً لدعم سياسات القمع الداخلي، خصوصاً أن الزيارات تأتي في ظل تصاعد التوترات في شمال مالي مع الحركات الأزوادية، واتهامات للسلطة الحاكمة بعرقلة المسار الديمقراطي، وإقصاء القوى السياسية المعارضة، ما يجعل أبو ظبي، وفق مراقبين، "طرفًا مباشرًا في إعادة إنتاج الديكتاتوريات العسكرية بغطاء اقتصادي".
أزمة مكتومة بين الجزائر وأبو ظبي
وتأتي هذه التحركات الإماراتية في ظل توتر غير معلن لكنه متصاعد في العلاقات الجزائرية ـ الإماراتية، ظهر جلياً في مواقف رسمية وشبه رسمية جزائرية، منها تصريحات عبد القادر بن قرينة التي حذر فيها من "أجندات إقليمية تخترق المغرب العربي"، وكذلك انتقادات لويزة حنون لما وصفته بـ"تدخل إماراتي سافر في الشؤون السيادية لدول المنطقة". وقد تفاقم هذا التوتر منذ إعلان أبو ظبي دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربي في الصحراء وافتتاح قنصلية إماراتية في مدينة الداخلة، في خطوة رأت فيها الجزائر "اعتداءً على الحق التاريخي للشعب الصحراوي وتجاوزاً للمواقف المغاربية الجامعة". ويرى مراقبون أن ما يحدث في الساحل اليوم هو امتداد طبيعي لهذه التوترات، حيث تسعى الإمارات، بحسب التحليلات الجزائرية، إلى إعادة رسم خرائط النفوذ الإقليمي، ولو على حساب استقرار دول الجوار.
بوابة الأطلسي ومطامع جيوسياسية
ورجحت صحيفة "الخبر" أن زيارة الوفد الإماراتي تمت بتنسيق بشكل غير مباشر مع المغرب، عبر مبادرات تهدف إلى فتح "نوافذ بحرية" لدول الساحل على المحيط الأطلسي، في تجاوز واضح للترتيبات الجغرافية والسياسية التي أرستها الجزائر لعقود، وهو ما يفسر امتعاض الأخيرة من الحراك الإماراتي المفاجئ.
ردّ مغربي
وفي هذا السياق، قال الإعلامي المغربي نور الدين لشهب في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "اتهام الصحيفة الجزائرية للمغرب هو هروب من مواجهة الحقيقة، وهي الإقرار بفشل ديبلوماسي جزائري". وأضاف: "على العقلاء في الجزائر والمغرب أن يدركوا أن البلدين دولتان محوريتان، وكلاهما قوي، وبالتالي مصلحة الشعبين تقتضي إيجاد حلول للقضايا الخلافية تخدم الشعبين والمنطقة بشكل عام".
وشدد لشهب على أن "الإمارات يمكنها أن تفعل أي شيء، وسمعتها سيئة، ولم تدخل بلداً عربياً إلا وتركته في الفوضى... الإمارات سمعتها إثارة الفتنة". وأردف: "ليس من مصلحة المغرب والجزائر أي تجزئة، لأن ذلك ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة".
تدخل في شؤون داخلية؟
وفي تصريحات خاصة لـ "عربي21" أكد الخبير الأمني المنشق عن النظام الجزائري كريم مولاي، أن مخاوف النظام الجزائري من تحركات النظام الإماراتي في دول الساحل مخاوف مشروعة، بالنظر إلى الدور الإماراتي في عدد من دول المنطقة..
وأضاف: "علينا أن نتذكر أن مالي تعيش أزمة سياسية ودستورية خانقة، في ظل استمرار المرحلة الانتقالية لأكثر من ضعف المدة المتفق عليها، وهو ما يجعل من زيارة الوفد الإماراتي في هذه المرحلة الدقيقة، والتي أعلن فيها قادة مالي القطيعة مع النظام الجزائري بـ"محاولة التأثير على شكل النظام القادم"، بما يخدم مصالح خارجية لا شعبية".
ما يعزز الشكوك برأي مولاي حول دور الإمارات، هو "السجل الحافل" لأبو ظبي في مناطق النزاع، حيث تورطت، بحسب تقارير أممية وإعلامية، في دعم أطراف عسكرية على حساب التحول الديمقراطي في كل من السودان واليمن وليبيا.
لكن مولاي أشار إلى أن هذه السياسات الإماراتية في دول الساحل ما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه الآن لولا فشل الديبلوماسية الجزائرية في عدد من الملفات وعلى رأسها العلاقة مع مالي وقبلها مع مجموعات الفاغنر الروسية، وفق تعبيره.